الخميس، 2 أبريل 2009

ملامح العرض المسرحي في مسرحية الاشجار تنحني أحيانا







ملامح العرض المسرحي في مسرحية الاشجار تنحني أحيانا





صفـاء درويش-المغرب












إنني كاتب مبتدئ عاشق الوطن محموم بحب الفقراء... ضد اغتيال الفكرة وسجن الرأي الآخر وذبح القصائد وديموقراطية الجرائد ... إنني كاتب بسيط ... أبحث في عيون الناس عن اللغة السرية ومدن تمنح الإنسان الأمان ... عاشق نصر العربية ، لست بكاتب كبير ولست بصاحب تقليعة ، ولكنني محاولة ثم محاولة ثم محاولة تحاول أن تكون الكتابة المغامرة الأدبية تفتح أمام جيل آخر طرق البحث عن الكلمة الفعل الخلاص .
السيد حافظ
تنوع الجوانب التي من خلالها يمكن قراءة النص المسرحي ، ذلك بأن خاصية النصوص المسرحية تكمن في كونها مشرعة على أكثر من تأويل إن النص المسرحي في حقيقة أمره كتابة نواتية ، تستدعي من القارئ لها الإلهام باستراتيجيات القراءة الفعالة و الفاعلة و التي بإمكانها أن تضع العمل المسرحي في أكثر من واجهة و من ثم تجعل منه مادة طيعة لمجموعة من الرؤى الفنية و الجمالية .
إن الحديث في مجال الكتابة المسرحية يتخذ منحيين اثنين :
* الأول : هو تلك النصوص الجافة التي تتحرك في عوالم من الأفكار والنظريات ، و من ثم تكون قراءتها بعيدة عن مجال المتعة الفنية .
* الثاني : هو تلك النصوص التي تحمل في ثناياها تجليات فرجوية ، ذلك أن هذا النوع يكتبـه صاحبه انطلاقا من هاجـس العرض ، لهذا نراه يزخر بالكثير من المؤثرات النصية واللغوية ، التي تجعلك تقرأ النص في أجواء من التمثلات الجمالية المتميزة ، فهي نصوص تعالج قضايا عديدة في قالب فني ، و لعل كتابات السيد حافظ تنتمي إلى هذا الجانب ، و انطلاقا من هذه المداخل سوف نعمل على قراءة نص " الأشجار تنحني أحيانا " للمبدع السيد حافظ . فمن يكون السيد حافظ ؟ و كم يتضمن الكتاب من مسرحية ؟
الكتــاب :
صدرت هذه المجموعة المسرحية من مطبعة الفتح بالهرم ، وهو يضم تسع مسرحيات ، ثلاث مسرحيات و ست مسرحيات في تصارح وهم على الشكل الآتـي :
مسرحية رجل و نبي و خوذة ، امرأة ووزير وقافلة ، طفل و قوقع قزح ، لهو الأطفال في الأشياء.. شيء ، تكاثف الغياثة على الخلق .. موتا ،خطوة الفرسان في عصر اللاجدوى .. كلمه ، محبوبتي .. محبوبتي ( قمر الخصوبة سحب في شرنقة حبنا ميلاد صعود ) ،
تعثر الفراغات في درب الحقيقة من بحث ، الأشجار تنحني أحيانا ، و هي المسرحية التي اختارها السيد حافظ لتكون عنوان مجموعته ، فيا ترى ما هو سبب هذا الاختيار ؟ و لماذا هذه المسرحية بالضبط ؟ وما هي دلالات هذه المسرحية ؟
لما كانت مسرحية " الأشجار تنحني أحيانا " عنوان الكتاب ارتأيت أن أختارها لتكون محور الدراسة ، دون إغفال باقي المسرحيات ، إذ سأركز بالدرجة الأولى على الجانب الجمالي والسيتنوغرافي للمسرحية
المبدع السيد حافظ
إنه مؤلف و مخرج مصري من جيل النكسة ، أي من جيل العنف و الغضب و الشعور بالإحباط .. و من هنا كان القلق ميزته الأساسية في الكتابة ، و هو قلق وجودي و اجتماعي مع.
ويقول السيد حافظ في استجواب صحفي له : " جيلنا من المتاب الذي لم يظهر إلى الآن .. جيل رائع مليء بأشياء خفية مضنية مكتوب عليها ممنوع الاقتراب من هيئة المسرح والثقافة الجماهيرية لإن الهيئة احتكار للمفلسين فكريا .. و الثقافة الماهيرية مرتع للفوارغ من كل شيء في الأفلام " و للكاتب عدة مؤلفات متنوعة :
* مسرحيات للكبار من بينها :
1 - حكاية الفلاح عبد المطيع 1983 .
2 -حبيبتي أنا مسافر 1979 .
3 - ظهر و اختفاء أبو ذر الغفاري 1981 .
* مسرحيات للصغار من بينها :
1 – مسرحية السندريلا 1983 إخراج منصور المنصور .
2 – مسرحية الشاطر حسن 1983 إخراج أحمد عبد الحليم .
3 – مسرحية عي بابا 1985 إخراج أحمد عبد الحليم .
* مسلسلات تلفزيونية من جملتها :
1 – العطاء.
2 – الغريب .
3 – الحب الكبير .
* مسلسلات إذاعية من جملتها :
1 – غرباء في الحياة .
2 – البيت الكبير .
* أفلام سينمائية من بينها :
1 – جبل ناعسة .
2 – وحدي في البيت.
3 – لا مجال للحب .
إن أهم ما يميز تجربة السيد حافظ هو ذلك المزج بين التجريب ، المسرح ، القصة إذ إلى جانب تكوينه المسرحي أنتج الكاتب مجموعة قصصية سنة 1971 بعنوان " سيمفونية الحب"
مسرحية الأشجار تنحني أحيانا :
• دلالة العنـوان :
إن القارﺉ لعنوان المسرحية يسأل نفسه منذ الوهلة الأولى ، هل الأشجار تنحني فعلا ؟ وهل يقصد الكاتب الأشجار باعتبارها نوعا من الشجر و النبات ؟ أو أنها رمز للعظمة و الشموخ والصلابة ؟ و كيف يمكن للأشجار أن تنحني ؟ و للأي شيء تنحني ؟ .
يتكون عنوان المسرحية من ثلاث كلمات ، فهو عنوان مركب ، ابتدأ باسم الأشجار و هي كلمة معرفة "بأل " و هذا يعني أنه يقصد أشجارا بعينها ، بعد جاءت الجملة الفعلية " تنحني أحيانا " و العنوان إذا مركب من اسم + فعل ، نبات + حركة .
لقد ورد هذا العنوان كاملا من خلال الصفحة التاسعة و الستون بعد المئتين على لسـان
" الشايب السمين" قائلا : " اخلع الثوب حفيدي أجد على جسده نقشا بالفسفور.. الله غفار ، الله يكره الإنسان الماكر .. أغطيه أنظر في عينيه .. أجدها فانوسا مشقوقا نسفين في درب متعرج والشبح الإنساني يسير على الأرض عاجزا لكنه يبتسم بالرغم من أنه يعزف على الجيتار يعزف.. والأشجار تنحني له ، و الأزهار مشقوقة ". (2)
شخصيات المسرحية
تعد الشخصية ركيزة أساسية في المسرح الذي يعتبر " لقاء إنسانيا يوظف مجموعة من الأدوات تتراوح أهميتها بين الضعف و القوة ، انطلاقا من متطلبات العرض المسرحي ، و إذا ما اعتبرنا الممثل أداة من هذه الأدوات ، فإننا نعتبره أهمها ، لإنه يقوم مقام تلك الأدوات الأخرى في حين لا تستطيع هي ذلك ، فهو أداة متحركة له خصوصيته التي تجعله ضروريا في العرض المسرحي : فالممثل هو محور العمل المسرحي ، و عليه يقع عبء الربط بين المؤلف و المخرج و الجمهور ، لإنه حلقة وصل وحيوية تملك طاقات من التفجير الإبداعي عبر الإيماء ة القول و الفعل .. لهذا لا يمكن الاستغناء عنه لأن أساس المسرح هو التواصل الإنساني ،والممثل هو الذي يقوم بتفسير الإرسالية وعليه يتوقف نجاح أوفشل هذا التواصل (3) . ذلك أن الشخصية هي محرك الأحداث ، و قد جعل السيد حافظ مسرحيته تتحدث على لسان شخصيات مختلفة الطباع و الأمزجة و المواقف ، ولكن قاسمها المشترك هو أنها ساهمت في نقل النص المسرحي من كتابة إلى حوار دراسي ، يعالج منها عدة قضايا متنوعة ، و قد تميز الكاتب من خلال اختيارها لشخصياته بكل دقة ، إذ جعل بطولة مسرحيته جماعية ، أبطالها عجائز لقبهم "بالشايب " ، كما أنه جعل لكل شخصية رمزا يحدد خصوصيتها وهي كالتالي
- الشايب العملاق / الشايب الأسود / الشايب القصير / الشايب الأصفر / الشايب الصامت .
- الشايب الصامت/ الشايب الشمس/ الشايب السمين /الشايب الخجول / الشايب المتعصب .
فكما نلاحظ من خلال هته الألقاب أن كل " شايب " ملقب بلقب معين يحدد موقفه
وفكره من خلال المسرحية و قد وضح ذلك الكاتب على لسان
- الشايب العملاق حيث قال : في حمام سباحة شاهدت التكوينات تطوف .. (للشايب
الخجول) لا تخجل .. (للشايب المتعصب) لا تتعجل. (4)
إن هته القولة توضح شخصية الشايب الخجول ،وهي صفة الخجل ، والشايب المتعصب الذي يتميز بالتعجل في إصدار الأحكام و المواقف، والملاحظ أيضا على شخصيات السيد حافظ أنه جعل من بينها شخصية صامتة حدد لنا كل تصرفاتها وحركاتها وأفكارها
يقول الشايب الصامت : ( يمد قدما على الرض يحاول الشايب السود أن يمر من على رجل الشايب الصامت. (5)
تلخيص مضمون المسرحيـة :
نعرض المسرحية واقع الإنسان العربي بكل مشاكله و أفراحه ، إذ استطاع ثلة من العجزة أن يرصدوا الواقع من خلال جلسة قصيرة ، حامل كل واحد منهم أنيطرح اسئلة و يجيب عن أخرى موضحا حياة الإنسان المعاصر التي أصبحت حياة بعيدة كل البعد عن الثورة ، والتحدي ، فأصبحت كل فئة أو شريحة اجتماعية تهتم بشؤونها الخاصة و البعيدة عن اهتمامات الفئة الأخرى و مثال ذلك المقطع الآتي :
* الشايب السمين : الفقراء لا يفقهون لغة الحروف لا يفقهون إلا لغة الأفواه و الرغيف .
* الشايب القصير : الأغنياء لا يعرفون سوى لغة الاستهلاك .
* الشايب العملاق : الفنانون لا يعرفون سوى لغة الخاصة .(6)
و نظرا لهذا الاختلاف أصبح الإنسان يعيش تناقضات و تمرد ، و ثورة مزيفة إجدة من ورائها التطور و الإصلاح ، بقدر ما يريد الثورة لمجرد الثورة دون هدف محدد يقو ل :
* الشايب القصير : لو أن ثورة الإنسان حقيقية لانتعش الإنسان سلاما
* الشايب الأصفر : التمرد جزء محدود في حياة الإنسان .
* الشايب القصير : الثورة .. الثورة .
* الشايب العملاق : الدعارة .. الدعارة .(7)
إذا فالعالم هو عالم الاختلاف و تناقض ، عالم ثورة لمجرد الثورة ، و إذا كان السيد حافظ تطرق في البداية لقضايا المجتمع فقد تحدث أيضا عن المسرح أب الفنون ، و رسالة يتم التعبير من خلالها عن قضايا المجتمع ، فهو فن و ثورة وتعلم ، كما أنه رسالة للتعبير بشكل فني عن قضايا المجتمع بشتى قضاياه الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية :
* الشايب العملاق : المسرح تسلية .
* الشايب القصير : تقصد تنوير .
* الشايب العملاق : المسرح تعلم .
* الشايب القصير : تقصد ثورة..(8)
الأشجار تنحني أحيانا ملامح العرض المسرحي :
إن ما يميز الكتابة النصية عند السيد حافظ كونا تخضع بشكل كلي للمنظور الجمالي الذي يصدر عنه ، الكاتب المسرحي الذي نحن بصدد الحديث عن عمله ، يختزل في تجربته الإبداعية مجموعة من المستويات التي نراها المدخل الملائم لمقاربة التجليات الفرجوية في نصه المسرحي ، خصوصا تنوع ثقافته و إنتاجاته الإبداعية – كما سبقت الإشارة – و الذي يهمنا في هذا السياق ، هو كيف تمكن الكاتب من نقل أجواء العرض عبر النص ؟ و كيف تتجلى سمات العرض المسرحي في النص المسرحي ؟ و ما هي سبل تحقيق ذلك ؟ .
للإجابة عن هذا السؤال أثرنا الوقوف عند مجموعة من العناصر الجمالية الواردة في هذا المتن ، هذه العناصر كان تعامل الكاتب معها محكوما برؤيته السينوغرافية ، و ذلك من خلال عدد من المفاهيم الجمالية و التي ينطلق السيد حافظ منها في إقحام الملتقى/ القارﺉ في فضاء التلقي الجمالي للنص ، لا يقف الكاتب عند حدود اجترار هذه المفاهيم ، و لكنه يشحنها بموقفه الجمالي ، و هذا ما يتضح من خلال
أ – التأثيث المشهدي : الكاتب يحرص من خلال كل مسرحية أو تصريح على تحديد المكونات الركحية التي تنتظم الفعل المسرحي " يفتح المسرح على وليمة كبرى من الطعام .. الوليمة بلا طعام و المائدة يجلس فيها مجموعة العجائز ) مجموعة من العجائز في انتظار وليمة " (9) فالكاتب أشرك القارﺉ في تصور الركح ، و تأثيثه ، و تجدر الإشارة إلى أن هذا المفهوم حاضر من
خلال كل مسرحيات هذه المجموعة ، إلا أن ثمة اختلاف بسيط من تأثيث إلى آخره يتجلى في أن الكاتب تارة يحدد المفهوم بشكل عام دون تفصيل كما هو واضح من خلال مسرحية : " الأشجار تنحني أحيانا " أو يفصل كما هو الشأن من خلال مسرحية :
" امرأة وزير و قافلة " يقول : " المسرح ثلاثة أجزاء في اليمين يقف ثلاثة رجال يرتدون أزياء باللون الأسود و الأصفر و الأخضر مقنعين ، و أمامهم عربة تشريح في المنتصف سلم وزير مليء بالماء و قد جلست امرأة أمامه و يلاحظ أن الزير يتصل بقناة للمياه داخل الصالة .. في اليسار يوجد ثلاثة رجال في زير أنيق للغاية أولهم مؤلف يمسك قلما كبيـر وورقة ضخمة والثاني ملحن يمسك جيتارا صغيرا للغاية و الثالث يمسكميكروفونا ليبدو أنه مطرب ." (10)
فمن خلال هذا التأثيث المفصل نستنتج أن السيد حافظ لم يكتب بعين المؤلف المسرحي فقط ، ذلك الشخص الذي يهتم بقضية أو قضايا معينة ولكن إضافة إلى ذلك جعل مسرحيته ممثلة على الورق ، فقد حدد الشخصيات و ملابسها و قسم الركح و أثثه .
ب – الإرشادات المسرحية :
ما نلاحظه أيضا هو التركيز الذيأبداه الكاتب فيما يخص طبيعة الأداء ، بحيث عمد السيد حافظ إلى التدقيق في الكثير من المعطيات ، حتى يكون المتلقي القرائي في مستوى التلقي المشهدي ، كما يوضح ذلك المقطع الآتي
* الشايب الصامت : ( يتجه تجاه المائدة يمسك كوبا يكسره ثم يضحك .. يمد يده على المائدة الشايب العملاق يأكل تفاحة بصوت مرتفع و هو يلفها برغيف ) .(11)
* الفارس 1 : ( بجوار الستار ) عرفت و سامتي الغربية .
* الفارس 2 : ( يقترب منه في خطوات مثل الإوزة) قارورة سحر الأرض الخائفة البرية .
* الفارس 3 : ( يتحرك بسرعة إلى الفارس (2) ) وقرأت عدد منخل الباب الصحف الأولى .(12)
إذن فمسرحيات السيد حافظ كلها تعتمد على إرشادات المؤلف و المخرج السيد حافظ ، وفي الغالب توجد الإرشادات بين قوسين في أول الكلام لتحدد تصرفات و حركات و انفعالات الشخصية ، فهي ترشد الممثل و تساعده أكثر في تقمص الشخصية ، و قد أضاف السيد حافظ إلى هته الإرشادات التشبيه ، خصوصا تشبيهه الخطوات بخطوات الإوزة – كما هو واضح في الأعلى – و ذلك لتكون الحركات أكثر دقة
لغة المسرحيـة :
تعتبر اللغة من " الرموز التي يتعامل بها الإنسان من أجل تواصل ناجح ، و هذا التواصل لن يحقق هدفه إلا إذا كان الخطاب المسرحي يراعي الشروط الخاصة و العامة للمتلقي حتى يستطيع هذا الأخير أن يأخذ موقفا من المجتمع و الإنسان و الحياة ." (13)
من هذا يتضح ماذا أهمية اللغة لإيصال المعنى من ثم فقد وظف الكاتب اللغة العربية الفصحى المبسطة ، البعيدة من التعقيد ، و هذا ما سهل و ساعد على ضمان التواصل مع المتلقي كيفما كانت ثقافته ، إذ اعتمد على جمل قصيرة في أغلب الأحيان لا تتجاوز الكلمة أو الكلمتين ، و ابتعد عن تلك الحوارات الطويلة و التي تتسبب في أغلب الأحيان في الملل و لعل هذه التقنية قد استمدها من كتابته القصة القصيرة التي تتطلب الدقة و السبك الحكائي و كذا الجمل البسيطة و القصيرة ، هذا فضلا عن طبيعة الحوار الحقيقية و هي القصر ، إلا أننا إذا حاولنا ربط حوار شخصيات السيد حافظ من خلال هته المسرحية بحوار العجائز في الواقع سنلاحظ التناقض ، خصوصا و أن حوار العجائز يتميز بالطول والإسهاب وهنا وجدنا شيأ آخر ، فهل كان هذا الاختيار لهذه التقنية اعتباطيا أم أن الكاتب كان يقصد من ورائه شيأ آخر ؟
و إذا كان السيد حافظ قد اعتمد لغة عربية فصحى في هذه المسرحية كما هوواضح من خلال هذا ال
* الشايب الأسود : العالم يا طفل .
* الشايب العملاق : امرأة .
* الشايب القصير : رجل .
* الشايب العملاق : كلب
* الشايب القصير : سوق .(14)
فقد اعتمد أيضا المزاوجة بين القصص و العامية من خلال مسرحية " امرأة وزير وقافلة " والجدير بالذكر أن الكاتب قد صرح بهذه المزاوجة منذ بداية المسرحيــة بقوله :
] تجربة مزج بين العامية و الفصحى [ (15) خصوصا العامية المصرية بقوله :
الألوان : اسعدتم مساءا يا سادة .. يعني مساء الخير .
(1) : مساء الخير ع الحلوين مساء الخير .
المرأة : يا اللي الهوى رماك في مدينة ما لهاش حبيب غير الضلال - في مدينة داسو فيها الجمال . عبدو فيها ياولدي الطيب الضلال .. يابني سيدنا يوسف مامات – رغم أنهم رموه في الجب – أنت مش راعي الحكمة .(16)
و اللافت للانتباه هو هذا التنوع اللغوي الذي يعتمده الكاتب ، فهو تارة يكتب بلغة عربية فصحى ، و تارة يزاوج بين اللهجة المصرية و العربية ، هذا فضلا عن توظيف بعض القصص مثل قصة سيدنا يوسف عليه السلام ، و بعض الأغاني المعروفة و غير المعروفة .
المستـوى السينوغرافـي :
تعتبر السينوغرافيا مصطلحا مسرحيا حديثا ، ارتبط ظهوره بالتجريب ، و هو عبارة عن جوانب تقنية ، تتمثل أساسا في التشخيص و الديكور و الإضاءة و الملابسو والموسيقى و الرقص و الغناء و المرفقات و تنقلات الممثلين .. باعتبارها علامات غير لغوية دالة تنضاف إلى اللغة المنطوقة كعلامة لغوية دالة ، لتشكل كلها مجموع اللغة المسرحية . هذه العلامات غير اللغوية الدالة تخاطب العين و الأذن و الحس و الذهن ، فتفسح المجال للعين كي تتأمل في هدوء ، و للعقل كي يفكر بروية .. و للوجدان كي ينتعش بشاعرية .. و بذلك يتحقق التواصل المسرحي .* أهم العلامات في مسرحية الأشجارتنحني أحيانا وبعض مسرحيات المجموعة :
أ – التشخيص : وهو ببساطة ترجمة النص المسرحي إلى عمل معروف ، و أيضا من خلال تحطيم الجدار الرابع ، و الذي يجعل الجمهور عنصرا فعالا و مشاركا في بناء المسرحية و هذا ما يظهر بجلاء من خلال مسرحية " امرأة وزير وقافلة ."
الأسود : ( يشير إلى أحد الجمهور ) يبدو أنك شجاع (17)
وأيضا من خلال عدد من المسرحيات مثل مسرحية : " طفل وقوقع قزح " ، ذلك أن الممثل يخاطب الجمهور ويتحاور معهم إما بسؤال أو تعيين ، فيدمج الجمهور مع الممثل ، ليكونا عنصران أساسيان لنجاح العمل المسرحي .
ب – الديكور : يعتبر الديكور " وسيلة تعبيرية ترمي إلى خلق التواصل مع الآخرين من خلال الخطوط و الأكسسوارات و الألوان المعبرة و غيرها . و هو فن يرتبط بالوسائل السينوغرافية الأخرى إذ أنه يساهم في إحداث التناسق بينها حتى لا يحدث تنافر بين أبعادها و بين أبعاد النص(18) فالديكور يعد واحدا من الأجزاء المرئية من العرض المسرحي ، ويتميز ديكور " الأشجار تنحني أحيانا " بالبساطة ، و الاكتفاء بما قل و دل ، كما أنه لم يكن علامة قارة و ثابتة من خلال مسرحية المجموعة ، وإنما كان متحركا ومتغيرا ، يتغير بحسب السياق الذي يوظف فيه سياق المواقف والأحداث ، ففي مسرحية
" الأشجار تنحني أحيانا " كان الديكور عبارة عن مائدة طعام فارغة من الأكل، اجتمع حولها عدد من العجزة ، و في مسرحية " "تكاثفا الغثاثة على الخلق .. موتا " عبارة عن دوائر إما مرسوم عليها صورة امرأة عارية ، أو صورة عليها إعلان لعبة السجائر الضخمة : أو دوائر مرسوم عليها باكو شكولاتا و طفل يأكل منها ، أو ماكنية حلاقة ضخمة وضعت أمام الستار في الخلفية ، وإذا كان السيد حافظ قد حدد الديكور من خلال عدد من مسرحيات هذه المجموعة ، فقد فضل في مسرحية " محبوبتي محبوبتي قمر الخصوبة سحب في شرقنة حبنا ميلاد .. صعودا " أن يكون الديكور مفتوحا لخيال المخرج و الديكورست .
ج – الأغنيـة :
لقد حضرت الأغنية لاسيما المصرية في مسرحية "الأشجار تنحني أحيانا " ، وهي أغنية العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ .
الشايب الأسود : أنا كل ما أجول التوبة يا بوي ترميني المجادير (يغني). (19)
كما أنه اعتمد على الحوار ليخلق منه أغنية و لحنا في السياق و ذلك من خلال مسرحية : (امرأة و زير وقافلة)
* (2) : ( يلحن) مساء الخير ع الحلوين مساء الخير
* (3) : (يغني) مساء الخير ع الحلوين مساء الخير .(20)
د – الإنـارة :
تعد عنصرا أساسيا في العرض المسرحي لها تأثير قوي في جذب المتلقي لمتابعة حركات الممثل ، و التركيز على تشكيلات الديكور ذلك أن " الإنارة في الإخراج الكلاسيكي تعد من الأدوات التي تساهم في الفصل بين الخشبة و الصالة ، لأنها تجعل من الخشبة علما للحركة و العجائب ، ومن الصالة – الغارقة في ظلامها – عالما للسكون و الجموذ. لهذا كان المشرف على الإنارة يستعين بمصابيح عادية و أخرى مسلطة للضوء (Projecteurs) وهذه الأخيرة تعتمد على الحامل (Support) الذي يساعد على استغلال الإشعاعات الضوئية إلى أقصى الحدود و في كل الاتجاهات ، كما يساعد على الحصول على حزمة ضوئية ضيقة حينما يريد ملاحقة الممثل في حركاته ، أو حينما يريد التركيز على ديكور ما أو على صورة أو لقطة ، لذلك يستعين في هذه الحالات بمصابح خاصة يسمى مسلط الضوء المتتبع (Poursuite) وهو يعطي حزمة ضوئية ضيقة مضبوطة الجوانب حتى لا تخرج الإشعاعات الضوئية خارج الدائرة المراد تسليط الضوء عليها ."(21)
من هنا كانت الإنارة هي المحدد لمنطق التمثيل و عزلها ، فقد تم تسليط الضوء في مسرحية " طفل و قوقع قزح " .
* المقنعـون : لمن توجه توجه النصيحة أيها الطفل (مجموعة ٣ والضوء عليهم )(22) إضافة إلى الإنارة نلاحظ حضور الألوان بكثرة ، إذ حضر اللون الأسود و الأصفر من خلال مسرحية " الأشجار تنحني أحيانا " باعتبارها رمزا من الرموز ، فاللون الأسود دلالة على الغموض ، الحزن ، التشاؤم والرؤية السوداوية للأمور ، و اللون الأصفر له دلالة الغيرة ، و الحرارة بعتباره من مشتقات لون الشمس ..
هـ - الملابــس :
تعد من أهم العناصر السينوغرافية ، باعتبارها علامة تعبيرية دالة ، كما أنها " تعتبر أداة من الأدوات المهمة في التواصل المسرحي ، و لقد كان الإنسان منذ القديم أن يتنبه إلى الوظيفة التي يمكن للملابس أن تؤديها في عرض مسرحي ." (23) ، وقد استعملت هذه الأداة في هذه المجموعة للإحالة على الوضع الاجتماعي للشخصية و ليس لمجرد الزينة كما هو واضح من خلال مسرحية : " خطوة الفرسان في عصر اللاجدوى .. كلمة " إذ اختار الكاتب للفرسان ارتداء ملابس بيضاء دلالة على الصفاء و النقاء ، و الفروسيـة ، وألبس طفلا من خلال مسرحية : " لهو الأطفال في الأشياء .. شيء " بنطلونا أو سروالا حديثا وقميصا آخر موديل من لون مريح للنظر ، ليميزه عن بقية الأطفال ، فهو ينتمي من خلال ملابسه إلى الطبقة البورجوازية ، ذلك أن اللباس يحدد الإطار الاجتماعي والاقتصادي والمهني للشخصية


.ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) " في مسرح السيد حافظ " ، دراسات " عبد الرحمن بن زيدان ، ج 1 ، س 1984 ، ص : 77.
(2) الأشجار تنحني أحيانا ، 9 مسرحيات تجريبية ، ت السيد حافظ ، المركز الأكاديمي الدولي ، الهرم ، ص : 269
(3) قضايا المسرح الاحتفالي ،دراسة،مصطفى رمضاني، منشورات اتحاد كتاب المغرب 1993 ،ص:156 .
(4) مسرحية الأشجار تنحني أحيانا للسيد حافظ ، ص : 248 .
(5) مسرحية الأشجار تنحني أحيانا ، السيد حافظ ، ص : 249.
(6) نفسه ، ص : 253 .
(7) نفسه ، ص :260 .
(8) نفسه ، ص : 266 .
(9) الأشجار تنحني أحيانا ، السيد حافظ ، ص : 246
(10) مسرحية " امرأة و زير وقافلة " ، السيد حافظ ، ص : 26-25 .
(11) مسرحية " الأشجار تنحني أحيانا " ، السيد حافظ ، ص : 261 .
(13) قضايا المسرح الاحتفالي ، مصطفى رمضاني ، ص : 127 .
(14) الأشجار تنحني أحيانا ، السيد حافظ ، ص : 256 .
(15) امرأة و زير وقافلة ، السيد حافظ ، ص : 65 .
(16) امرأة وزير وقافلة ، السيد حافظ ، ص : 26/27 .
(17) نفسه ، ص : 30 .
(18) قضايا المسرح الاحتفالي ، مصطفى رمضاني ، ص : 142
(19) مسرحية أشجار تنحني أحيانا ، السيد حافظ ، ص : 255 .
(20) مسرحية " امرأة وزير وقافلة" ، السيد حافظ ، ص : 26 .
(21) قضايا المسرح اللاحتفالي ، مصطفى رمضاني ، ص : 149 .
(22) مسرحية " طفل و قوقع قزح " ، السيد حافظ ، ص : – 105 .
(23) قضايا المسرح الاحتفالي ، مصطفى رمضاني ، ص : 147










خاتمـــــة :
هذه بعض العناصر الجمالية التي حضرت في هذه التجربة الإبداعية التي أفرزتها الممارسة الإبداعية للكاتب السيد حافظ ، والتي تعكس على حد بعيد التصورات الجمالية والسينوغرافية التي يصدر عنها،والتي جاءت تتويجا لمجموعة من التجارب التي تحققت للكاتب على مستوى تجربته المسرحية .
لقد انطلق السيد حافظ من إحساس بضرورة العمل على تأسيس أفـق لنوع مـن الكتـابة الجماليـة التي تتجاوز حدود اللغة في بعدها الجامد ، إلى كتابة تخترق الكـائن لتؤسس الممكن ، فتؤسس بذلك لكتابة مستقبلية في مجال المسرح ، فهي كتابة تحمل في ثناياها عوامل كيانية وجمالية للعرض المسرحي كما يمكن أن ينجز في واقع الممارسة .
لائحة المصادر والمراجع :
1 – الأشجار تنحني أحيانا ، 9 مسرحيات تجريبية ، السيد حافظ ، المركز الأكاديمي الدولي ، الهرم .
• الأشجار تنحني أحيانا ، السيد حافــظ .
• امرأة وزير قافلة ، السيد حافــــظ .
• طفل وقوقع قزع ، السيد حافــــظ .
• خطوة الفرسان في عصر اللاجدوى كلمة ، السيد حافظ .
• لهو الأطفال في الأشياء شيء ، السيد حافظ .
• محبوبتي قمر الخصوبة سحب في شرنقة حبنا ميلاد – صعودا ، السيد حافظ .
• تكاثف الغتاتة على الخلق صوتا ، السيد حافــظ .
في مسرح السيد حافظ ، دراسات عبد الرحمن بن زيدان ج 1 – 1984 2 -
3 – قضايا المسرح الاحتفالي ، دراسة ، مصطفى رمضاني ، منشورات اتحاد كتاب المغرب ، 1993 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق