الخميس، 2 أبريل 2009

مسرح الطفل دراسة في مسرح السيد حافظ

مسرح الطفل
دراسة في مسرح السيد حافظ




سندريلا
الكويتية ظهرت علي خشبة المسرح أخيرا المسرحية خطوة للارتقاء بمسرح الطفل في الكويت
بقلم حمدي الجابري
إن مسرح الأطفال من أعظم الابتكارات في القرن العشرين ولسف تتضح قيمته وأهميته التربوية .. هذا ما أكده مارك توين واستشهد به وينفرد وراد في كتابه القيم مسرح الأطفال الذي ترجمه محمد شاهين الجوهري عام 1966 ...
ومع عرض مسرح الطفل لمؤسسة البدر يمكن القول أن عواطف البدر ما زالت تصر مع منصور ترسيخ أعظم الابتكارات في القرن العشرين في الكويت .. وهو مسرح الطفل .. فقد جاءت سندريلا عواطف ومنصور السيد حافظ لتكون العرض السادس الذي يؤكد إيمان أصحابه بضرورة خلق مسرح للطفل في الكويت بعد أن آمنوا جميعا بأن مسرح الطفل أيضا كما يقول مارك توين – أستاذ الأخلاقيات والمثل العليا – بل خير معلم اهتديت إليه عبقرية الانسان لان دروسه لا تلقن عن طريق الكتب المدرسية والمدرسة بشكل ممل مرهق بل بالحركة التي تشاهد فتبعث الحماس وتخلقه وتصل الي أفئدة ) الأطفال ... وما أكثر المثل العليا والأخلاقيات التي يحتاجها طفلنا العربي في مسرحه .

وبالطبع لم يكن من الممكن أن تكون سندريلا العربية صورة طبق الأصل من زميلتها الأوربية التي يحفظها أطفال العالم الغربي والعربي .... ولذلك حرص المؤلف السيد حافظ علي إكسابها بعض الملامح الشرقية دون أن تبتعد كثيرا عن الأصل مما يجعل المسرحية اقرب إلي الإعداد منها إلي التأليف كما تذكر الإعلانات .. فهي الفتاة الرقيقة التي تخضع لسيطرة زوجة الأب وسوء معاملة الأخوات وتصل إلي الأمير فتفور بقلبه ، وتهرب في الثانية عشر ليلا قبل أن يكشف أمرها وتبقي فردة الحذاء لتدل عليها في النهاية فتصبح زوجة الأمير وتعفو عمن أساء إليها .
وفي هذا الإطار العام للقصة تحرك السيد حافظ محافظا قدر جهده علي أهم معالمها مضمنا إياها الكثير من الدعوات للحب ومساعدة الغير الذي ظهر في الجزء التمهيدي الأول الذي خصصه في النص المكتوب لعرض شخوصه وطبيعة علاقاتهما وهم الأم وبناتها وسندريلا والأصدقاء من الحيوانات الفأر والقط والكلب بدلا من الفئران والسحليات في الأصل الأوربي مما أحدث نفس التأثير بالنسبة للمشاهد الطفل وان كان السيد حافظ وقع في هذا الجزء في خطأ لا يغتفر عندما جعل أهل السوق أيضا يسيئون معاملة سندريلا دون سبب واضح رغم أنها تنتمي إلي نفس طبقتهم ولا يتحول موقفهم لمساعدتها الا بعد تدخل كبير السوق وتعريفهم بأصلها كابنة لأحد رجال السوق ممن يتصفون بالأمانة . أما في الجزء الثاني فيعتمد الحدث علي تدخل أصدقاء سندريلا من الحيوانات لمساعدتها حتي تصبح زوجة الأمير لأنها بالفعل كما تؤكد المشاهد المتتابعة الأفضل والاحق .. كما تساعدها أيضا العجوز " محققة الأماني " التي تصنع معها سندريلا الخير فتستحق منها المساعدة للوصول الي القصر في الصورة البراقة بفضل قدرات العجوز .
وبالطبع أيضا فان العجوز وقدراتها السحرية الكبيرة قد ساعدت المؤلف علي إثارة خيال الطفل المشاهد وأيضا علي تأكيد أن الخير ومساعدة الغير لا يمكن الا أن تعود علي الانسان بكل خير .
انه استغلال مشروع لأحدي روائع الأطفال في العالم وربما تكون بداية للاهتمام باستغلال التراث الإنساني في مسرح الأطفال في الكويت بدلا من السطحيات التجارية التي أغرقت المسرح الكويتي لأكثر من عامين فيما لا ينفع منه تحقيقا لربح مضمون بسبب حاجة الطفل لهذا النوع من الفن الوليد .. وهو كبداية للمؤلف في كتابة مسرحيات للطفل تستحق الاهتمام كما توفر جهده في خلق القصة ليكثف هذا الجهد في صياغة النسيج والتفاصيل والاهتمام بالأسلوب واللغة التي خلط فيها المؤلف ربما عن عمد بين اللهجة المصرية والكويتية وان كنت أفضل العربية المبسطة والفصحى ، التي ستكون اقرب الي روح الموضوع المستورد الذي سيصبح بالتالي أكثر جمالا وقدرة علي الإقناع بالقيم الجميلة التي يعتمد النص عليها تماما والتي حرص المؤلف علي تأكيدها بالكلمة والإشارة إلي الرقصة والأغنية وهو ما تفتقده عادة النصوص المكتوبة للأطفال .
أما المخرج منصور فهو يؤكد للمرة السادسة فهمه لهذه النوعية الهامة من العروض التي تسد فراغا هائلا رغم كثرة العروض ... فقد حاول منصور المنصور استغلال كل شيء في هذا العرض ليحقق نوعا من الإبهار يجذب الطفل طول الوقت لما يجري علي خشبة المسرح . أي انه اعتمد علي عناصر العرض بشكل كبير ربما أكثر من الحاجة أحيانا إلي مشهد خيال الظل ليجسد قصة تروي وجهاز " الالترافايلوت " ليخلق تأثيرا جماليا ونفسيا دون حاجة حقيقية بالإضافة الي استخدام البروجيكتور المتحرك في أوقات كثيرة أضاعت القيمة الحقيقية لاستخدامه الضروري في مشهد لقاء سندريلا بالعجوز ...
كما أن خطة الإضاءة حرص فيها منصور المنصور علي تأكيد الحدث وأيضا التغيير المستمر الذي وان كان يبهر المشاهد الا انه أيضا يمكن أن يخلق نوعا من التشتت مع كثرة التنقلات بين مشهد وأخر التي نص عليها المؤلف حتي كاد يضيع في التنفيذ الهارموني المفترض بين مشهد وآخر ... كما أن هذا الإفراط قد أضاع في الزحام المشهد الرئيسي في سندريلا وهو المشهد الحيوي بدونه الكثير وهو مشهد تجربة الحذاء أن تجند له إمكانيات العرض من إضاءة وديكور وممثل ولأنه يمثل لحظة الاكتشاف الجوهرية في المسرحية .
ونظرا لان منصور المنصور هو شاعر المسرح أي المخرج صاحب الكلمة الأخيرة والأولي في توظيف واستغلال عناصر العرض المسرحي فأنه يجب أن تتوقف معه قليلا وبجدية عند ديكور العرض ... لا يمكن تصور إمكانية تنازل مخرج برغبته عن أهم أجزاء خشبة المسرح دون أن تكون هناك خلل ملموس خاصة وانه يعرف بلا شك منطق القوة والضعف في خشبة المسرح ... لقد خصص مصمم الديكور بموافقة المخرج مقدمة خشبة المسرح بامتداد أمتار أربعة لبيت سندريلا مع فتحات ثلاث متوسطة الطول بارتفاع مائة وخمسين حركة الممثل خاصة في الدخول والخروج وما أكثرهم في المسرحية بالإضافة الي الاستغناء التام عن يمين ويسار مقدمة خشبة المسرح دون أي غرض واضح الا استكمال الشكل الجميل للمدرج الذي يوصل الخشبة بالجزء العلوي ويتيح الفرصة بشكل أفضل للحركة المسرحية مع استبدال الأماكن كان يخدم أكثر العرض ... حيث أن المشاهد التي تجري في بيت سندريلا محدودة والشخصيات بينما السوق والقصر والرقصات وبالتالي كان من المفترض أن تتاح لها مساحة اكبر تتيح فرصة اكبر حركيا وجماليا ليتمكن خلالها المخرج ومصمم الرقصات من استغلال المكان والبشر بشكل أفضل .. كما انه كان من غير الموفق وظيفيا تخصيص الجزء العلوي للقصر والسوق في نفس الوقت .. لأنه إذا كان وضع القصر في المكان يتيح الفرصة لخلق الأحساس بالتفوق وسيطرة السلطة الممثلة في القصر فانه من التناقض أن يكون السوق وأهله علي نفس المستوي بالإضافة الي كون الديكور كتلة واحدة جامدة قد حدد كثيرا من فرصة المخرج لاستغلال عناصره وترك أحساسا بالثقل والجمود تابعا من ثقل الكتلة وهو الأحساس الذي لا يتناسب أصلا مع اسم سندريلا ... نفسها كاسم ارتبط دائما بالرقة والبساطة الأخاذة حتي أن البعض يستغل الاسم " سندريلا " للدلالة علي الرقة والبساطة والجمال الذي لم يتوافر بشكل يليق جماليا ووظيفيا بالعرض المسرحي وان كانت الألوان وتركيباتها تشهد للدكتور مصطفي عبد الوهاب مصمم الديكور بالقدرة الكبيرة علي إشاعة البهجة من خلال تركيبة اللون ومفرداته بينما الديكور نفسه لم يخدم العرض ... ونفس الشيء يمكن أن يقال عن رقصات الدكتور حسن خليل الذي كان مضطرا لتحديد حركته وفقا للمساحة التي يسمح بها الديكور وهي ليست كبيرة وكدس فيها معظم الشخصيات والكومبارس وان كان يعطي أحساسا بالكثرة والتجمهر الا انه لا يعطي أي إحساس بالجمال في التكوين أو الحركة بينما جاءت ملابس رجاء البدر متناسقة الألوان بسيطة الخطوط تخدم الشخصية والموقف تماما كالحان طالب غالي الكثيرة والمؤثرة ولكن ليس إلي درجة كلمته الطنانة في برنامج العرض لا أفهم سبب إغفال اسم فلاح هاشم كمؤلف للأغاني التي زادت عن عشر رغم أن الإعلانات والبرنامج يضم أسماء كل كبيرة وصغير في المسرحية .
يبقي أداء هدي حسين وسحر حسين متميزا وفي حدود إطار الشخصية كما أن انتصار الراح تزداد تقدما باحتكاكها بالخشبة بالإضافة إلي تأثير دراستها الأكاديمية وأشاع حسين البدر الوزير وزميله حسين المنصور جوا من جلال يناسب المنصب والقصر أما أسمهان توفيق فقد أدت دوري زوجة الأب نموذج الشر والعجوز صانعة الخير دون اختلاف في الشكل او الأداء مما أوجد نوعا من التشويش عند الطفل بالإضافة إلي أن صوتها الجميل وربما يكون أكثر تعبيرا في الإذاعة والتلفزيون وان كان يبقي لها حماسها الشديد للمعاونة في حركة مسرح الطفل بالكويت في شكل جاد كتابة وإخراجا وتمثيلا ... وقد بذل كل من حسن القلاف ووليد خليفة وعامر الكندري وسلام السكيني ومفرح الدخيل كل الجهد وبحماس وان برز حسن القلاف أما الطفل جاسم عباس فان موهبة كبيرة تستحق الرعاية ليقدم الكثير لمسرح الطفل في الكويت فهو كتلة نشاط حية وإحساس كبير بالخشبة والوقف والشخصية التي يلعبها وأيضا أحساس بجملة الموسيقي وبزملائه يدل علي عشق كبير لخشبة المسرح يمكن أن يثمر كثيرا ... ويبقي من الكبار في السن في المسرحية أحمد العامر المنادي فرغم حجمه وصوته المسرحي وملابسه واكسسواره فإنه قد قدم دوره في حدود المرسوم حيث لم يخدمه الدور كثيرا ..
في النهاية لابد من الإشارة إلي ضخامة المصروفات في عرض سندريلا والتي لابد أن يشير أيضا الي أسلوب عواطف البدر ومنصور المنصور في التعامل مع مسرح الطفل بهدف تحقيق المتعة والفائدة بالدرجة الأولي دون اعتبار كبير للربح والخسارة المادية مما وفر للعرض إمكانيات كبيرة لا يمكن الا أن تحقق النجاح الفني والمادي فالمسرحية ورغم بعض التحفظات الفنية خطوة كبيرة للارتقاء بمسرح الطفل في الكويت ...
وبالمناسبة هناك فرصة ذهبية يتيحها المجلس الوطني لكل من له علاقة بمسرح الطفل وذلك خلال ندوة كبيرة تقام الشهر القادم يشرف عليها صدقي حطاب أرجو أن تجد الاهتمام الذي يتناسب مع أهميتها أيضا لأنها خطوة أخري لخدمة أعظم ابتكارات القرن العشرين ... مسرح الطفل .
جريدة الوطن
15 / 10 /1983
د / حمدي الجابري





سندريلا
تبعث من جديد
في مســــــرح الطفــــــل


اعداد صلاح البابا

- مسرحية سندريلا كيف وافق منصور المنصور صاحب الخبرة الطويلة في المسرح علي إخراجها للمسرح ؟
هل أن المعالجة جديدة رغم أن الفكرة سبق وان تناولها الآخرون من قبل ؟
- يقول منصور المنصور :
لقد ترددت سنة كاملة في أخراج المسرحية وع ذلك اقتنعت بالفكرة ولم أقدم عليها الا بعد مراجعة للنفس وقراءه للمسرحية استمرت شهورا طويلة بعد دراسة طويلة استمرت سنة كاملة .
- ويقول منصور المنصور : رغم أن خبرة منصور المنصور وافية في مجال الطفل الا أنه لم يقدم علي أخراج أي مسرحية من مسرحياته ( الستة ) الا بعد دراسة شاملة عكس البعض الأخر الذي يقدم مسرحياته في بضعة أيام فقط .
- ويقول المؤلف الزميل السيد حافظ عن سبب تناوله هذه الأسطورة مسرحيا . سندريلا هي رمز البراءة في عالم شرس سندريلا هي رمز الشعب الذي يعاني ويكابد – وفي عالم قبيح – زوجة الأب وأختها نعيمة وأختها فهيمة .
ثم يقول المؤلف :
حاكم المدينة يعاني من الوحدة فيقرر إقامة حفل كبير كي يلتقي بالناس ويعرف مشاكلهم ويلتمس الحلول لها .
- بينما وزيره المخلص يحاول أن يستغل الفرصة كي يزوجه من فتاة ويشيع في الناس أن الحاكم سيتزوجها وبالفعل يلتقي الحاكم بالناس ويلتقي بمشاكلهم .
ويفتح المؤلف أوراقه ويقول :
سندريلا تقدم الخير عن طريق مساعدة امرأة فقيرة أطلق عليها المؤلـــف اسم
( أم الخير )

- ثم يقول المؤلف :
لقد ألغيت فكرة الساحرة ووضعت بدلا منها ( أم الخير ) فبدلا من الاعتماد علي فكرة عالم ما وراء الطبيعة جعلت منه ( عالم الخير )
- وهنا يتم أول تحويل في الأسطورة
ثم يقول السيد حافظ :
قدمت شخصية الكلب والقط والأرنب ( كركور ، فرفور ، سنور ) أصدقاء سندريلا وهم يتعاطفون مع سندريلا أكثر من تعاطف البشر معها .
- وعن التناول الجديد يقول المؤلف :
وهنا قدمت تناولا جديدا للأسطورة لان الأسطورة لا تتضمن علي هذه العناصر وجعلت من عالم الحيوانات أن تحل محل الراوي او الكورس لان الأطفال لا تستوعب هذا الشكل ( الراوي أو الكورس ) وهذه نقطة أخري في التناول
ثم يقول المؤلف :
لقد اتفقنا أنا والزميل منصور المنصور علي إدخال عناصر الكوميديا وخاصة كوميديا الموقف .
كما أن للرقصات التعبيرية دور فعال حيث رحبت السيدة عواطف البدر وخصصت ميزانية خاصة بذلك من استعراضات وأغاني للشاعر الفنان فلاح هاشم وألحان الملحن طالب غالي .
- ما هي أهداف المسرحية ؟
- الأمانة – الصدق – مراعاة الشورى في الحكم .
- ما هو الجديد في الشكل المسرحي ؟

سوف نقدم مسرحا داخل المسرح وأتمني من الله أن يوفقنا لخدمة الطفل العربي ومسرحية سندريلا يشارك فيها مجموعة من الفنانين والفنانات منهم ، اسمها ن توفيق وحسين البدر وهدي حسين وسحر حسين وحسين المنصور ، حسن القلاف ، وليد الجمال ، نادية الغضبان ، جاسم عباس .

- والمسرحية تشتمل علي اثنتي عشرة أغنية تتفق كلماتها مع مشاهد وحوارات المسرحية كتبها فلاح هاشم . أما الألحان فهي للملحن طالب غالي .
- ويقول منصور المنصور : - يكفينا فخر أن العديد ممن يشكلون ظاهرة فنية قد خرجوا من مسرحنا ( مسرح الطفل ) .
فنحن نعمل من عام 1978 من أيام عرض مسرحية السندباد البحري حيث برزت في ذلك الوقت استقلال احمد وفي عرض مسرحية البساط السحري برزت رجاء محمد .
- ثم يقول منصور المنصور :
ولقد برز عبد الرحمن العقل من خلال مسرحنا مسرح الطفل – كما برز حسين المنصور وهدي حسين وشقيقتها سحر أيضا وليد الجماز – كلهم والحمد لله برزوا من خلال مسرح الطفل عندنا .

مجلة عالم الفن 4/9/1983

سندريلا
تخترق الماضي الأسطوري وتظهر في ثوبها الواقعي العصري
هل يستطيع الطفل التعايش في تداخل عالمي الانسان والحيوان ؟
المؤلف يتسائل .. كيف يتاح لمسرحية أن تظهر الي الوجود في أسبوعين تأليفا وإخراجا وعرضا
مسرح الطفل ... فكرة ... ونوايا طيبة ...وتجارة .
كتب نادر القنة :
بدأت مؤسسة البدر الإنتاج الفني – وهي مؤسسة خاصة تعني بشؤون الطفل - تدريباتها علي المسرحية الجديدة ( سندريلا ) ، حيث ستفتتح بها موسمها الحالي . والمسرحية من تأليف السيد حافظ وإخراج منصور المنصور ، ومن تمثيل ، اسمها ن توفيق ، حسين البدر –،هدي حسين ، حسين المنصور ، سحر حسين ، وحشد كبير من الأطفال . ومن المتوقع عرض هذه المسرحية مع نهاية الشهر الحالي .
ما زال مسرح الطفل في الكويت يعيش مرحلة الطفولة ذاتها ، فإذا ما حاولت مؤسسة ما تنمية هذا اللون من المسرح ، جاءت مؤسسة أخري باسم الإسفاف تحط من شأن كيان مسرح الطفل ، لذا فان مسرح الطفل ما زال يصطدم بواقع من الجمود ، وهيمنة الفرق التجارية – في غياب رقاب الدولة ، والمؤسسات الحكومية الثقافية . من هناك يكون التطور صعبا والنظرة المستقبلية تتلاشي ، ويتحول الطفل الي سلعة رائجة بين صالات العرض وفي هذا الموسم تستعد اربع مؤسسات خاصة لتقدم عروضا لمسرح الطفل ، وكانت لنا وقفة قصيرة في ثانوية الرميثيـــــة للبنين مع ( سندريلا ) ومؤسسة البدر .
بين الكتابة الطليعية والكتابة الأطفال
السيد حافظ كاتب مسرحي ، عرفناه مؤلفا طليعيا ، إذ يعد من أبناء جيل نكسة يونيو ، كتب العديد من المسرحيات التي تحمل هموم وشجون الانسان العربي ، استغل حالة البؤس والشقاء وآلام النكسة ،وعبر من خلال الفراغ المسرحي عن مآسي أبناء جيله فجاءت المفارقات الدرامية لديه داغمية تعشش مكان عقولنا المسلوبة والمأسورة ، واليوم يتجاوز ( السيد حافظ ) حدود المساهمة الفراغية الطليعية ، ليخاطب جيل الطفولة ، فيا تري هل يستطيع تحقيق النجاح في مسرح الطفل ، كما حققه في بنية الدراما الطليعية ؟ من السذاجة أن نلقي أحكاما عشوائية منذ الآن لان صياغة العرض لم تكتمل بصورتها النهائية ، بمجرد أن رفع يده عن النص ، وما زال من حقه أن يحذف ويغير حتي آخر قبيل العرض .
سندريلا الجديدة
( وسندريلا ) هي ككل الحكاية التي ألفناها بالكتب والقصص ، نحاول أن تعلم ما يجب أن يكون من خلال افرازات معاناتها في محيط متناقص من السلوكيات الزائفة والمرفوضة علي المستوي الاجتماعي والذاتي ويطرح السيد حافظ ومنصور المنصور من خلال ( سندريلا ) جملة استقاطات عصرية ومفاهيم تربوية وان كانت تنعت بالتقليدية ، الا أن عواطف البدر ومنصور المنصور يقولان أنهما منذ اللحظة الأولي التي تسلما فيها النص ، بدءا يخططان الي استحداث كل ما هو جديد ، ونحن لا نستطيع أن نقدم أحكاما نقدية ، الا بعرض هذ1 الجديد ، والاهم من كل ذلك ، هو درجة تناسب الإسقاط مع مفاهيم الطفولة .
تداخل المستويات
والمسرحية تتداخل في مستوياتها الدرامية ، بين عالم الانسان وعالم الحيوان ، وللعالم الأخير خصائص ومميزات تدور حول حالة الانهيار القصوي التي تعتري الطفل ، إذ يلجأ الانسان وعبثية وجودة في المسرح الطليعي عند حـــــــافظ
( الأرنب فرفور ، القط مسرور ، الكلب سنور ) لها مستوي خاص ، والعالم الآدمي بكافة ثقله الكئيب له مستوي خاص ، والمستويان يعيشان في حالة تمرد ،ومن خلال مشاهدتنا ( للبروفات ) رأينا أن هناك ثمة تداخل أدي الي فقدان التوازن بين العالمين ، والمطلوب من منصور المنصور ، أن يحاول إيجاد معادلة متوازية حتي لا تختل شبكة العلاقات الدرامية وبالتالي تصاب المسرحية بعرض مسرح الطفل المستديم وهو مرض ( اشيزوفرينيا – بين الشعار المرفوع ، والفعل الدرامي المعالج ) خاصة وان منصور ، سجل علامة بارزة في تطور مسرح الطفل بإخــــــــراج
( قفص الدجاج ).

البناء الدرامي :
ومن الملاحظ أن المسرحية اتخذت بناءا خاصا ، قد يكون مستهلكا الا أن الجديد فيه طريقة عرضه وليست معالجته ، وهو وجود راو مكون من ( سنور ، وفرفور ، ومسرور ) ، وهذا الراوي يتدخل في أحداث العمل ، بل ويتدخل لا خلال الشبكة الدرامية ، بما يقدمه من نصائح واقتراحات ، والشكل الأخر أن المسرحية اعتمدت علي أسلوب المسرحية داخل المسرحية ، ويحبذ أن يرجى النقاش في مثل هذا البناء الي حين عرض المسرحية .
حوار مع المؤلف :
وكان لوجود ( القبس ) أثناء أجراء البروفات هذا الحوار مع المؤلف السيد حافظ .
ما رأيك بمسرح الطفل في الكويت ؟
- دخل مسرح الطفل في الكويت من ثلاثة منافذ الإيمان بفكرة ، ونافذة حسن النية لتطوير الفكرة ومحاولة اجتيازها ونافذة الربح المادي والتقليدي وما أستطيع قوله رغم وجود ثلاثة نوعيات أن مجمل هذه التجربة لم ينبع من حاجة .وان امتطي هذا المسرح دراجة صغيرة منذ خمس سنوات .
ما هو مستوي الأعمال الدرامية التي تقدم للطفل ؟
- لو كنت مؤولا عن التقييم لمنعت بعض المسرحيات ، وحاكمت من يقدمونها محاكمة أدبية ، وفرضت علي نتاجهم الإقامة الجبرية بحيث لا يخرجون بمسرحياتهم هذه وصادرت أفكارهم وحرمت الأطفال من مشاهدتها .

مسرحية سندريلا استفادت من أخطاء >> قفص الدجاج << العناصر الفنية اجتمعت لخدمة العمل ونجحت عرض وتحليل : عبد المحسن الشمري مسرحية الأطفال : سندريلا تأليـــــــــــــــــــــــــــــف : السيد حافظ أخــــــــــــــــــــــــــــراج : منصور المنصور ديكـــــــــــــــــــــــــــــور : مصطفي عبد الوهاب الاستعراضات الراقصة : الدكتور حسن خليل الأزيــــــــــــــــــــــــــــاء : رجاء البدر الممثلـــــــــــــــــــــون : هدي حسن " سنــــــدريلا " ، حسين منصور " الأمــــــير " ، حسين البدر " الوزير "، انتصار الشراح ، سحر حسين ، اسمها ن توفيق ، حسن القلاف ومجموعة من الممثلين . تقديـــــــــــــــــــــــــــــم :مؤسسة البدر للإنتاج الفني . بدأت المؤسسة التوجيه الصحيح المدروس لمخاطبة الطفل في مسرحية قفص الدجاج ، وهو توجيه كاد أن يحقق أهدافه لولا أن العمل كان فوق مستوي الطفل ، لكن يمكن اعتبار مسرحية " قفص الدجاج " هي الخطوة الأولي نحو مخاطبة الطفل بأسلوب تربــــــــــوي مدروس ، وتأتي الخطوة الثانية مع مسرحيــــة " سندريلا " التي تعرض حاليا علي مسرح عبد العزيز مسعود ، وإذا كانت الخطوة الأولي – وهذا بحد ذاته نجاح يجب أن تفتخر به المؤسسة . " سندريلا " التي أعدها السيد حافظ قصة عالمية معروفة ، ومعظم الأطفال قرأ عنها الكثير ، لكن ليست سندريلا العربية ، لذا فان اختيارها كان موفقا جدا كونها قريبة من الطفل الذي اندفع ليشاهد العمل مجسدا علي الخشبة ، وكان علي المؤلف وهو يعربها أن يعطيها الجو العربي القريب من الطفل وكان له ذلك ونجح فيه ،كما انه استطاع أن يقترب من الطفل بتقديم حكاية قريبة منه ، بسيطة . ومع بساطتها حاولت تجسيد الكثير من المفاهيم ، عكس ما كان سائدا في بعض ، أو معظم الأعمال المسرحية الموجهة للطفل والتي اعتمدت علي النصح المباشر الذي يصل حد السذاجة . السيد حافظ جسد المقولات التي أراد تقديمها للطفل ، وكان أمينا علي أن يخاطبه بلغة يفهمها ، ويدركها أيضا . كما أن الرمز كان واضحا للطفل دون أن يعقده وابتعدت المسرحة عن التفاهم التي امتلأت بها نصوص الطفل الاخري التي اعتمدت علي الاضحاك الأبله ، والسب والتنكيت – وكان حوارها جيدا مبتعدا عن اللغو و الفوضى والتعاليم الخاطئة . وان كان يعاب علي بعض أجزائها ، الفقرات الكلامية حول الانسان والحيوان التي اقتربت من الشعارات البراقة . المؤلف نجح في استخدام رمز ذي حدين ، احدهما بسيط موجه للطفل من خلال فتاة صغيرة " سندريلا " وحيوانات يحبها الأطفال الكلب ، الأرنب ، وحكاية بسيطة تدعو الي بعض المضامين ، وفي الوقت نفسه حافظ علي الشكل المسرحي المتعارف ونجح في أن يقدم بعض الإسقاطات للكبار " سندريلا الرمز" والحيوانات كرمز لبعض المفاهيم ، ومن هنا فان النص كان يسير ضمن الكبار ويطلق العنان لأفكارهم بالتخيل . أما أم الخير ، وهي في الأصل " ساحرة " فان النص كان موفقا في إظهارها أم الخير ، ولكنها ظهرت تحمل الضدين كونها تمثل الشخصية الاخري " المستبدة" وهذا ما يشوه مدارك الطفل ، لكن الممثلة اسمها ن توفيق تتحمل أيضا جزءا من مسؤولية التشويه مع المخرج لأنها لم تبذل أي جهد للتغير في طريقة أداء الشخصيتين ، وهي الممثلة التي ولدت منذ سنوات عديدة . نجاح آخر للمؤلف يبدو مع إصدار الحكمة علي لسان الحيوان ، لكنها حكمة اقتربت من الشعارات كما سبق وان ذكرنا .

مسرح الطفل عند السيد حافظ
بقلم ليلى بن عائشة- إذاعة الهضاب ولاية سطيف - الجزائر
لقد كان مسرح الطفل ولا يزال فضاء فنيا يصعب اقتحامه رغم خصوبته، فأن تخرج عملا مسرحيا مشوقا للأطفال، بحيث يبحر بهم في عوالم شتى يخلقها خيالهم الواسع، شيء صعب بالتأكيد ولنقل على الأصح أنه سهل ممتنع. فعلى قدر البساطة التي يتسم بها مسرح الطفل على قدر تعقيده من نواحي عديدة؛ إذ يتطلب إمكانيات كثيرة كما يحتاج إلى قدر كبير من الوعي بأهمية ما ينقله العمل المسرحي لأطفالنا الذين هم صفحات بيضاء، لنا أن نخطها نحن الكبار كما نشاء، فالكاتب المسرحي الذي وجه اهتمامه إلى عالم البراءة، مقدم لا محالة على مغامرة فريدة من نوعها، تتطلب منه حذقا ووعيا كبيرين، بصعوبة المهمة التي يضطلع بها، لأن أطفال اليوم هم رجال ونساء المستقبل .
وبما أن الأمر كذلك، فلابد أن يتحرى الكاتب المسرحي الدقة فيما يكتبه وما يلقنه عبر مسرحه للأطفال. إن الأطفال ببساطة شديدة يحتاجون إلى فضاءات رحبة للتعبير، يسمح لهم من خلالها بالانطلاق والتحرر والتعبير عن مكنونا تهم وتجسيد تصوراتهم الطفولية، أي أن نترك الأطفال يخلقون فنهم لأنفسهم بأنفسهم دون وصاية من أحد، ودون أن نحاصرهم بالقوالب الجاهزة ) دعه يرسم دعه يعبر عن كل شيء ببراءته وعفويته (. ومسرح الطفل في العالم العربي حديث النشأة ولم يحظ بعد بالإهتمام اللازم، وإن كانت هنالك إرهاصات وتجارب تستحق التقدير، إلا أننا لم نصل بعد إلى المستوى المطلوب في هذا المجال، نظرا لما يتسم به من حساسية تقتضي منا التخطيط السليم لبناء مسرح خاص بالطفل العربي، بحيث تراعى فيه بعض الأسس النقدية والجمالية التي تعكس أبعاده المعرفية والإيديولوجية.
غير أن تدخل الكتابة السينوغرافية أعطى أبعادا أكثر انفعالا وحيوية وحركية لمسرح الطفل خاصة ما يتعلق منها بالآليات الفنية للإخراج، وطريقة التمثيل وما يصاحبها من موسيقى ورقص ، وما يتطلبه هذا المسرح من عمل جبار لكي يسيطر بكامله على حواس الطفل، لأن كل ما هو مشع كالألوان والأضواء وكل ما يلفت الإنتباه من كتل وأحجام، وكذا ما يبعث على البهجة من تنوّع في الحركات التي يصاحبها في أغلب الأحيان الغناء والرقص والتصفيق وما إلى ذلك، كل هذه الأمور تستحوذ دون شك على ذهن الطفل، ومن خلالها يستطيع الكاتب أن يمرر رسائله المتعلقة في الكثير من الأحيان بالمبادئ والأخلاق الفاضلة، وتتخذ في جانب لها المعرفة على تنوعها أساسا للمادة المسرحية التي يتوق الطفل إلى معرفتها، ويجد حلمه هذا التحقق على يد بعض المسرحيات التي تنقله رأسا إلى عالم العلم والمعرفة. ولاشك في أن الإخراج له دور مهم في السيطرة على فكر المتلقي الصغير، الذي يحتاج إلى جهود جبارة لتحقيق هذا الشرط، ذلك أن الطفل يعد من أذكى المتفرجين، وهذا ما أشار إليه "السيد حافظ" حينما قال « إن العمل المسرحي الموجه للطفل يتطلب جهدا من المخرج يفوق مسرح الكبار لأن عليه أن يشد انتباه الطفل بالديكور والموسيقى والأغاني وعليه أن يغنيه دائما ويثريه .. »(1).
1- القصص الشعبي في ألف ليلة وليلة في مسرح الطفل بالكويت: فاطمة حاجي. ص45
ويعد مسرح الطفل من أهم الوسائل التربوية وأنجعها في تكوين شخصية الطفل الذي سيكون رجل أو امرأة المستقبل، ويسهم إلى حد كبير في تربية الذوق الفني والجمالي لديه، إلى جانب إمداده بكم هائل من المعلومات في شكل مثير يسمح له باستيعابها. وتتجذر الكثير من المبادئ وتتأصل في ذاته عن طريقه، إذ أننا نجد أن الكثير من المسرحيات تضع على عاتقها مسؤولية تقديم صور حية من الواقع لهذا المتلقي الصغير، كما تسعى إلى تأصيل الثقافة والفن في نفسه، وتضعه وجها لوجه مع بعض المفاهيم، والبنى الأساسية التي تلم بكل جوانب الحياة، كما أنها تنمي لديه الحس النقدي منذ الصغر، وتجعل منه طرفا يسعى جاهدا إلى المشاركة في معالجة القضايا والمشاكل التي يواجهها، والتي تطرح أثناء العرض المسرحي. ومن ثمة يصبح مشاركا فاعلا في العرض المسرحي، لأنه يتخذ موقفا مما يعرض أمامه. فإلى جانب المتعة التي يوفرها المسرح للطفل، يجعل منه مشاهدا أو متفرجا فاعلا باتخاذه لموقف من المواقف، إضافة إلى ذلك يطرح العديد من التساؤلات التي لا يهدأ له بال حتى يتحصل على إجابة لها. فانتهاء العرض على الخشبة لا يعني أبدا انتهاء تأثيره على ذات الطفل،إذ نجده يفكر باستمرار في إيجاد حل لما يجول بذاته. وتساؤلاته لها من الإيجابية مالها بحيث أنها تحلل العرض تحليلا جزئيا. فالطفل لا يركز في استفساراته على مضمون القصة فحسب، بل إنه يشمل بها كل عناصر العرض بما فيها الجانب الإخراجي. وكأننا به أمام لعبة من لعب التركيب التي تنمي الذكاء فإذا لم يتحصل الطفل على إجابات لتساؤلاته العديدة من قبل أقرانه أو من قبل الكبار، فإنه يعمد إلى التحليل والتفكيك وتركيب بناء المسرحية من جديد حسب نظرته الخاصة و هذا شيء رائع.
وإذا كان لمسرح الطفل مهمة تربوية لها من الفعالية ما يجعلها في قمة اهتماماته فإن له تأثيرا نفسيا كبيرا على نفسية الطفل؛ فلقد تفطن علماء النفس في دراساتهم إلى أن للمسرح أثرا في تطهير النفس، لأن التمثيل المسرحي يقوم بمعالجة كثير من الأمراض السيكولوجية التي يعاني منها الطفل، وتفريغ كافة انفعالاته وشحناته النفسية. إلى جانب ذلك يكتسب الطفل الخجول الثقة بالنفس ويتخلى عن انطوائيته وأنانيته في بوتقة التعاون الجماعي. كما أنه يبتعد عن ميوله الإجرامية، لأن السماح للأطفال الذين يعانون من اضطرابات بتمثيل مواقف مجسدة لها يمهد الفرصة لتحسين حالاتهم . فحينما يشخص التلميذ دورا فإنه في الحقيقة ينفس عن الحالة التي يعاني منها عندئذ ستزول سيطرتها عليه وعلى نفسيته. إلى جانب هذا نجد أن المسرح عند الطفل يسمح لنا باكتشاف قدراته، ومواهبه وميولاته، ويعطيه مجالا واسعا للتعبير عن ذاته وعن مكنوناته، كما أن تقمصه لأدوار عديدة ومختلفة يمكّنه من اكتساب خبرات متنوعة اجتماعيا ، بما يضمن له -إلى حد كبير- الحصول على شخصية قادرة على التماشي ومسايرة الواقع المعيش بكل تناقضاته.وإذا كان للمسرح كل هذا الدور في حياة الطفل فكيف توجه "السيد حافظ" إلى الكتابة فيه ؟.
يجيبنا "السيد حافظ" بقوله: « أنا لا أدري كيف توجهت لمسرح الطفل؟ في البدء كانت السيدة عواطـف البدر مديرة مسرح الطفل بالكويت مع المخرج منصور المنصور يشجعاني على الكتابة للأطفال
كنت أهرب من محاولة الكتابة للطفل. في أعماقي (كان هنالك ما) يشدني إلى هذا العالم الساحر»(1). ولا شك أن تخوف "السيد حافظ" من ولوج هذا العالم نابع عن وعيه الكامل بما يقتضيه مسرح الطفل من مجهودات فكرية ومعنوية، وتخطيط محكم لبناء أي عمل درامي يندرج ضمن هذا الإطار. ولكن هذا الخوف سرعان ما تلاشى وذاب مع وجد الكاتب باقتحام هذا العالم الساحر وهو متسلح بكل ما يلزم ويعبر عن هذه التجربة الراقية و الرائعة بقوله: « إنني طفل كبير.. وجدت نفسي مع الأطفال فكتبت لهم.. فحققت معهم شيئا خطيرا.. لم أصدقه يحفظون مسرحياتي من أول سطر حتى آخر سطر.. يحفظونها و يشترونها بأعلى سعر.. الأطفال يسحرونني بتقبلهم مسرحياتي وسرعة استجابتهم لأعمالي »(2). ولكن كيف قوبلت هذه التجربة من قبل الوسط النقدي ؟.
إن الأرباح التي حققتها مسرحيات "السيد حافظ" الموجهة إلى الطفل، جعلت البعض يحقد عليه ومن ثمة تم شن حملة هجومية ضده، خاضها على وجه الخصوص المختصون في مجال التربية، ربما كان ذلك بدعوى أن هذه الأعمال المسرحية طالما أنها نجحت تجاريا فهذا يعني أنها لا تخدم مسرح الطفل ويتناسى هؤلاء أن الكاتب خريج معهد التربية وعلم النفس. كما أن النقاد انقسموا إلى قسمين مشجعين له على خطوته تلك، التي كانوا يرون فيها بداية موفقة ستفتح آفاقا واسعة أمام مسرح الطفل في الكويت وفي العالم العربي عموما، أما البعض الآخر فقد حكم ودون مناقشة على هذا الكاتب بأنه لا ينتمي إلى مسرح الطفل، أضف إلى ذلك حملات أخرى اتخذت من هذه التجربة مادة دسمة لشـن هجومات لا حصر لها على "السيد حافظ"، وكانت هذه الحملات بأقلام عدد من العدائيين للكاتب، الذين أعلنوا من مصر بأن هذا الكاتب يؤسس مسرح الطفل بالكويت ويطوره، وكأنه ارتكب جرما يجب أن يحاسب عليه. لكن انطلاقته في هذه التجربة الجديدة والفريدة من نوعها كما حدث مع تجاربه في مسرح الكبار ،كانت من قبيل أن الكويت احتضنت هذا الكاتب ووفرت له الظروف الكاملة للإبداع، بيد أنني لا أرى مانعا من أن ينطلق مسرح الطفل ويتطور في الكويت، أو في الأردن، أو في مصر أو في الجزائر أو غيرها من البلدان العربية، لأن انطلاقته في مكان ما من هذه الأمكنة وتطوره فيها، إضافة وإسهام كبير في إنجاحه وتطويره، ذلك أن إشعاعه في نهاية المطاف سيمتد إلى الطفل العربي أينما كان، بعيدا عن رسم الحدود.
ومن المؤكد أن "السيد حافظ" وجد الكثير من الرحابة والإتساع في تحقيق الأمل الذي ينشده أثناء تجربته في مجال مسرح الطفل وإلا لما تكثفت جهوده لتلد لنا عددا من التجارب والإبداعات الثرية الموجهة إلى عالم البراءة، يقول الكاتب في هذا الإطار « إنني في مسرح الطفل وجدت الأشياء الكثيرة التي لم أكن أتوقعها... وجدت النقاء الثوري والإحساس بالعروبة والبعد عن الإقليمية والحلم بالثورة والبحث عن الخلاص.. إنهم الأطفال هم العرب الحقيقيون أما نحن، فنحن هجين ثقافات مختلفة ونزاعات مختلفة وأفكار
1- ) تجربة مسرحية مكثفة فوق واقع يغلي بالهزائم (: سميرة أوبلهى. مجلة المواقف.ع.270.9 نوفمبر1987 .ص.24.
2- مر.ن.ص.ن.

مختلفة بعضنا سلبي وبعضنا غائب في زحـمة الحياة باحثا عن قوته اليومي. تنخر في عظامنا عقلية قبلية رديئة لم يطورها الإسلام كما أردنا ولا الثقافة العربية بكل تراثها لم تجعلنا نتطور.. إنني في مسرح الطفل أخاطب رجل المستقبل وزعيم المستقبل وجندي المستقبل» (1).ولا شك أن هذا الحديث يقودنا صوب مشكلة كان لها الأثر البالغ في نفسية "السيد حافظ" والتي امتدت إلى كتاباته المسرحية، وهي نكسة 1967 التي ظلت تلاحقه في إبداعاته ملاحقة الظل لصاحبه حتى في مسرح الطفل، إذ أراد من خلال هذا الأخير « أن يخاطب ذلك الجيل القادم المسلوب حقه، الجيل الذي يملك من الأمل كله، بل هو الأمل في الخلاص والبقاء والتحرير. من هذا المنطق ومن هذه الفلسفة كانت لدى السيد حافظ قناعة تامة فعلا لأن يترك عالم الكبار ويتجه بكل ما يملك من أدواته الفنية، وأدواته الأدبية وبما يملك من فكر لمخاطبة عالم الصغار، لأنه ظن واعتقد أن أبناء النكسة من العبث أن يستمعوا ومن العبث أن يصلحوا ومن العبث أن يتمـردوا على هذا الواقع لأنهم أصبحوا عاجزين عن تغيير هذا الـواقع »(2) .
إن دخول "السيد حافظ" عالم مسرح الطفل كان دخولا مقصودا ومشروعا في الوقت نفسه، خاصة وأنه لم يستطع إلى حد ما أن يحقق جل أهدافه المتوخاة من مسرح الكبار، لذا فقد وجد في مسرح الطفل المتنفس،بل كان المجال الرحب والواسع لنقل أفكاره بما يضمن لها الحياة والامتداد. ويخطئ كل من يعتقد أن دخوله إلى هذا العالم كان بصفة عفوية، ولا أدل على ذلك من أنه قام بدراسة على المستويين النظري والتطبيقي لمسرح الطفل في الكويت وفي العالم العربي، قبل أن يلج عالم الكتابة والخوض فيه واستعان في مهمته الصعبة تلك ببعض المقولات النافذة التي وضعها نصب عينيه من بينها ما قاله "مارك توين" من أن مسرح الأطفال من أعظم الابتكارات في القرن العشرين ولسوف تتضح قيمته التربوية. وكذا المقولة التي تضع مسرح الطفل في مرتبة الأستاذ الملقن للأخلاقيات والمثل العليا، بل إنه معلم اهتدت إليه عبقرية الإنسان لأن دروسه لا تنتقل عبر الكتب المدرسية بل بالحركة التي تبعث الحماس وتصقل المواهب وتنفذ إلى قلوب الأطفال دون سابق إنذار.إن "السيد حافظ" على دراية تامة بالمسؤولية الملقاة على عاتقه ككاتب ولج عالم مسرح الطفل من بابه الواسع، فكل عمل من أعماله يسعى إلى أن يحمله بعدان أولهما جمالي وثانيهما معرفي. هذا الخطاب الثنائي الأبعاد كفيل -حتما- بأن يوسع من مدارك الطفل ويزيد ذوقه رهافة، وحسه شفافية وأن يكون عامل دفع للأمام بما يحمله من معاني وألفاظ وبنى فكرية وفنية وثقافية واجتماعية.. كما لجأ الكاتب إلى مخاطبة الأطفال بلغة بسيطة ومشرقة، يعيد من خلالها سرد الحكايات القديمة التي تحتفظ بها الذاكرة الشعبية، بمرآته العصرية دون أن يلجأ إلى أي تعقيد –كما سنلاحظ-.
1- مر.ن.ص.ن.
2- )دراسة حول مسرح الطفل عند السيد حافظ( :محاضرة ألقاها نادر القنة، الإسكندرية 10 أغسطس 1988. ورد نصها في كتاب الأشجار تنحني أحيانا: للسيد حافظ. ص.338.
وإذا حاولنا حصر مسرحيات "السيد حافظ" في مجال مسرح الطفل، نجد أن أول مسرحية صدرت له هي مسرحية )ساندريلا( التي أعاد الكاتب صياغتها برؤيته الخاصة؛ وهي رؤية شرقية لأن هذه القصة عموما متداولة في الأدب الغربي. وقد قدمها الكاتب إلى القارئ بأسلوب مغاير وبرؤية خاصة وموقف جديد. ويتلخص موضوع هذه المسرحية في أن "سندريلا" الجديدة، هذه الفتاة الرقيقة المرهفة الحس، استطاعت أن تؤثر في كل شيء حولها كتعاطفها مع الحيوانات.. فتاة خيرة -غير سلبية- إيجابية في جل أفعالها. تدخل العالم القاسي وهي واعية، بل تحاول أن تتمسك بحقوقها حينما يعطيها القدر فرصة العمر التي انتظرتها، فهي تبوح للنجوم والقمر بأحزانها وتبثهم شكواها وتحكي لهم مآسيها، تعيش في عذاب لكنها تحمل قلبا يحب كل الناس. إن قصة "سندريلا" معروفة -تقريبا- لدى الجميع وهي قصة قديمة تستهوي الأطفال كثيرا وقد تركت في أنفسنا جميعا آثارا طيبة، ولكن "السيد حافظ" أراد أن يجعل منها أيضا قصة متجددة رغم قدمها؛ وذلك بأن أضفى عليها الكثير بأفكاره الجادة والهادفة بما فيها بعض الأساليب التربوية الناجعة في تربية الطفل وتعويده على بعض السلوكات التربوية الحضارية المهذبة. وقد استعان في ذلك ببعض الشخصيات التي كان لها التأثير الإيجابي على نفسية الطفل، وتأتي على رأسها البطلة"سندريلا" التي تثير الشفقة، رغم ما تعانيه من صعوبات وما تقاسيه من قبل زوجة أبيها الشريرة وأختيها الشريرتين، إلا أنها متمسكة بفضائل أخلاقها دون أن تقابل الإساءة بالإساءة. وقد ظهرت شخصيتها في هذه المسرحية بمظهر الإنسان الذي يشع قلبه عطفا وحبا وحنانا وينضح طيبة، وحنوها ذاك ظهر أكثر تجاه الحيوانات التي كانت تدافع عنها باستمرار وتطلب من زوجة أبيها عدم إيذائها، كما أنها كانت في قمة عطائها العاطفي بتسامحها، وذلك حينما عفت عن أختيها وزوجة أبيها بأن طلبت من الأمير السماح لهن بحضور الحفل.
وقد كان لتوظيف "السيد حافظ" للحيوانات أثر جميل على قيم النص إذ أضفى عليه الكثير، لأن الحيوانات الأليفة )القطة -الأرنب – الكلب( محبوبة عند الطفل كثيرا، وقد رسم الكاتب ملامحها في التعامل بدقة متناهية، إذ كانت تتعاطف إلى درجة كبيرة مع "سندريلا".وهنالك شخصية أخرى كان لها الأثر البالغ في نفسية الأطفال وهي الساحرة "أم الخير" التي يدل اسمها على طبيعة أعمالها، وقد أسدت خدمات كبيرة للبطلة "سندريلا" كمقابل لما قامت به اتجاهها حين زودتها بالطعام.
لقد أراد الكاتب من خلال هذه المسرحية (التي تم عرضها كثيرا بالكويت وكان لها صدى كبير) أن يعطي "لسندريلا" صورة مقبولة لأبناء هذا العصر، كما حاول تحقيق بعض التوازن مع ما ورد في القصة وما هو موجود في الواقع .
إذا كان البعض يرى أن هذه المسرحية لم تضف جديدا، فإنني أرى العكس تماما فالقصة أسطورة قديمة ومتداولة عبر الأجيال وتسرح بمخيلة الطفل عبر عالم الخيال والأحلام، ولكن هذا لم يمنع "السيد حافظ" من أن يضّمن هذه القصة التي حوّلها إلى مسرحية، مجموعة من المضامين التربوية كترسيخ الخير، وتكريس التسامح،

وتجسيد قيمة الأمانة، وتفادي الكذب والسرقة .وقد كانت هنالك بعض التغييرات التي عمد الكاتب إلى إحداثها في النص المتداول وقد طالت الكثير من تفاصيله، ومن بين ما طالته موقف "سندريلا" التي يأتي عليها الدور لتقيس الحذاء، فتفاجأ بالوزير يمنعها من ذلك، ولكنها لا تخضع لأمره بل تتمسك بالحذاء وتقيسه في نهاية المطاف. وربما أراد الكاتب هنا أن ينبه جمهور الصغار إلى ضرورة التمسك بالحق وعدم التفريط به أيا ما كانت الظروف. كما بدت شخصية "سندريلا" في قمة القوة والصلابة، حينما طلبها الأمير للزواج ففرضت عليه شروطها، من بينها أن يعلن بأن الفقر ليس عيبا، وأن يفتح أبواب قصره للناس ويستمع إليهم بعيدا عن ضغط الحراس.
وفي الأخير نقول إن "السيد حافظ" جسد الكثير في هذه المسرحية رغم محاولة البعض لتقزيم هذا المجهود الكبير الذي عبر عنه الكاتب بقوله: « مسرحية سندريلا كتبتها أكثر من ثلاث مرات وقرأتها على الأطفال حتى أستوعب منهم أي كلمة صعبة وحذفت الكلمات الصعبة ..لكن أقول إنني أمام اختيار صعب أمام طفل 83]آنذاك [ »(1). ومهما يكن من أمر فالكلمة الأخيرة تبقى للأطفال الذين يستطيعون تفسير وفك رموز هذه المسرحية لأنهم على قدر كبير من الوعي، بل إنهم متلقون ومتفرجون من الطراز الأول فلا يذرون المتعة والمرح وفي الوقت نفسه ينتزعون تلك الرسائل الموجهة من قبل المؤلف انتزاعا ليستحوذوا عليها ويتبنوها، إذ لا يكاد -حسب تصوري- أحدهم يبرح قاعة العرض إلا ونجده مطبقا لكل ما رآه بحذافيره وتفاصيله فأي تأثير أكثر من هذا. وأشير بأنني بنيت رأيي هذا على بعض الإستطلاعات التي رصدت في المجلات والصحف في الفترة التي عرضت فيها هذه المسرحية، وقد بدا من خلالها مدى تأثر الأطفال بما ورد في هذا العمل.
ومن بين المسرحيات الموجهة للطفل والتي استلهم "السيد حافظ" موضوعها من حكايات ألف ليلة ليلة )مسرحية الشاطر حسن( التي ضمنها هي الأخرى الكثير من السلوكات التربوية التي توزعت عبر تصرفات وحديث )وأنغام ( الشخصيات، وتأتي في مقدمتها شخصية "الشاطر حسن". وقد طرح النص جملة من القضايا التي تتعلق بالمحبة والتواصل الإجتماعي، والصدق والصفاء في العلاقات الإنسانية، كما مجد الكاتب من خلال هذه المسرحية حرية الفرد التي تتحقق بحرية القول والفعل للجميع، كما تعّرض إلى قضية سياسية وجوهرية، قدمها كثيرا في مسرح الكبار، وهي علاقة الحاكم بالمحكوم )أو علاقة السلطة بالشعب( ورغم أن المضمون كبير نوعا ما على فكر الطفل، إلا أن هذا لا يحول أبدا أمام تقديم بعض الجرعات الزائدة في الوطنية ومحاولة جعل الطفل يفرق بين السلام والاستسلام.
ويدور موضوع المسرحية حول الصياد "الشاطر حسن" الذي تبادل مع السلطان "حسان" المهام، وهذا أثناء قيامه بمحاولة لتسليم الأمانة إلى أصحابها والتي تتمثل في كيس من النقود سقط من الأميرة "سـت الحسن" أثناء تجولها في المدينة، وخلال محاولته تلك تم القبض عليه من قبل الحراس، ولكن ما فتئ هؤلاء أن أطلقوا سراحه ظنا منهم أنه السلطان "حسان" فانحنوا احتراما له، فقد اختلط عليهم الأمر نظرا لذلك التشابه الكبير بين الشخصين. وأثناء اضطلاع "الشاطر حسن" بمهمة السلطة تمكن من تحقيق العدل والإنصاف إذ أطلق سراح السجناء المظلومين، كما أعاد الأرض إلى أهلها ثم أعلن الحرب ضد الأعداء بعد احتلالهم لجزيرة الأمل المجاورة لهم، بينما تنكر السلطان الحقيقي ليتعرف عن كثب ودون تزييف عن أحوال رعيته، وقد اقترب في هذه الفترة من شعبه ولمس همومه ومشاكله وعاين بنفسه الظلم الواقع على الرعية في ظل سيطرة القوي على الضعيف. وتلتقي هذه القصة في عراقة مضمونها مع حكاية )أبو حسن المغفل( الذي حدث وأن سمعه الخليفة "هارون الرشيد" وهو في إحدى جولاته مع الوزير "جعفر"، يتمنى أن يصبح خليفة ليحكم البلاد بالحق ولكي يدحر الظلم ولكن "السيد حافظ" غيّر كثيرا في شكل الحكاية الشعبية، بأن جسد شخصية "الشاطر حسن" تجسيد جيدا بحيث أنه كان مثالا للفرد الصالح في المجتمع الذي لم يعمه بريق السلطة، بل عمد إلى استغلال الفرصة التي منحه إياها القدر عن طريق الصدفة لصالح الشعب المهضوم حقوقه.
لقد أراد المؤلف أن يبرهن هنا على أن الإنسان عنصر غير قابل للتحويل والتغيير، طالما تدعمه نظرية أو يستند إلى مبدأ. فالفرد الإيجابي في المجتمع هو ذلك الذي يصنع المواقف، ويدافع عن حقوقه وحقوق غيره كمواطن في إطار مشروع بالحفاظ على مبادئه، وبالمقابل لا نجد هذه الشخصية موسومة بملامح إيجابية في أعمال مسرحية أخرى والتي اعتمدت في مادتها الأساسية على ذات الحكاية الشعبية، إذ ظهرت فيها هذه الشخصية بشكل سيئ، ذلك أنها ما إن حصلت على المراد وحكمت بنفسها البلاد حتى أصبحت أول من يحارب أولئك الذين يدعون إلى نفس الحقوق التي كانت تدعو إليها هي، قبل أن تصل إلى سدة الحكم.
لقد حاول "السيد حافظ" في هذه المسرحية المشوّقة أن يضع جمهور الصغار في مواجهة مع بعض القضايا المصيرية، التي يجب أن يدركوها في سن مبكرة لتتجسد مواقفهم منها، ويترسخ في أذهانهم كيفية معالجتها، وما السبيل الأمثل في مواجهتها خاصة ما تعلق منها بالقضية الفلسطينية باعتبار، أن الطفل محاصر كغيره بواقعه السياسي. إذ حاول الكاتب جاهدا أن يغرس بذور التمرد والثورة في نفسيته ضد أعداء الأمة العربية، وضرورة استرجاع الحق بالقوة. ولقد استغربت موقف أحد النقاد من هذه النقطة بالذات، إذ بدا وكأنه منزعج من الكاتب لا لشيء إلا لأنه قام ببعث فكرة الحل العسكري فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، لأنه وحسب ما يبدو من خلال حديثه منصاع طوعا لتلك الإتفاقات الإستسلامية التي تتخفى تحت قناع السلام، إذ قال في مقال له بعنوان )هل كان الشاطر حسن … شاطرا حقا!!…( ورد في مجلة عالم الفن العدد الصادر في شهر سبتمبر عـام 1984: « إن الجميع يعلم ما هو عليه الموقف العربي الحالي ) الرسمي خصوصا ( اتجاه مفهوم الحرب مع إسرائيل.. وتجاه هذا الكم الهائل من المشاريع الكثيرة والمؤتـمرات العربية وقراراتها الأخيرة والداعية كلها للإعتراف ضمنا بالعدو الإسرائيلي الصهيوني مقابل إقامة الـدولة الفلسطينية وحل القضية الفلسطينية والشرق الأوسط حلا سلميا.. فهل عادت الحرب بعد هذا التخاذل التاريخي الطويل الأمد والمدعوم رسميا، هل عادت هي الحل الأمثل للمشكلة حيث يقوم "الشاطر حسن" بتثقيف الأطفال )عسكريا( وإعطاءهم دروسا في المقاومة والإستبسال؟ ثم .. أي حرب هذه التي يدعو إليها الكاتب جمهور الأطفال لشنها بعد جميع هذه المتغيرات على الساحة العربية الداعية إلى الحل السلمي أو عن طريق السير على طريق كامب ديفد ..؟ » (1). غير أنني -في الحقيقة- ألمس نوعا من الإستخفاف في حديث هذا الناقد، فعلى اعتبار أنه ناقد لا يليق أن يصدر منه شيء كهذا، فمهما كانت مواقف السلطة (أو الحكومات العربية في هذه الحالة) فإن الكاتب غير مطالب -بطبيعة الحال- أن يكون بوقا لها، وإلا لما حق لنا أن نقول عنه كاتب مسرحي تجريبي؛ لأن التجريب يعتمد في صميمه على الحرية كأساس له، لذا فالكاتب هنا مطالب بأن يبرز مواقفه ويجسد مبادئه من خلال كتاباته ، وكم هو رائع أن نجد كاتبا "كالسيد حافظ" لم يغير من مواقفه وآرائه شيئا رغم التطورات والتغيرات التي طرأت، بل إنه كان من الكتاب القلائل الذين تميز مسرحهم أو أدبهم -عموما- بالتنبؤات، وقد كان أول من تنبأ بالإتفاقيات الإستسلامية في مسرحه قبل أن تحدث، لذلك أرى أنه ليس بحاجة إلى أن يذكر بهذه الخطوة ومن حقه أن يتمسك بالحل الذي يراه مناسبا، ثم إنني لا أرى جرما في ما قدمه لأطفالنا لأنهم يجب أن يتعرفوا على واقعهم، وأن يضطلعوا بمهمة التغيير التي ينشدها الكاتب في المستقبل. ومن الخطأ أن يرسم عالما ورديا منثورا بالأزهار والورود لأطفالنا ليفاجأ هؤلاء بعد أن يكبروا بأن ذلك الطريق كان مجرد حلم، وتلك أكبر صدمة يمكن أن يتلقوها. إذ لا يجب أن تتوقف الإبداعات المسرحية الخاصة بهم عند حدود تجسيد بعض الأخلاقيات الفاضلة، لأن هذه المهمة تضطلع بها أكثر من مؤسسة وأكثر من إنتاج من بينها الإنتاجات السمعية البصرية (في الإذاعة والتلفزيون)، لذلك فالمسرح يجب أن يتميز طالما أنه حي بحركيته وإيقاعاته، ويصل إلى المتلقي الصغير بصورة مباشرة، بل ويستطيع المشاركة الفعلية فيه، ومن الأفضل أن تستغل هذه المساحة الفنية الإبداعية لطرح قضايا مصيرية يعوّد الطفل منذ صغره على معرفتها،فتربى في وجدانه وذاته وبإمكانها أن تترعرع تدريجيا لتثمر غضبا وثورة فتغييرا، وتلك هي الثمار اليانعة التي يسعى "السيد حافظ" إلى تحقيقها. ومن حقه ككاتب أن يدافع عنها. ونحن هنا لسنا في موقف المدافعين عن الكاتب ولكننا نود القول أنه يجب الفصل بين النقد الذي يمثل مهمة نبيلة وهادفة ويضيف الكثير إلى فكر القارئ، وبين التجريح. ويبقى أن نقول كما قال "عبد العليم رسلان" « إذا كانت المسرحية ومؤلفها قد فتحا فتحا جديدا في أدب الطفل وقدما جهدا مشكورا، فعلى هؤلاء الذين يكثرون من الكلام ويثيرون الضجيج نقدا وتجريحا أن يلجوا الباب ، فها هو مفتوح أمامهم على مصراعيه، ويكفي مؤلف المسرحية[فخرا] أن يكون قد فتحه لهم بعد أن كان موصدا»(2).

1- دراسات في مسرح السيد حافظ .ج2. ص.70.
2- مر.ن.ص.48.

لا نبرح حكايا ألف ليلة وليلة المعين الذي لا ينضب، والذي نجد الكاتب قد اغترف منه ليبدع لنا مسرحية أخرى بعنوان )علي بابا( والتي قدم فيها الكثير وجدد ليعمق الرؤية أكثر وليكون تأثيره في المتلقي الصغير أبلغ ، وتعكس هذه المسرحية الصراع الطبقي بين طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء وصراع السلطة مع الشعب وهما وجهان لعملة واحدة، وتتمثل الفئة الأولى في "شهبندر التجار" و"قاسم" و"سالم"، أما الفئة الثانية فيمثلها كل من "علي بابا"، "محجوب" و"حمدان"، وبسبب غياب مقاييس التجارة الشريفة لدى الطبقة الثرية التي تعتمد على الغش، يصطدم "علي بابا" صاحب المبادئ بالتاجر"سالم" الغشاش وينتهي الأمر بطرد "علي بابا" من السوق ليعود إلى مهنته حطابا كما كان. ولكن الحظ يبتسم له بأن يكتشف مغارة مليئة بالكنوز جمعها أربعون سارقا، واستغل فرصة غيابهم وسرق ما استطاع ليقفز من الصفر إلى طبقة الأثرياء، ولم يتوقف "علي بابا" عند اقترافه لإثم السرقة، بأن اقترف ما هو أفضع إذ تخلى عن مبادئه التي كان يتشدق بها سابقا.
إن "علي بابا" في مسرحية "السيد حافظ" نموذج للإنسان الإنسحابي الذي حقق العدل لنفسه بتساويه مع الأثرياء عن طريق السرقة ) أي بطريقة غير شريفة (، كما تحوّل بين عشية وضحاها من صوت الثورة والمتمردين، إلى شخص متخاذل تخلى عن الأصدقاء والفقراء وعن نصرة المظلومين، فمع أول فرصة تحول من النقيض إلى النقيض. ونجد بأن بعض القصص سمت بشخصية "علي بابا" وجعلتها تبدو في صورة مشرقة، لأنه ساعد الفقراء والمحتاجين بتلك الأموال التي سرقها من المغارة، في حين نجد أن "السيد حافظ" غيرّ ملامح هذه الشخصية، ليستفز ذهن المتلقي الصغير وذلك عن طريق تكثيف الصور، والتضاد الذي حدث في تصرفات "علي بابا" وهذه السلوكات المتناقضة كانت فرصة خصبة لتعميق بعض المفاهيم المتعلقة بالأنماط السلوكية الجيدة التي يجب أن يتبناها الطفل، والأنماط السلوكية السيئة التي يجب أن يواجهها بالرفض والنفور. وقد ركز الكاتب على بعض المفاهيم التي فقدت ويجب البحث عنها واسترجاعها وبناءها من جديد كالعدل والحقيقة ..، كما تطفو من جديد على السطح ( في هذه المسرحية) قضية الأرض المحتلة « محجوب: أغلقوا الأبواب جيدا، واحموا بيوتهم من اللصوص. فإذا سرق البيت… سرقت الأرض »(1).
وعلى ضوء ذلك نجد الكاتب يحرص حرصا شديدا على جعل الأطفال يستوعبون طبيعة هذه القضية، ومن ثمة يتخذون مواقف جادة وصارمة في المستقبل بعيدا عن كل تضليل، طالبا منهم أن يسلكوا الطريق السوية لتحقيق أهدافهم وعدم الإعتماد على السرقة والسلوكات الشاذة والسيئة لتحقيقها، كما أنه ينمي الوعي لديهم بقيمة الأرض وقيمة الوطن وضرورة حمايته والذود عنه متى لزم الأمر. ولتعميق الرؤى والأفكار التي يود "السيد حافظ" نقلها وإيصالها إلى الأطفال لم يترك جرائم "علي بابا" تمر هكذا دون عقاب، ولهذا الغرض قدم"علي بابا" للمحاكمة من قبل العامة واعترف بما اقترفته يداه وعاد إلى مهمة الإحتطاب، فما بني على باطل فهو باطل.وبهذه النهاية تستمر المفاهيم لدى الأطفال كما أرادها الكاتب أن تكون طالما أنها سارت في الطريق السليم، بمنطقة الأمور ووضع كل شيء في مكانه المحدد.
1- علي بابا : السيد حافظ.دار آزال ،لبنان.ط.1. 1990.ص.15.

القضية الفلسطينية مشكلة تقض مضجع "السيد حافظ"، ويحاول عبر مسرحياته الموجهة إلى البراعم أن يرسخها في أذهان الأطفال، وينمي إدراكهم لحقيقة وأبعاد هذه القضية، إذ نجده من جديد يطرحها في مسرحية بعنوان )سندس( ولكنه أفسح المجال رحبا وواسعا فيها للتعبير عنها أكثر، بل إنها القضية المحور في هذا العمل الإبداعي. ويسعى من خلالها الكاتب إلى استفزاز جمهور الأطفال لتفجير روح الفعل والممارسة ، بل إنه يرى الخلاص على أيديهم لأنهم جذوة التغيير لا محالة، فالأمل كله قائم عليهم لتغيير الوضع الذي أصبح مهزلة، كما أنه يدين فيها العرب نظرا لتخاذلهم وتقاعسهم عن توحيد الصفوف واستثارة الهمم لتحرير بيت المقدس، وكأنه يبحث عن الصحوة التي راحت في سبات عميق عند الكبار، ليجسدها عبر الأطفال.
وتمثل شخصية "سندس" فلسطين الجريحة، بينما يمثل كل من "أبو صالح "و" أبو عدنان" ، الدول العربية التي انشغلت عن القضية الجوهرية وهي تحرير فلسطين، بقضايا تافهة كالنزاع على الحدود. كما تمثل كل من شخصية "سارة" و" أم سارة" و"الشاويش" العدو الصهيوني، الذي لا يدخر جهدا في التخطيط للاستيلاء على بيت المقدس ويعزز جهوده أكثر فأكثر. وفي المقابل لا نلمس من الطرف المضاد أو المعاكس إلا التخاذل بما يجسد عدم التكافؤ في مستوى الدفاع عن القضية الأساسية لكل طرف منهما، ومن ثمة تقلص فرص النجاح في تحقيق النصر على العدو الصهيوني، طالما أن هذا الأخير يتمتع بروح الوطنية أكثر من الدول العربية، ويبقى حلم الكاتب متعلقا بالأطفال ،إذ نجده يعبر عن ذلك بقوله: « إن كاتبا ينهض كل صباح ليرى الشمس طفلا… وأرى هؤلاء الأطفال الصغار الرضع الحلم في أن يكون أحدهم أنشودة هذا الوطن الذي يخلصه من الجوع ويحرره من الحزن … الأطفال هم صوت الإخضرار الذي ينادي أعماق الكاتب العـربي كي يستيقظ ويقاوم ويكتب كالعصفور … إنك بالكتابة للأطفال تدق باب المستقبل باب الصحوة التي ماتت فينا »(1).
إننا نجد الكاتب عبر شخصية "سندس" يشكو مأساته ويتوجه عبرها بحديثه إلى جمهور الأطفال ليخاطبهم بما يريد أن يقوله )ككاتب(،كما حثّهم على أن يكونوا في مستوى طموحه ، وأن يقودوا حركة فعلية للتغيير ولتحقيق ما عجز الكبار عن تحقيقه .
إن سياسة "السيد حافظ" في مسرح الطفل، اعتمد فيها إلى حد كبير على تطويع التراث ،لخلق أعمال مسرحية تشد انتباه الطفل وتستحوذ على أحاسيسه واهتمامه. ولما تحقق هذا العنصر بات سهلا على الكاتب أن يصب مضامينه التربوية ، الفكرية ، القومية ،…وكل ما يود إيصاله إلى الطفل عبر تلك القوالب.ومن بين المصادر التراثية التي اعتمد عليها الكاتب السير والملاحم الشعبية، كسيرة فارس بني هلال التي كتب عنها مسرحية (أبو زيد الهلالي)، وقد طرح من خلالها جملة من القضايـا التي تؤرقه وتأتي على رأسها « همومه القومية [ إذ] طرح تلك المشاكل [التي تتعلق بـ] البحث عن المكان، الإنتماء لهذا المكان، متى يستطيع الإنسان العربي أو الطفل العربي أن يعلن انتماءه لهذا المكان ،ما معنى الإنتمـاء ؟ -هل هو شهـادة ميلاد
1- القصص الشعبية في ألف ليلة و ليلة في مسرح الكويت : فاطمة حاجي .ص.103.

-هل هو شهادة جواز- هل الإنتماء عبارة عن دفتر هل [يتم ] بالقول، هل [هو] ممارسة ! »(1). كما حقق الكاتب في هذه المسرحية حيزا معرفيا يمكّن الأطفال من الإطلاع على الظروف المعيشية للعرب في زمن مضى، ومن ثمة المقارنة بين الحاضر والماضي.كما يضمن لهم ذات الحيز التعرف على طرق اكتساب العيش وطرق التواصل وكيف تتم الحروب، وما نوع الأسلحة المستعملة آنذاك... بيد أنه ركز أيضا على جملة من الفضائل والقيم التي لها شأن كبير، كسمة الكرم الذي تجسده شخصية "مفرج" الذي بلغ قمة السخاء والكرم، بأن عرض ابنته "الثريا" للبيع، لأجل إكرام ضيوفه عندما لم يجد ما يقدمه لهم.
كما جدد الكاتب عبر هذه المسرحية نداءه للأطفال بضرورة الدفاع عن الوطن وحمايته من أعدائه في الداخل أو الخارج، وقد قدم الخيانة في أبشع صورها من خلال شخصية "سعيد" رمز الفساد والخيانة، وأبرز ملامحها وصفاتها.وبالمقابل أبرز ملامح الفارس المغوار سيد الملحمة الهلالية " أبو زيد الهلالي" وصفاته، ليعمّق الفارق بين الشخصيتين ،وهذا لكي تتضح الرؤية أكثر لدى الأطفال فيما يتعلق بالنقيضين، الخيانة والوفاء والإخلاص للوطن. وتأتي شخصية " أبو زيد" في هذه المسرحية لتعطينا صورة مماثلة للإنسان المكافح في العصر الحالي، الذي لا يهدأ له بال حتى يخذل الخونة والأعداء على حد سواء، وذلك بالذود عن وطنه والكفاح المتواصل لتحقيق ذاته وذات الجماعة والحفاظ على الوطن رمز الأمان.
وللكاتب مسرحية أخرى مستلهمة من إحدى السير الشعبية وهي مسرحية "عنترة بن شداد" الشاعر العربي والبطل الشجاع، الذي تخلد كتب الأدب ، والشعر ،والتاريخ سيرته وشعره وبطـولاته. ويحمّل هذه المسرحية زخما من الحكم والأمثال. وقد ركز فيها على قضية الدفاع عن الـوطن إلى جانب إبرازه للكثير من الفضائل كالشجاعة والإستبسال،كما يظهر قيمة العلم عالية بينما يظهر الجهل منحطا.ويدعو الكاتب في هذه المسرحية إلى التلاحم والتكاتف الجماعي لتحقيق الأحلام والآمال. ثم إن "للسيد حافظ" مسرحيات عديدة)*( تعالج قضايا متنوعة لا تخرج في إطارها -دائما- عن السلوكات التربوية، والأخلاق الحميدة ، والقضايا المصيرية... وغيرها مما يسهم في بناء طفل واع متفطن لكل ما حوله ، مستوعب لواقعه وله أمل في غد أفضل، وإحساس بالمسؤولية اتجاه ما ينتظره. ويبقى أن نقول كما قال الكاتب "السيد حافظ" بأن مسرح الطفل هو « مسرح المستقبل وأرجو أن يبزغ فجر فني جديد لمسرح الطفل قادر على التعبير عن مشاكله، فالطفل العربي لا يستطيع أن يهرب من واقعه في هذا العالم، إنه مطارد بأجهزة الإعلام صباح مساء، يسمع، يقرأ، يرى، إنه محاط بكل قضاياه الواقعية بدءا من الشارع والحي والبيت والمدرسة إلى عـالم القنوات الفضـائية »(1) فالأجدى أن يلتمس كتّاب مسرح الطفل الطريق السليم نحو مسرح هادف يبني الإنسان؛ يبني

1- الأشجار تنحني أحيانا: السيد حافظ 0ص.ص. 345/346.
2- مسرحية الأميرة حب الرمان وخيرزران: السيد حافظ. العربي للنشر والتوزيع. القاهرة .ط.1 .1996.ص.5.
)*

(- مثل مسرحية) أولاد جحا (ومسرحية) لولو والخالة كوكو( ومسرحية )فرسان بني هلال(، مسرحية )بيبي والعجوز ( ،ومسرحية) بنت السلطان والأشرار( ،ومسرحية )قميص السعادة(.
فيه القيم والفضائل، ويمده بالقوة والثقة في النفس، ويفطنه إلى ضرورة الإلتزام بفعل التغيير مستقبلا، وكل هذا في قوالب تتناسب وخفة الأطفال وحركيتهم وإيقاع طفولتهم وبراءتهم الحالمة.
وصفوة القول أن « مسرح الطفل مؤسسة فنية تسعى إلى تكوين و بناء شخصية المشاهد الصغير تكوينا فنيا، وتعّوده منذ صغره على استيعاب المسرح وفنونه معتبرا إياه حاجة روحية ثقافية، وتذوقا جماليا لابد من وجوده في حياته عبر جميع مراحل نموه الجسمي والعقلي»(1).
يبقى أن نقول أن مسرح الطفل في العالم العربي ما يزال في بداية الطريق ويحتاج منا أن ندرك هذه الحقيقة، وأن نتعامل معها بمرونة أكثر تمكننا من تجاوز هذه الحقيقة إلى واقع أفضل، نصنع من خلاله مسرحا متميزا يليق بأطفالنا في الوطن العربي، حيث يلقنون من خلاله المبادئ والأخلاق الفاضلة وكذا الحس القومي والديني، ويتعرفون على التراث أو الموروث الشعبي… وغيرها مما يمكن أن يضطلع به هذا النوع من المسارح، الذي يجب أن يضع في حسبانه ضرورة بناء إنسان عربي جسدا وذوقا وأخلاقا وفكرا ولاشك أن تجربة "السيد حافظ" في مسرح الطفل تستحق كل التقدير لأنها سارت في هذه الطريق حتى وإن كانت هنالك بعض الهفوات الملموسة في بعض الأعمال فإنها لا تعدم كل عمل جديته وانتماءه الفعلي إلى مسرح الطفل الهادف .
- م.ن.ص.44.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق