السبت، 4 أبريل 2009

مسرح الطفل فى الكويت 8

نموذج من مسرح الطفل




تحليل مسرحية
الأميرة حب الرمان
وخيزران



دكتورة ليلى بن عائشة الجزائر

















1/ الحدث الدرامي في مسرحية الأميرة حب الرمان وخيزران:

تروي أحداث مسرحية )الأميرة حب الرمان وخيزران( قصة أميرة اسمها "حب الرمان" جمعت بين الجمال الأخاذ والحسن الفتان، والرقة والحنان واللباقة وحلاوة اللسان والأخلاق الفاضلة، مما جعل سيرتها العطرة في كل مكان؛ فهي أميرة بحسبها ونسبها،أميرة بأخلاقها ،وحسن سلوكها.تزف "حب الرمان" ابنة السلطان "عرفان" عروسا للأمير"عمران" أحلى وأغنى وأحسن أمراء عصره ، ويرافقها في رحلتها هذه إلى قصر الأمير "عمران" وصيفتها الشريرة "خيزران"، ويقود تلك الرحلة القائد الشجاع "مهران"، ومعه عدد من الجنود والخدم والعبيد ليسهروا على راحة الأميرة. وأثناء هذه الرحلة التي تستغرق مسيرة ثلاثة أيام ،تدبر "خيزران" مكائد للتخلص من الأميرة "حب الرمان" لتحل محلها؛ إذ قامت في البداية بوضع ثعبان في خيمتها لكي يلدغها فتتخلص منها ، ولكن الأميرة نجت بفعل القلادة التي أهداها إياها والدها وبها خرزة سحرية باسمها، كانت إذا أحست بالخطر فما عليها إلا أن تنادي والدها فيحضر ليحميها بروحه من كل الشرور، فبعد أن نادته قتل الثعبان ونجت هي من الموت الأكيد. ثم لجأت "خيزران" بعد ذلك إلى مكيدة ثانية، إذ وضعت السم في الطعام لكل من القائد "مهران" - الذي تكرهه لأنه كان يعرف جيدا سوء نواياها – والأميرة "حب الرمان" للتخلص من الاثنين دفعة واحدة، ولكن ما إن ذاق "مهران" الطعام وأحس بطعمه الغريب حتى بادر على الفور إلى منع الأميرة من تناوله، ومرض القائد وهانت قواه ، وعرفت الأميرة بأن الطعام مسموم بعد أن استدعت والدها عن طريق القلادة .

ثم لجأت "خيزران" في حيلتها الأخيرة إلى سقي الجنود والخدم جميعا بماء سحري ، فأصبح الكل بفعله يسير حسب أهوائها ورهن إشارتها، وأول ما أقنعتهم به هو أنها هي الأميرة ، والأميرة الحقيقية هي "خيزران" الوصيفة . وانطلت الحيلة على الجميع وأصبحت الأميرة صاحبة السمو والرفعة خادمة ذليلة، وأضحت الوصيفة أميرة . ولما وصلت القافلة إلى قصر الأمير "عمران"، أمرت "خيزران" بوضع الأميرة "حب الرمان" مع الحيوانات بدعوى أنها ذات أخلاق سيئة ، ولا تستحق أن تبقى إلى جانبها كوصيفة . ومع مرور الأيام استقبح الجميع سلوك "خيزران" الشاذ-على اعتبار- أنها أميرة ، لأنها كانت تعامل كل من في القصر معاملة سيئة وجد قاسية . أما الأمير "عمران" فقد كان لا يطيق الجلوس معها ولا الحديث إليها نظرا لطباعها السيئة، واستغرب الجميع من الأميرة (المزعومة) صفاتها تلك ، لأن ما تناهى إلى أسماعهم عن الأميرة "حب الرمان" بعيد كل البعد عما يرونه ، ولم يجدوا لذلك تفسيرا ، و قد كان الأمير "عمران" بسبب ما يعانيه من مضايقات "خيزران" يخلوا إلى نفسه في الحديقة، ويفاجأ في كل مرة بفتاة جميلة الملامح وحلوة التقاطيع وظريفة ولبقة الحديث ، تتصرف تصرف الأميرات ، تغني دائما برفقة البجع والبط وكل الحيوانات الموجودة هنالك ولكنها تختفي فجأة . وفي كل مرة كان يحاول الحديث إليها لكن ذلك لا يتسنى له ، لأنها ما تلبث أن تغير ثيابها الجميلة والأنيقة بأخرى رثة وقديمة , فتظهر بمظهر تلك الوصيفة "خيزران" التي جلبتها الأميرة )المزعومة( معها.

وفي يوم من الأيام يمر بالحديقة عابر سبيل كانت قد التقته الأميرة "حب الرمان" أثناء رحلتها وأحسنت إليه وكان متذكرا لصنيعها، وحينما أخبرها بأنه راحل باتجاه بلاد السلطان "عرفان" حملته أمانة تتمثل في أغنية طلبت منه أن يرددها كثيرا أمام قصر السلطان "عرفان" وتقول الأغنية: « يادي الزمان اللّي خلى حب الرمان خادمة خيزران» [1]. ووعدها بأنه سيفعل، وفعل، فتم لها ما أرادت، وبلغت الرسالة إلى والدها وفهم مغزاها، فتحرك برفقة وزيره وجنوده وأعوانه إلى قصر الأمير "عمران" وانكشفت ألاعيب "خيزران" بمجرد وصول ذلك الوفد ، وأدرك الجميع الحقيقة وعادت الأمور إلى نصابها الحقيقي، وحكم على"خيزران" بالعيش وحدها في كهف بعيدا عن الناس ليسلم الجميع من شرها وأذاها، طالما أنها لا تحب الغير وتسعى فقط لإيذائهم.

أما فيما يخص الحدث الدرامي فقد جاء متسلسلا ، بناء على تفاصيل أحداث جزئية؛ فالتصاعد كان بشكل منطقي تبعا للتطورات وتأزم الأمور في بعض المواقف ، ثم يأتي الانفراج أو الحل لينقص من حدة التوتر،خاصة وأن هنالك شخصية شريرة هي "خيزران" التي كانت ملامحها تعكس صفاتها ، ويتوقع المتفرج الصغير منها الإقدام على أي فعل تؤذي من خلاله الأميرة. كما أن الكاتب في هذا العمل المسرحي لم يلتزم وحدة الحدث، بل كانت هناك أحداث في جهات أخرى )كمتابعة الأمير"عمران" لظهور الأميرة في الحديقة للغناء مع الحيوانات، ومحاولته في كل مرة الحديث إليها، الأحداث داخل القصر وما تفعله "خيزران"..( ويصادف كثيرا أن تكون هذه الأحداث في أزمنة واحدة وأمكنة مختلفة.

لقد لجأ "السيد حافظ" في هذه المسرحية، كما في غيرها من مسرحياته التي توجه بها إلى عالم البراءة، بجملة من التوجيهات إلى السلوكات التربوية القيمة التي ينشد من الأطفال أن يسلكوها في حياتهم اليومية، وفي تصرفاتهم مع الآخرين، ومن بينها التسامح وهو قمة العطاء العاطفي الإنساني الذي يجعل الفرد يسمو إلى أعلى مرتبة وكأنه ملاك، ويأتي هذا على لسان السلطان "عرفان" وهو يوصي ابنته الأميرة "حب الرمان" قبل أن تغادر قصره.

« السلطان: أوصيك و أنت لا تحتاجين الوصاية.
الأميرة: قل لي يا والدي.
السلطان: لو أساء إليك أحد سامحيه.
الأميرة: التسامح خير » [2].

ويتجلى من خلال هذا المقطع، التناغم النفسي - إن صح التعبير- بين ما يوصي به الوالد ابنته، وما تظهره الابنة من طاعة وتفهم كبيرين لما تحدث عنه والدها، وبذلك تبدو قيمة طاعة الوالدين جلية للأطفال باعتبار أنها من الأخلاق الحميدة. ومن خلال استعـراض الكاتب عبر حوار من الحوارات لصفـات الأميرة، نستشعر رسالة موجهة إلى الأطفال تتضمن جملة من الفضائل، كالأدب وحسن الخلق وتهذيب اللسـان، إلى جانب إبراز قيمة المطالعة والقراءة وما لهما من أهمية في التكوين الفكري والثقافي.

كما تتضح من خلال هذه المسرحية قيمة الوفاء من خلال شخصية القائد "مهران" بحرصه على سلامة الأميرة، وكذا بتنبيهه السلطان إلى الوصيفة "خيزران" عندما لاحظ أنها شريرة ومشعوذة. كما تتضح أيضا من شخصية الأميرة "حب الرمان" التي لم تتخل عن قائد رحلتها "مهران" عندما مرض رغم إلحاح "خيزران" على التخلي عنه ، لأنه أصبح يشكل عبئا ولابأس أن نسوق مادار بينها وبين "حب الرمان" في هذا الإطـار:

« خيزران : مهران هلكان لا محالة.
الأميرة : بتقولي إيه يا خيزران .
خيزران : يا إما نشيله معانا وحيتعبنا في الطريق يا إما نسيبه يموت في الطريق .
الأميرة : مهران دا صديق .
خيزران : دا كلام .
الأميرة : الصديق وقت الضيق ومهران في ضيق » [3]. كما يتضح الوفاء من قبل الوصيفات في قصر السلطان "عرفان"، والخدم والجنود والوزراء والرعية كلها، نظرا لسيادة العدل والأمان، ونفس الشيء بالنسبة للأمير "عمران"،فلأن المساواة والعدل سائدان في بلاده، يترجم ذلك عبر تصرفات الرعية الذين فرحوا جدا بزواجه يقول "السيد حافظ" في هذا الإطار :

« الوزير : لو طلعت يا مولاي لحد الشط حتشوف بعينيك إزاي الصيادين زوقوا المراكب بالزينات ولو رحت السوق حتشوف ازاي التجار زينوا قدام كل دكان .

الأمير : يا سلام يا زعفران ازاي لما تكون عادل والشعب يحبك » [4].

وقد بيّن الكاتب للأطفال من خلال شخصية الأميرة "حب الرمان"، كيف أن الإنسان إذا كان ذا خصال حميدة وتعامل بكل حب وطيبة وحنو مع الآخرين جنى الحب والمودة، وكان كلما وقع في أزمة إلا وكان الجميع واقفون إلى جانبه، لأنه إنسان طيب وخير بطبعه وسمته الحب. ونسوق هنا ما جاء في هذا الحوار الذي جمع بين الأميرة "حب الرمان" وخيزران" حينما بادرت هذه الأخيرة بضرب العبيد ، ويتبين من خلال حديث الأميرة نظرتها الخاصة إلى الحب وأنه يمثل أساس الحياة « خيزران : عبيد كسلانة .

الأميرة : الناس فرحانة .
خيزران : دول ما ينفعش معاهم إلا الكرباج .
الأميرة : كرباج دا كلام أوانه فات ..والحب هو الأساس اللي بين الناس » [5]. وبين الكاتب أن الحب من جانب آخر خاصة ذلك الذي يجمع بين الحاكم والرعية والذي نشأ بسبب العدل لاغير.ويتضح ذلك من خلال هذا الحوار المختصر بين الأمير "عمران" ووزيره

« الوزير : الناس فرحانة .
الأمير : لما السلطان يحب الناس
الوزير : الناس تحبه » [6]. كما يبرز الكاتب قيمة التسامح والطيبة والحنان بشكل واضح في هذا الحوار :

« خيزران : أنا ما بحبش الوصيفات اللي زيك .
نور : ليه يا مولاتي ؟
خيزران : أصلك طيبة قوي .
نور : الطيبة مش عيب .
خيزران : وحنينة قوي .
نور : الحنية مش عيب .
خيزران : ومتسامحة قوي .
نور : التسامح من صفات البشر» [7].

ويلجأ الكاتب بغية تعميق هذا المفهوم إلى توظيف الحيوانات التي كانت الأنيس والرفيق الحنون للأميرة في أزمتها، والتي لم تكن لتحس بتلك الظروف العصيبة لأنها كانت محظوظة، إذ أرسل إليها القدر أصدقاء جدد وقفوا إلى جانبها في محنتها، ومن ثمة فإن من يعمل خيرا يجني - حتما- خيرا، ومن يعمل العكس يجني شوكا نظير ما زرع.ولا شك أن نهاية "خيزران" كافية لتوضيح ذلك.وعبر الحيوانات تمرر الأميرة بعض النصائح أو على الأصح تنقل إليهم بعض السلوكات الراقية كما في هذا الحوار :

الأميرة : .. يا بطتي .. يا وزتي يا فرختي .. يا ديكي يا عنزتي يا بجعتي ..
« الأميرة : أكلتم.
الحيوانات : آه .
الأميرة : شربتم .
الحيوانات : آه .
الأميرة : حمدتم الله .
الحيوانات : آه .
الأميرة : دلوقتي أغسل وشي وأغيّر ملابسي ونرقص ونغني ... » [8]. وبالمقابل أبرز الكاتب بشاعة الغدر والخيانة من خلال شخصية "خيزران" التي خانت الأمانة، وغدرت بالأميرة وبالسلطان الذي استأمنها على ابنته.وقد استبشع الكاتب عبر شخصيتها قساوة القلب، وسوء المعاملة، وفساد النية والأخلاق، وبيّن من خلال نهايتها أن الشر عمره قصير ومن ثمة فإنه إلى زوال.وقد لجأ "السيد حافظ" بغية تصعيد الـحدث الدرامي في المسرحية إلى بعض الحيل التي تعتمد في مضمونها على السحر. ونفس الشيء بالنسبة إلى الانفراج أو الحل في بعض الحالات.وهذا الأمر جيد، لأنه يجعل مخيلة الطفل تتسع أكثر لتسبح في عالم كل شيء فيه ممكن الحدوث، وإذا كان البعض لا يحبذ اللجوء إلى مثل هذه الأمور بحجة أنه لا يحب أن نبتعد بالطفل عن الواقع لندخله في عالم الخرافات والأساطير، فإنني أرى عكس ذلك، إذ مثل هذه الأمور التي تسمو وترتفع بالخيـال )لدى الطفل( هي من أهم ما يستهوي الطفل، إذ تسمح له بالاستمتاع عن طريق الخيال، وهذا لا يحول دون إدراكه في الوقت نفسه لواقعه، بل إن ذلك يساعده أكثر في استيعاب تلك السلوكات التربوية والفكرية، ومن هنا تحقق للطفل المتعة والاستفادة معا.

ونشير بأن الكاتب لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يهمل أو بالأحرى أن يتناسى الوطن وقيمته، إذ لا تخلو مسرحية من مسرحياته من هذه الرسالة الهامة التي تحتل مكانة عظيمة في ذاته. وإذا لم يفرد لها جانبا لا بأس به فإنه لا ينسى ذكرها والوقوف عندها ولو بكلمات مقتضبة. ففي هذه المسرحية )الأميرة حب الرمان وخيزران( وردت هذه القضية في معرض تذكر السلطان "عرفان" وابنته "حب الرمان" لأغنية حميمية دافئة، لها وقع وذكرى في نفسيهما، واستغل الكاتب هذه الفرصة ليمرر رسالته تلك، وإن كانت مقتضبة إلا أنها موحية وتوفي بالغرض المطلوب، وكأننا به في هذا الموقف يود أن يقول بأن الوطن )بتاريخه وأناسه أو أفراده( أغنية جميلة نتغنى بها دائما وأبدا و ترتبط بأسمى العواطف والأحاسيس.

« السلطان: فاكرة الأغنية يا أميرة
الأميرة : فاكرة يا والدي حد ينسى تاريخه.. حد ينسى ناسه.. الوطن والناس» [9].

2/ المكان في مسرحية الأميرة حب الرمان وخيزران:

تتوزع الأحداث في المسرحية على أمكنة غير محددة بشكل واضح من ناحية انتمائها إلى حيز جغرافي معين، ولكنها أمكنة تترك للطفل حرية وضعها في أي بلد شاء، وربما اختار أن يموقعها في خياله.وتتمثل هذه الأمكنة في قصر السلطان "عرفان" (وبلاده)، وقصر الأمير "عمران" )وبلاده عموما(، والطريق التي سلكتها القافلة وهي في سيرها إلى بلاد "الأمير عمران"، وكذا بستان ومزرعة قصر هذا الأخير. وأرجح أن يكون الكاتب قصد من خلال هذا الاختيار المكاني الوهمي، ترك الحرية للطفل للتخيل، أو لتطبيق إحداها على أمكنة جميلة أو العكس، يكون قد شاهدها من قبل أو حلم بها، أو أمل أن يراها ، ومن هنا فإن الكاتب يسمح عبر هذا الاختيار للأطفال بالانطلاق والتحرر من أسر المكان المحدد أو المقيد بحدود واقعية، إلى مكان ترسمه أخيلتهم كل حسب رغبته، وهذا له جانب إيجابي من الناحية السيكولوجية وله أثر جميل في نفسية الطفل. وإذا حاولنا تحديد المكان في مسرحية ) الأميرة حب الرمان وخيزران( بدقة ، فلنا أن نقول بأن الكـاتب قد وزع أماكن المسرحية بين أماكن إقامة وأماكن إنتقال نحددها حسب الجدول الآتي ونبدأ بالفصل الأول:

أمـاكن الإقـامة
أمـاكن الانتقال
أماكن الإقامة الاختيارية
أماكن الإقامة الجبرية
أماكن انتقال عامة
أماكن انتقال خاصة
قصر السلطان عرفان.
قصر الأمير عمران.
الخيمة.

/

طريق في الصحراء.
ساحة قصر السلطان عرفان
ساحة قصر الأمير عمران.

أما بالنسبة للفصل الثاني فتظهر الأماكن التالية والتي تستغل كفضاء للكثير من الأحداث ونحددها في الجدول الآتي :

أمـاكن الإقـامة
أمـاكن الانتقال
أماكن الإقامة الاختيارية
أماكن الإقامة الجبرية
أماكن انتقال عامة
أماكن انتقال خاصة
قصر السلطان عرفان.
قصر الأمير عمران.
مزرعة الأمير عمران
طريق في الصحراء.
ساحة قصر السلطان عرفان
ساحة قصر الأمير عمران.
بستان الأمير عمران.

ومن خلال الجدول الآتي نحدد توزيع أماكن الإقامة الاختيارية وظهورها في كلا الفصلين :

أماكن الإقامة الاختيارية
ظهورها في الفصل الأول
ظهورها في الفصل الثاني
قصر السلطان عرفان
+ + +
+
قصر الأمير عمران
+ +
+ +
الخيمة
+ + + ) دون التصريح بذلك(
-
الـهودج الذي يحمل الأميرة "حب الرمان"،والـهودج الذي يحمل "خيزران".
+ + +
-

ننتقل الآن لنحدد أماكن الإقامة الجبرية وتتمثل في مزرعة وبستان "الأمير عمران" اللذان يعتبران مكاني انتقال خاص بالنسبة "للأمير عمران"، ومكاني إقامة جبرية بالنسبة "للأميرة حب الرمان"؛ نظرا لأن "خيزران" أجبرتها على الإقامة فيهما وبصفة خاصة في المزرعة ،لإبعادها عن الأنظار وعزلها عن الناس لكي لا يكتشفوا الحقيقة، وقد كانت تحرص في كثير من الأحيان على أن لا تخرج "حب الرمان" من المزرعة إلى البستان، لأن "الأمير عمران" كثيرا مايتردد عليه وذلك خوفا من اكتشافه للسر.

أماكن الإقامة الجبرية
ظهورها في الفصل الأول
ظهورها في الفصل الثاني
مزرعة الأمير عمران
بستان الأمير عمران
-
-
+
+ +

وسنحدد فيما يلي أماكن الانتقال الخاصة والعامة وظهورها في كلا الفصلين ضمن الجدولين التاليين ،وسنبدأ بأماكن الانتقال العامة ،ثم الخاصة مع العلم أننا اعتبرنا الهودج مكان إقامة اختياري نظرا لأنه يلعب دورا بدائليّا – إن صح التعبير- للمكان الذي تقيم فيه الأميرة والوصيفة معا وهو القصر ، وهو من جهة أخرى يمثل مكان انتقال خاص لأنه يتحرك بوضعه على الجمل وينتقل عبره صاحبه إلى أماكن يحددها هو سلفا :

أماكن الانتقال العامة
ظهورها في الفصل الأول
ظهورها في الفصل الثاني
طريق في الصحراء

+ + +
-

أماكن الإنتقال الخاصة
ظهورها في الفصل الأول
ظهورها في الفصل الثاني
ساحة قصر السلطان عرفان
+ + + )دون الإشارة إليه فعليا في المرة الثالثة أي أنه مستشف(
+
الهودج الذي يحمل الأميرة حب الرمان
+ + +
-
ساحة قصر الأمير عمران
+
+
البستان
المزرعة
-
-
+ +
+

3/ الزمان في مسرحية الأميرة حب الرمان وخيزران:

أما بالنسبة للزمان، فيسير بوتيرة عادية، الحاضر فالمستقبل، وذكر الماضي محدود إن لم نقل معدوم، وهذا ما تقتضيه الأحداث، إذ تحتاج إلى سير عادي للزمن اليوم ثم الغد، ثم اليوم ثم الغد، أي تتابع منطقي للفعل أو لحركة الزمن.وإذا حاولنا تحديد الزمن بصفة دقيقة في هذه المسرحية حسب سير أحداثها، فإن رحلة الأميرة "حب الرمان" إلى بلاد الأمير "عمران" تستغرق ثلاثة أيام ، حدثت ضمنها أحداث كثيرة ومتعددة وهذا ما نستشفه من خلال حديث السلطان "عرفان"إذ يقول : « السلطان : يا مهران اعتذر لي للأمير عمران وقوله السلطان عرفان كبر وصار تعبان والسفر تلت أيام كتير » [10]،ونفس الشيء يصرح به الأمير "عمران" إذ يقول :

« الأمير : هيّه في الطريق قدامها ثلاثة أيام » [11]، ،فالأزمنة واضحة مما لا يترك مجالا لاختلاط الأمور على الطفل أثناء متابعته لسير أحداث المسرحية ؛ فالحاضر يبدو جليا وواضحا من خلال الجمل التي تأتي على لسان الشخصيات من مثل هذا الحوار الذي دار بين الأميرة "حب الرمان" ووالدها السلطان "عرفان" أثناء حلول موعد الرحلة :

« الأميرة : على كل حال .. آن الأوان
السلطان : شدّوا الرحال
الأميرة : الوداع يا والدي الوداع » [12]. ويمر الزمن في هذه المسرحية بشكل عادي كما عهده الأطفال ودون تأويلات بعيدة عن فهمهم وإدراكهم للأمور؛ فالرحلة كما أسلفنا تستغرق مدة محددة لذلك نجد الكاتب يجسدها فعليا في العمل المقدم إلى جمهور الصغار ،إذ الأيام الثلاثة تمر بانتظام ويتحدد ذلك حسب حديث القائد "مهران"، فبعد انقضاء اليوم الأول يفصح عن ذلك قائلا:« مهران: نستريّح هنا الليلة دي وبكره الصباح رباح» [13]، أما فيما يخص بداية اليوم الثاني فقد استعان المؤلف بصياح الديك إيذانا بحلوله ويضيف "مهران" مؤكدا ذلك بقوله : « مهران: الفجر طلع يوم جديد » [14]،ويزداد الكاتب في تأكيده على بدء اليوم الثاني من الرحلة حينما تقول نفس الشخصية : « مهـران : يلاّ بينا اليوم الثاني على بركة الله نسير » [15]، وعند حلول الليلة الثانية يوضح الكاتب ذلك للأطفال عن طريق هذا الحوار الذي دار بين الأميرة "حب الرمان" والقائد "مهران" ونسوق منه هذا المقطع « مهران: وقت الليل حان .. والليلة الثانية هانت .
الأميرة : نستريّح .
مهران : والصباح رباح » [16]، أما بداية اليوم الثالث فيتعرف عليها الأطفال من حديث "خيزران" ، ذلك أن القائد "مهران" مرض لأنه تناول الأكل المسموم الذي أعدته "خيزران" للتخلص منه، ومن الأميرة "حب الرمان"، ولكنها لم تفلح في تنفيذ خطتها بالكامل ، إلاّ أنها تخلصت ولو جزئيا من القائد "مهران" الذي كان يشكل عائقا كبيرا أمامها لتنفيذ ما تسعى إليه. وتعلن هذه الشخصية عن بدء اليوم الثالث من الرحلة بقولها:

« خيزران : الفجر لاح والصباح رباح ..اتحركوا في الحركة بركة » [17].

أما إذا عدنا إلى ذكر الماضي في هذه المسرحية – فكما أسلفنا – فإنه يكاد ينعدم اللّهم إلا بعض الإشارات الموجزة التي وردت في شكل استذكار ، ونحددها في استذكارين اثنين: الأول غير محدد بمدة معينة وغرض الكاتب منه يتمثل في رغبته في إبراز بعض القيم الجمالية والروحية للأطفال كحب الوطن ..، ويقول فيه : « السلطان : فاكرة الأغنية يا أميرة
الأميرة : فاكرة يا والدي حد ينسى تاريخه .. حد ينسى ناسه .. الوطن والناس ... » [18]، أما الاستذكار الثاني فهو محدد المدة ، وهو ليس بالاستذكار الذي يحمل معلومات كثيرة من ماضي الشخصيات ، ولكنه يزودنا بمعلومة واحدة فقط وتتعلق بالمدة التي مرت على الأميرة "حب الرمان" وهي تعيش في ظل مأساة حقيقية ، وهي المدة ذاتها التي قضتها "خيزران" كأميرة وزوجة للأمير "عمران" ، ويقول الكاتب على لسانها :

« خيزران : أنا لسه عروسة وبقالي معاك شهرين لما يبقوا سنتين نسافر نزوره ... » [19]. ومن هنا فإن الطفل لا يصطدم في هذه المسرحية بأزمنة كثيرة بإمكانها أن تخلط عليه الأمور، ونرجح أن الكاتب قد ركز على الزمنين الحاضر والمستقبل لهذا الغرض، بحيث أنه إذا عاد الطفل بفكره إلى الماضي، فإنما ليعكس فقط أحداث المسرحية في مخيلته، باعتبار أن ظروفها، وتفاصيل قصتها بعيدة عن الحقيقة إذا ما قام بعملية مقارنة، إذ يمكنه ببساطة أن يحكم بأن أحداث المسرحية هي قطعة مقتطفة من الماضي البعيد، تسمح له بمتابعة أحداث ليس لها في الحاضر سوى زمنها، وما ورد فيها من مضامين متنوعة تخدمه في تكوينه الفكري، ونضجه الاجتماعي والثقافي .

4/ بناء الشخصيات في مسرحية حب الرمان وخيزران:

تنقسم الشخصيات في هذه المسرحية إلى قسمين؛ شخصيات خيرة وأخرى شريرة ،فأما الشخصيات الخيرة فتأتي على رأسها شخصية الأميرة "حب الرمان" وهي شخصية واضحة الملامح والصفات، بما أنها البطلة نجدها تحمل صفات مثالية وسلوكات حضارية راقية في التعامل مع الآخرين ، جعلها الكاتب تبدو في أحلى صورة وأجمل منظر لكي تكون نموذجا رائعا للإقتداء بها، ذلك لأن الأطفال مولعون بالتقليد، وتقليد الأبطال بصفة خاصة، وإذا ما تم تقليدهم فسيكون على كافة المستويات، إذ سيشمل التصرفات والحركات والمعاملة بما يضمن وصول الرسالة المنشودة بنجاح تام، وتتضح سمات الأميرة "حب الرمان" من خلال حديث الشخصيات الأخرى ومن جملة ما قيل عنها تأكيدا على صفاتها الرائعة:

« خيزران : شايف البلد كلها طالعة تودع الأميرة
.. حتى طيور القصر فيها إيه الأميرة ؟
مهران : الأميرة طيبة
المجموعة : الأميرة حنينة » [20]. ويقول الكاتب في موضع آخر :

« الأمير : يا زعفران .. الأميرة حب الرمان أجمل بنات هذا الزمان .
الوزير : سمعنا عنها كلام كتير ..أجمل البنات .. حافظة الأشعار .. وتقرأ كل يوم كتاب من حكايات الزمان
الأمير :أميرة بتقرأ .. وتفهم وتتناقش .
اوزير : ومهذبة اللسان .
الأمير : ياه .. أنا فرحان .. » [21].

وتأتي بالمقابل على رأس الشخصيات الشريرة "خيزران" التي نجد الكاتب لا يجعلها قبيحة الشكل بل يعطيها صورة تبدو من خلالها أقل جمالا وأبسط شكلا من الأميرة "حب الرمان" إذ يقول عنها :

« خيزران : ) تظهر(، )وهي وصيفة جميلة ولكنها ليست في جمال ولا هندام الأميرة (..» [22].
لكنه مع هذا يبرز صفاتها السيئة وأخلاقها البشعة التي قادتها صوب التدبير للقتل وهو أفظع شيء، ولكن الكاتب بالرغم من إبرازه لهذا الجانب السلبي لهاته الشخصية إلا أنه لا يصدم الطفل بأمور تؤثر عليه سلبا، بل كان يعمد إلى إيجاد قوة موازية لقوة الشر الموجودة لدى "خيزران" بحيث تبطل كل أعمالها الشيطانية.

هاتان الشخصيتان "حب الرمان" و"خيزران" هما القطبان المتضادان في هذا العمل، وهما معمقتان بشكل مكثف، فيما عداهما لا تبرز الشخصيات الأخرى معمقة بشكل كبير ولكن ملامحها تتضح جزئيا لتكمل صفات الشخصيتين المحوريتين، فالسلطان "عرفان" بطيبته، والأمير "عمران" بحبه، والقائد "مهران" بوفائه وشجاعته، وعابر السبيل بحكمته وتعاونه، والوزير "زعفران" بتفانيه، والوصيفة "نور" بذكائها، والحيوانات بحنانها، كل هذه الشخصيات تصب في صفات وملامح الشخصية المحورية )الأميرة "حب الرمان" ( التي تمثل قوى الخير. أما شخصية "سحتوت" الانتهازي، و"عنبر" المتقلبة فتصب بصفاتها القبيحة والسيئة لتعميق ملامح الشخصية المحورية الثانية )"خيزران"( التي تمثل قوى الشر. ونلاحظ مما سبق أن هناك عدم تكافؤ حتى في الشخصيات المساعدة على توضح الملامح أكثر لكل شخصية، والمساعدة في أداء كل واحدة لدورها، مما يرجح الكفة -طبعا- لصالح الشخصية المحورية الرئيسية الأميرة "حب الرمان"، وانتصار قوى الخير على قوى الشر.

5/ البناء اللغوي لمسرحية حب الرمان وخيزران:

استعمل الكاتب اللهجة المصرية ووجد فيها ضالته، وقد كان حديثه مركزا ومختصرا وبسيطا، بعيدا كل البعد عن التعقيد، يستطيع الطفل أن يتابع كل كلمة فيه دون أن يتشتت ذهنه بين الأحداث، وبين الكلمات ، ووظف أسلوبا سلسا جميلا، يعتمد أحيانا على رنة شعـرية كانتهاء بعض الكلمات بنفس القـافية « السلطان: يا مهران اعتذر لي للأمير عمران وقوله السلطان عرفان كبر وصار تعبان والسفر ثلث أيام كثير» [23]

ونلمس نفس السمة في هذا الحوار:

« الشجرة : مرحبا بالأميرة حب الرمان.
الأميرة : أهلا بشجرة التين.
الشجرة : أهلا يا أحلى الحلوين.
العصفورة : أهلا بالأميرة اللطيفة.
الأميرة : أهلا بالعصفورة الخفيفة الظريفة » [24] .

كما استعان الكاتب في هذه المسرحية ببعض الأمثال التي تزيد من قوة المعاني،كقوله على لسان الأميرة

« الأميرة : .. واعمل المعروف وانساه » [25] ، وقولها أيضا « الصـديق وقت الضيق... » [26]. ونسوق في هذا الإطار ماقاله "عابر السبيل"« اللّي يعمل معروف يلقاه » [27]، وقوله أيضا لما استهانت "خيزران" بخبرته الطبية، لمعالجة القائد "مهران".
« خيزران : إنت كمان حاتعمل فيها طبيب.
عابر سبيل : يوضع سره في أضعف خلقه » [28].

ونشير إلى أن الكاتب استعان بجملة من الأمور التي تجلب انتباه الطفل وتدخل البهجة والفرحة إلى قلبه، ومن بينها الأغاني ؛ ففي الفصل الأول وظف ثماني أغاني ، بل إن هذا الفصل بدأه الكاتب بأغنية حدد معناها فقط دون أن يؤلف كلماتها إذ يقول:« كلمات الأغنية تقول ما معناه ستتزوج الأميرة حب الرمان من الأمير عمران، تغرد العصافير في السماء تبارك هذا الزواج، سينتقل الفرح والغناء إلى بلاد الأمير عمـران والأميرة حب الـرمان » [29]. وتأتي الأغاني الموظفة في هذا العمل للتعليق عل المواقف ومسايرة لها ، فالأغنية الثانية جاءت كتعبير عن فرح أهل بلاد السلطان "عرفان" بزواج الأميرة "حب الرمان"، ويحدد الكاتب هنا أيضا معناها فقط ، إذ يقول : « الناس في فرح ولهو يعزفون ... ويغنون ) الكلمات تقول بما معناه(

(1): مبروك عليك يا أميرة البلاد يا حب الرمان
(2) :ستغادرين الديار إلى قصر الأمير عمران
(3) :عاش الأمير عمران والأميرة حب الرمان » [30].وتأتي الأغنية الثالثة لتعبر عن الوطن وحب الوطن ومن خلالها تشارك الأميرة في الغناء لتودع كل شيء في بلادها.ويقول الكاتب فيها – دائما بتحديد الموضوع فقط - :« تخرج الوصيفات والعبيد ثم تخرج الأميرة تغني معهم كلمات معناها )سلام يا أهل بلدي سلام يا كل الطير ...يا كل الشجر ، يا كل البيوت يا كل البشر(» [31].أما الأغنية الخامسة فيحدد الكاتب معناها وكلماتها ،وضمنها تغني الأميرة "حب الرمان" مع والدها السلطان "عرفان" ويقول فيها :

« السلطان : ) يأخذها جانبا( يغني لها ) أنا بنتي حب الرمان (
الأميرة : وانا ابويا السلطان عرفان ) يغنيان(» [32].ونشير إلى أن جل الأغاني في الفصل الأول تحمل في طياتها الفرح وإن لم يخل بعضها من الشجن ، باعتبار أن الموقف صعب نظرا لأنه يتعلق بالوداع وترك الأهل والخلان.ولكننا نصادف في نهاية هذا الفصل أغنيتين حزينتين للأميرة "حب الرمان" بعد أن ضاعت هيبتها ومكانتها بسبب مكائد "خيزران" ، ففي الأغنية الأولى يكتفي الكاتب بقوله :

« ) ... أغنية حزينة للأميرة حب الرمان (» [33].أما الأغنية الثانية فيحدد على الأقل معناها ويقول فيها :
« ) تبكي وهي تغني أغنية بما معناه هذا حال الدنيا الشر أحيانا يفوز وأحيانا الخير يخبو وينهار(» [34].

أما فيما يخص الفصل الثاني فقد وظف الكاتب العديد من الأغاني بل إنه افتتح هذا الفصل بأغنية لم يحدد مغزاها ولا فحواها إذ يقول :« بعد موسيقى وتابلوه غنائي .. » [35]. كما عمد الكاتب إلى توظيف نفس الأغنية التي وردت في الفصل الأول أكثر من مرة وفي أكثر من موضع . وأول توظيف لها يكون في شكل حزين ومأساوي يقول الكاتب : « ) تتذكر الأميرة أغنية أنا بنتي حب الرمان وأبويا السلطان عرفان ...تكون أغنية قصيرة جدا ... الطيور فرحة بالأميرة والأميرة تبكي ( » [36]. ونفس الأغنية يرددها عابر السبيل وقد لقنتها إياه الأميرة "حـب الـرمان" ليرددها أمام قصر والدها كرسالة لإنقاذها مما هي فيه . وقد وردت في الصفحات التالية: ) 54،55،68،70 ).كما وظف الكاتب عددا آخر من الأغاني منها ماهو تعليق على بعض المواقف ، ومنها ماهو تنفيس من الأميرة على ذاتها كهاته الأغنية التي تشترك في غنائها أيضا الحيوانات ويقول الكاتب عن مضمونها : « ) تغني الطيور والحيوانات ( تظهر الأميرة .. تغني وترقص معهم في أغنية معناها يا مسافر لبعيد قول لأبويا السلطان عرفان بنتك في سجن زعفران ، والحيوانات ترد أهلا بالأميرة الجميلة اللي قلبها أطيب القلوب » [37]. كما يختم الكاتب المسرحية بأغنية يؤديها الأمير "عمران" والأميرة "حب الرمان". وتعتبر هذه الأغنية الختامية أغنية وداع يقول الكاتب عنها:

« الأميرة والأمير عمران : يغنون أغنية الوداع.. الخير مهما كان دائما ينتصر على الأشرار » [38]، ونشير في الأخير إلى أن مجموع الأغاني التي استعان بها الكاتب في الفصل الثاني هي اثنتا عشر أغنية .

ومن جهة أخرى نجد أن "السيد حافظ" عمد إلى كسر الجدار الرابع لإشراك الأطفال في المسرحية مما يشيع جوا من البهجة والفرح في وسطهم ، وذلك عن طريق طرح الأسئلة عليهم باعتبار أنهم على علم بالأحداث الغائبة عن ذهن بعض شخصيات المسرحية. وأول مشاركة للأطفال كانت حول قتل الحية التي كانت "خيزران" قد وضعتها للتخلص من الأميرة ، وهاته الأخيرة كانت قد لجأت إلى القلادة السحرية وهي التي خلّصتها من تلك الحية ، بينما ادعت "خيزران" أنها من قتلتها يقول الكاتب : « الأميرة : وازاي قتلتي الحية ؟
خيزران : كده .. كده ..كده ..) تمثل أنها ضربتها بقدمها ويدها ( .
الأميرة : ) للأطفال في الصالة( خيزران هي اللي قتلت الحية وأنقذتني ؟) بالطبع يجيب الأطفال بالنفي .. وخيزران تغتاظ(» [39] وكذلك بادرت الأميرة بسؤال الأطفال عن الأكل المسموم، هل تأكل منه هي والقائد "مهران" أم لا ؟ يقول الكاتب في هذا الموقف :« الأميرة : ) للأطفال في الصالة( ناكل .. ناكل » [40].

كما طرحت الأميرة سؤالا للأطفال حول من تكون الأميرة هي أم "خيزران" « الأميرة : ولاد ) لجمهور الصالة( يا ولاد أنا الأميرة ولا هي ؟
خيزران : ) للجمهور في الصالة( أنا الأميرة .
الأميرة : أنا واللاهيّة ؟
خيزران : أنا واللاهيّة ؟ » [41]. أما في الفصل الثاني فقد تم كسر الحاجز الرابع مرارا والبداية كانت عندما أحس السلطان بالقلق على ابنته "حب الرمان"، ولكن وزيره كان يؤكد له في كل مرة أنها مجرد وساوس لا أكثر ولا أقل ، إذ بادر السلطان بإشراك الأطفال في قلقه عن طريق طرح التساؤلات عليهم. « الوزير: الحقيقة .. إن بنتك بخير وسلام .
السلطان : بخير وسلام .. هو فين الخير وسلام .
الوزير : إسمعني بس يا مولاي ) السلطان ينظر للصالة(
السلطان : ) للأطفال في الصالة( الأميرة حب الرمان تعبانة ولا موش تعبانة ؟
الوزير : لا يا مولاي مش تعبانة بس إنت اللي قلقان شوية ...
السلطان : إسمعني يا وزير ..لازم أروح لها .
الوزير : لا ما تروحش .
السلطان : إزاي ؟ ) ينظر للأطفال في الصالة( أروح لها ؟ » [42].ونفس الأسلوب ينتهجه الوزير حينما يسمع السلطان عابر السبيل يردد أغنية خاصة بما آلت إليه حالة "حب الرمان" ، بينما ينفي هو وجود أحد يغني.وكذلك الأمر بالنسبة للسلطان عندما يصر الوزير على رأيه ، يقول الكاتب :

« عابر سبيل : ) يغني من بعيد ( يادي الزمان اللي خللى حب الرمان خدامة خيزران ..
السلطان : سامع الأغنية دي ؟
الوزير : مش سامع حاجة مفيش حد بيغني ) يسأل الأطفال في الصالة (
السلطان : إسمع كويس .
عابر سبيل : ) الصوت يقترب( يادي الزمان اللي خللى حب الرمان خدامة خيزران .
السلطان : أهه بيقول حب الرمان .
الوزير : دا بياع رمان .
السلطان : إسمع امال .. ) للأطفال في الصالة( قولوا للوزير يسكت ويسمع أسكت .. أسكت ..إسمع .. أسكت واسمع » [43].

وآخر مقطع يتم فيه تكسير الجدار الرابع ، نصادفه حينما يتم استدعاء عابر السبيل للاستفسار عن مغزى الأغنية التي يؤديها. وفي تلك الأثناء يخاطب الوزير الأطفال مستهزئا بعابر السبيل .« الوزير : جميل جدا عابر سبيل حتغني أغنية يادي الزمان اللي خللى حب الرمان خدامة خيزران ) للصالة( راجل مجنون خيزران دي خدامة حب الرمان. الراجل ده قلب الأغنية )ينظر للرجل( إنت منين جاي منين؟» [44].

وخلاصة القول أن هذه المسرحية مغامرة من مغامرات الكاتب الجريئة للإبحار في عالم الطفل عبر المسرح، هي تجربة تلج العالم العذري لمسرح الطفل، وتقتحم خياله الواسع وتدعوه في رحلة للمتعة، للاستفادة ولتربية الذوق وتنمية القدرة على التخيل والتقمص، هي رحلة يلقي من خلالها الكاتب بظلال أفكاره إلى رواد البراءة والنقاء، ليصنعوا أملا، ليحققوا حلما ظل دفينا في ذات الكاتب، ينتظر منهم أن يكشفوا عنه بفعل التغيير، لأنهم السبيل إلى الخلاص ولا سبيل إلى الخلاص إلا على أيديهم.











[1] الأميرة حب الرمان وخيزران: السيد حافظ. ص 54 .
[2] م.ن.ص 11.
[3] الأميرة حب الرمان وخيزران : السيد حافظ . ص . 28.
[4] م.ن.ص. 16 .
[5] م.ن.ص. 24 .
[6] م.ن.ص. 32 .
[7] م.ن.ص. 40 .
[8] م.ن.ص. 72 / 73 .
[9] الأميرة حب الرمان وخيزران : السيد حافظ.ص. 13.
[10] حب الرمان وخيزران : السيد حافظ.ص. 13 .
[11] م.ن.ص. 16 .
[12] حب الرمان وخيزران : السيد حافظ.ص. 14 .
[13] م.ن.ص. 18 .
[14] م.ن.ص. 22 .
[15] م.ن.ص. 24 .
[16] م.ن.ص.ن .
[17] م.ن.ص. 30 .
[18] م.ن.ص. 13 .
[19] م.ن.ص.ن.
[20] الأميرة حب الرمان وخيزران : السيد حافظ .ص. 14 .
[21] م.ن.ص. 15 .
[22] م.ن.ص. 13 .
[23] م.ن.ص.ن.
[24] م.ن.ص. 18 .
[25] م.ن.ص. 28 .
[26] م.ن.ص.ن.
[27] م.ن.ص. 28 .
[28] م.ن.ص. 29 .
[29] م.ن.ص. 7 .
[30] م.ن.ص.11 .
[31] م.ن.ص.ن.
[32] م.ن.ص. 13 .
[33] م.ن.ص. 36 .
[34] م.ن.ص. 38 .
[35] م.ن.ص. 39 .
[36] م.ن.ص. 43 .
[37] الأميرة حب الرمان وخبزران : السيد حافظ .ص.ص.43 / 45 .
[38] م.ن.ص. 76 .
[39] م.ن.ص. 23 .
[40] م.ن.ص. 25 .
[41] م.ن.ص. 35 .
[42] م.ن.ص.ص. 67 / 68 .
[43] م.ن.ص. 68 .
[44] م.ن.ص. 70 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق