الخميس، 2 أبريل 2009

مسرح الطفل فى الكويت ج1



د. علي عاشور الجعفر
الكويت
13/1/2006
















أولا : الدراسات


























1. آمال الغريب
1985
2. شنايف الحبيب
1990
3. فاطمه حاجي
1990
4. نزيهه بنطالب
1990
5. محمد المنصور
1995
6. عماد المنصور
1996
7. نعيمه عبد لاوي
1996
8. يمينه الراوي
1996
9. عبدالعزيز خلوفة
2002
10. ليلى بن عائشة
11. زينب علي
2004 2005
12. طارق الحصري
2005
13. نيرمين الحوطي
2005





















" الحكاية الشعبية في مسرح الطفل في الكويت "
دراسة في مسرح السيد حافظ
بقلم / آمال الغريب
باحثة كويتية
إشراف الأستاذ الدكتور / حمدي إبراهيم
المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت سنة 1985

















تحليل مسرحية " سندريلا "
ومقارنتها بالأصل الشعبي
*****************
" سندريلا "
سندريلا هي تلك الفتاة الطيبة البريئة الصابرة النقية ، التي تتعرض مع ذلك لقوى الشر فتعاني من ضروب الظلم والاضطهاد الشيء الكثير . حيث أن عالمنا الواقعي زاخر بالشر والحقد والغيرة والكراهية والصراع . ثم يحدث أن تتدخل بعض القوى الخارقة لمساعدتها – وإنصافها ، ولا تتركها إلا بعد أن تحقق لها كل طموحاتها النبيلة والمشروعة ، وتعيد للحياة وجهها الخير . وهذه هي قصة سندريلا المعروفة في الأدب الشعبي العالمي وتمثلها على المستوى المحلى في الكويت حكاية ( سميمكة) المعروفة.
وفي هذا الفصل نود أن نوضح أوجه التشابه والاختلاف والتعديل والإضافة بين كل من النص المسرحي للمؤلف السيد حافظ والأصل الشعبي لقصة سندريلا ، وأن نقدم التفسير الكامن وراء ذلك الاختلاف .
ومن عناصر التشابه بين النص المسرحي والأصل الشعبي :
تقديم سندريلا السيد حافظ كفتاة يتيمة تعيش في اضطهاد وعذاب من قبل زوجة أبيها ، كذلك الحفل الذي تذهب إليه سندريلا بمساعدة ( الجنّية ) ، حيث تلتقي بالأمير ، وتفوز بقلبه وتفقد أحد نعليها ، وعن طريق هذا الفعل يستدل الأمير على سندريلا وبعدها تصبح زوجته. كل هذه الأحداث موجودة في النص المسرحي وفي الحكاية الشعبية العالمية أيضا .
وبالنسبة إلى الإضافات التي قدمها السيد حافظ نجد أنه كمثال لذلك نجد مشهد السوق والباعة الذين توجد سندريلا بينهم لتشتري لوازم كلفتها بها زوجة أبيها . ولكن الباعة يرفضون أن يبيعوا شيئا لسندريلا ... الخ
" تعليق " :
1. نحس بشيء من التناقض في تصرف هؤلاء الباعة لسندريلا ورفضهم البيع لها ، على الرغم من أنها تنتمي إلى نفس طبقتهم . اللهم إلا إذا كان السيد حافظ يقصد من وراء ذلك تجسيم إحساسنا بعزلة البطلة وتضافر القوى الخارجية على شقائها ، بالإضافة إلى ما تعانيه من قهر داخل المنزل . ولكن حتى لو كان هذا هو المقصود من وراء عرض هذا المشهد فكان ينبغي تقديم مبرر مقنع لهذا السلوك . ولهذا فإن مشهد السوق في رأينا بصورته الحالية لا يخدم الفعل الدرامي .
كذلك نجد استخدام الحكاية داخل الحكاية . اتضح ذلك من خلال شخصية أم الخير العجوز التي طلبت من سندريلا قليلا من الطعام . ولقد قدمت لها سندريلا طعاما على الرغم من أنها لم تكن تملك التصرف في هذا الأمر . لهذا قصت أم الخير على سندريلا قصة (راعي الغنم) الذي كان في كل مرة يقول للناس أن أغنامه أكلتها الذئاب والناس تصدقه وتهب لنجدته ، ثم يتبين لهم كذبه . وعندما تكرر ذلك مرتين رفضوا الاستجابة لاستغاثته ، ولكن في المرة الثالثة جاء الذئب فعلا والتهم أغنامه، وبالتالي لم يتقدم أحد لإنقاذه . لقد قصت أم الخير هذه القصة على سندريلا حتى تستمد منها العبرة فلا تكذب على زوجة أبيها ، حين تسألها عن الطعام ، الذي أخذته دون علمها وقدمته لأم الخير .
" التعليق " :
لقد كان أسلوب الحكاية داخل الحكاية في المسرحية ، إضافة جديدة أضافها السيد حافظ ولكنها لم تؤد الهدف منها في رأيي . فبالإضافة إلى أنها لا تخدم تطور الفعل الدرامي . فهي قد تشتت ذهن الطفل وتمنعه من التركيز فيما يدور من أحداث رئيسية .
إضافة جديدة للسيد حافظ في مسرحية سندريلا بالنسبة لاستخدام الحيوانات كل من ( الكلب فرفور – القط سنور – الأرنب مسرور ) . استخدام الحيوانات في المسرحية يشبه استخدام الجوقة في المسرح الإغريقي إلى حد ما وذلك من أجل التعليق على بعض الأحداث ، وسرد بعضها الآخر الذي لم يقع على المسرح .
" تعليق " :
جعل السيد حافظ الجوقة خلافا لما هو سائد ومعروف عن التراث المسرحي . تشارك في بعض الأحداث بدلا من وقوفها موقف المراقب . لكنه على الرغم من إشارته إلى تعاطفها مع سندريلا ، لم يمهد لذلك تمهيدا مقنعا ، ولم يبرر لماذا تتعاطف هذه الحيوانات معها . ثم أن الحيوانات كانت تكثر دون مناسبة من ترديد عدة حكم لفظية مثل: " المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين " وغيرها ، دون أن يكون لهذه الحكم ارتباط فعلي بالموقف .
وفي رأينا أن استخدام جوقة الحيوانات يعد على الرغم من هذه التحفظات إضافة جيدة وطيبة ، حيث أن الطفل يتعاطف مع الحيوان ، ويدهش لمشاهدته على المسرح ، ويحقق شيئا من " التعريب" اللازم لحكاية من هذا النوع ، كما أن استخدام الحيوانات في أدب الأطفال يغرس معاني بذاتها في أذهانهم كالرحمة والتعاطف والتعاون .... الخ
لهذا فأنا أعتبر استخدام الحيوانات في مسرحيات الأطفال شيئا جيدا ، كان السيد حافظ فيه موفقا إلى حد كبير .
بالنسبة إلى التعديلات التي قدمها المؤلف :
استخدام شخصية أم الخير في المسرحية بدلا من شخصية " الجنية " في الأسطورة الشعبية.
" تعليق " :
صورة أم الخير في الحكاية الشعبية على أنها تقدم الخير والمساعدة للناس دائما دون مقابل ، ولكن أم الخير في المسرحية لم تصل إلى درجة من الإقناع المنطقي ، فعلى الرغم من أننا نراها قادرة على مساعدة البطلة سندريلا . إلا أننا نصدم حينما نشاهدها هي نفسها عاجزة عن التخلص من الواقع الاقتصادي المتدني الذي تحيا فيه . لكن ربما كانت تتخذ هذه الصورة من أجل اختبار شخصية سندريلا . إن " القوى الخارقة " غالبا ما تمد البطل ( أو البطلة ) وتمنحه كل شيء عن طريق الأدوات السحرية التي تساعد على تحقيق أهدافه دون مقابل ، ولكن على العكس من ذلك نجد أم الخير تطلب المساعدة أولا قبل أن تقدم المعونة .
وفي الحكاية الشعبية تمثل البطلة دائما عنصر الخير ، لذلك فإن سندريلا تقدم المساعدة بلا تردد لأم الخير ، وبالتالي سرعان ما تتلقى هي المساعدة من أم الخير : ( بديل الجنّية ) . إن أم الخير هنا بمثابة الشخصية المساعدة Helper التي تقدم العون لبطل الحكاية الخرافية دائما ( لاحظ نمطية الاسم " أم الخير " ) .
لقد حاول الكاتب المسرحي السيد حافظ - ربما لإضفاء الواقعية – أن ينفي عنها هذه الصفات الخارقة – ( السحرية ) ويجعلها ذات طابع بشري بحت ، ولكن هذا فيما يبدو لي ، ليس مخالفا لطبيعة الحكاية الشعبية فحسب بل إنه أيضا كان تغييرا غير موفق . إذ كان بمقدور الكاتب السيد حافظ أن يجعل أم الخير مثلا صاحبة دعاء مستجاب أو ( ولية ) من وليات الله الصالحين ، بمعنى أن تلبي السماء أمنية هذه الفتاة المظلومة عن طريق استجابتها لدعوة أم الخير . وبهذا لا يوجد تناقض بين التصوير الأصلي في الحكاية الشعبية وبين التصوير المسرحي عند السيد حافظ .
عدل الكاتب السيد حافظ أيضا في المسرحية بأن جعل سندريلا من طبقة فقيرة ، أما بالنسبة للحكاية الشعبية كانت سندريلا تنتمي إلى الطبقة المتوسطة ولكنها تعامل من قبل أختيها معاملة مجافية للإنسانية .
" تعليق "
من حق الكاتب السيد حافظ أن يغير من ظروف الشخصية طبقا لتصوراته .
عدل الكاتب في بعض أحداث النص المسرحي : فجعل هذا الحذاء السحري لا يناسب قدم سندريلا وبهذا لم يشأ أن يجعل هذا الحذاء وسيلة يتعرف بها الأمير على الفتاة ، بل جعل يستدل على حقيقة سندريلا عن طريق الكلمات التي نطقت بها بعد فشل تجربة الحذاء .
" تعليق " :
الجيد في هذا التعديل أن السيد حافظ جعل الزواج يتم عن طريق الاقتناع الشخصي رغم اختلاف الطبقة . وتأكيدا لهذا نجد أن سندريلا تعرض على الأمير ثلاثة شروط كي تقبل الزواج منه .
أن يقبل واقع حياتها المرة .
أن يقبل اصطحابها للحيوانات إلى القصر .
أن يرضى بحياة إخوتها معها في القصر .
والشرط الأول يعني أن البطل قد اختارها لذاتها ، عن حب واقتناع ورغبة حقيقية في الاقتران بها في كل الأحوال . والشرط الثاني ، يعني ليس فقط تعاطفه مع عالم الحيوان – برموزه الإنسانية – ولكنه يعني في المقام الأول رد الجميل لكل من قدمه إليها ولو كان حيوانا . والشرط الثالث ، يؤكد " خيرية " البطل وقدرته على العفو والتسامح ، فقد كانت الأختان ضحية التربية الخاطئة .
هناك عناصر في النص الشعبي حذفت في النص المسرحي :
في النص الشعبي كان هناك القرار الذي اتخذه الملك بأن يقيم لابنه الأمير حفلا كبيرا يمتد ثلاثة أيام ، وأن يقام مساء كل يوم من الأيام الثلاثة حفل راقص كبير .
( ثلاثة تجارب ) كي يتمكن الأمير من اختيار عروس له من بين الحاضرات وهو أمر يتسق مع ( منطق الثلاثيات ) ، الذي تقوم عليه الحكاية الخرافية ، على حين أن النص المسرحي جعل هذا الحفل يتم في ليلة واحدة فقط . ومع هذا فإن المؤلف المسرحي قد جعل الحيوانات ثلاثة ، ربما انطلاقا من هذا المفهوم الشعبي ومحافظة على إحدى سماته .
وجود شخصية الأب والد سندريلا في النص الشعبي ، حيث يساعدها على أن تقيس الحذاء عندما جاء إليه الحراس للتأكد من صاحبته . وكان الأب هو الذي ساعد سندريلا على أن تجرب حظها في تجربة الحذاء مثل بقية البنات . أما بالنسبة للنص المسرحي فإن رجال الشرطة هم الذين ساعدوا سندريلا على قياس الحذاء .

***********************






















تحليل الشخصيات في المسرحية :
هناك صفات عامة جرى العرف على توافرها في الشخصيات المسرحية :
أن تتصف الشخصية بالسلوك الخير ، وهذا واضح في شخصية سندريلا التي كانت ذات صفات خاصة حتى تكون أكثر تأثيرا في النفس ، واتضح ذلك عندما ساعدت سندريلا أم الخير بإعطائها الطعام رغم أنه لم يكن طعامها .
التوافق بين الشخصية وصفاتها : بمعنى أن تصور كل شخصية في الدراما بما يتفق مع طبيعة تكونها وجنسها . فلا تصور مثلا امرأة بصفات خاصة بالرجال.
التماثل بين ما تقول الشخصية وما تفعله : بمعنى ألا يشذ القول عن الفعل .ونجد مثالا على ذلك في موقف الأمير الذي أبدى رغبته في الارتباط بالفتاة سندريلا رغم الاختلاف الطبقي الشاسع بينهما ، ثم حقق هذه المقولة بالفعل بأن تزوج منها .
التناسق في بناء الشخصية : بمعنى أن تلتزم الشخصية في قولها ، موقف معين مادامت الظروف ثابتة ولا يتحول سلوكها فجأة بدون دافع . مثل موقف زوجة الأب ( هنود ) التي ظلت على حقدها وكراهيتها لسندريلا طوال أحداث المسرحية . ومثل موقف سندريلا في خاتمة المسرحية عندما عفت عن أختيها اللتين سامتاها سوء العذاب وطلبت من الأمير أن تذهبا معها للإقامة في القصر . فهذا التحول يرجع إلى تحول موقف سندريلا من المعاناة إلى السعادة ومن ثم كان الصفح .
فالمسرحية يوجد فيها شخصيات رئيسية وأخرى ثانوية . فمن الشخصيات الرئيسية في المسرحية شخصية كل من : ( سندريلا – الأمير – أم الخير – هنود – الجوقة " الحيوانات " ) ، ومن الشخصيات الثانوية : ( فهيمة ، نعيمة ، الشرطة ، المنادى ) . وسنتطرق إلى تحليل كل الشخصيات الرئيسية والثانوية :
" سندريلا " :
تعتبر سندريلا الشخصية المحورية التي ركز عليها الضوء في المسرحية ، وهي تلك الفتاة الصابرة النقية التي لاقت صنوف العذاب على يد زوجة أبيها والمعاناة من تصرفات أختيها ، ورغم ذلك كانت صبورة وطيبة ، يتضح ذلك من خلال الحوار الذي دار بينها وبين زوجة أبيها :
هنود : ياما نفسي آكل الأرنب ، وأسلخ رجلين القطة ، وأقطع ذيل الكلب .
سندريلا : أرجوك .. أرجوك .. يمه .
هنود : أنا مو أمك .
سندريلا : أبوس ايديك . ( تتقدم حتى تبوس يدها )
هنود : ابعدي عن ايدي شوية ..
( تدفعها بعيد ) ( وتمسك عصا وتضرب الكلب والقط والأرنب ) .
وكذلك من سمات شخصية "سندريلا " أنها فتاة طيبة وبريئة ويتيمة ، تساعد المحتاجين . وضح ذلك من خلال حوارها مع " أم الخير " .
أم الخير : يا لله من مال الله .. هذا من له
سندريلا : هذا أكلنا .
أم الخير : آكل أبوك ؟
سندريلا : أبوي مات .
أم الخير : آكل أمك .
سندريلا : أمي ماتت .
أم الخير : أنت يتيمة ؟
سندريلا : إيه نعم ؟
أم الخير : ( وهي تأكل ) عيل من آكله ؟
سندريلا : آكل مرات أبوي هنود وخواتي البنات .
أم الخير : خواتك مين هم ؟
سندريلا : فهيمة ونعيمة .
أم الخير : وش تقولي لهم الأكل وين راح لما يسألونك عليه .
سندريلا : بقولهم إنه ضاع مني في السوق .. في زحمة المنادي ولمة الناس .. ضاعت الفلوس مني في زحمة السوق .
أم الخير : لا .. سندريلا .. الكذب حرام .
سندريلا : صحيح الكذب حرام ... لكن هذي كذبه بيضه لأني عملت خير في فقيرة مسكينة .
كما يوجد دليل آخر على صبر وطيبة سندريلا في الفصل الأول من خلال الحوار المتبادل بين سندريلا وأختيها وزوجة أبيها ، كما يتضح أيضا مساعدتها لهم .
ولقد حدث تحول واضح في حياة البطلة سندريلا – فبعد أن كانت فتاة يتيمة فقيرة تعاني من اضطهاد أختيها وزوجة أبيها – أصبحت سيدة القصر بعد زواجها من الأمير ، وهذا الزواج حول حياتها من التعاسة إلى السعادة *.
" الأمير " :
تعد شخصية الأمير من الشخصيات الرئيسية في المسرحية ، فهو شاب طيب القلب ، لا يهتم بالمظاهر ، ويؤمن بأن شخصية الفرد بأخلاقه بغض النظر عن الطبقة التي ينتمي إليها . وقد اتضح ذلك من خلال إعجابه بشخصية سندريلا وحبه وتعلقه بها منذ أن رآها في الحفل المقام بالقصر ، وبهذا قرر الزواج منها على الرغم من انتمائها إلى الطبقة الفقيرة .
كما أنه شاب يتطلع إلى كل جديد يدفع عنه الملل والرتابة ، لذلك أقام حفلا في قصره كي يخرج من الضيق والفراغ الذي يعيش فيه :
الأمير : متضايق .
الوزير : أقص لك قصة .
الأمير : قصة شنهو ؟
الوزير : كان ياما كان ...
الأمير : عارف كل القصص اللي بتقولها ..يا وزير .
الوزير : يا مولاي .. كان فيه تمساح .
الأمير : ما بي قصص .
الوزير : أسمعك أغاني .
الأمير : أبي أسمع أغاني الناس .. كل الناس أبيها تغني .
الوزير : نعمل حفلة يا مولاي ؟
الأمير : ونعزم كل الناس .
الوزير : وتتزوج يا مولاي ؟
الأمير : أنا أتزوج !! ( يضحك )
الوزير : ناوى يا مولاي .. أنت عندك عشرين سنة ولازم تتزوج .. وقدامك الحياة
جميلة .
الأمير : من أتزوج ؟
الوزير : بنت سلطان البحار السبعة .
الأمير : لا .
..........
الوزير : إذا حاط عينك على واحدة .
الأمير : أنا مستعد أتزوج أي واحده مؤدبة .. جميلة .. رقيقة .
الوزير : إذا كانت هذي الصفات في وحده فقيرة .
كما أنه يبحث عن صاحبة الحذاء السحري التي أعجب بها وأحبها لتكون زوجة له :
الأمير : حذاء مين هذا ؟
الوزير : حذاء من منكم يا بنات .
البنات : حذائي .. حذائي .. حذائي
( يجرين على الوزير حتى يسقط على الأرض .. كل فتاة تأخذ الحذاء من يده وتقيس الحذاء) .
الوزير : ما لقينا ولا بنت يا مولاي .
................
الأمير : وبعدين يا وزير ؟
الوزير : مولاي .. مو عارف من وين .
الأمير : هي منهي وبنت منهو وأبوها منهو.
................
الوزير : مو ناقص إلا أننا نلف على البيوت بالحذاء ونقيس رجل كل بنت من البنات.
الأمير : صح .. همي هذي الفكرة التمام .
" أم الخير " :
تعتبر " أم الخير " أيضا من الشخصيات الرئيسية الايجابية في المسرحية ، حيث أن دور الجنية – دور أساسي ورئيسي في الحكاية الشعبية ، ولكن الكاتب بدل دور الجني بدور "أم الخير " ، حتى تكون أقرب إلى الواقع . ولهذا كان دو " أم الخير " في المسرحية دورا أساسيا في تغيير حياة سندريلا من التعاسة إلى السعادة .
ولقد صور السيد حافظ " أم الخير " على أنها شخصية خيرة عادية ، تقدم المساعدة لسندريلا ، مقابل مساعد سندريلا لها ، بالإضافة إلى هذا ظهرت أم الخير في المسرحية في صورة عجوز تقدم النصائح لجمهور الأطفال ولسندريلا من خلال قصة راعي الغنم :
أم الخير : لا .. يا سندريلا .. الكذب حرام .
....................
سندريلا : صحيح نتيجة الكذب الندم .. لكن ..
أم الخير : المهم الحقيقة والنتيجة علمها عند الله .. الصدق نجاة .. حكمة قالوها الكبار .
سندريلا : خلاص أنا باقولها الحقيقة واللي يصير يصير .. اسمحي لي أمشي .. مع السلامة .
كما تتضح دور الجنية " أم الخير " في تحقيق أمنية سندريلا للذهاب إلى الحفل ، مخترقة الحائط ، ملبية للنداء ، اعترافا بإسداء المعروف ورد الجميل :
سندريلا : كان نفسي أروح الحفلة .
الكلب سنور : لو كنت أقدر ..
سندريلا : ( تتذكر صوت أم الخير )
أم الخير : لو احتجتني تلاقيني .. تنادي يا أم الخير تعالي لي .. تعالي لي ) .
سندريلا : ( تكرر) يا أم الخير تعالي لي .. تعالي .. يا أم الخير تعالي ) .
( تنشق الحائط وتظهر أم الخير )
أم الخير : خدامتك بين أيديكي .
سندريلا : أنتي منهو ؟
أم الخير : أنا أم الخير .
سندريلا : أنا حكيت لكم عليها .. اشلون جيتي .
أم الخير : جيت ولبيت الندا .. عشان أرد الجميل .. واللي يساعد إنسان لازم يرد له
الجميل.
سندريلا : لازم يرد الجميل ؟
لازم يرد الجميل .. بس أنا ما عملت جميل عملت الواجب .
هنود " الأم " :
كانت شخصية " هنود " زوجة الأب لسندريلا ، شخصية مليئة بالحقد والشر والأنانية ، وكانت تعمل سندريلا على أنها خادمة لها ولبناتها ، أما الحب والسعادة فينبغي أن يمنح لبنتيها فقط . ولم تكن تهتم بشيء إلا بتعذيب سندريلا . وبهذا نرمز إلى شخصية الأم في المسرحية بالشر ، وشخصية سندريلا بالطهر والبراءة . وهذا تقابل واضح في المسرحية من شأنه أن يساعد الطفل على كشف حقيقة الشخصيات وتتبع أحداثها .
فنرى حقد هنود زوجة الأب وتسلطها على سندريلا ، وطاعة سندريلا لأوامرها :
هنود : وين كنتي .
سندريلا : في السوق ..
هنود : تأخرتي .
سندريلا : ما يخالف آسفة .. سامحيني .
هنود : جبتي الطماطم ؟
سندريلا : نعم .
هنود : التفاح ؟
سندريلا : نعم .
هنود : كل الخضار ؟
سندريلا : نعم .
ومما يدل أيضا على أنها تعامل سندريلا كخادمة وتسخرها لخدمتها وخدمة بنتيها :
نعيمة : هاتي مشطي .
سندريلا : حاضر ( تجري سندريلا )
فهيمة : هاتي حذائي .
سندريلا : حاضر ( تجري )
هنود : اغسلي .
سندريلا : حاضر .
فهيمة : فستاني .
سندريلا : حاضر .
هنود : نظفي .
سندريلا : حاضر
.........
( تداخل الأصوات في الحوار السابق )
سندريلا : حاضر .. حاضر .. حاضر .
كما تتضح قسوة هنود وأنانيتها وتفضيل بنتيها عليها :
هنود : حطي بالك على البيت .
سندريلا : ليش .. انتو مو ماخذيني معاكم .. خذوني معاكم .
هنود : ( تضحك ) خذوني معاكم ؟ وين نأخذك معانا ؟
نعيمة : أنتي جيكرة موحلوه .
فهيمة : انثبري اهنى .
( تلقي بها هنود على أرض المسرح ) " يخرجون " .
سندريلا : خذوني معاكم .. خذوني معاكم .
( أغنية قصيرة جدا عن الفقير الذي لا يستطيع أن يحضر الحفل ) .
الأختان ( فهيمة ونعيمة ) :
تعتبر هاتان الشخصيتان من الشخصيات الثانوية في المسرحية ، وكانت كل منهما تتصف بالغباء والكسل والبلاهة وعدم حب العمل ، و الاتكالية وعدم الطموح .
أي أنهما كانتا سطحيتين لا تهتمان بشيء ، وكان كل ما ترغبانه يتم على يد أختهما " سندريلا " التي عاملاها على أنها خادمة لهما . وهما تعتمدان اعتمادا كاملا في تصرفاتهما على أمهما ، وليست لهما شخصية مستقلة ، حيث كانت أمهما هي التي تخطط لهما كل تصرفاتها . ونستدل على ذلك من الحوار الذي دار بين الأم وابنتيها بخصوص الحفل :
هنود : سامعين يا بنات اللي أنا سامعته ؟
فهيمة : سامعين يمه .
نعيمة : الأمير عازمنا عشان نروح الحفل نغني . أنا بغني هيله يا رمانه هيله .
هنود : إنتوا .. مو فاهمين أبدا مو عارفين شيء أبدا .
بتجننوني .. الحفلة هذي عشان الأمير يبي يتزوج .
فهيمة : وإحنا اشعلينا .
نعيمة : هو الأمير بعده ما تزوج لحد الآن .
هنود : أنا سميتك نعيمة .. تقومي تطلعي عبيطه واسم أختك فهيمة تطلع غبية .
وما يدل على سطحية وغباء فهيمة و نعيمة :
هنود : كذي يا خبله .
فهيمة : كذي يا هبلة .
نعيمة : إنتي ما تفهمين شيء .
سندريلا : اشتبوني أسوي
هنود : لبسيهم مع بعض .
سندريلا : اشلون به
فهيمة : هذي مو أمك ( تضرب سندريلا ) .
نعيمة : هذي مو أمك ( تضرب سندريلا ) .
سندريلا : شتبون أقولها .
فهيمة : يا ستي .. يا عمتي .
نعيمة : يا ستي .. يا عمتي .
سندريلا : يا ستي .. يا عمتي .
( تنتعلان الحذاءين ) ( تجلس الفتاتان وتقوم سندريلا بانعالهما الحذاءين ). ( تخرج الأم )
هذه الصفات ، صفات نمطية تتسم بها عموما الشخصيات الشريرة من أخوات البطل أو البطلة في الحكايات الخرافية Fairy – Tales . الغاية من هذه الصفات " النقيضة " لشخصية البطلة الذكية الطموح أمران : الأول – تأكيد صفات معينة لشخصية البطلة والتعاطف معها . والثاني – أن صفتي الغباء والبلاهة للأختين تولدان عنصر السخرية منها ، ومن ثم عدم التعاطف معها ، وفي هذا تأكيد على السخرية من الشر والاستهزاء به ، على الرغم من انتصاره المؤقت على عنصر الخير ، الذي لابد أن ينتصر في النهاية مهما كانت قوى الشر عاتية أو قوية .
" الجوقة " :
والجوقة في المسرحية تمثل مجموعة الحيوانات ( الأرنب فرفور - القط مسرور – الكلب سنور ) ، كانت بمثابة الجوقة في المسرح الإغريقي لكي تمهد للأحداث . ولكن السيد حافظ في المسرحية جعل جوقة الحيوانات تشارك في الفعل الدرامي ، باستدلال الحوار الذي دار بين الأم " هنود " ومجموعة الحيوانات :
هنود : يا سنور أنت وين .
( إضاءة على منزل الأمير .. سنور ومسرور وفرفور )
( الأمير يجلس بمفرده .. فرفور )
فرفور : الأمير كاهو هناك .
مسرور : أنا رايح له .
سنور : يلا روح وأنا ورآك
( يجري القط أمام الأمير )
مسرور : السلام عليكم يا مولاي .
الوزير : شنهو هذا .. أنت اشلون دخلت هنا يا قطو ؟
فرفور : أعطينا الأمان يا مولاي
....................
مسرور : نبيك أتزوج أجمل بنات المدينة .
ومما يدل على أن الحيوانات في المسرحية كانت تقوم بالتمهيد ، أي بمثابة الجوقة في المسرح الإغريقي :
سنور : يا أهل الخير والأمل .
مسرور : راح تحي لكم حكاية .
سنور : كان يا ما كان .
فرفور : في يوم من الأيام .
مسرور : والأيام كثيرة .
سنور : كان فيه بنت .
مسرور : جميلة .
سنور : بنت .
فرفور : مسكينة .
تعليق عن الجوقة :
خرج الكاتب السيد حافظ أحيانا عن حدود الدور المأثور للجوقة في استخدامها ، فجعلها تتدخل في مجرى الأحداث مع أنه من المفترض أن تراقب الجوقة الفعل دون أن تتدخل في صنعه .
فعلى سبيل المثال المشهد السابق في الحوار بين هنود و الحيوانات صفحة "13" عندما طلبت هنود من جوقة الحيوانات أن تبقى لحراسة المنزل أثناء غيابها في السوق ، ولكن الجوقة تخلت عن الواجب المنوط بها . وذهبت من تلقاء نفسها للتوسط لدى الأمير ووزيره ، من أجل لفت انتباهه إلى وجود فتاة طيبة بالحفل هي سندريلا دون ذكر اسمها.
ولكن السيد حافظ لم يوضح العلاقة بين سندريلا والجوقة المكونة من الحيوانات ، لأن من المفروض أن الجوقة تتعاطف مع البطل لاعتداله ونبل سلوكه وهذا واضح في شخصية سندريلا . بيد أن الشيء الغامض هو حدود دور الجوقة في خيال الكاتب ، فهل كان يهدف حقا إلى جعل هذه الحيوانات بمثابة جوقة ؟
" الوزير " :
كان دوره في المسرحية بمثابة مستشار للأمير ، الناصح له الذي يريد أن يخرجه من كبوته ، فيقص له قصة ، أو يعرض عليه فكرته بإقامة حفلة كبيرة يدعى إليها كل الناس وكل بنات الحي لانتشال الأمير من معاناة الوحدة والملل التي يعيشها . كما تركز دوره في البحث عن صاحبة الحذاء سواء في الحفل أو بإسداء الفكرة بإرسال جنود تلف على البيوت بالحذاء وتقيس رجل كل بنت من بنات الحي :
الوزير : أقص لك قصة .
الأمير : قصة شنهو .
الوزير : كان يا ما كان ..
................
الأمير : ما بي قصص .
الوزير : أسمعك أغاني ؟
الأمير : أبي أسمع أغاني الناس .. كل الناس .. أبيها تغني .
الوزير : نعمل حفلة يا مولاي .
الأمير : ونعزم كل الناس .
...................
الوزير : نعمل حفلة كبيرة .كل الناس تغني .. وكل بنات البلد .
.................
الأمير : حذاء مين هذا ؟
الوزير : حذاء من منكم يا بنات ؟
كل البنات : حذائي .. حذائي .. حذائي .
.................
الوزير : عطني رجلك أنتي وهي .. وأنتي وهي . الحذاء هذا من حقه ...
................
الأمير : وبعدين يا وزير ؟
الوزير : أنا أرسلت كل الجنود .
الأمير : مو كفاية .
الوزير : مو ناقص إلا أننا نلف على البيوت بالحذاء و نقيس رجل كل بنت من البنات.
المنادي ( الطبال ) :
كان دوره بسيط للغاية – وكان ظهوره فوق خشبة المسرح – طريقة أراد بها المخرج كسر الإيهام المسرحي ، فجعله يدخل إلى خشبة المسرح عن طريق الصالة وهو ينادي الناس لحضور الحفل :
الطبول : يا أهل المدينة
يا بشر
يا سكان .. يا أعيان .
يا كبار .. يا صغار
يا أطفال .. اسمعوا وعوا .
الشرطة :
كان دور الشرطة في المسرحية دورا بسيطا تتمثل مهمتهم في البحث عن صاحبة الحذاء السحري حيث انتهى دورهم بإيجاد صاحبة الحذاء :
شرطي 3 : هاتي رجيليكي .
هنود : تبي رجلي ليش ؟
شرطي 3 : وريني هذي على قدمك .
................
هنود : هاتي كباية مية يا سندريلا .
سندريلا : حاضر ... ( تجري وتحضر الماء ) .
شرطي : وأنت مين . ؟
" الحوار " :
الحوار له مميزات كثيرة ومختلفة ، فهو الأساس الذي يقوم عليه فن التمثيل . ومن خلال الحوار يمكن التعرف على ملامح الشخصية وسلوكها . ويمكن أن يكون الحوار قصيرا أو مسهبا وفق متطلبات الفعل الدرامي . غير أن الحوار في مسرحية سندريلا جيد ومركز في بعض الأحيان ، ولكنه في مواضع متعددة كان متكررا يجنح طورا إلى إضفاء التطريب الموسيقى على الأداء وجذب انتباه الطفل المشاهد ، وطورا آخر إلى تأكيد ملامح معينة في سلوك الشخصية .
ولقد كثرت المواضع التي ورد بها هذا التكرار بصورة ملحوظة ، ولم نحس بأن التكرار في هذه المواضيع يخدم ضرورة درامية بعينها .
" البناء الدرامي " :
من المتفق عليه ، المسرحية تحاكي فعلا كاملا في بناء عضوي يتصف بالترابط ، ومنطقي في تركيبه ، فلا يبدأ بدون مبررات أو ينتهي بنهاية تلعب فيها المصادفة دورا كبيرا . وحيث أن المسرحية التي نتناولها موجهة إلى أطفال ، فلابد من إضفاء الوضوح على التركيبة الدرامية ، وعدم اللجوء إلى الذهنية أو الرمزية أو الغموض ، أو الإسهاب في السرد . وعلى الرغم من أن السيد حافظ حاول التقييد في أحداثه بالنسق البنائي أو المعمار الفني للحكاية الشعبية الخرافية Fairy – Tale على نحو شبه حرفي يسلبه حق ادعاء التأليف ، بالمعنى الحرفي لهذا الحق ، وإنما هو في أحسن الأحوال الاستلهام للحكاية ، بهيكلها ومضمونها وغايتها ، فالأولى أن يعتبر جهده الأدبي نوعا من الإعداد . وعموما فلقد صاغ الكاتب بناء مسرحيته كالتالي :
بأنه جعل محورها فتاة رقيقة مضطهدة تخضع لسيطرة زوجة أبيها وسوء معاملة أختيها ، ولأنها طيبة وخيرة ، تقف قوى الخير إلى جانبها حتى تلتقي بالأمير ، وتفوز بقلبه وتتزوج به وتصل إلى قمة السعادة على الرغم من كل قوى الشر المحيطة بها . وهذا هو النسق البنائي للحكاية الشعبية الخرافية .
وتبدأ مسرحية السيد حافظ بظهور ثلاثة حيوانات " القط ، الأرنب ، الكلب " وهي تمهد لشخصية سندريلا وتمهد لباقي الأحداث – ثم تلا ظهور الحيوانات ظهور زوجة الأب وابنتيها وهم يبحثن عن سندريلا حتى تحضر لهم طلباتهم ، وبعدها تظهر سندريلا وهي متجهة إلى السوق لشراء ما يلزم لزوجة أبيها ، ثم بعدها تبدأ الأحداث في التصاعد شيئا فشيئا لتوضح القهر الذي تعاني منه سندريلا بسبب زوجة أبيها ومعاداة الباعة لها في السوق وهم يرفضون البيع لها . بعدها تأخذ الحيوانات في التخفيف عن سندريلا ومساعدتها في كل شيء ، ولهذا كانت علاقتها بسندريلا علاقة حب وصداقة . ثم نجد القرار الذي يتخذه الأمير بإقامة حفل ودعوة الناس إليه حتى يرى من بين المدعوات فتاة تصلح عروسا له . وعند ظهور المنادي وهو يدعو الناس للذهاب إلى الحفل بدعوة الأمير ، إذا بالحيوانات تذهب إليه حتى تلفت انتباهه لسندريلا دون ذكر اسمها .
ويستمر تصاعد الأحداث إلى أن تصل سندريلا إلى قمة المعاناة عند ذهاب الجميع إلى الحفل دونها ، ولم يكن هناك أمل في ذهابها ، ولكن فجأة تتحقق لها أمنيتها بواسطة " أم الخير " وهنا يتم التحول في حياة سندريلا فتصبح فتاة رائعة الجمال وتذهب إلى الحفل فتلفت الأنظار ، وأثناء رجوعها يسقط منها أحد نعليها ، وعندما يستدل عليها الأمير يطلب الزواج منها . وتكون هذه النهاية بمثابة الحل بالنسبة لعقدة المسرحية .
" الانتقادات " :
بالنسبة للمآخذ في المعالجة الدرامية :
قد نقبل اضطهاد زوجة الأب لسندريلا على أنه أمر طبيعي ، إلا أننا لا نجد مبررا على الإطلاق لاضطهاد الباعة لها .
بالنسبة للموعد الذي حددته " أم الخير " لعودة سندريلا قبل منتصف الليل ، نحس أن ما قالته مجرد كلمات ، وكان من الأفضل أن يسوق السيد حافظ على لسان أم الخير أهمية الوقت بالنسبة للإنسان ، حيث أن الاهتمام بالوقت هو أساس كل عمل جيد ، ولكن المؤلف ذكر الوقت دون أن يؤكد قيمته وضرورته في حياة الناس .
بالنسبة للهجة المستخدمة في المسرحية ، فهي لهجة كويتية مصرية . وكان من الأفضل أن تؤلف المسرحية باللغة العربية المبسطة أو باللهجة الكويتية وحدها ، باعتبارها اللهجة التي تعود الطفل الاستماع إليها في محيط أسرته .
وإن كان السيد حافظ قد حالفه التوفيق في بعض الأسماء النمطية الدالة على جوهر الشخصية مثل " أم الخير .. نعيمة .. فهيمة " ، وغيرها ، لكن التوفيق لم يحالفه في بعض الأسماء الأخرى مثل "هنود" الخالي من الدلالة. ولما كانت الحكاية عالمية الطابع فربما كان الأوفق أن يلتزم السيد حافظ بالأسماء النمطية لكافة الشخصيات ولا يقصرها على البعض منها دون الآخر .



" ملاحظات حول الشخصيات " :
الاضطراب الكائن في شخصية " أم الخير " ، فقد ظهرت بصورة بشرية ، ولكنها تمتلك إمكانيات خارقة هي إمكانيات الجنية المعروفة في الحكاية الشعبية دون أن يفسر ذلك . وهناك تناقض واضح في أسماء الشخصيات . فسندريلا اسم أجنبي ، على حين أن سائر الأسماء في المسرحية عربية. وكان من الأفضل أن يغير هذا الاسم بأن يجعله عربيا .
" ملاحظات حول الإخراج " :
بالنسبة للإخراج فإن المخرج منصور المنصور لم يلتزم بمدرسة معينة ، بل استفاد من عدة مدارس وذلك لأن مثل هذا العمل لا يحتاج إلى مدرسة معينة من مدراس الإخراج . كما لجأ المخرج منصور المنصور في المسرحية إلى كسر الإيهام عن طريق إدخال المنادي من الصالة متجها إلى خشبة المسرح ، وقد لا يدرك الأطفال المشاهدين ذلك ، ولا أعتقد أن هناك مبررا حقيقيا لذلك الاستخدام في مسرح الطفل .
" ملاحظات حول الديكور والإضاءة والملابس والموسيقى " :
أما بالنسبة إلى الديكور في المسرحية الذي قدمه مصطفى عبد الوهاب ، فكان رمزيا . وعلى هذا قسم الديكور في المسرحية على أساس طبقات أو مستويات مختلفة بالنسبة إلى اختلاف الطبقات الموجودة .
فطبقة الأمير تمثل المستوى الأعلى ( الأول ) والمستوى الثاني يمثل بيت سندريلا ، وبهذا كان الديكور في المسرحية في شكل قوس مرتفع : أعلاه بيت الأمير وهذا بمثابة دليل على احتضان الأمير لأفراد شعبه وحبه لهم . وأسفله بيت سندريلا والسوق وهذا بمثابة المستوى الدوني المنخفض .
أما بالنسبة للإضاءة فكانت تتركز بقوة على بيت الأمير لتوضح فخامته والأضواء المسلطة عليه ، وتبدو خافتة تكاد تكون معتمة على بيت سندريلا ، متمشية مع الحالة النفسية الكئيبة التي تعاني منها سندريلا .
أما بالنسبة للملابس التي كانت متمشية مع الزمان والمكان .. ويبدو فيها الانبهار وزهوة الألوان بالنسبة للأمير وحاشيته ، والبساطة بالنسبة لعامة الشعب ، ورثة ممزقة بالنسبة لسندريلا . فأظهرت ملامح كل شخصية من الشخصيات .
أما بالنسبة للموسيقى فكانت تخدم كل حدث من أحداث المسرحية متمشية مع حالات الحزن والفرح ومتنوعة مع اللوحات الاستعراضية في غناء المجاميع والرقص الكلاسيكي ورقصات الخيول ورقص الباليه لسندريلا والرقص البسيط .














مسرحية سندريلا للأطفال
تأليف : السيد حافظ
إخراج : منصور المنصور
ديكور : مصطفى عبد الوهاب
أزياء : رجاء البدر
إضاءة : أحمد سالم
الاستعراضات الراقصة للدكتور حسن خليل
" الممثلون " :
هدى حسين سندريلا
حسين المنصور الأمير
سحر حسين نعيمة
انتصار الشراح فهيمة
أسمهان توفيق هنود – الجنية
................ بقية الشخصيات
قدمتها مؤسسة البدر للإنتاج الفني لمسرح الطفل .
مسرح عبد العزيز المسعود بكيفان .
ابتداء من يوم 15 / 10 / 1983 والمدة شهر .
*************************






تحليل مسرحية " الشاطر حسن "
مع مقارنتها بالأصل الشعبي
*****************
تعد هذه الحكاية رافدا خصبا للاستلهام المسرحي المعاصر ، نظرا لحيوية الموضوع الذي تعالجه، ومعاصرة المضمون الذي تنطوي عليه، ونظرا لأن شكلها الفني على بساطته شديد الحبكة طريف البناء.
ومن هنا لاغرو أن يستلهمها أكثر من كاتب مسرحي ، في أكثر من مسرحية للكبار والصغار معا. وتتضمن المعالجات المسرحية التي استلهمت من قصة – أبو الحسن المغفل - الأعمال التالية :
" أبو الحسن المغفل وهارون الرشيد " التي قدمها مارون النقاش عام 1849 .
" لو كنت ملكا " التي قدمها نجيب الريحاني في مسرحه الكوميدي عام 1924 .
" الملك هو الملك " التي كتبها الكاتب المسرحي السوري سعد الله ونوس عام 1977 .
" الثالث " التي ألفها الكاتب المسرحي الكويتي حسن يعقوب العلى عام 1976 .
" ياسمين " التي قدمها بديع خيري ونجيب الريحاني عام 1928 .
" حكم قرقوش " التي قدمها بديع خيري ونجيب الريحاني عام 1935 .
" نجمة الصبح " التي قدمها أيضا كل من بديع خيري ونجيب الريحاني عام 1929.
ومن قصص الأطفال العالمية هناك قصة بعنوان " الأمير والفقير " يبدو أنها مأخوذة من نفس الموضوع .
" والحكايات في صورتها الشعبية الأولى ، مزيج من حكايتين شعبيتين أحدهما تلك التي وردت في ألف ليلة وليلة "حكاية أبو الحسن المغفل " ، والأخرى التي وردت في قصص " الشطار و العيارين" في التراث العربي ."
" الشاطر حسن "
تحكي المسرحية قصة شاب معروف بذكائه وطموحه وحبه لمساعدة المحتاجين ، وكان هذا الشاب يذهب دوما مع صديقه " مختار " إلى السوق ، حيث يجتمع حشد كبير من الناس ، وفي يوم زارت السوق إحدى الأميرات " ست الحسن " ومعها وصيفتها ، وأثناء تجوالها في السوق يقع منها كيس نقودها ، فإذا " بالشاطر حسن " يجده ويحاول أن يرده إليها ، ولكن الأميرة تدخل القصر مسرعة . وبعدها يحاول " الشاطر حسن " وصديقه القفز من السور المحيط بالقصر للوصول إليها ورد الكيس ، غير أن الحراس يلقون القبض عليه ، وسرعان ما يتركونه لاعتقادهم بأنه الأمير . وبعدها يراه الأمير ويكتشف الشبه الواضح بينهما ، فيطلب منه أن يحل محله في الإمارة لمدة ثلاثة أيام ، على أن يأخذ الأمير مكانه ويذهب إلى السوق متنكرا في ملابس " الشاطر حسن " حتى يتفقد أحوال رعيته .
وفي هذه الأيام الثلاثة ، يتمكن " الشاطر حسن " من إنصاف المظلومين وإخراجهم من السجن وبعدها يعلن الحرب ضد الأعداء ، حتى يسترد ( جزيرة الأمل ). وبعد انتهاء الأيام الثلاثة يعود الحاكم إلى قصره بعد أن عاش بين جماهير شعبه ، دون أن يعرفوه وبعد أن وقف بنفسه على كل ما يعانيه الناس . ولقد أحدث هذا كله تغييرا في نفسية الحاكم وسلوكه بعد أن كان الوزير قد أوهمه بأنه مريض وأنه لا يجب أن يخرج من قصره بتاتا ، وكان هدفه من وراء ذلك هو أن يحجبه عن شعبه . بعدها يشكر الأمير " الشاطر حسن " على المعروف الذي قام به من أجله ، ثم يتزوج الأمير من ابنة عمه الأميرة " ست الحسن " ،وتقام احتفالات كبيرة بهذه المناسبة ، تتويجا لانتصار قيم الخير والحق والجمال في هذا العالم .
العناصر المتشابهة بين نص مسرحية " الشاطر حسن " والنص الشعبي لحكاية " أبو الحسن المغفل وهارون الرشيد " :
الملل الذي أصاب الأمير ، ودفعه إلى الخروج من قصره متنكرا ليتفقد أحوال رعيته .
تعليق :
الملل الموجود عند الحاكم نشأ بسبب انشغاله وانهماكه في الحكم دون التعرف على مشاكل الجماهير ،و بسبب الضغط الذي مارسه الوزير عليه .
ونلاحظ أن هارون الرشيد الذي يمثله الأمير في المسرحية قد دفعته الرغبة في معرفة أحوال رعيته إلى التنكر والخروج مع وزيره . وفي هذا تشابه واضح بين المسرحية وأصلها الشعبي .
أن يصبح رجل الشارع البسيط الذي عانى من الظلم حاكما لمدة ثلاثة أيام .
تعليق :
مؤلف المسرحية جعل التشابه بين الشاطر حسن والأمير هو أساس اختيار الأول ليحل محل الثاني ، بينما كان أساس الاختيار في النص الشعبي هو رغبة أبو الحسن نفسه وحلمه بأن يصبح حاكما . النص الشعبي بذلك يعكس طموحا وحلما تولد لدى أحد أفراد الشعب مؤداه رغبة قائمة لدى الشعب في حكم نفسه، حكما يقوم على العدل والمساواة . وربما كانت أمنية ذلك المواطن البسيط تعني أنه لو حكم الشعب على يد فرد منه يحس بآلامه ويعرف معاناته ، فربما أدى إلى جعل الحكم أكثر فعالية وأقدر على دفع الظلم وإرساء العدل .
عناصر جديدة في المسرحية لا توجد في النص الشعبي :
- التشابه الواضح بين الأمير والشاطر حسن مما جعل الأمير يوليه الحكم لمدة ثلاثة أيام حتى يتمكن من تفقد أحوال رعيته .
تعليق :
كانت هذه الإضافة أقرب إلى منطق الفن ، إذ جعل مؤلف النص المسرحي التشابه في الصورة أساسا لتحقيق الأمنية . ونلاحظ عدم وجود أي تشابه في النص الشعبي بين الأمير ، وبين هذا الذي يتمنى أن يحكم بغداد لثلاثة أيام ، لذلك فالنص الشعبي أقرب إلى منطق العقل ، حيث أنه يرى أن الأمنية في حد ذاتها لا تكفي ، وأن على من يتمنى أن يجرب ويعاني حتى يتحقق من قدرته على تحويل أمنيته إلى واقع حقيقي . هناك إذن تفرقة واضحة بين منطق العقل : فالفن قادر على خلق تصورات من أجل جعل الحلم ممكنا ، ولكن العقل يعرض الواقع مهما كان مؤلما وليس بوسعه أن يتجاوزه .
لم يكن هناك وجود في النص الشعبي لشخصية الأميرة ( ست الحسن ) التي ظهرت في المسرحية ، كذلك أضاف مشهد السوق و حادثة وقوع كيس النقود من الأميرة كي يمهد بذلك لتعرف الأمير على شخصية " الشاطر حسن " . وتعتبر إضافة هذا العنصر ذات مغزى لأنها ساعدت على تطور الفعل الدرامي ودفعه قدما إلى الأمام .
تعليق :
جعل الكاتب شخصية " ست الحسن " في المسرحية رمزا للأمة أو الرغبة ، وبين لنا أنها عانت الكثير من الظلم على يد الوزير . ورغم أنها تنتمي إلى البيت المالك إلا أنها نفسها ضحية من ضحايا الحكم وأخطائه ، وهذه إضافة مهمة من الكاتب الدرامي لأنها تساعد على خلق عناصر جديدة في الموقف عن طريق خلق التناقض من داخل الموقف وشخصياته ، مما يهيئ الفرصة لوجود الصراع واحتدامه .
عناصر موجودة في النص الشعبي ولكنها حذفت في المسرحية :
لم يستخدم المؤلف في المسرحية اسم " أبو الحسن المغفل " وكذلك اسم " هارون الرشيد " اللذين وردا في القصة الشعبية المعروفة في ألف ليلة وليلة وفي حكاية " الشطار والعيارين " . كذلك حذف هاتين الشخصيتين واستبدل بهما الأمير المغرر به والوزير الشرير .
التعليق :
حذف المؤلف هذين الاسمين من أجل أن يعطي للعمل طابعا جديدا ذا دلالة ، وربما اختار اسم الشاطر حسن ليبين لنا أنه ليس مغفلا كنظيره في الحكاية الشعبية، بل شخص ذكي يحب الناس ويساعدهم ، وهو عموما اسم شعبي ذائع في الحكايات الشعبية، أي أنه قصد من خلال الاسم الذي اختاره كعنوان للمسرحية وللبطل في نفس الوقت أن يثير انتباه الأطفال عن طريق الإيحاء الذي يرمز إليه الاسم . وربما قصد كذلك أن يوضح لنا أن المغفلين لا يغيرون الواقع، وأن الحالمين عاجزون، ولكن القادرين على التغيير هم الأذكياء ( الشطار ) . ولعل الهدف من حذف شخصيتي الخليفة ووزيره هو رغبة الكاتب المسرحي في إضفاء صفتي المعاصرة والعمومية على النص والبعد به عن معالجة أحداث عصر بعينه.
تعديلات :
عدل الكاتب في شخصية " الشاطر حسن ". فبعد أن كان في القصة الشعبية درويشا يجلس في المقهى ويحلم أحلاما بعيدة المنال ، جعله الكاتب في المسرحية مواطنا بسيطا غير أنه ذكي وشريف ، يحس بمعاناة مواطنيه، ولا يتردد في الاضطلاع بالمسئولية حين يتطلب منه الأمر ذلك .
تعليق :
وجد الكاتب المسرحي أن شخصية " الدرويش " لا تناسب العصر ، سواء بسبب ما اقترن في الأذهان من سلبيتها، أو بسبب عدم توقع الناس إجراء التغيير على يديها ، لذلك استبدل بهما شخصية "الشاطر حسن" لتصبح أكثر إقناعا من كافة النواحي .
وعدل الكاتب المسرحي أيضا في شخصية الحاكم بأن جعله يضع شبيهه مكانه ويخرج هو إلى السوق . ولكن في النص الشعبي لم يأخذ الحاكم مكان أبي الحسن ولم يلبس ملابسه، بل ترك له الحكم ليرى إن كان بوسعه أن يكون قادرا عليه أم لا .
تعليق :
التعديل بالنسبة لهذا العنصر تعديل جيد ، وربما قصد المؤلف من ورائه أن يبين لنا أن الحكم مقدرة وكفاية قبل أن يكون وظيفة ، وأن الحاكم الجيد هو الذي يعرف معاناة المحكومين ولا ينفصل عنهم. وبالتالي فإن رجلا من الشعب قد ينجح في هذه المهمة أكثر من سواه . منطق الحكاية الشعبية القديمة إذن لم يعد يناسب العصر الحديث ، ومن هنا عمد المؤلف إلى إضفاء طابع المعاصرة ليصبح أكثر واقعية .
وهناك عناصر أخرى عدلها الكاتب في المسرحية ، فنراه ينسب إلى الشاطر حسن ، قيامه بالإنجازات التالية على مدى الأيام الثلاثة :
في اليوم الأول : إخراج المظلومين من السجن .
في اليوم الثاني : القضاء على الدجالين في المدينة .
في اليوم الثالث : إعلان الحرب على الأعداء من أجل استرداد جزيرة الأمل .
أما بالنسبة للنص الشعبي فكانت إنجازات أبي الحسن المغفل على النحو التالي :
اليوم الأول : يأمر بتخفيض الأسعار في السوق .
اليوم الثاني : يأمر بتنظيف الشوارع في بغداد .
اليوم الثالث : يضرب تجار بغداد ويأمر بإيداعهم السجن .
ولما كان المؤلف قد عدل زمان المسرحية وعصرها ، فمن البديهي أن يقوم بهذه التعديلات كي يصل إلى التناسق مع المفهوم الدرامي لنصه المسرحي .
والحكاية الشعبية إذن تعالج قضايا داخلية يعاني منها الشعب في عصر تأليف الحكاية على حين أن المسرحية تعالج القضايا الداخلية والخارجية معا انعكاسا للواقع العربي السياسي المعاصر.
تحليل الشخصيات :
" الشاطر حسن " :
يعتبر الشاطر حسن الشخصية المحورية في المسرحية ، وهو شاب طيب القلب أمين ذكي يساعد كل محتاج ، ومما يدل على أمانته أنه أثناء تجوله في السوق مع صديقه " مختار " يعثر على كيس نقود سقط سهوا من الأميرة " ست الحسن " فيحاول على الرغم من فقره أن يعيده إليها ، ومن الواضح أن الكاتب المسرحي قد أجرى في حياة بطله الشاطر حسن تحولا ملحوظا ، فبعد أن كان حمالا فقيرا يحمل أمتعة الناس ويساعد كل محتاج ، أصبح بمحض الصدفة حاكما للبلاد ، بسبب التشابه الكبير بينه الأمير .
على الرغم من أن ذلك كان لمدة قصيرة هي ثلاثة أيام إلا أنه قام بمنجزات لم يتمكن الحاكم الفعلي من تحقيقها أثناء فترة حكمه الطويل . والشاطر حسن شخصية شعبية ذائعة في عالم الحكايات الشعبية لأنها ترمز لابن الشعب البسيط الذكي ، والذي يحس كفرد من أبناء الشعب بالمعاناة والظلم ، ولكنه لا ينسحق تحت وطأة هذه المعاناة كسائر المواطنين أو يستسلم كما يستسلمون ، بل يفكر فيها ويحاول إيجاد حل لها . والشاطر حسن يتمتع بمقدرة لا تكشف عن نفسها إلا من خلال التجربة الحية ، كما أن ذكائه لا يتضح إلا حينما يواجه التحديات وكأنه عبقرية شعبية في حالة كمون تدخر نفسها لوقت الحاجة.
وهناك عدة شواهد تدل على أن الشاطر حسن يقدم المساعدات لكل محتاج ، وهي أيضا خير دليل على أنه ذكي يجيد استخدام عقله وينجح في التخلص من المعضلات بما لديه من خبرات فطرية ومكتسبة.
فنجده في الفصل الأول يقدم المساعدة وعمل الخير دون انتظار المقابل :
بائع 2 : تكفه يا شاطر حسن عندي حمولة في المخزن أبيك تساعدني في شيلها .
مختار : وأنت كل ما تشوفنا تقول تعالو ساعدونا في شيلها .
بائع 2 : الشاطر حسن دائما يساعدني .
مختار : وكل شيء تبينه بلاش ليش ما تأجر لك عمال أحسن لك .
الشاطر : ابلاش ابلاش يعني الواحد إذا ساعد الناس لازم يأخذ منه شي شي رد فعل الخير أعمل خير وقطه البحر .
....................
بوسعيد : ........... يا ولدي أبيك أبي الطبيب يشوف أولدي ما أدري أشفيه .
الشاطر : حاضر على أمرك أمر عليج قبل صلاة المغرب أخذ الولد وأوديه الطبيب .
كما تتضح أمانته وحرصه على حقوق الآخرين :
بائع البرتقال : برتقالي راح آه يا برتقالي .
..............
الشاطر : اسكت زين قاعدين نجمعه لك .
.............
الوصيفة : يا ويلنا السلطان حسان أهنه .
ست الحسن : يالله امشي أكيد أهم لاحقينا .
الوصيفة : أكيد ... بس بسرعة ( وهما يجريان يقع الكيس النقود من الأميرة ) .
..............
مختار : ( يسرق برتقاله ويضعها في جيبه ) برتقالي آه يا برتقالي .
الشاطر : عيب يا مختار طلع البرتقالة .
.............
( يعطي البرتقالة للبائع ) عيب يا مختار .
أركض يا مختار خلنا نلحق البنات التينتين .
عشان طاح منهم كيس فلوس .
يظهر ثباته على الحق وإيمانه بكرامة الإنسان وعدالة القضية وعودة المشروعة لأصحابها :
الرسول : يا مولاي حنا جيبين معاهدة سلام وصداقة .
الشاطر : إذا تبون السلام معناه لازم تخلون الأرض اللي استحليتموها , وإذا ما تنازلتوا تأكدوا حنا ما راح نسكت عن شبر واحد من أرضنا , إذا مهو بالطيب نأخذها بالحرب .
الرسول : بس يا مولاي .
الشاطر : لا تحاولون ماكو سلام إلا بعودة الأرض حق أصحابها .
...............
حنا نبي نحارب من أجل السلام من أجل عودة سكان جزيرة الأمل لبلادهم عشان كرامة الإنسان من أجل الحياة .
ويتضح وفاؤه بالعهد وعفة النفس ، وعدالته وجوره على الظلم ومناصرة المظلوم :
السلطان : المفروض الحين أنك ما تعطيني السلطنة .
الشاطر : عيب يا مولاي أنا وعدتك ووعد الحر دين .
السلطان : شنهو سويت في ها لثلاثة أيام .
الشاطر : أول يوم سمعت شكوى المظلوم ، تاني يوم حققت العدل ، ثالث يوم ظلمت ..
السلطان : من ظلمت ؟
الشاطر : ظلمت نفسي لأني فكرت إني السلطان الصجي .
...............
السلطان : هذي مكافأة لك ولإخلاصك بالعمل .
( السلطان يمد يده بالنقود ولكن الشاطر حسن لا يأخذها )
الشاطر : سامحني أنني أرفض فلوسك ويكفيني أني خذيت فلوس الوزير سليمان ووزعتها على الجنود وسامحني لأني طلعت كل المساجين وخليت كل الشعب وكل الناس تهتف باسمك السلطان حسان وبس في أمان الله .
" الحاكم " - السلطان حسان :
يعتبر الحاكم في المسرحية من الشخصيات الرئيسية ، ولقد ظهر الحاكم بمظهره السلبي في بداية المسرحية ، نتيجة محاصرة الوزير له وتضييقه الخناق عليه ، وإيهامه بأنه مريض ، ثم طرأت للحاكم فكرة البحث عن قميص أسعد سعيد لكنه لم يهتد لإنسان على هذه الصورة . و تدل هذه الحادثة على أن هناك أفكارا كامنة في عقل الحاكم ، وأنها كانت تؤرقه بحثا عن الأسلوب الأمثل للحكم .
ومما له مغزى أن فكرة توهم الحاكم للمرض هنا رائعة ، فهي رمز لأن الحكم بصورته الراهنة حكم مريض في حاجة إلى معالجة ، كما أن هذا الاعتراف في حد ذاته ينطوي على شجاعة من الحاكم ، وهو يدل على أنه يرفض واقعه ويبحث عن حل . ومن هنا نفهم فيما بعد لماذا قبل مغامرة وجود حاكم غيره ودليل ذلك ما فعله عندما استغل عنصر التشابه بينه وبين الشاطر حسن فجعله يحل محله .
وهناك دليل واضح على أن الحاكم متواضع نستمده مما حدث عند نزوله إلى المدينة ومعايشته لأهلها ، وبهذا ازدادت معرفته بنفسه واستطاع أن يعالج الأمور بشكل أفضل ، وأن يضع حدا لتجاوزات الوزير الظالم ، ومن ثم تحسنت علاقته بست الحسن بعد أن تبين له خطأه في الحكم عليها .
ففي الفصل الأول نرى خير دليل على طيبة قلب السلطان وحبه لوطنه ولشعبه وتعاطفه مع الناس:
السلطان : مأنا لا يمكن أتزوج وسكان جزيرة الأمل مطرودين مشردين في كل مكان اشلون .. اشلون أستريح وهم قاعدين يتعذبون يوم عن يوم اشلون آكل وهم يعانون .. اسمع يا وزير العدو لازم يمشي من أرضنا فهمت لازم .
..............
الوزير : يا مولاي حنا قاعدين ندور على صحتك وإن شاء الله يصير صحتك زينة هذي فرحتنا في الدنيا .
السلطان : أي فرحة هي بقت فرحة في قلوبنا .. تقدر تقولي جزيرة الحوت طردت جزيرة الأمل ليش ؟
ليش استولوا على الأرض طيب والناس المساكين أهل جزيرة الأمل وبن يروحوا ليش ساكتين أهل جزيرة الأمل ما يتحركون من الحين .
كما تتضح إيمانه بأن الاتحاد قوة لقهر أي عدو :
السلطان : المصيبة أني لما أقدر أسوي شي بروحي وأيد وحده ما تصفق لازم الناس والشعب كله يصير معاي حتى البلدان اللي يمنا لازم يكونون معايا .. لأن العدو مهو عدو لي بروحي هذا عدونا كلنا . ومدام آخذ جزيرة الأمل وحنا ساكتين له .. بأجر يأخذ كل الجزر كل البلاد .
- " الوزير " :
نموذج صادق لشخصيات الوزراء الذين يحيطون الحاكم بسياج منيع يفصل بينه وبين شعبه ، والذين يحاولون استغلال كل الظروف لمصالحهم الشخصية .
أنه رمز بطانة السوء في كل عصر ومكان ، هذه البطانة التي تحيط الحاكم بسلطانها الطفيلي فتحجب الرؤية عن الحق والصواب . كما يتصف الوزير في هذه المسرحية بالنفاق ومحاولة خداع الحاكم وإيهامه بالمرض تحت ستار إظهار منتهى الولاء و الإخلاص له .وكان الوزير دائم الحرص على انتهاز جميع المناسبات للعمل على الكسب الشخصي لنفسه والإثراء على حساب الدولة . ولهذا كان شخصية تجيد النفاق والخداع والشر .
ففي الفصل الأول نجد الدليل على نفاقه وأنانيته وحبه لنفسه لتحقيق مآربه الشخصية :
الوزير : أنت مريض يا عمي روح استرح اشوي روح نام وبعدين تتكلم في الموضوع بعدين ( يخرج السلطان )
( للجمهور ) مريض ودفعت للطبيب والمنجمين ، أخليه يحارب لا إذا حارب راح انشغل عن التجارة وانشغل عن السوق وإذا حارب أكيد يبي يأخذ الحلال كله معاه وما راح استفيد منه بشي .... لكن لازم أخليه يتزوج ست الحسن أنا نجحت إني ما أخليه يطلع بره القصر من يوم ما مات أبوه وأنا مربيه وأنا المسئول عن كل شي وأنا شغلي من الناس مني مالنا شغل بالحرب مره واحدة .
ويتكرر النفاق والخداع والدهاء في حيله لحجب السلطان والأميرة عن الرعية :
الوزير : وليش السلطان يمشي في الشارع مولاي السلطان عنده قصور وحدائق يقدر يمشي على راحته و بعدين لا تنسين أن السلطان مريض وأي مكروب يجيله .. يزيد مرضه .
............
واش حقه يروح ، الشعب كلهم في خدمته .
...........
لا يا مولاتى أنتي تحتاجين للعلاج أكيد حاشج مكروه منهم هزيلا .
كلهم أمراض .
وفي الفصل الثاني يبدو حقده وقسوة قلبه :
الوزير : حبسنا الأميرة .. وان حاشت .. ومسكناها وحبسناها .
الشاطر : ميانين أنتو اشحقه تحبسونها .
الوزير : ( يهمس في أذن الشاطر ) اشرايك نشنق الوصيفة .
" ست الحسن " :
كانت شخصية ست الحسن على قدر من الذكاء والطيبة ، كما كانت تدرك نفاق الوزير على الرغم من أنه لم يكن هناك من سيصغي لهواجسها . كما كانت تبدو على وعي بحال الشعب . وعلى الرغم من أن " ست الحسن " أميرة اعتادت على الرفاهية ، وأنها تنتمي للبيت المالك ، إلا أنها في المسرحية أكدت حرصها على الاختلاط بالشعب في ساحة السوق . ثم أنها كانت على وعي بمكائد الوزير وشروره وأنهت عقبة أمام معرفة الحاكم بحقائق الأمور ، ولذلك تعرضت للإيذاء من جانب هذا الوزير الذي أوغر صدر الحاكم عليها . كما كان الوعي السياسي لدى الأميرة صادقا حينما أبدت سخطها لضياع جزيرة الأمل في غفلة من السلطان الحاكم . وخلاصة القول أن الأميرة " ست الحسن " تمثل اتجاها مقاوما للظلم من داخل النظام نفسه وليس من خارجه ، أما الشاطر حسن فهو يمثل التيار الراغب في الإصلاح من جانب الشعب.
تتضح لنا في الفصل الأول مدى حبها للشعب وتعاطفها معه وإيمانها بدوره الحقيقي :
ست الحسن : شفتي اشلون .. ولا أنا محتارة بعمري .. ودي اطلع أشوف الدنيا وأكون بين الناس .. أشم هوى المدينة الحقيقي ..
................
الشعب أهو التاج . وهو السيف .. وهو الباقي .
................
من حقي أروح السوق وأشوف الناس وأعيش معهم .
................
أنا فرحانة من فرحة الناس .
ومما يدل في الفصل الثاني على أنها كانت على وعي بمكائد الوزير وشروره :
ست الحسن : أنا فاهمتك زين وأعرفك من أي سكة .. وخلني ساكتة .
................
الوزير هذا عارفته من زمان ثعلب مكار يصطاد في المياه العكرة .
بس وبن يروح مني أنا ورآه والزمان طويل .
ويتضح لنا أن الأميرة ست الحسن تعلم بكل ما يجري بالمدينة وغير راضية عن الأوضاع السائدة وتريد الصالح للشعب والمدينة .
- " مختار " :
يعتبر مختار أيضا من الشخصيات الرئيسية في المسرحية ، وهو الصديق الوفي للشاطر حسن وقت فقره ، ولقد وقف مختار بشهامة مماثلة إلى جانب السلطان حسان أثناء تنكره في السوق . ويعتبر مختار شخصية كوميدية في المسرحية عملت على إضفاء نوع من الترويح الكوميدي عند الأطفال ، وهو شاب طيب القلب مطيع ووفي للشاطر حسن .
ففي الفصل الأول نرى صداقة مختار للشاطر حسن وحرصه على مصلحته :
مختار : قوم زين ما أدري شتنام عليه في بيتكم قوم بس الله يرحم حالنا وحالك قوم يا حسن يا تعبان يا كسلان .
..............
أمش زين .. البحر قاعد ينادينا نروح نكسب اللقمة بالحلال .
كما يبدو في الفصل الثاني إيمانه بنفس مبادئ الشاطر حسن ومساعدته للسلطان :
مختار : مسكينة عندها 9 يهال تكد عليهم فقيرة وأيد .
السلطان : اكو أحد فقير في بلدي .
مختار : الله اكبر كل أهل البلد فقارة وأولهم أنت وبعدين شنهي هذي بلادي من مته تقول جذيه وأنت عارف البير وغطاه الوزير سليمان بايع الاكو والماكو ( يعطيه الولد ) خذ الولد روح وده الطبيب .
..............
خلاص عيل الناس فرحانة علشان جذيه بي ترجع حق أراضيها .
..............
الناس تبي الحل ما تبي وعود ما تبي كلام الناس شبعت من الكلام .
اللي كوحلها حق النتيجة .
..............
وبن رايح .. تعال شوف الناس اشلون عايشة .. شوف الناس شقاعدة تسوي شوف الناس اشتبي منك لو رحت القصر راح اللي بناه الشاطر حسن كله . الشاطر حسن خلي الناس تعيش فرحانة خلي الناس تحب بعضها .
البناء الدرامي :
صاغ الكاتب بناء مسرحيته كالتالي :
ظل الحاكم يبحث عن أسعد إنسان في المدينة ، فلم يعثر على أحد وإنما التقى بمحض الصدفة بالشاطر حسن ، الذي جاء ليرد على ست الحسن كيس نقودها ، فاستغل الحاكم التشابه القوى بينه وبين الشاطر حسن وطلب منه القيام بدور الحاكم التشابه القوى بينه وبين الشاطر حسن وطلب منه القيام بدور الحاكم لمدة ثلاثة أيام ليباح له فرصة النزول إلى المدينة والتعرف على أحوالها .
تبدأ المسرحية بمشهد قرب منزل مختار حيث ينام الشاطر حسن تحت شجرة ، بينما المنادي يمر في طرقات المدينة وهو يردد إعلان السلطان عن مكافأة لمن يعتبر نفسه أسعد إنسان في المدينة . وفي لحظة من اللحظات تتردد أغنية تروى قصة قيام الشاطر حسن بحل لغز الوحش " عن طريق الحلم " كإشارة لذكاء هذا الشاب ، ويتصادف في ذلك الوقت مرور ست الحسن ، إحدى الأميرات ، مع وصيفتها في سوق المدينة . وأثناء تجولها ، يسقط منها كيس نقودها سهوا، ويعثر عليه الشاطر حسن ، ومن ثم يتبع خطواتها كي يعيد لها الكيس ، فهو الرجل الذي اشتهر بالأمانة بين مواطنيه وأهله . ويرافقه في تلك اللحظة صديقه مختار، ولعل الكاتب سعى إلى ذلك حتى تتحقق للشاطر حسن فرصة اللقاء بسلطان البلاد.
وتتصاعد المعاناة في نفس السلطان حين يعجز عن العثور بين شعبه على من يعتبر نفسه أسعد إنسان ، وتنفرج الأزمة عند عثوره على شبيهه الشاطر حسن ، ليعرض على الأمير فكرة الجلوس مكانه على العرش لمدة ثلاثة أيام ، حتى تتاح له فرصة معايشة مواطنيه والتعرف على مشاكلهم . ويقبل الشاطر حسن هذا العرض ويقوم كل منهما بمهمته خير قيام مع الالتزام بالمصلحة العليا للمدينة . وفي هذه اللحظة يدرك السلطان ظلم ونفاق وزيره ، وكيف أبقاه حبيس القصر ومنع عنه الاتصال بالشعب ، مدعيا حرصه على صحته الشخصية . وفي الوقت نفسه يعفو الشاطر حسن عن المسجونين والمظلومين، ويحقق العدل ويعلن الحرب على الأعداء الذين يهددون بلده ويساومونه على قطعة من أرض وطنه .
وفي الموعد المحدد يسلم كل منهما للآخر بعد أن أخذ السلطان درسا مفيدا في أسلوب الحكم ، ولهذا استمتع الشاطر حسن بأيام حكمه الثلاثة ، وأثنى على أمانته واستقامته كما عوقب الوزير على فعلته وبعدها تم زواج السلطان من ست الحسن .
الحوار :
كان الحوار منسجما مع الأحداث ومع الشخصيات ، حيث كان بلغة مبسطة واضحة يستطيع الأطفال استيعابها ، كما كان موحيا ومركزا في معظم المشاهد . ولكنه مدون كذلك باللهجة الكويتية – المصرية ، كما هو الحال في مسرحية سندريلا . وبوجه عام نلاحظ تطورا إلى الأفضل في صياغة الحوار عند المؤلف ، على الرغم من أنه مازال يتسم في طابعه بشيء من الذاتية والذهنية وأحيانا يتخذ الصبغة التقريرية .
بعض الانتقادات للمعالجة المسرحية :
حاول المؤلف تأكيد ذكاء الشاطر حسن عن طريق أحداث وتفريعات عديدة منها الأغنية ومنها لغز ( الذي يشبه لغز الهولةSphinx الإغريقي ) – لقد أراد – الكاتب بهذا أن يؤكد ذكاء بطله عن طريق حل الألغاز، لكن اختيار هذا اللغز بالذات أمر لا يخلو من دلالة ، فهو في آخر الأمر لغز المعرفة والوعي والنضج الإنساني . وعلى الرغم من هذا نحس أن هذا اللغز مقحم على السياق الدرامي ، وأنه لا يرتبط به : فهو محاولة ذهنية أراد بها المؤلف مزاوجة رموز من الأساطير الإغريقية برموز من التراث الأسطوري الشرقي ، بطريقة لا تبدو لنا مناسبة .
كما أن تصرف الشاطر حسن في بعض الأحيان لا يدل على أنه يتمتع دوما بهذا الذكاء فعندما يرغب في الدخول إلى قصر السلطان نجده يلجأ إلى اعتلاء سور القصر مع أن أحدا لم يمنعه من الدخول إلى القصر عن طريق الباب ، ولم يوضح لنا المؤلف أنه حاول دخول القصر بطرقة طبيعية فمنع من ذلك.
مشهد حضور مدعي السعادة ( قميص أسعد سعيد ) لقصر الأمير ، لم يكن مشهدا له ضرورة درامية ملحة ، فضلا عن أنه كان يظهر الحاكم بصوره ساذجة للغاية ، لأن مثل هذا القميص لا يمنع السعادة المطلوبة بحال من الأحوال . أن مثل هذا المشهد يتناقض مع جو المعاصرة والواقعية الذي بينا أن المؤلف أراد أن يضيفه على معالجته المسرحية للقصة الشعبية .
لم يقدم المؤلف مبررات واضحة في الجزء الأول من المسرحية ليوضح بها أن الشاطر حسن كان يتطلع إلى أن يصبح حاكما على الأقل كأمنية كما فعل أبو الحسن في القصة الشعبية التي سبق أن تناولتها. ويبدو لي أن التغير الذي طرأ على شخصية الشاطر حسن في هذا الموقف كان يحتاج إلى مزيد من التمهيد .
الإخراج :
اعتمد الإخراج في مسرحية الشاطر حسن أساسا على كسر الإيهام بصورتين :
الأولى : كسر الإيهام عن طريق دخول المنادي من الصالة متجها إلى الجمهور وهو يخاطبهم بشكل مباشر عن أسعد إنسان في المدينة .
الثانية : عن طريق جعل جمهور الصغار مشاركا في الأحداث التي دارت في القصر عندما حل الشاطر حسن محل الأمير ، و لقد نجح المخرج في إضفاء التأثير المطلوب رغم تقابل الاثنين وجها لوجه .
ولقد استفاد المخرج في هذه المسرحية من المدرستين البرختيه والواقعية ، مما أدى إلى جذب انتباه الجمهور ، لأن الأسلوب الملحمي يهدف إلى المشاركة بوعي دون تقمص. أما الأسلوب الواقعي فيؤدي إلى الاقتناع القائم على التطابق بين الفكرة وأسلوب حدوثها .
الديكور :
المسرحية بفكرتها المطروحة تتضمن مناظر متعددة ، مما يدفع بمصممة الديكور إلى تصوير تشكيلي ، يعطي إحساسا للمتفرج الطفل بأن الديكور عبارة عن وحدات مختلفة الأشكال تتحرك على عجلات وكأنها لعبة من اللعب التي يعرفها الأطفال ويقومون أحيانا بتركيبها . ولقد استغل الديكور في المسرحية الفراغ المسرحي ككل ، بحيث جعل غرفة عرش السلطان في نفس المكان الذي تدور فيه أحداث السوق ، ويتم هذا طبقا لتغير أواع الديكور مما يساعد على الإيحاء بالمكان ، وبهذا فالديكور في المسرحية قد جرد من الأسلوب الواقعي واستهدف كشف المكان بصورة جمالية كي يثير خيال المتفرج أيا كانت نوعيته و أيا كان سنه.
الإضاءة :
الإضاءة عنصر هام في المسرحية ، فإلى جانب أنها تهدف عموما إلى أن يكون الممثل مرئيا ، فهي توحي بطبيعة المكان من ناحية وبالمناخ الدرامي المحيط من ناحية أخرى ، وتساعد على خلق التأثيرات البصرية وعلاقتها بالحركة . وفي مسرحية الشاطر حسن كان هذا هو المنهج المتبع بالنسبة للمشاهد الاستعراضية الغنائية ، فلقد تم فيها استغلال عنصر الألوان لإبراز القيم اللونية في الملابس ، كما استغلت الإضاءة بشكل متغير يتلون مع الإيقاعات الموسيقية . باختلاف نموها وتطورها بحيث يعطي كل هذا للجمهور تأثيرا دراميا . ولهذا كانت الإضاءة منسجمة مع العمل المسرحي ، وعبر عن الحالة النفسية للممثلين .
الملابس :
الملابس بشكل عام كانت تعبر عن طبيعة المرحلة التاريخية للشخصيات ، إلا أنه في كثير من الأحيان قد جرى استعمال الملابس العصرية خصوصا في المشاهد الاستعراضية ، وربما كان هذا من أجل إجراء إسقاط على العصر الحالي من جانب المشاهدين . وقد ظهر المزج بين الملابس التاريخية والملابس العصرية للأطفال ، وذلك للربط بين التراث والمعاصرة .
الموسيقى :
تنقسم الموسيقى إلى قسمين : اللحن ، والموسيقى التصويرية – للربط بين المشاهد . فكان من الملحوظ بأن الأغاني بألحانها المتنوعة المرتبطة بالتراث البيئي المتنوع الإيقاعات كانت موظفة لخدمة المواقف الدرامية بمعنى أن اللحن أو الأغنية كانت امتدادا للمواقف الحورية . ولم تكن الأغاني أيضا جسما غريبا دخيلا في العمل الدرامي بل شكلت وحدة متمازجة ، بينما الموسيقى التصويرية مستمدة من طبيعة الألحان ذاتها وهذا أيضا يؤكد لنا ظاهرة التجانس الفني الذي كان له أكبر الأثر على الجمهور .




















مسرحية " الشاطر حسن "

تأليف : السيد حافظ
إخراج : أحمد عبد الحليم
ديكور : ماجدة سلطان
أزياء : رجاء البدر
الاستعراضات الراقصة للدكتور حسن خليل
الممثلون :
عبد الرحمن العقل : الشاطر حسن
استقلال أحمد : ست الحسن
محمد جابر : مختار
هدى حماده : الوصيفة
القلاف : الوزير
قدمتها مؤسسة الزرزور للإنتاج الفني
مسرح عبد العزيز المنصور بكيفان بتاريخ 2 / 8 / 1984 ولمدة شهر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق