السبت، 4 أبريل 2009

سرح الطفل فى الكويت 6


الحكاية الشعبية في مسرح الطفل عند

السيد حافظ

من خلال مسرحيتي سندريلا و الأمير و
قميص السعادة

عبدالعزيز خلوفه

ضمن بحث لنيل الإجازة من جامعة
سيدي محمد بن عبدالله - كلية الآداب و العلوم الإنسانية
ظهر المهراز - فاس
المملكة المغربية

اشراف : يونس لوليدي








السيد حافظ كاتب مسرحي ، وصحفي ، وسيناريست . ولد سنة 1948 بالإسكندرية جمهورية مصر العربية ، حاصل على دبلوم في علم النفس والتربية عام 1975 وعلى الجائزة الأولى في التأليف المسرحي بمصر عام1970 ، وجائزة أحسن مؤلف لعمل مسرحي موجه إلى الأطفال في الكويت عن مسرحية سندريلا عام 1983م عضو اتحاد الكتاب المصريين والعرب ، وعضو نقابة المهن التمثيلية والسينمائية المصرية . وهو أول كاتب عربي تطبع أعمالة للأطفال والكبار على الانترنت منذ عام 1997، وعضو شرفي في المنظمة الأمريكية للتربية المسرحية جامعة أريزونا ، وتنشر له جامعة أنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية ، كما تنشر أعماله في بريطانيا باللغة الإنجليزية. صدرت له عدة مؤلفات للكبار منها : كبرياء التفاهة في بلاد اللامعنى ، الطبول الخرساء في الأودية الزرقاء ، ظهور واختفاء أبو ذر الغفاري ، حكاية الفلاح عبد المطيع . وله أعمال مسرحية للأطفال نذكر منها : سندس ، علي بابا ، عنتر بن شداد ، الشاطر حسن . ألف عدة مسلسلات تلفزيونية وإذاعية على سبيل المثال عصفور تحت المطر ، همام وبنت السلطان وقدمت أعماله في أكثر من بلد عربي .

بعد هذه المحاولة التقريبية عن سيرة الكاتب وأعماله ، سنحاول الآن الكشف عن خبايا أفكاره ، وجوهر بعض مسرحياته التي ألفها للأطفال وهي : مسرحية " سندريلا والأمير " ومسرحية " قميص السعادة " .

ترى إلى أي حد نجحت تجربة السيد حافظ ؟

المبحث الأول : خصائص الكتابة المسرحية في مسرحية " سندريلا والأمير "

المطلب الأول : حضور الحكاية الشعبية :

" سندريلا " حكاية شعبية معروفة ومتداولة في الأدب الغربي ، وشائعة بين الأوساط الشعبية المختلفة ، ونظرا لروعتها ومرونتها ولتناسبها مع الفئة العمرية الناشئة ، فقد عولجت مسرحيا وتلفزيونيا عدة مرات ، كما وظفها القصاصون والشعراء في أعمالهم الإبداعية ، لما تعالجه هذه الحكاية من قضايا شائكة يجد الكاتب ضالته فيها. والسيد حافظ ككاتب مسرحي بتجربته وخبراته في البحث عن الأدوات والأساليب المسرحية المناسبة لعقلية الأطفال تمكن من توظيف هذه الحكاية في قالب فني رائع ، وعندما قرأناها تبين لنا الدور الفعال والجهد الجبار الذي بذله أثناء الاقتباس ، فهو لم يأخذ الحكاية كغذاء طازج سبق للأطفال أن ذاقوا طعمه ، بل يجده على العكس من ذلك ، وضعها في قالب ولونها بألوان تتناسب وخيال الطفل ، فنراه قد استغل الحكاية كمادة خام وقام بتحويرها إلى مسرحية اثبت فيها ذاتيته وغرس وسطها أفكارا وقيما لم تحملها الحكاية من قبل ، وجعلها تكتسي طابعا عصريا ، وتنحني أمام الثقافة العربية الإسلامية ، وفي هذا الإطار يقول السيد حافظ " أريد هنا الإشارة إلى نقطة واحدة وهي أن حكاية سندريلا ليست غريبة عن واقعنا العربي كما هي ليست غريبة عن الكويت وموروثها الشعبي . فقد اثبت الدكتور محمد رجب النجار في بحثه حول حكاية سندريلا أنها جاءت ضمن 38 حكاية مستمدة من التراث الموجود في أنحاء العالم من هنا أريد التأكيد على أن حكاية سندريلا ليست غريبة عن الكويت . فكثير من القصص الشعبية الكويتية لها جذور تحمل حكاية سندريلا التي نقدمها في هذا العمل المسرحي " [1] .

موضوع الحكاية يدور حول سندريلا ، فتاة يتيمة الأم ، مضطهدة ، نشأت بين زوجة أبيها وأختيها من والدها في جو من القهر والإذلال ، فقد حملوها مالا تطيق ، ولم يعطوها مقابل ذلك شيئا ، سوى القهر والهوان من الكلمات . وفي يوم من الأيام يدعو الأمير إلى حفل حضرته سندريلا بمساعدة امرأة عجوز تسمى " أم الخير "، وفي منتصف الليل تهرب سندريلا تاركة فردة حذائها ، فيبدأ الحراس بالبحث عن صاحبة الحذاء المفقود فيعثرون على سندريلا ويحضرونها للأمير ومعها زوجة أبيها وأختيها ، اللائي أردن حرمانها من هذا الحق ، وفي القصر ستواجه سندريلا مؤامرة الوزير الذي خطط لتكون ابنته هي زوجة الأمير ، وبعد صراع مرير ، تغيرت الأحوال ودارت عقارب الأيام صوب ساعة الحق حيث تحقق العدل وتزوج الأمير نور الدين بسندريلا وعمت الفرحة البلاد .

المطلب الثاني :البناء الدرامي :

أ - تقسيم المسرحية : " سندريلا والأمير "

قسم السيد حافظ مسرحية " سندريلا والأمير " إلى ثلاثة فصول :

- الفصل الأول : ( من الصفحة 7 إلى الصفحة 26 )

افتتحت المسرحية بأجواء السوق وفيه يدور حوار بين سندريلا والعم خليل نفهم منه معاناة سندريلا نتيجة قساوة زوجة أبيها معها ، وهذه البداية دقيقة ورائعة لأنها انطلاقة تحتوي على مفاتيح تساعد على فهم الأحداث المقبلة ، ويظهر المنادي الذي يعلن البحث عن صاحبة الحذاء التي يريد الأمير الزواج منها ، والحراس يقومون بدورهم كما يجب إلى أن وصلوا إلى منزل سندريلا ، هنالك سيتمكنون من معرفة صاحبة الحذاء ، وهي سندريلا بعدما رفضت زوجة أبيها وأختيها أن تقيس الحذاء، لكنها أصرت ودافعت عن نفسها وقاست الحذاء ، هنا سيكون المؤلف قد علم الطفل كيف ينال حقه . وبعدئذ غادر الحراس المنزل ومعهم سندريلا وأهلها متجهين إلى القصر الذي ستتعرض فيه سندريلا لأبشع ظلم وهذه المرة جاء من طرف الوزير " مرجان " الذي دبر حيلة وهي إقناع الحارس بتبديل الحذاء الأصلي بحذاء " وردة ناز " ابنته التي أرادها أن تكون هي زوجة الأمير نور الدين ، وبالفعل تمكن الوزير من طرد سندريلا المتهمة بالخيانة والكذب ، ورغم ذلك لم يقتنع الأمير بما حدث ، واتضح هذا عندما عمد المؤلف إلى جعل الأمير يحلم من جديد بسندريلا لكونها هي صاحبة الحذاء ، وفضل السيد حافظ ختم الفصل الأول بهذه الأحلام كي يزيد تشويق الطفل تجاه أحداث المسرحية ، وجعل الطفل يتساءل عن مصير سندريلا . هل ستعود إلى القصر أم لا ؟

- الفصل الثاني : ( من الصفحة 27 إلى الصفحة 54 )

افتتح هذا الفصل بنفس خاتمة الفصل الأول حتى يتمكن الطفل من متابعة الحكاية بسهولة ويقدر على الربط بين الحدث السابق واللاحق ، فمن خلال البداية نرى الأمير مصر على إحضار صاحبة الحذاء والوزير يحاول تهدئة أعصابه وضبط سلوكه ، أما سندريلا فقد طردت من منزلها بعدما كانت تدافع عن حقها ورفضت أن تتنازل عليه ، وفي يوم من أيام تشردها التقت ب " أم الخير " أخت الأمير نور الدين بحيث نصحتها بالمقاومة وعدم الاستسلام والتشبث أكثر بملكها . وفي القصر يتمكن الوزير من جعل الأمير يتزوج من ابنته " وردة ناز " .

وهنا نشعر بأن الحبكة تتبلور وفق تسلسل منطقي سيكولوجي . لكن سرعان ما سيتدخل المهرج لفضح اللعبة، وأقنع الأمير بكون " وردة ناز " ليست صاحبة الحذاء، واقترح عليه الخروج إلى الشارع للبحث عن صاحبة الحذاء الحقيقي ، وخرجا متنكرين بزي آخر حتى لا يتعرف عليهما أحد ، وبهذا الخروج سيكتشف الأمير المظالم التي ارتكبها الوزير " مرجان " في حق الشعب ، وأبدى إعجابه عما خفي عن عيونه . وأختتم هذا الفصل بطرد سندريلا من جديد بعدما كانت تحاول مقابلة رئيس الديوان في القصر لتشتكي له عما وقع لها . وقد عرف السيد حافظ كيف ينهي هذا الفصل تاركا المفاجأة إلى الفصل الثالث .

الفصل الثالث : ( من الصفحة 55 إلى الصفحة 75 )

ابتدأ هذا الفصل بنبأ وفاة الأمير نور الدين وهو أمر اصطنعه الوزير "مرجان " مستغلا فرصة خروج الأمير وغيابه عن القصر حتى يتمكن من الجلوس على كرسي العرش ، وهذا الحدث هو الذي جعل خيوط الدراما تتمدد ، والخبر لم يصدقه الشعب في الوهلة الأولى فقد تعجب لهذه المفاجأة . ولما شاع هذا الأمر بين الناس وعلمه الأمير والمهرج، دافعا معا بجرأة وحرارة لإسقاط هذه الأكذوبة المفتعلة ، فشلا في البداية بإقناع الناس بكون الأمير هو الذي يحاورهم . وأثناء هذا الجدل الذي جرى في السوق ، ارشد شيخ السوق الأمير على منزل سندريلا ، وحين وصوله إلى المنزل تحايل على زوجة أب سندريلا بدعوى أن زوجها ترك لها مالا ، إلى أن وضحت له الطريق الذي سلكته سندريلا ، وفي طريقه التقى بأخته " أم الخير " التي ساعدته ودلته على سندريلا التي عادت إلى القصر ، أما الوزير فقد استغل الوضع ورفع من الضرائب غير الشرعية وأثقل كاهل الشعب بها بمشاركة ابنته ، وعاد نور الدين الذي لا يزال على قيد الحياة ، وعلل الإمارة بالعلامة التي تحددها ، وهنا ستعرف المسرحية ذروتها، فالعلامة هي نقطة تحول في سير العمل الدرامي . وناصر الناس كلهم الأمير نور الدين واندفعوا به إلى القصر. هنالك كانت سندريلا توبخ الوزير وابنته عما قاما به ، وهكذا اختتمت المسرحية بخاتمة واضحة تسعد الأطفال حيث عوقب الوزير وابنته وكل من ساهم في إفساد البلاد ، وأعلن رسميا زواج الأمير نور الدين بسندريلا ، واعتذرت زوجة الأب وابنتيها لسندريلا. وقد أفلح السيد حافظ في هذه النهاية حيث أثار مشاعر الشفقة والرحمة في نفوس الأطفال .

ب – الدلالة :

الحكاية بسيطة ولكنها تحمل في طياتها كل ما يثري ويغني ملكة الطفل ، فالسيد حافظ من خلال هذا النص الذي يتلاءم مع المرحلة العمرية التي يكتب لها لم يكن هدفه تسلية الأطفال ، وسد فراغهم ٍ، بل شحن النص بمضامين اجتماعية ، وإنسانية ، وروحية تتلاءم وتنسجم مع توقعات الأجيال الصاعدة . فمن الدروس التي يمكن أن يستفيد منها الطفل - والتي أراد السيد حافظ إيصالها إلى عقليته - مشكلة الفوارق الطبقية وما يسببه من أزمات اقتصادية في البلاد ، كما حبب المؤلف نشوء جيل الكفاح والنضال للدفاع عن الحق. ويتجلى هذا كله في قصة سندريلا التي قاومت معارضيها حول الحذاء فرغم ضعفها وفقرها فقد انتصرت وهزمت الوزير وابنته اللذان يتمتعان بنفوذ قوي وسلطة عالية ، لكن بالصبر والمواجهة يتكسر كل شيء . إن السيد حافظ أراد أن يربي في الطفل التحدي والصمود والإقدام ، فهو يقول له إن كل شيء ممكن ، وأن مع العسر يسرا ، وفي هذا الصدد يقول السيد حافظ : " النص المسرحي الجديد " سندريلا " أتعامل من خلاله مع الطفل بواسطة خطين أساسين الأول وهو الحكاية البسيطة ... " والخط الآخر " أو البعد الأساسي الثاني هو البعد الفكري للعمل حيث أهدف من خلال محاولتي البسيطة المتواضعة أن أقدم لأطفالنا مفهوم النضال والكفاح من أجل الحقوق والمبادئ التي كانت من أجلها " سندريلا ". إنني أريد التأكيد لأطفالنا أننا في عصر لا يعتمد القوى الخفية والأحلام في مجال تحقيق طموحاتنا ، لأن العصر لا يحتاج إلى هذه النقاط في معايشته للواقع " [2] . ولهذا فقد ركز على شخصية سندريلا المحورية وهو النموذج المحتذى ، والمؤلف انتبه إلى أنوثة الشخصية ولذلك يمكن تحريك مشاعر الأطفال سواء كانوا ذكورا أو إناثا .

ج – الرمزية :

الجديد الوارد في المسرحية والغائب عن أصل الحكاية هو الشيء الأساسي في ما يخص عصرنة وتطوير الحكاية ، فإضافة شخصية الوزير " مرجان " الذي أراد أن يزوج ابنته للأمير نور الدين ولو عن طريق الخدعة والمكر ، فهذه المؤامرات المرتبطة بالواقع إنما ترمز على البطانة الشريرة الظالمة التي تخفي الحقيقة عن الحاكم ، وهمها استنزاف ثروات الشعب ، وتطبيق سياسة تفقير الفقير وإغناء الغني عن طريق إثقال كاهل السكان بالضرائب وجعل القانون يخدم فقط مصلحة الطبقة البرجوازية ، فهذه الإضافة ذات بعد سياسي . وبالتالي فالسيد حافظ يؤكد على صلاح الحاشية التي تعين الحاكم في تدبير شؤون البلد ، فأساس وجودها بالنسبة للمؤلف جلب المصلحة ودرء المفسدة ، وعلى أن ازدهار الأمة وتقدمها رهين بوجود بطانة صالحة . فالتكافل الاجتماعي هو الذي يحقق الرخاء ويقضي على الفقر . وفي نفس السياق يقول نادر القنة " فالحكاية الشعبية هنا لا تعتبر حكاية الألم العاطفي ولكنها بطولة فضيلة الفقير ، في الوصول إلى حقه من أجل تحقيق حد أدنى من العدالة الاجتماعية ، وحق أدنى من تكافؤ الفرص والإنتاج في مجتمع متناقض تتداخل فيه معطيات الكساد أكثر من معطيات الإنتاج " [3] .

أما عن شخصية " أم الخير " الحاضرة في المسرحية فصورتها ترمز أكثر إلى منظمة مستقلة تدافع عن حقوق الإنسان ، وتدعو إلى المحافظة على القيم الإنسانية النبيلة ، فهي تقدم يد العون إلى المحتاجين والضعفاء والمساكين لا يهمها الربح والسمو بقدر ما يهمها العدل والتوازن والاستقرار . وفي ما يخص اندفاع الشعب والأمير إلى القصر فهنا رمزية وإشارة إلى الثورة كأسلوب شرعي وحل منيع لاسترجاع الحقوق والإطاحة بالنظام المستبد .

وإن كانت مسرحيتنا " سندريلا والأمير " قد شحنت بهذه الأساليب الرمزية فإن لها علاقة باللهو الطبيعي للأطفال ، ودورها إيجابي يتجلى في إيقاظ حس الطفل و الرفع من مستواه المعرفي والثقافي .

المطلب الثالث : الشخصيات بين مرجعية الحكاية والرمزية الواقعية:

إن الشخصية المسرحية من العناصر الهامة التي تتألف منها المسرحية . فهي حسب حسن المنيعي " تقوم بوظيفتها في المتخيل الجمعي من خلال الفرضيات التالية : التناغم مع ذاكرة الجمهور والارتباط بالمتخيل الجمعي ثم الارتباط باللاشعور الجمعي " [4].

وفي مسرح الطفل نجد مسرحياته تحتوي على شخوص ليس لها ارتباط بالأدب الواقعي المعاصر ، وكنت قد طرحت هذا السؤال على السيد حافظ : الشخوص الواردة في مسرح الطفل بعيدة كل البعد عن أدبنا الواقعي المعاصر ، فما السر في ذلك ؟ فاستطرد قائلا : " أي واقعي .. الواقع الذي يعيشه الطفل معقد وبشع ، نحن كتاب المسرح وكتاب الدراما التلفزيونية يكفي أن نخطف عقول الأطفال من هذا القبح ، ونخطف أفكارهم في هذا الصندوق .. نريدهم أن يغتسلوا من هذا الواقع البشع لأنه قد يسبب لهم الإحباط .. فإني باعتمادي على التراث والأسطورة والخيال اسرق الطفل وأخطفه إلى عالم آخر وأقول له إن الغد أفضل وأنت تستطيع أن تغير هذا الواقع . فأنا وجيل من الكتاب فشلنا في تغيير الواقع السياسي ، فأنت تستطيع أن تغيره ، وأنت الفارس القادم ، فهل تستطيع أيها الطفل الجميل أن تغير ما فشلنا نحن فيه وهذا هو دورنا في الفن .. نريد أن يهرب الطفل من هذا الواقع .. إن علينا تغيير هذا الواقع ، وهذا ما يجب أن يفعله الكتاب " [5] .

والشخصيات المسرحية الموظفة في مسرحيتنا " سندريلا والأمير " جلها محببة للطفل سيضطر للحديث عن مرجعيتها في الحكاية وما علاقتها بالواقع ترى إلى أي حد ساهمت في تحريك الخطاب المسرحي ؟ .

1- سندريلا : الشخصية المحورية في المسرحية ، البطلة والنموذج المحتذى ، عرفها الطفل في البداية يتيمة فقيرة وفي النهاية عرفها أميرة ، رمزا للكفاح والنضال الشعبي .

2- الأمير نور الدين : الأمير الغافل عما يجري في الشارع ، أحبه الشعب لخصاله الطيبة ، وعلى مستوى الواقع يرمز إلى الحاكم الذي يرعى البلد بنية حسنة .

3- الوزير مرجان : الشخصية الإضافية إلى الحكاية ساهمت في تمديد مسارها، استنزف ثروات الشعب ، وهدفه من البداية الاستيلاء على الحكم ، وهو رمز إلى الشر والظلم وإلى البطانة الفاسدة التي تستغل السلطة لخدمة أغراضها الخاصة .

4- وردة ناز : فتاة تربت في أوساط أرستقراطية ، ابنة الوزير مرجان ، أفكارها لا تختلف عن أفكار أبيها ، يحاول المؤلف من خلالها المقارنة بينها وبين سندريلا ليبين للطفل أن أبناء الطبقة الميسورة لا يتعبون في الحصول على مناصبهم ولا يرضون بالتعايش مع أبناء الشعب ، وهي رمز للشر والكبرياء .

5- المهرج : لم يلعب دوره المعروف وهو تسلية الأمير وقص الحكايات عليه ، بل جعله السيد حافظ شخصية إيجابية يستفيد منها الأطفال انطلاقا من حكمه ومواعظه ، أراده السيد حافظ أن يباشر الخطاب ، كما جاء في الصفحة 37 ، يقول :
الغش حرام .. والكذب الحرام ... والغش صار حقيقة يا أهل المدينة فالطفل يستقبل هذه الدروس في ظرف ذهبي يكشف النقاب ويفضح المستور وهو رمز للخير والصلح ، وإلى المستشار الصالح الذي يرافق الحاكم .

6- أم الخير : أخت الأمير نور الدين ، دفعت هي الأخرى ثمن تجبر الوزير ، ركز عليها المؤلف لحل عقدة الحبكة المسرحية ، ولطمأنت الأطفال . فهي رمز للكرم والإحسان ، وللفئة التي تدافع عن حقوق الإنسان .

7- هنود : زوجة أب سندريلا ، استغلت ضعف سندريلا ومارست عليها أبشع أنواع العذاب ، فهي رمز للقساوة والازدراء .

8- فهيمة ونعيمة : أختان لسندريلا ، تفكران بمنطق أمهما هنود ، وهما رمز للحسد ، والغرور، والغيرة .

9- شيخ السوق : شخصية تعبر عن انتماء وهوية الأطفال فهو رجل يدعو إلى التعقل ، فهي شخصية أساسية وظفها السيد الحافظ لزرع الثقافة الأصولية الإسلامية في عقول الأطفال . كما جاء في الصفحة 56 من مسرحيتنا يقول شيخ السوق :
" لكل أجل كتاب " وفي الصفحة 56 يقول : " لا حول ولا قوة إلا بالله " وفي الصفحة 72 يقول : " جاء الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقا " وهذه آية مقتبسة من القرآن الكريم ( الآية 81 من سورة الإسراء ) . يهدف السيد حافظ من خلال هذا ربط الأطفال بواقعهم الإسلامي ، فالشخصية رمز للإيمان والتقوى .

10- المنادي : الشخص الذي يبلغ الناس بما يحدث في القصر ، صاحب المستجدات والأخبار المفاجئة وهو رمز لأجهزة الإعلام في واقعنا المعاصر .

11- خليل : بائع الخضر كان يساعد سندريلا ويقف بجانبها في الشدة ، ويشاركها المأساة فهو رمز للرحمة والشفقة والعطف .

12- شهبندر التجار : شخصية ميسورة ، وكان معارضا لزواج سندريلا بالأمير بدعوى أن القصر لا يليق بها ، رمز إلى الفوارق الطبقية .

13- القاضي : المندد والرافض لسلوك الوزير بعدما ظهرت حقيقته ، رمز إلى الجهاز القضائي العادل والمستقل .

14- الشرطي : أحد أعوان الحاشية الفاسدة . رمز إلى القمع .

15- مجموعات من أهل السوق : شحاذ ، امرأة ، عصفور الحاوي : من خلالهم تتضح الصورة عن أبناء الشعب فهم رمز للضعف و التهميش .

16- مجموعات : حراس ، امرأة ، حاشية ، تجار ، زهرات : شخصيات ليس لها دور كبير في تطوير الأحداث ، ولكن حضورها مبرر لكونها توضح صورة أجواء القصر للأطفال .

المطلب الرابع : الحوار / اللغة :

إذا كان الحوار المسرحي هو الأداة الأساسية للتعبير عن الأحداث ، فإنه قد ساهم بشكل كبير في المسرحية التي بين أيدينا نظرا للمسحة الشاعرية التي تميزه ، إضافة إلى قصر جمله كما في الصفحة 31 ( مرجان : أقول لك أضحكها يا مغفل .... المهرج : يحكي أن فأرا هزم أسدا .... ). فمثل هذه الجمل تجعل الأطفال أشد انتباها لسماع الحوار . وهذه سمات أساسية في الحوار فهي تلائم طبيعة الطفل ، وتشده إلى متابعة الأحداث حتى نهايتها ، كما كتب الحوار بلغة فصحى بسيطة ومفهومة ومتداولة في قاموس كل طفل عربي ففي الصفحة 43 مثلا ( الوزير : قل يا مولاي ماذا تريد ؟

الأمير : أريد الحقيقة
الوزير : أي حقيقة ؟
الأمير : صاحبة الحذاء الجميلة ... ؟ )

سوف لن يحتاج الطفل إلى البحث عن معنى المفردات ، والسيد حافظ مقتنع بهذه الخصائص ولا يقول ما لا يفعل . والدليل عندما طرحت عليه هذا السؤال : هل يمكنكم أن توضحوا لنا خصائص الكتابة المسرحية الموجهة إلى الطفل والتي ترونها انتم مناسبة لمستواهم الفكري ؟

فأجابني قائلا " أولا : إن الكاتب عند ما يجلس لكتابة مسرحيات الأطفال يجب أن يكون متيقظا بحواسه الفكرية والذهنية وبمشاعره وأفكاره ، حتى يكون في حالة تيقظ وتنبه شديد ، لأن الطفل هو الوحيد الذي يستطيع أن يعلن رفضه للعمل الفني .. أو يعبر بصراحة ووقاحة وبوضوح دون مجاملة .
ثانيا : أن يكون الكاتب على ثقافة عالية وموسوعية في كل الاتجاهات .
ثالثا : أن يكون للكاتب القدرة على شاعرية اللغة ، وأن يكتب بلغة بسيطة وواضحة ومباشرة
وموحية .
رابعا : أن تكون الفكرة مضيئة .
خامسا : أن تكون الدراما عالية البناء والأحداث المسرحية متلاحقة " [6] .

المطلب الخامس :اللغات الدرامية في المسرحية :

إن الإحاطة أكثر بمحتوى مسرحيتنا هذه ، يتطلب الإشارة إلى الخصائص الفنية المتواجدة في النص الذي ندرسه ، ففيه بعض الإشارات التي تقرب الصورة وتوضح مسار الحدث الدرامي ، وتوصل المعنى المراد والمقصود ، فمنها ما يساهم لوحدها في أداء الدور التربوي والتثقيفي . وسنضطر لذكر هذه الإشارات مبرزين دواعي وجودها في نصنا " سندريلا والأمير " .

1 – الفضاء الدرامي :

يلعب الفضاء الدرامي دورا كبيرا في الإحالة على الواقع الاجتماعي لأن له دلالات واضحة موحدة بين الجميع ، كما يحدد لنا الزمن الواقعي الذي يتلازم مع المكان ويشير إليه ، وفي هذا المحتوى تقول سامية أسعد : " والمكان المسرحي واقع معقد للغاية ، بالقدر الذي يشتمل به من ناحية على مكان محسوس يتحرك فيه الممثلون ( خشبة المسرح ) ، أو يجلس فيه جمهور المتفرجين ، ومن ناحية أخرى على مكان يضم كل العلامات الحقيقية أو الضمنية الخاصة بالعرض " [7] .

وفي مسرحيتنا نجد بعض الإشارات التي تحيل على الفضاء الدرامي، ونقصد هنا فضاء السوق الذي هو المكان الخصب لترجمة الأحداث وتفعيلها . والمؤلف رأى هذا الموقع هو الأنسب لتظهر فيه العقدة وتتفجر فيه بعد الذروة والتطور ، واتضحت فيه معالم الشخصيات خاصة الرئيسية منها . ولهذا فإننا نجد المسرحية قد افتتحت بفضاء سوق المدينة ، وفيه ستفضح أفعال بطانة السوء ، وإلى جانب السوق هناك فضاء آخر وهو القصر الذي استحضره المؤلف لتوعية الأطفال سياسيا ، إضافة إلى منزل سندريلا المهيمن هو الآخر على الفضاء الدرامي الهدف منه إظهار معاناة سندريلا ، وبهذا يكون الفضاء الدرامي في مسرحيتنا قد أحال على الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي .






2 – الديكور :

الديكور هو الفضاء الهندسي المعماري للمسرح يختزل المسافات داخل العمل المسرحي ، كما يختزل الفترات في بعدها الاجتماعي والتاريخي ذات البعد الجغرافي ، والحضاري ، فالديكور يشير إلى فضاء العرض المسرحي بأدوات كاشفة و تحليلية لبنية العلاقات الداخلية التي يتم حولها الحكي والتمثيل ، والوسائل التي يستخدمها مصمم الديكور متعدد الشكل واللون والنوع [8] .

وفي مسرحيتنا ، أشار إليه المؤلف على أنه يتغير بمجرد تغيير الحدث كما في الصفحة 15 : ( يخرج فرح ... يدخل الديكور القصر )
وفي الصفحة 61 : ( تغيير الديكور )

فتغيير منظر الديكور يتطلب أن يكون المنظر خفيفا ، ويمكن تركيبه بسرعة حتى لا يعيق نجاح العرض المسرحي ، والديكور هنا يدور حسب مجريات الحكاية التي يتابعها الطفل ، فهو يساهم بشكل كبير في توضيح وفسخ ألغاز الحكاية ، كما يجعل الطفل أكثر انتباها وتركيزا .

3- الإضاءة :

الإضاءة هي أول العوامل الأساسية من بين تقنيات المنصة المسرحية فمن فائدة كبيرة في قيام الممثلين بتمثيل أدوارهم إن لم يبصرهم المتفرجون ، يستطيع النظارة في وجود الضوء المسيطر عليه أن يركزوا انتباههم على الجزء المناسب من المنصة [9] .

وليست الإضاءة صالة إبتكارية بل هي وليدة أفكار المؤلف المسرحي والمخرج ومصمم المناظر ، ومدرب الرقص ،والسيد حافظ أشار إلى هذه الخاصية الفنية في مسرحيتنا للكشف عن الجو النفسي والاجتماعي داخل المكان المشار إليه كالقصر والسوق والمنزل . كما في الصفحة 34 من المسرحية ( ضوء مع موسيقى على منزل سندريلا ) وهذا ما سيسهل على الطفل إمكانية وحدوث الحكاية التي يتلقاها.

4 – الموسيقى / الأغاني :

ليست الأنشودة التي يتلقاها الطفل في مسرحه نصا أدبيا قابلا للاستذكار فقط ، وإنما إيقاعات وألحان ملائمة لمستوى الطفل ، فالإيقاع هو تجنب التكرار برتابته ، مما يؤدي إلى متغيرات الأنغام وتعدد الجمل الموسيقية . وهذه الميزة للأنشودة تعتمد على الدور الذي يلعبه المربي في تربية الطفل موسيقيا وتعويده على الاستمتاع الجيد للكلام الملحون ، وتكوين الذاكرة الموسيقية وما يتبعها من توظيف جيد للطبقات الصوتية حسب طول أو قصر النغمة والمقطع أثناء الأداء [10] .

وفي مسرحيتنا ما أكثر الجمل الموسيقية وما أروعها ، فقد ركز عليها السيد حافظ في أكثر من مناسبة للترويح عن الطفل ، إضافة إلى نقل الأفكار والمعاني إلى عقليته ، فالأغاني هنا عبارة عن كلمات وألفاظ تحمل في طياتها المبادئ الراقية والقيم الإنسانية النبيلة التي يجب على الطفل الالتزام بها ، كما في الصفحة 49 و 51 .
( يغني المهرج والأمير ) ( أغنية تقول كلماتها ... بما يعني ... الحقيقة صعبة .. الحقيقة مرة .. أين الحقيقة ، الكذب ليس له أقدام .... )
وفي الصفحة 68 . ( مضمون الأغنية في النقاط التالية )
- لابد أن يضحي الجميع في سبيل الوطن
- لابد أن يضحي الكبير قبل الصغير .. والغني قبل الفقير .. )
وقد يكون وقع الأغنية سلبا على نفسية الطفل كما في الصفحة 16 : ( نحن كبار التجار نرفض أن يتزوج الأمير من بنت فقيرة ... ) .

والموسيقى في بعض الأحيان تحدد لنا الجو النفسي للشخصيات ، فالموسيقى الحزينة على وقع مشاعر الطفل تجعله يستشعر حالة الشخصية كما جاء في الصفحة 23 : (موسيقى حزينة .. مع خروج الجميع )، فالحزن هنا على طرد سندريلا مقصود من المؤلف لجعل الطفل يشارك سندريلا في أحزانها ، لأنها مظلومة والظلم أخطر جريمة ، ولكن خاتمة المسرحية كانت بموسيقى الحفل والزفاف والفرح ، فحسن الخاتمة تطهر الطفل من أية خصلة تسربت إلى ذهنه .

5 – الرقص :

أساس قائمة برامج الرقص هو المؤلفات ذات الفصل الواحد ، ومن الشائع عموما في هذه البرامج أن تتضمن فصولا فردية تختار من بين العدد الصغير نسبيا من الباليهات الكاملة الطول ، وعلى ذلك يكون هناك عدد كبير من فترات الراحة في العرض المسرحي[11] .

وقد حضر الرقص في مسرحياتنا مرة واحدة وكان ذلك في بداية الفصل الثاني ، والهدف منه جعل الحركة تنسجم مع الفعل أي رغبة الأمير في الالتقاء بسندريلا وإن كان هذا الحدث مجرد حلم . وكما يمكن اعتبار الرقص هنا فاصل أساسي في منتصف الحكاية حتى لا يمل الطفل من متابعتها .

6- الملابس :

إن الزي يحدد خصوصية الشخصية بتفكيرها وانفعالها وسلوكها عامة ، كما أن له دلالات عن الدور العلائقي داخل المسرحية باعتباره لباس يميز شخصية مركزية أو فرعية مثلا : اللباس العسكري لبطل تاريخي – لباس رقصة الوردة ..... [12]

وخطة الملابس هي قائمة جميع الملابس اللازمة لإخراج ما ، لممثل ، ولمنظر ، إنها قائمة تفصيلية لكل صنف على حدة [13] .

وللأهمية التي تكتسيها الملابس فقد أشار إليها المؤلف في محطات عدة ، ففي الصفحة 43 من مسرحيتنا يقول : ( وردة ناز ترتدي ثوب الزفاف ) ولذلك فثوب أو لباس " وردة ناز " سيوحي للطفل مباشرة معناه ، واللباس هنا يجعل الطفل يتعرف على الحدث من غير تصريح .

وفي الصفحة 46 ( تغيير الأمير والمهرج ملابسها بملابس تنكرية )، فلباس الأمراء مخالف لملابس العامة من الشعب . ولهذا سيتساءل الطفل مع نفسه بحثا عن سبب التغيير .

7 – الأصوات الاصطناعية :

يستعمل الصوت المكون الكترونيا . وفي المسرح لثلاثة أغراض : لتوجيه صوت الآلات الموسيقية وصوت الإنسان الذي يصدره المغنون والممثلون ، وإضافة الآثار الصوتية.

وفي مسرحيتنا نجد إشارات إلى الأصوات . فكل صوت له دلالة خاصة، فالطفل يتمكن من معرفة المقصود منه . ففي الصفحة 17 أشار المؤلف إلى ( بلاي باك صوت الثعلب ) فالطفل عندما يسمع صوت الثعلب سيدرك بسرعة أن الأمر فيه خدعة ومكر.ثم هنالك إشارة إلى صوت الطبول والزفاف التي تشعر الطفل بعظمة الحدث .

المبحث الثاني : خصائص الكتابة المسرحية في مسرحية " قميص السعادة "

المطلب الأول : حضور الحكاية الشعبية :

حكاية مسرحية " قميص السعادة " هي في الأصل حكاية " الشاطر حسن " المأخوذة من الموروث الشعبي ، والتي لها ارتباط بالحكايات الشعبية ذات الطابع السياسي ، ومضمون هذه الحكاية يدور حول شاب اسمه الشاطر حسن من مميزاته الإخلاص في العمل ، والوقوف بجانب المحتاجين ، فهو يمارس مهنة الصيد . وفي يوم من الأيام سيعثر على حافظة نقود ، فأراد إعادة الأمانة لصاحبتها وهي الأميرة " ست الحسن " فاضطر اللجوء إلى القصر ، وقد ألقي عليه القبض من طرف الحراس عندما كان يتسلق السور ، ولما رآه السلطان أبدى له شبه بينهما ، فطلب منه أن يغير ملابسهما ويترك له الفرصة لتفقد أحوال الرعية . وأثناء هذا التبادل وجد الشاطر حسن نفسه بين صولجان الحكم ، فأقام العدل بالإفراج عن المظلومين ، وعقاب الدجالين والمحتالين ، كما حرر البلاد عندما أعلن الحرب على الأعداء واستعاد جزيرة " الأمل " ، ولما عاد السلطان إلى القصر بعد ثلاثة أيام أدرك بأن الشعب في حاجة إلى العناية ، وإلى تقرير مصيره بنفسه .

أما حين نقارن حكاية الشاطر حسن بالحكاية الواردة في مسرحيتنا قميص السعادة فإننا نجدها مختلفة نوعا ما مع الحكاية الأصلية ولقد تم تحويرها . ومضمون حكاية قميص السعادة مختزل في شخصية واحدة وهو السلطان حسان الذي أصيب بحالة نفسية سيئة لم يستطيع أحد معرفة أسبابها ، ولحل المشكلة أمر الوزير الطبيب شعبان بأن يتحايل مع السلطان ويقول له بأن شفاءه في لبس قميص أسعد سعيد ، ولكن السلطان سيدرك الأمر، وفضل الخروج إلى الشارع ،وفيه سيعرف المحبة التي يكنها له شعبه ، وفي نفس الوقت كشف عن المظالم والمفاسد التي ترتكب في حق الشعب ،وسيستعيد عافيته بعد أن عاقب المجرمين والظالمين ، وتزوج الأميرة " ست الحسن " التي عشقته بعد أن عرفت طيبته كابن الشارع وليس كسلطان تعيس .

ومهما بدا الخلاف بين الحكايتين فإن الأصل واحد باعتبارهما حكاية شعبية، والتي يمكن القول بأن منبعها قريب من قصة " حسن الكسلان " في ألف ليلة وليلة وقصة " الوحش " لخالد البرادعي ، و" عودة الغالب " للدكتور فوزي فهمي ، ولها علاقة كذلك مع حكاية " الملك هو الملك " ومسرحية " مغامرة رأس المملوك جابر " وهما مسرحيتان لسعد الله و نوس استمدتا من حكايات ألف ليلة وليلة، والتي بشر فيهما سعد الله و نوس بدور الشعب ، البطل الحقيقي في كل انتصار، ثم مسرحية " شمس النهار " للكاتب البارع توفيق الحكيم التي استخدم فيها قسطا أكبر من فنون الفرجة ليمجد العمل ، ويقرنه بالسعادة ، ويقرر أن الحكمة والإنجاز هما دوما في أيدي الشعب القادر على بلوغها وهو دائما حاضر عبر الأجيال.

والمسرحيات المذكورة موجهة إلى الكبار في حين أن " الشاطر حسن " أو " قميص السعادة " موجهة إلى الصغار ، وهذا ليس عيبا فالأطفال هم كذلك لهم الحق في تراثهم الشعبي ، وهم الأجدر للإطلاع على المسرحيات التي تفضح الواقع السياسي لأن النضج السياسي هو أرقى مستويات التفكير . واستخدام السيد حافظ لهذا الأسلوب له مبرراته .

المطلب الثاني : البناء الدرامي :

أ - تقسيم المسرحية " قميص السعادة "

قسم السيد حافظ مسرحية " قميص السعادة " إلى فصلين :

- افتتحت المسرحية بحوار جرى بين الحراس وهم يبحثون عن الطبيب " شعبان " لإحضاره قصد الوقوف على الأزمة النفسية التي أصيب بها السلطان " حسان " ، وهذه البداية بمثابة عقدة تجعل الطفل ينتظر معرفة السبب والحل لهذه المعضلة . وبعدها سيتلقى الطفل حوار بين الوزير ورئيس الشرطة الذي يرمي إلى فضح خصالهما الشريرة المتمثلة في استنزاف واستحلاب ثروات الشعب ، ونهب ممتلكاته وحقوقه ، وقد فكر الوزير في تزويج ابنته " ست الحسن " من السلطان ، ولكنها رفضت هذا الزواج لأن السلطان لم يعجبها ولا يروق لها ، ولهذا الأمر سجنها الوزير ، ولما حضر الطبيب شعبان ألزمه الوزير بإقناع السلطان بأن يبحث عن قميص السعادة إذا أراد الشفاء من الحالة التي يعاني منها ، وللصدفة سمع المهرج تلك المؤامرة ، وأخبر السلطان الذي شكك هو الآخر في الفكرة واعتبرها حماقة ، واتفقا المهرج والسلطان على الخروج متنكرين إلى الشاعر لاستطلاع ما يجري في الأوساط الشعبية ، الشيء نفسه قامت به كل من الوصيفة مرجانة وابنة الوزير " ست الحسن " التي تخلصت من السجن .

- الفصل الثاني ( من الصفحة 45 إلى الصفحة 90 )

افتتح الفصل الثاني بأحداث تدور في السوق ، فالمؤلف هنا نقل الطفل من القصر حيث التفاهة حول كرسي العرش إلى السوق حيث الشعب والواقع المر ، والبداية كانت حول تعجب البعض على فكرة قميص أسعد سعيد مع وجود فئة أخرى رحبت بالطلب ، وأبانت عن رغبتها في شفاء السلطان ، وقد ظهر السلطان في السوق باسم " الشاطر حسن " والمهرج دندش باسم " المعلم مختار " متنكرين في ملابس الصياد ، وقد أحس السلطان بالحب الذي يكنه له شعبه ، وعرف في نفس الوقت المظالم العديدة التي ارتكبها الأعوان في حق أبناء الشعب متذرعين بالسلطة والقانون ، وظهر السلطان أمينا ومساعدا للناس من غير مقابل ، ولما رأته الأميرة " ست الحسن " التي تنكرت هي الأخرى باسم " أحلام " أعجبت به وتمنت الزواج به ، ومع توالي الأحداث تم الإعلان عن اختفائهما ٍ، وسرعان ما سيكشف سرهما ، وهنا سيلجأ السلطان إلى الحكم باسم الشعب فقد قام بعزل بعض الأعوان الظالمين و عاقب الطبيب شعبان ، وترك مهمة الحكم على الوزير لابنته " ست الحسن ". وفرح الناس بما حدث وتحققت العافية للسلطان ، وشعر بالسعادة من غير قميص ، وأعلن عن زواجه بابنة الوزير " ست الحسن " وهذه الخاتمة كانت مغايرة لبداية المسرحية .

ب – الدلالة :

في مسرحية الشاطر حسن : رغم فقره - وخاصة المادي - إلا أنه عندما عثر على كيس النقود في السوق أعاده إلى صاحبته " ست الحسن ". ودرس الأمانة هذا مفيد للأطفال ، فقد جعل السيد حافظ الأمانة من شروط الحكم ويجب أن يتصف بها الحاكم ، وبالفعل أتيحت الفرصة للشاطر حسن كي يحكم مستغلا خروج السلطان إلى الشارع ، وهي مناسبة كذلك للسلطان كي يتبين له بأن ما وراءه من أشياء لن يعرفها إلا إذا وقف عليها ، والشاطر حسن بوصله إلى مقعد الحكم أبان عن تشبثه بخصاله السابقة وهي العدل ، والرزانة ، وحب الناس ، فلم يستأثر بالسلطة والمال بل أدى الرسالة على أحسن وجه ، فالحاكم لا يمكن أن يكون عادلا إلا إذا كان أمينا وصادقا مع نفسه ، مراع لمصلحة الآخرين قبل مصلحته ، وإعلانه للحرب على الأعداء لاسترجاع جزيرة " الأمل " بعدما كانت تسمى جزيرة " الموت " دليل على رفض الاستسلام الزائف ، وأن الحرب هو الحل لأزمة الاستعمار وإشارة هنا إلى الطفل بكون السيف في مناسبات عدة أصدق إنباءا من الكتب ، وعلى الأمة كي تستعيد حريتها المسلوبة وأراضيها المغتصبة لابد من الحرب والجهاد في سبيل السيادة على أقاليمها الجغرافية برا وبحرا وجوا ، وعلى أن التضحية في سبيل الوطن شرط من شروط الانتماء إليه ، أما السلطان الذي تعرف على أبشع الجرائم التي ارتكبتها الحاشية فقد عرف الحقيقة واقتنع بأن الشعب حاكم ومحكوم في نفس الوقت . وهكذا يتضح لنا أن المسرحية قد اختزلت أسمى القيم وأرفعها وإن كانت مرتبطة أكثر بالجانب السياسي ، فالطفل في حاجة إلى هذه المعرفة فهو قابل لاستقبال شتى أنواع الثقافات لأن من شروط الكتابة للطفل عدم الاستخفاف بذكائه ، بل احترام ميولاته ومواقفه في أي مجال .

في مسرحية " قميص السعادة " غابت الحبكة المعتمدة في مسرحية " الشاطر حسن" كالمصادفة والتشابه بين رجل الشارع والسلطان ، ومسألة الحرب ولكن هذا لا يعني أن المسرحية قد سلكت مسلكا مغايرا ، فدلالتها تركز أكثر على الحاشية الفاسدة التي أراد السيد حافظ أن ينبه الأطفال إليها ، فاغتصاب حقوق الشعب ونهب ثرواته من الجرائم التي لا يجب السكوت عليها ، فالسيد حافظ لم يخالف ضميره أو وقف صامتا وكتم الشهادة ، فنراه يثق في الأطفال الصغار ويقول لهم احذروا هنا موطن الخلل ، هنا سر اللعبة . سيستفيد الطفل من هذا الأمر من خلال الحوار الذي جرى بين الوزير و رئيس الشرطة ، فقد بسط لهم المؤلف الحدث حينما كان رئيس الشرطة يخرج التفاحة من جيبه و يأكلها من غير استحياء . ودفع الشعب ثمن ظلم البطانة إلى أن خرج السلطان بنفسه ، وهذا يدل على أن أبناء الشعب هم ضحايا الفساد الإداري والتسيب السياسي .

ج – الرمزية :

أراد السيد حافظ من خلال مسرحية " الشاطر حسن " إظهار قدرة رجل الشارع أو ابن الشعب على تحقيق الرفاهية والنصر للأمة بأسرها ، فالشاطر حسن يتمتع بأخلاق طيبة و يتحلى بصفات نبيلة وأفكاره نيرة لما لا تفتح له الباب ليعبر عن موقفه إزاء مصير الشعب . ويذكر السيد حافظ الأطفال بأن الحاكم والمحكوم في مرتبة واحدة ومن سلالة واحدة ، ولذا فعلى كل واحد منهما أن ينظر بعين واحدة ، وتبقى المسؤولية على عاتق الجميع ، فإذا كان الشاطر حسن قد حقق العدل والنصر للأمة في ظرف ثلاثة أيام ، فهذا يدل على القرار الذي يصدره الشعب ، وهذه هي جوهر الديموقراطية و الخطاب موجه إلى الأنظمة العربية التي لا تأخذ بعين الاعتبار أهمية الشعب في تقرير مصيره بنفسه . أما ذكر الحرب في المسرحية فهذا نداء إلى الغيورين والمتشبثين بشبر من أراضيهم ، و المقصود هنا أرض فلسطين المحتلة من طرف الصهاينة منذ مدة والعرب لم يحركوا ساكنا ، والشعب برمته في الوطن العربي له رغبة في الجهاد والدفاع عن القدس الشريف .

أما في مسرحية " قميص السعادة " فالسيد حافظ يذكي الطفل ويحذره من خطورة الحاشية الضالة التي يجب الشك في نواياها ، فهي السبب في تمزيق جسد الأمة ، وأحوال أبناء الشعب العربي دليل على ذلك ، فالحاشية الفاسدة هي التي ولدت الفقر ونشرت الجوع ، وصنعت الضياع والأزمة ، لذلك فالمؤلف ينبه الطفل قبل أن يشعر بالمرارة واليأس ،فنراه يزرع فيه التفاؤل والثبات ، وأخذ الحيطة والحذر ، فيقول له بأن المجتمع العربي في حاجة إليك ، والأرض التي تدوس عليها ترحب بك لتكون أنت الحاكم الحكيم . وعندما نقرأ المسرحية نشعر وكأن السيد حافظ يقرأ عليهم آية الضحى " فأما اليتيم فلا تقهر ، وأما السائل فلا تنهر ، وأما بنعمة ربك فحدث .. ". وذكر الحالة النفسية السيئة للسلطان في المسرحية إشارة إلى كون السعادة الحقيقية للسلطان هي سعادة شعبه ، الطفل سيفهم بأن دواء الحكام العرب لا يوجد إلا إذا كان طيبا وأمينا يراعي مصلحة شعبه ، وبالتالي فمصير الشعب في يد السلطان ، ومصير السلطان في يد الشعب ، فالذين يعينون السلطان في الحكم إذا كانوا فاسقين فإنهم يتسببون في خنق الشعب ، فعندما يخاف الوزير على منصبه يقوم بإسكات من هو أقل منه ببعض ما حصل عليه ، ويقوم هذا الأخير بنفس العملية ، وهكذا يفعل كل من يمسك بحبل السلطة والمتضرر واحد هو الشعب .

والمسرحيتين السالفتي الذكر ذات المسار السياسي ، وللسيد حافظ عذره في اللجوء إلى هذه التقنية ، فالأمة العربية في هذا العصر ما تزال تعاني من كابوس الاستعمار بشكله المباشر في الشرق الأوسط ، وبشكله غير المباشر في أغلب الدول العربية ، مما جعله يتخذ المسرح منبرا لإلقاء الدروس الوطنية والتاريخية . وكنت قد طرحت على السيد حافظ هذا السؤال : المواضيع المعالجة في المسرحيتين السابقتين وخاصة " قميص السعادة " لها ارتباط بالأمور السياسية ، فهل ترون أن الطفل قادر على استيعاب هذه الجوانب ؟ فأجاب " نعم لها ارتباط بالأمور السياسية . فمن خلال مسرحية الشاطر حسن ومسرحية " سندس " التي كنت قد ألفتهما قدمت رؤية عن الحكام العرب الذين يعيشون في وهم ، وينفصلون عن الجماهير والقضية الفلسطينية تنهار ، الحكام العرب يبحثون عن مشاكلهم الخاصة الداخلية ..عن قميص السعادة ... وفلسطين تضيع أمامهم .. والأطفال يقبلون على هذه الأعمال بشكل رائع لأن الطفل سياسي التكوين .. فكنت أرى الطفل في الصالة يصفق وينفعل كلما سمع كلمة على الواقع السياسي .. فالطفل ليست له ارتباطات .. فهو مفكر المستقبل ، جندي المستقبل ، حاكم المستقبل ، فالطفل كالصفحة البيضاء يتقبل كل شيء .. فمسرحية " سندس " إذا قلت لك بأنها تعرض كل عام في ستة ألاف مدرسة فإنك لا تصدق ... بل كادت أن تصبح مقررة على الطلبة .. والذين يقولون أن الطفل غير قادر على استيعاب السياسة فإنه يتحدث من غير تجربة..والمسرح تحكمه التجربة أكثر من أي شيء آخر.." [14]

المطلب الثالث : الشخصيات بين المرجعية الحكائية و الرمزية الواقعية :

الشخصية في مسرح الطفل أمر هام جدا ، لما لها من دور في تحريك آليات الخطاب المسرحي يقول " محمد مسكين " : " لا مسرح بدون شخصية ، يمكن أن يغيب الحوار ويستمر المسرح ، يمكن أن يغيب الحدث ويستمر المسرح ، ولكن لا يمكن أن يخلو المسرح من الشخصية .... إن الشخصية إذا هي المحور الدال الذي تتحرك حوله الكتابة المسرحية كلها ، بل هي أساس العملية المسرحية بأكملها إنها المحركة للخطاب المسرحي " [15].

وفي مسرحيتنا " قميص السعادة " اعتمد المؤلف السيد حافظ على شخصيات تتناسب والحدث المسرحي ، وتراعي كذلك ذوق الطفل . في ما يلي عرض للشخصيات الواردة في المسرحية مع الربط بين المرجعية الحكائية والرمزية الواقعية :

1 – السلطان : الشخص المحوري في الحكاية و بؤرة الصراع الدرامي ، ظهر تعيسا ولما حقق العدل شفي من حالته السيئة ، وفي الواقع يرمز به إلى الحاكم الديمقراطي الذي يستفتي الشعب في مصيره .

2 – ست الحسن : بنت الوزير الظالم ، رفضت الزواج بالسلطان حسان ورغبت فيه بعد أن عرفت حقيقته ، وهي رمز للأميرة الصالحة و المرأة الطيبة .

3 – الوزير سمعان : مربي السلطان المحبوب وظالم الشعب الفقير ، وظف المؤلف هذه الشخصية ليمرر عبرها الفضائح والخيانة التي ترتكبها الحاشية في واقعنا العربي .

4 – رئيس الشرطة ( همام ) : شخصية لها علاقة وطيدة مع الوزير ، ويسير في نفس اتجاهه المراد في الحكاية ، وفي الواقع هو المسئول عن أمن البلاد ، ولكنه مع الأسف ينشر الرعب في المواطنين .

5 – الطبيب شعبان : الطبيب الذي يطيع أوامر الوزير ولا يقدر على ردها ، وقد استغل الظروف وشارك الأعوان في جرائمهم . وفي الواقع ما أكثر الأطباء الذي يستغلون المرضى الفقراء فيقومون بابتزازهم .

6 – دندش : مهرج السلطان ولكنه في مسرحيتنا لم تظهر مهمته المعتادة وظهر معينا على الحق والصواب ، وفي الواقع قد يكون المستشار الرسمي للحاكم .

7 – مرجانة : وصيفة ست الحسن ، ساعدتها على الخروج من السجن ورافقتها في خروجها إلى الشارع وهي رمز لحسن الصحبة .

8 – الحراس : لا حول لهم ولا قوة ، لا يعصون الوزير ورئيس الشرطة فيما يؤمرون ، وفي واقعنا فهي التي تحرص على سلامة السلطة .

9 – السياف : شخصية لم تكن حاضرة بقوة ، ولكن ورودها لها أكثر من دلالة عند السيد حافظ ، فهو الذي يقوم بقتل من عصى أمر الوزير ، وفي واقعنا يرمز إلى الهيئة المختصة بفتك المعتقلين السياسيين وتصفية حساباتهم .

أما في الفصل الثاني فإننا تعرفنا على شخصيات أخرى لم تظهر في الفصل الأول ؛ إلا بعد الخروج من القصر والدخول إلى الوسط الشعبي ، فنرى المؤلف قد وظفها ليكشف عن معاناة أبناء الشعب .

10- إبراهيم الأقرع : استهتر باندفاع الناس لإحضار " قميص أسعد سعيد " ، وهو من ضحايا قرارات ورشاوى القاضي الظالم ، وفي الواقع يرمز إلى المعاناة والحرمان .

11- القاضي : استغل منصبه ، وامتص دماء الناس وفي الوقع رمز إلى القاضي الجائر .

12- أم سعيد : المرأة التي أبدت حبها للسلطان ، وقد ظلمت هي الأخرى من الطبيب شعبان .

13- المساعد : يساعد الطبيب شعبان في خدمته . وفي الواقع الممرض الذي يقدم الإسعافات للمرضى .

14- المنادي : معلن الأخبار الحديثة ، والناطق باسم القصر ، وفي واقعنا وسائل الإعلام هي المكلفة بهذه المهمة .

15- فضل وفاطمة : هما اللذان رفضا زواجهما من طرف القاضي ، إلى أن حقق لهما السلطان أمنيتهما .

16- بدران : عانى هو الآخر من تسلط وتجبر رجال السلطة .

17- بائع الحرير : البائع الذي التقطه كل من مرجانة وست الحسن يجول في السوق .

18- رجلان ( 2،1 ) : شخصيتان دار بينهما حوار حول قميص " أسعد سعيد : في السوق .

19- المجموعة : جماهير شعبية حضرت عندما كان السلطان يعاقب الأعوان الظالمين ووجود هذه الجماهير دليل على البناء الديمقراطي الذي أراد السيد حافظ تبليغه للأطفال.

المطلب الرابع : اللغة / الحوار :

إن أهم شيء في الخصائص والسمات في الكتابة المسرحية الموجهة إلى الطفل هو الحوار واللغة التي كتبت بها المسرحية ، فالحوار يعمل على تحقيق الحبكة ومعرفة طبائع الشخصيات ، كما يكون صلة وصل بين الماضي والحاضر والمستقبل في العمل المسرحي . والحوار في مسرحيتنا " قميص السعادة " خالي من التعقيد ، ويتميز بالرقة والسلامة والخلو من الأخطاء كما في الصفحة 59 :

حسان : إلا أنت اسمك إيه ؟
ست الحسن : أنا اسمي أحلام .
حسان : أحلام الله اسم جميل يا صاحبة الوجه الجميل )

ولكن اللغة التي كتبت بها المسرحية تخلق مشكل التواصل مع الطفل العربي ، فهي مكتوبة باللهجة المصرية التي نجد فيها ألفاظاً كثيرة تستغلق فهمها على الطفل المغربي مثلا. ففي الصفحة 37 .( دندش: لا خرفت ولا اتعبط أنا وأنت حننزل السوق متنكرين .
حسان : متنكرين .. يعني إيه . بتفكر إزاي يا لعين .

نلاحظ وجود مفردات لا يفهمها كل طفل عربي باستثناء المصريين ، ولهذا السبب كنت قد طرحت على السيد حافظ هذا السؤال : ألا ترون أن استخدامكم للهجة المصرية في كتابتكم المسرحية الموجهة إلى الطفل العربي يجعل المسرح يخلق مشكل التواصل مع الطفل العربي ؟ فأجاب : " أنا لا أكتب بالعامية المسرحية إلا قليل ، ففي بعض الأحيان يحول عملي إلى بعض اللهجات المحلية في الوطن العربي ( الكويت ، الأردن ، البحرين .... ) ولكن أحب أن أكتب العمل المسرحي الموجه إلى الطفل باللغة العربية الفصحى البسيطة . أكتب باللهجة المصرية إذا كانت المسرحية ستعرض في مصر . أنا مؤمن أنه لابد من تقديم العمل باللغة العربية البسيطة . لا أومن باللغة الفصحى التي تبتعد وتغترب عن الطفل ، ولا أحب أن أستخدم الألفاظ المهجورة التي انتهت " [16] .
[1] أبو أحمد ، حوار مع أقطاب العرض المسرحي " سندريلا والأمير " لفرقة المسرح الشعبي جريدة السياسة الكويتية ، نوفمبر 1986 . ص 23 .
[2] أبو أحمد ، حوار مع أقطاب العرض المسرحي ، " سندريلا والأمير " لفرقة المسرح الشعبي ص 23 .
[3] نادر القنة ، حذاء سندريلا يحاول أن يضيف إلى القصة المعروفة ، جريدة القبس 6/12/1986 .
[4] حسن المنيعي أبحاث في المسرح المغربي ٍ، الطبعة الأولى 1994 ص 66 .
[5] السيد حافظ ، شريط كاسيت سمعي ، القاهرة ، 25 يناير 2003 .
[6] السيد حافظ ، شريط كاسيت سمعي ، 25 يناير 2003 .
[7] سامية أسعد ، مفهوم المكان في المسرح المعاصر ، عالم الفكر المجلد 18 العدد 4 وزارة الإعلام ، الكويت 1988 ص 87 .
[8] محمد الصابر ، الطفل والفضاء المسرحي ، ص 108 - 109 .
[9] أمين سلامة ، دليل الإخراج المسرحي ، العربي للنشر والتوزيع القاهرة ( دون تاريخ ) ص 59 .
[10] غازي مكاداشي ، موسيقى الأطفال ، سلسلة ثقافتنا القومية ص 302 .
[11] أمين سلامة ، دليل الإخراج المسرحي ، ص 145 .
[12] محمد الصابر ، الطفل والفضاء المسرحي . ص 112 .
[13] أمين سلامة ، دليل الإخراج المسرحي ص 89 .
[14] السيد حافظ ، أجوبة على الأسئلة في مسرح الطفل ، شريط كاسيت سمعي ، 25 يناير 2003 القاهرة .
[15] محمد مسكين " كتابة النفي والشهادة " مجلة التأسيس ، العدد الأول 1978 ص : 56 .
[16] السيد حافظ أجوبة على أسئلة خص بها صاحب البحث / شريط كاسيت سمعي 25 يناير 2003 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق