الاثنين، 25 مايو 2009

فرسان الزمن الجميل خالد سعود الزيد

شهادة أدبية
فرسان هذا الزمان
خالد سعود الزيد
بقلم الكاتب : السيد حافظ
هو امتداد الأ فق...هو العملاق...عيناك تنظر اليه كأنها تنظر الى المدى في إشراقة ..تنظر إلى ما وراء الأفق ..تنظر إلي أعماق المحيط .. ينظر اليك فى لحظه خاطفه كأن روحا قد كشفت المساحة الخضراء فى نفسك..هو فارس من فرسان الكلمة فى الشعر أو شاعر فى بحر الموسيقى..هو عربي أو عروبى.. ولغة العرب قد أخذته بسحرها الى شواطئ لم تعرفها النفس ولا الروح ولا يحظي بها الا كل ذو حظ عظيم..يفتح الله عليه فتوحاته التى تؤكد أن رب العالمين يصطفى من عباده المؤمنين ومن عباده عامة من يعطيه البصيرة ليكون فى حالة وهج مع الروح ـ مع القلب مع الفن .ملامحه متميزة الحجم مام المعرفة و أمام الكتاب والكتاب وأمام مستحقيه ومحبيه و عاشقي الشعر و الكلمة .
كان خالد السعود كاللون الأبيض العملاق حين يمتزج بكل الألوان ويسافر عبر الزمان والمكان متفردا في عطائه ..في بقائه.. فى الاستمرار.
هل لى أن اعرف ما سر اللون الأبيض فى كلمات خالد سعود الزيد وما سر اللون الأزرق الخفي الجافى البعيد الذى يترقرق فى نهاية كل ظلال الكلمات!!!
انه الظل الأزرق للخليج ..الخليج والكويت وهذا العشق المفتون بالكويت والخليج والعروبة.. أى بلاد يا سيدي تأخذك الى نبع العروبة والى توهج يتألق فى الظلومات...
هو شاعر .. هو باحث .. هو صوفى .. هو عروبى .. هو كويتى .. هو مسلم .. هو انسان
من أعماله التي لا تنسي :
كتابة من الأمثال العامية ـ أدباء الكويت في قرنين ـ خالد الفرج حياته وأثاره ـ عبد الله سنان ـ صلوات في معبد مهجور ـ الكويت في دليل الخليج ـ قصص يتيمه ـ مسرحيات يتيمة ـ مقالات ووثائق عن المسرح الكويتي ـ سير وتراجم خليجية .. الخ
يقول عنه الدكتور محمد زكي العشماوي
إن خالد الزيد له جهده الضخم في تسجيل وتدوين القصص والروايات والمسرحيات الحديثة والقديمة التي ظهرت في المجلات العربية المختلفة وهو من المع الكتاب والنقاد في الكويت حقيقة وساهم علي المستوي الأكاديمي العلمي والثقافي داخل وخارج الكويت بجهد يعتبر وسام علي صدر الكويت والخليج والوطن العربي .
وقال عنه الدكتور مصطفي هدارة :
خالد سعود الزيد باحث أدبي في مستوي رفيع لا يكتفي بالجمع ورصد الظواهر بل يتعمق في الأخبار والأشعار محللا وناقدا لا يغيب عنه إيقاع العصر أو البيئة ولا تفوته ملامح الشخصية الإنسانية أو الفنية وهو في شعره صاحب أنات وجدانية نشيجا باكيا يأس فيه علي الزمان الذي يحس فيه الإنسان الغربة والتوحد .. وهو يثور علي القيود والجمود وينطلق عابر الصدي سيد اللهو والود .. قلبه في درب الخطايا تجربة روحيه عامرة بالإيمان ..
إن ديوان صلاه في معبد مهجور غني برؤيته الفنية وفيه تجارب قصصية تستحق الدراسة بالإضافة الي كتاباته في الأزجال الشعبية .
وقال الدكتور محمد حسن عبد الله عنه :
ـ الأستاذ خالد سعود الزيد متعدد المواهب والقدرات مخلص للبحث العلمي إخلاصا قويا وكان أول المجادلين لإخراج الفكر والثقافة والأدب والشعر من حالة التصور الغامض الي التوثيق العلمي والتنظيم هذه الخطوة خطيرة جدا لأن كل سيأتي بعدها مترتب عليها ولأن لم يبدأ إنسان بالتسجيل والجمع والتوثيق والتبويب فلن يستطيع أحد ان يقوم بالدراسة الفنية بعد ذلك علي انه قام بهذه الدراسة الفنية لكثير من الفنون مثل المسرح والقصص وذلك بالإضافة لدراساته اللغوية والتراثية بشكل عام ..
خالد سعود الزيد بما جمع ووثق ونظم ومنهج كان مدافعا عن أولئك الذين لم يدافعوا عن أنفسهم .. كان أبا حانيا علي الأدب الكويتي حين كان يبحث هذا الأدب عمن يرعاه في بداياته .. لم تكن هناك جامعه ولم يكن هناك من يعرف عن الأدب الكويتي غير الحماسية الشخصية .. كان هناك أدب كويتي ولكن اين هو ؟ وكيف يمكن أن نتصوره ؟ ومن اين يبدأ ؟ والي اين ينتهي ؟
ذلك هو ما صنعه خالد سعود الزيد كحقيقة في كتبه الكثيرة التي رعت الظاهرة الفنية والأدبية والفكرية والثقافية العامة في الكويت عبر قرنين من الزمان .
ان من يصن مجد قومه صان عرضه وخالد سعود الزيد صان مجد قومه فصان عرض الكويت الأدبي والفكري والفني و أوجد لها ديوانا حقيقيا في مجال الثقافة العربية ..
ان كم الأبحاث التى قام بها خالد سعود الزيد تدل على أنه رجل من زمن أخر .. زمن الفرسان والخيل والسيوف ..زمن الشعراء.. اسمر سمار شمس الكويت وصوته الرحيم فى الأداء وحواره المتحمس فى الشعر والقضايا الثقافية يعطيك مسافة من التأمل والتركيز .
هو من يبحث عن المسرحيات الكويتية.. والقصص الكويتية ..والقصائد الكويتية ..وهو من يبحث عن المقالات الأولى للرواد والمخطوطات وينقب فى تاريخ الأرض التى يسير عليها ...
كان يخجل أن يطلب دعما لكتاب أو شراء لكتاب من كتبه ..كان يتلقى النقد بصدر رحب حتى النقد الضعيف منه .
وفى جلسته كل مساء فى رابطة الأدباء بالعديليه يلتقى بالرفاق .. رفاق الكلمة والشعر والرواية والبحث : سليمان الشطي- خليفة الوقيان- سلمان الخليفي ....وغيرهم.
كان يحلم بالخليج الحلم ويعشق أحلام الخليج ..ولم يكن مادحا الا للرسول عليه الصلاة والسلام وعروبته .. لم يدخل فى صراعات لأن الصراع تبديد لطاقاته التى يرى أن الله حباه بها.
وجهه حاد الملامح ..وابتسامته تكره القسوة لأنها نابعة من القلب ..صافيه مثل النبع الصافي... وحاجبه مشتدان كأنهما صقران عربيان بجناحين يقفان على جبل شامخ .. هو ليس بالطويل القامة ولكنك تشعر أنك أمام عملاق، وليس بالقصير ولكنك تشعر بأنك أمام متواضع مثل حبة الماس ولكن قيمتها تكون أعلى القيم .
كان مفتونا بالدستور الكويتي والتقدم وأمير الكويت السابق(عبد الله السالم ) ..كان معجبا بالديمقراطية الكويتية، والحوار، والاشتباك الفكري.. وأتذكره مره حينما قلت للدكتور خليفة الوقيان يجب عمل ندوه للشاعر( سيد حجاب) لأنه يعمل معنا فى ورشة كتابه فى مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك..فوافق وبعد حدوث الندوة في رابطة الأدباء بالعديلية وجدته قد اقترب مني وقال لي هامساً شكراً لأنك أهديتنا هذه الأمسية حتى نكسر الملل الفكري بالاشتباك الثقافي .. تلك هى طبيعة الشاعر والمفكر لا يحب سكون الفكرة مع أنه مسكون بالتغيير نحو الأفضل .
ـ رحلته إلى الإسكندرية و القاهرة من 17\6\1989 حتى23\6\1989 :
دعوته لزيارتي بالإسكندرية فى عام 1989 لمركز رؤيا بالإسكندرية ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي الكويتي الذى أقامه المركز .. وإلتقى بكتاب وأدباء وشعراء الإسكندرية .. وهو الوحيد الذى صدقنى وحمل أوراقه وجاء من الكويت؛لأن أحدهم بث فى الأوساط الثقافية الكويتية أنى أخدعهم وسألته لماذا صدقتني يا أستاذ خالد و أتيت إلي الإسكندرية... قال : قلبي حدثني بصدقك وقلب المؤمن دليله.
نعم إن قلبه الكبير كان على حق وهو بالفعل قلب مؤمن.
فى أول يوم فى اللقاء عاش معنا وبعد العشاء ونحن نسير فى الإسكندرية قال لى: غدا سأحضر الندوة الساعة 6 وجاء الندوة الساعة 7 سألته : يا أستاذ تأخرت لم تكن موجودا بالفندق.. قال لى : دعانى الشيخ السيد البدوى فذهبت لزيارته ..
ونظرت فى عين الرجل هو صوفي يا إلهي..هو مرتبة عليا من الصوفية ..فى نهر محبة الله يسبح فى أمواجه ونحن لا ندرى.
وفى ظهيرة اليوم التالي استدعاني معه للصلاة فى سيدي أبو العباس المرسى فى الإسكندرية ..صلينا العصر أما المغرب فصليناه فى سيدي الأباصيرى أو كما يسميه الناس ..البوصيرى وهناك اكتشفت أنه ينشد مع المنشدين الصوفيين (البردية) . البوصيرى صاحب المقام المتواضع وصاحب البردية..
وفى اليوم الثالث سافرنا من الإسكندر يه لزيارة سيدي إبراهيم الدسوقى ..وذهبنا إلى هناك فى مقر دفنه ومقامه (دسوق) وزرنا المقام.. مدد يا سيدي إبراهيم الدسوقى مدد...
وجلس هذا الشاعر الإنسان ..الصوفي أمام المرتل..يسبح ويرتل القرآن والآيات .. صلينا وسافرنا.
بدأت الإسكندرية تدخل في يونيو فى لمسة صيف بسيطة ووصلنا إلى سيدي جابر ..حيث مركز الوطن العربى حيث الندوة.. وجدنا الدكتور محمد حسن عبد الله ... وحدث لقاء حار ..وغادر محمد حسن عبد الله الكويت بعد أكثر من 25 عاما .. هذا وجه خالد سعود الزيد يجمع محبي الثقافة والفن فى مصر:د/محمد زكى العشماوى .. ود . مصطفي هدارة .. د . أحمد العشري.. د/أبو الحسن سلام.. ونخبة من رواد الشعر ونخبة من قراء الشعر...(شوقي بدر يوسف) .. وتحد ثنا عن :
(ليلى العثماني-أحمد السقاف-خالد سعود الزيد-د/خليفة الوقيان) عن المسرح الكويتي.
أوراق هنا وهنا.
فكان هو من يجمعنا على شاطئ الإسكندرية في كافتيريا أتينوس .. هو عملاق في الفكر متواضع.. نظر إلى تمثال سعد زغلول فى ميدان محطة الرمل وقال: سعد زغلول كان قائدا مخلصا لوطنه ولأمته و لعروبته ..يفيض حبا وإنسانية ووطنيه.. قال لى كل يوم أتحدث فى الهاتف مع د/سليمان الشطر وأخبره عن إنجازات المركز وعن دورك المهم فى خدمة الثقافة.. قال : والله ملح الكويت لسه بيجري في دمك يا حافظ . و فى اليوم التالي كانت أمسية شعرية عن شعره وقصائده ..وبكفه الصغير وإشارة أصابعه كان يلقى قصائده وكفه مشع بالحب وقوة غامضة تجذب المستحقين له من المثقفين المصريين الذين كانوا فى حضرته.
وكان خالد سعود الزيد فى لجنة تشجيع المؤلفات المحلية.. كانت اللجنة تابعه للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وكان خالد سعود الزيد يحضر اللجنة محبا لكل الإبداع الكويتي.
شغافا مشجعا لكل من هو جاد .. وكانت أحيانا تقع في يده تقارير تشجيع الكتاب الضعاف فكان يضحك ويقول اللعنة على النقاد الذين يبيعون ضمائرهم.
وكان يري أن الناقد الفاسد مثل القاضي الفاسد يحكم دون عدل. وكان يقول لابأس من أن نشجع الكاتب الضعيف بمائتين دينار أو ثلث مائه مهما كان يقدم من بضاعة فاسده فعلينا أن نتحمل بعض الخسائر مع الكاتب وأحيانا كانت تظلم موهبة بعض النقاد .. فكان يصيح حرام.. وقد حدث هذا مع القاص المبدع وليد الرحيب.. فقد كتب أحدهم تقريرا يقطر حقدا ضد المبدع وليد الرحيب .. وقف خالد سعود الزيد وقال حرام والله حرام وأعطاني المجموعة كي نعيد تقييمها ، وقال يا حافظ : أكتب تقريرا عن وليد وأنا أعرف أنك تكتب بأمانة (الفكر أمانة) هكذا كان رأيه فى الناقد : الأمانة -أمانة الكلمة بعيدا عن الأهواء .
كان يؤمن أن التوازن بين الثقافات السياسية هو مفتاح تحقيق الحكومة الجيدة ..وأننا يجب أن نجتهد حتى نحول المجتمع إلى الفاعلية الثقافية وأن الثقافة تدعو للنماء والنماء هو مفتاح تحقيق الحكومة الجيدة.. وكان يؤمن بالتعددية وضرورتها.. كان يؤمن بنظرية الاحتمالات وأن الاستقرار يؤدى إلى التغيير بأشكال مختلفة.
كان يؤمن بأن غياب الثقافة السياسية بلاء على الأمة وأن الأمة فى ثقافات متعددة شكليا وثقافة واحدة جوهريا.. كما أنه كان يؤمن بالانحياز الثقافي الواعي حيث أن الثقافة الخليجية عامة والكويتية خاصة مهم أن تدعم الثقافة العربية الأم.
خالد سعود الزيد...
فارس مازالت كتبه فى المكتبات العربية ...
مازالت كلماته تسير فى السالميةوساحة الصفا وفيلكا وجليب الشيوخ والعديلية...
مازالت روحه تسير حولنا فى كل أمسية شعرية أو ثقافية فى رابطه الأدباء بالعديلية...

سلاما على شاعر كبير وباحث كبير...



Email :
elsayedhafez@hotmail.com
الكاتب/ السيد حافظ علي رجب
العنوان / 12 شارع طارق يحي عبد الغني – التعاون- الهرم- الجيزة – جمهورية مصر العربية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق