الاثنين، 25 مايو 2009

الفارس والشاعر خليفة الوقيان شهادة للسيد حافظ

شهادة أدبية
خليفة الوقيان
الفارس والحلم والشعر

بقلم : السيد حافظ
ننظر إلي عينيه نجد هدوء الخليج وصفاء الروح في حالة أحد صباحات الكويت الطفلة الوديعة .. هو خليفة فارس الوقيان الشاعر والحلم والفارس . الفارس من عصر الفرسان القلائل فى زمن يقوم فيه الجرذان بانهم فرسان
فهل نتكلم عن خليفة الوقيان الشاعر أم الفارس أم الحلم ؟؟؟؟
إن خليفة الوقيان من الجيل الثاني من مؤسسي المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وهو الذي أسس مع فرسان الجيل الأول أحمد العدواني وعبد العزيز حسين هذا البناء الشامخ " المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت " ..كان عبد العزيز حسين وأحمد العدواني جناحا الجيل الأول جيل التأسيس الثقافي في الكويت ..حالمان ..حكيمان ، وتم اختيار خليفة الوقيان ليكون أحد فرسان الجيل الثاني ليقود معهم حركة التنوير في الكويت من خلال المجلس الوطني الذي لعب في السبعينات دوراً من أهم الأدوار في النهوض بالحركة الثقافية العربية الجادة والدفاع عنها ، واختيار عناصر متميزة من أرجاء الوطن العربي لتكون ضمن منظومة العمل الثقافي ليضئ الوطن العربي بالأسابيع الثقافية العربية واستضافة الثقافة العربية في الكويت لتكون منارة العرب وبيتهم كما كانت سلسلة عالم المعرفة أول مشروع ثقافي ثقيل في الشارع الثقافي العربي ، ومن ثم مجلة الثقافة العالمية .
خليفة الوقيان من مواليد الكويت 10/10/1941 .. تخرج من قسم اللغة العربية –جامعة الكويت عام 1970 ، وحصل علي الماجستير عام 1974 وكان موضوع الرسالة " القضية العربية في الشعر الكويتي " .
- حصل علي الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها من جامعة عين شمس في القاهرة عام 1980 ، وهي بعنوان " دراسة فنية في شعر البحتري " .
- عضو في العديد من الهيئات العلمية الأدبية .
- مثل الكويت في الكثير من المؤتمرات والملتقيات الثقافية .
- ترأس عدداً من وفود الأسابيع الثقافية في عدد من الدول العربية والأجنبية .
- شغل منصب الأمين العام المساعد للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب (سابقاً) .
- من مؤلفاته :
1- المبحرون من الرياح ط 1974 ، ط 1980
2- القضية العربية في الشعر الكويتي عام 1983
3- شعر البحتري دراسة فنية عام 1989
4- الخروج من الدائرة – مجموعة شعرية عام 1989
5- حصاد الريح – ديوان شعر عام 1995
6- ديوان خليفة الوقيان – مختارات عام 1995
إنه شامخ في وقفته مثل شجره علي شاطئ الخليج متواضع مثل نسيم فبراير في الكويت .. يعشق العروبة وليس ضد الإسلامية ، بدليل انه عمل علي تشكيل اللجان في المجلس من كل ألوان الطيف السياسي والعقائدي في الكويت كان همه أن تكون الكويت الثقافية ممثلة في دفع تيار التنوير وبناء الإنسان ..أذكر يوم أن كنا في إعداد المعرض الثالث للكتاب وكنت اقدم له أوراق تشكيل لجنة المعرض " كنت أعمل معه في تلك الفترة" وبصفته مسئول قال : من الذي شكل هذه اللجنة قلت فلان قال اكتب عندك أسماء أخري وكتب بيده فلان وفلان وفلان واختار شخصيات تعمل في المجلس من تيارات دينية وثقافية مختلفة هكذا كان خليفة الوقيان يرفض أن يحتكر تيار ما الصدارة ولا مصادرة علي الآخرين ولا متاجرة باسم العروبة ولا شعارات ولا نفي للآخر .. وعندما استقال عبد العزيز حسين من المجلس تم تعين أحد القيادات المتواضعة في التفكير وكانت من أهل الثقة وليست من أهل الخبره ، والتي حاولت أن تقود المجلس الوطني للانهيار والانغلاق وطرحت عدة أسئلة غبية علي خليفة الوقيان الأمين العام المساعد :
- ما فائدة سلسلة عالم المعرفة بالنسبة للكويت والمجلس ؟
- ما فائدة الأسابيع الثقافية العربية ؟
- ما فائدة مجلة الثقافة العالمية ؟
وقال : خللى مصر تطبعها أفضل ماداموا يكتبونها ويقرؤونها .. فقال خليفة الوقيان : هذا مشروع عربي كويتي وليس مصري فقط ، وقدم استقالته من المجلس ، وكان شجاعاً شجاعة الفرسان ، فهو لم يستطع أن يشارك في هدم مشروع الكويت الثقافي حينما كانت الكويت بلاد العرب.
خليفة الوقيان هو أحد مؤسسي رابطة الأدباء وقد تولي رأستها بصفته أميناً عاماً لها ..وعمل خليفة الوقيان في الربطة علي أن تكون بيت كل الأدباء العرب. وأذكر أنه ذات يوم في مجلة البيان توليت العمل نيابة عن الزميل سكرتير التحرير سليمان الشيخ لمدة شهرين حيث أنه كان في أجازه لجنوب لبنان .. فقال أحد أعضاء الرابطة أن المجلة كلها مصريون 80% منها .. فقلت للدكتور خليفة الوقيان بان شعراء وكتاب ونقاد مصر أكثر عدداً بحكم الجغرافيا وخريطة الإسكان وأنا لا أتحيز للمصريين أو الفلسطينيين فأنت تري بعض الصحف قد تحولت إلي منابر إقليمية ، إذا كان المحرر الثقافي لبناني ، حول الصفحة إلي صفحة ثقافية لبنانية ، وإذا كان المحرر سورياً ، تحولت الصفحة إلي صفحة للثقافة السورية ، والبعد القومي غائب والموضوعية غائبة .. فقال لي : لا تهتم المهم أن يكون إبداعاً حقيقياً .
وفي مرة استقبلت جمعية الفنون الكويتية الفنان التشكيلي د. مصطفي عبد المعطي وكيل وزارة الثقافة المصرية في ذلك الوقت ومعه الفنان التشكيلي أحمد سليم ، وكانت مصر والكويت في حالة مقاطعة وذلك لزيارة السادات لإسرائيل ، وقامت الجمعية باستضافة الضيفين يومين في فندق هوليدي إن وفي اليوم الثالث أرسلت شاباً في العشرين يقول لهما شكراً لكما والآن ستسافران إلي القاهرة فقد انتهت مهمتكما .. وبالصدفة كنت أنا في زيارة صديقي الدكتور مصطفي عبد المعطي ، وسمعت الحوار وقال : دي إهانة ما حدش قال لنا ح نسافر اليوم .. فقلت له : انتظر ، واتصلت بالدكتور خليفة الوقيان وشرحت له الموقف فقال لي : السياسيون يفعلون شيئاً ، ونحن المثقفين نفعل شيئاً أخر .. واستضاف الدكتور مصطفي عبد المعطي وأحمد سليم لمدة أسبوع في شيراتون الكويت علي نفقة المجلس وأقام لهما ندوة في رابطة الأدباء بالكويت مما كان له الأثر في عمل معرض بعد شهر للفنانين التشكيليين في القاهرة ليكون وردة علي جبين العرب والعروبة .
ويقول الناقد والشاعر محمود عبد الصمد زكريا عن خليفة الوقيان " أنت أمام خليفة الوقيان أمام شاعر وإنسان عربي ، واثق وغيور، واضح لا غموض فيه حاد وصريح لا تميع أو مواربة فيه ، قوي لا ضعف فيه ، لا يضرب في اللا وعي ولا يحوم حول الجنس ولا ينشد الانعزالية ، بل يفكر بوضوح وبصوت عال ويعشق النور ويتحدي ويتفاءل ، يمدح ، يهجو ، يقبل ويرفض ويتواصل (1) .
إن شعر خليفة الوقيان يفجر قضايا في شعره وهي قضايا شكلانية بين المبدعين من الشعراء المحافظين وبين حركات التجريب المتجددة والمتنوعة ، كما يقول محمود عبد الصمد زكريا : إن انتماء وإيمان خليفة الوقيان بالأرض وإيمانه بإنه من خير أمة أخرجت للناس وغيرته وحرصه علي حتمية التطور لمواكبة العصر .. إنه عنيد ومتحدي ، انظر في ديوانه " المبحرون مع الرياح "
الريح تسرح في شراعكم
غرباً أبحر فيكم شرقاً
أنى سار شقكم إذا حرقت
أجفانكم بأزاهري رشقاً
قلبي لكم في كل مفترق
زيت السراج بليلكم يشقي
إنه يصر علي العناد ويختار معركته الفكرية وحينما كان أحد الشعراء يهاجمه في الصحف بالمقالات ، كان خليفة الوقيان لا يرد لأنه يعلم أن هذا الشاعر موهوب لكنه مسكين ومدمن وكان الصحفيون يسألونه الرد وأحياناً كان هذا الشاعر (رحمه الله) يستفز خليفة الوقيان بقوله أن خليفة الوقيان متأثر بشعره ، فكان خليفة الوقيان يقول أنها معركة غير حقيقية ، كرتونية . ومرة قابلت هذا الشاعر وسألني أن يشتري المجلس الوطني ديوانه الجديد وإنه خائف ومتردد مما فعله وقاله عن خليفة الوقيان فقلت له هو أكبر من هذا وذهبت للدكتور خليفة الوقيان وقلت له فلان الشاعر يريد من المجلس أن يشتري ديوانه الجديد لظروفه ، فأمر باستثناء له والشراء بمبلغ جيد ينقذ الشاعر .. هذا سلوك الفرسان .
إن الشاعر خليفة الوقيان يلتقي مع الشاعر عبد الله البردوني في نقطة هامة هو الاجتماع بالقصيدة المحافظة أو القصيدة العربية لاستمرار الشعر العربي في عاطفته وانفعالية المتحدة والمتمثلة في القرن العشرين والحادي والعشرين ، لقد حافظ هذا الشاعر الأصيل .
خليفة الوقيان يبحث عن التجاوزات واستطاع أن يحيا في الهواجس والهموم والمشاعر الداخلية في القلق الإنساني الديني والوجودي والميتافيزيقي والفلسفي ، واستطاعت القصيدة عنده ان تستمد من ماضيها ولم ترد لنفسها أكثر من قول ذاتها قولاً شعرياً بعيداً عن الفذلكات اللغوية والبهلوانيات اللفظية لتحقيق جديد ما أو تجاوز أو لعبه ما تتم في مختبرات تقوم منها رائحة المستحضرات والعقاقير .. إن تجربة الوقيان تجربة تملك القلق بالتاريخ والهموم الميتافيزيقية والحساسية والتأملية والسخرية أنه يحمل معاناة إنسانية شاملة ومطلقة .. وانظر إليه وهو يقول :
ليس في كفي
عصا موسي
وحولي الأرض حبلي
بالثعابين
وهو بالفعل من الشعراء والمثقفين العرب الذين لدغتهم ثعابين الثقافة والفكر وكان همه بالوطن العربي والثقافة العربية والكويتية أكبر من همة بالشعر وبتجربته حيث كان يري أن دوره أكبر من دور الشاعر .
المراجع :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مجلة البيان الكويت –عدد سبتمبر 1989- العدد282






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق