الجمعة، 8 مايو 2009

رسالة الى الهيئة العالمية للمسرح



.ExternalClass .EC_hmmessage P
{padding:0px;}
.ExternalClass body.EC_hmmessage
{font-size:10pt;font-family:Verdana;}

.ExternalClass .EC_hmmessage P
{padding:0px;}
.ExternalClass body.EC_hmmessage
{font-size:10pt;font-family:Verdana;}
رسالة الى مهرجان المسرح العربى الاول فى القاهرة
بقلم السيد حافظيقول المخرج والفنان العالمى جوردن كريج فى كتابه الرائع فن الاخراج ان المسرحيين الانجليز فاسدون فنا وخلقا وعلينا ان ناخذهم جميعهم فى مركب ونلقى بهم جميعا فى البحر ونتخلص منهم حتى نتخلص من الفساد المسرحى ونبنى مسرحا انجليزيا نظيفا من اطفال يولدون فى المسرح ويحبونه ويتعلمون المشى والحب والتعاون وكل شيء فى المسرح وهنا انتهى كلام جوردن كريج 0000000وانا اقول يجب ان ناخذ كل المسرحيين العرب الموجودين الان فى القاهرة وان نلقى بهم فى النيل اوالبحر الاحمر او فى البحر المتوسط او الخليج حتى نتخلص من فسادهم وكذبهم وشرهم وخيانتهم ان المسرحيين العرب واولهم المصريين هم الذين خانوا عزيز عيد ومات فقيرا ومعدما واول من خانه كان نجيب الريحانى اليس المسرحيون من خانوا سيد درويس وجعلوه يفلس فى انتاج اخر مسرحياته وانتحر بجرعة كوكايين اليس المسرحيين من خانوا فاطمة رشدى التى صرفت على المسرح 50 الف جنية عام1932من صديقها الى اليهودى رجل الاعمال 00من الذى خان اسماعيل ياسين وفى اخر ايام حياته كان يبحث عن عمل منلوجست بعد ان صرف كل امواله على المسرح 00من الذى خان محمود المليجى الذى مات حزنا وكمدا فى كازينو الليل عندما قال له مدير الانتاج اجرك فى الفيلم ثلاثين جنية فى اليوم يومية يعنى 300 جنية فى فيلم ايوب 00من الذى قتل عماد حمدى الذى مات وهو ضرير فى بيت ابنه ولا يجد عملا فى المسرح00من الذ قتل نجيب سرور وقالو مجنون نجيب سرور الشاعر والمخرج والممثل والناقد قتله حقد المسرحيين وعندما مات جلسوا فى جنازته يبكون 00من الذع قتل سعاد حسنى وجعلها تنتحر اليس جحود الفنانيين والمسرحيين وبخلهم00من الذى قتل محمود دياب الكاتب الرائع الم يكتب فى لجنة القرأة فلا المسرح القومىعام 1979 على مسرحيته ارض لاتنبت الزهور نص ضعيف وركيك ولايصلح ولايليق بالمسرح القومى فاصابة الجنون والاحباط00من الى قتل محمد الماغوط وقبل موته بثلاثة شهور كان يتحث فى قناة العربية مع الزين وسالة من اين تعيش يااستاذ ققال هيك من حكى هنا او هناك فى برنامج زى برنامجك..وبعد ذللك اعطوه جائزة سلطان العويس وكان الوقت قد فات فالروح من كثرة الخيانات استسلمت.من الذى خان عبد الكريم برشيد فى المغرب المسرحيين هناك من الذى خان سمير العيادى فى توتس المسرحيين هناك.من الذى من الذى قتل المبدعين انهم ا لخونة من المثقفين واولهم المسرحيين ومن الذى قتل زوجتى عندما اصابها تليف الكبد وكنت اصرخ انقذوها نقابة السينمائيين صرفت خمسمائة وستون جنيها 650 جنيها اى نصف اجر ليلة واحده فى العناية المركزة فى القصر العينى وقام الدكتور اشرف زكى بمحاولات مع وزير الصحة الذى كان يصرف لنا تدعيم كل اسبوعين ب3 الاف جنيها وقام فى نفس الوقت الدكتور حسام عطا بالتحدث مع احد اعضاء مجلس الشعب حت يحضر لنا دعما وكذللك الاعلامى والصحفى الكبيرحمدين الصباحى نفس الشئ مصطفى بكرى والمجتمع كله خاننى الحكومة والمؤسسات الوطنبة والمدنية العربية واولهم المسرحيين كان ابنىوزوجتى فى ان واحد فى المستشفى وكلاهما فى العناية المركزة ماذا فعل المسرحيون لا شبىء ذهبت الى الامارات ابحث عن الله فى قلوب رجال المسرح هناك لم تتحرك جمعية المسرحيين فى الشارقة عرض على مسرح الشارقة الوطنى ان اقدم طلبا لشراء كل اعمالى كنت احتاج فى اليوم لزوجتى ومحمد اربعة الاف جنيها مصريا يوميا للعناية المركزة و فى مصرقام وزير الثقافة المصرى الفنانو اشترى مسرحية ب17 الف جنيها اى علاج اربعةايام فى العناية المركزة وفوجئت ان مسرح الشارقة الوطنى قرر شراء كل اعمالى المسرحية وفرحت حتى انقذ زوجتى ووجدت ان صالح البحر سكرتير المسرح فى ذاك الوقت يقول لى قرر مجلس الادارة شراء كل اعمللك 66 مسرحية متنوعة بمبلف الف واربعمائة درهم على ان تتنازل عنها بحق النشر والعرض مدى الحباة ثمن كل مسرحية 250 مائتان وخمسين درهما وكما حدث مع بدر شاكر السياب فى الكويت حدث معى نمت فى حجرة وشقة بها 20 فردا وقابلنى على خميس الفنان الاماراتى دفع لى اجر السكن الف وخمسمائة درهم وقابلت الناقد المسرحى الشهير دكتور يوسف عيدابى قال لى انت عاوز ايه من الامارات لانشترى كتب وكان هذا امام رئيس جمعبة المسرحيين عمر غباش قلت له ياعمر الرجل يقول لاعمل لى ولامساعدة هنا قال محفوظ عبد الرحمن عطيته رقمك يمكن يساعدك هنا يكلم حد هرب هو الاخر لاتغضب منه ودعتنى على العشاء فى القصبة قابلت المرحوم الفنان قاسم محمد قال اقوللك سر عينى ابعت للشيخ القاسمى وهوكاتب مسرح على صندوق بريد رقم واحد الشارقة وبعدها اسبوع اكتشفت ان الرقم موجود فى دفتر ارقام الهواتف وليس سرا كما اخبرنى اما محمود ابو العباس قابلنى وقال غدا ستعمل عينى فى قناة فضائية معى وتعمل فى مركز الطفولة هذا رقم هاتفى وبعدها لم يرد على على هاتفىوقال للناس انا موفاضى له عينى اما المسرحيون العرب فهم ليسوا اقل خيانة من المثقفين فالفنان عبد العزيز السريع الذى يعمل فى مؤسسة البابطين كلمه الشاعر الدكتور الرائع خليفة الوقيان وقال له اتقذوا زوجة السيد حافظ مسرحى زيكم قال له يبعت لى التقرير ارسلت التقارير للدكتور خليفة فالقى بها عبد العزيز السريع فى سلة المهملات اما الشيخ سلطان القاسمى صاحب السمو الفنان بواسة الفنان نور الشريف والدكتور اشرف زكى صرف الدكتور صاحب السمو مكرمة مالية اربع شهور لايجار بيتى فى الشارقة وانقذنى من البنك وشيك السكن وكما فعل الفلسطنيون المثقفون مع بدر شاكر الساب فى الكويت تركوه بلا عمل ومنهم فى ذاك الوقت كان موجودافى الكويت غسان كنفانى تركنى المثقفون الفلسطنيون المسيطرون على الصحف فى الامارات واولهم جريدة الخليج الان اننى اتقدم بطلب الى الهيئة العالمية للمسرح بمحاسبة الخونة من المسرحيين العرب وهم كثر كثر جدا وبالمجان ويبلغ عددهم %99 منهم خونة ويستحقون الموت عمدا وسوف يقيمون مهرجان المسرح ويسكرون فى الليل بعد العروض ويضحكون ويكذبون ويخونون بعضهم قال الكاتب المسرحى بهيج اسماعيل ذات يوم نحن نحتاج الى حريق كبير يحرق رجال المسرح الفاسدين واذكر ماقاله لى الكاتب اسماعبل عبد الله فى الامارات الشيخ سلطان طلب مننا نجد للك وظيفة اجتمع الشباب اربعة اجتماعات لم نجد للك وظيفة فى المسرح وقال سامحنا يااستاذ احنا اخدنا على الرمم من المسرحيين الذين يتصرفون كخدم والمسرح الاماراتى مظلوم ويسيطر عليه افاقيين 00وقال الناقد الكبير محمد عبدالله اخوى سيد استاذ الشباب قال لى انك عامل سى فى 9 صفحات يارجل انت بتقولهم انتم ولاشيءهل ماقاله صحيحا لا اعرف؟
ان المسرحيين كانوا اخوان الشياطين اقول للمخرج والفنان العالمى جوردن كريج ليس المسرحيين الانجليزفقط
فاسدين فنا وخلقا بل والعرب ايضا وعلينا ناخذهم جميعهم فى مركب ونلقى بهم جميعا فى البحر ونتخلص منهم حتى نتخلص من الفساد المسرحى ونبنى مسرحا انجليزيا وعربياا نظيفا من خلال اطفال يولدون فى المسرح ويحبون ويتعلمون المشى والحب والتعاون وكل شيء فى المسرح
بقلم‮ :‬ سمير غريبنظرة إلي المستقبل:ليست مأساة‮ " ‬السيد حافظ‮" ‬وحده‮.. ‬ بقلم‮ :‬ سمير غريب اخبار اليوم26 December 2008 03:03 am 85 مشاهدات كل ‮ ‬عام وأنتم بخير‮. ‬أعتذر عن عدم مواصلة الكتابة في سلسلة مقالات‮ " ‬ويسألونك عن التخلف‮" ‬هذا الأسبوع بسبب موضوع اليوم‮. ‬فكرت أن أعتذر أيضا عن كتابة هذا الموضوع في أيام عيد الأضحي المبارك،‮ ‬لمأساويته و‮" ‬العكننة‮" ‬عليكم في مناسبة سعيدة‮. ‬لكنني تراجعت عن الاعتذار،‮ ‬لأنني نظرت إلي الموضوع من وجه آخر‮: ‬أن معاني الاحتفال بعيد الأضحي أجدر مناسبة لنشره‮. ‬فمن معاني هذا العيد التضحية بالنفس،‮ ‬وهي أقصي درجات التضحية‮ ‬،‮ ‬من أجل شخص أو هدف تحبه وتخلص له‮. ‬ومن معانيه أيضا التضامن والتكافل الاجتماعي‮. ‬موضوع اليوم هو في صميم هذه المعاني علي الرغم من أنه ليس بجديد‮. ‬فقد تكرر مع كثير من الكتاب والأدباء والفنانين،‮ ‬وسوف يتكرر‮. ‬فهذه مأساة أكبر من مأساة صاحب الموضوع‮. ‬نحن هنا إزاء مأساة كاتب كبير أنفق كل ما كان يملك علي علاج زوجته،‮ ‬واضطر للاستدانة ليستكمل علاجها،‮ ‬توفيت الزوجة وتراكمت الديون التي عليه أن يسددها‮. ‬وفشلنا حتي اليوم في مصر في الحفاظ علي كرامة هؤلاء عندما يتعرضون إلي محنة المرض ومأساة الحاجة،‮ ‬رغم تكرار المحاولات التي تمت بنوايا حسنة‮. ‬إنني أتحدث عن مأساة الكاتب الكبير السيد حافظ الذي أذهلتني رسالته،‮ ‬بل صدمتني‮. ‬قرر السيد حافظ أن يذهب إلي دولة الإمارات بحثا عن عمل يوفر له مالا يمكنه من سداد ديونه التي تراكمت بسبب مرض زوجته بالكبد والتي توفيت في مستشفي قصر العيني الفرنساوي‮. ‬لم تكف قرارات العلاج علي نفقة الدولة التي صدرت لها في تغطية نفقات العلاج‮. ‬ويذكر السيد حافظ ممتنا الأصدقاء الذين وقفوا معه وساعدوا علي إصدار هذه القرارات،‮ ‬ومنهم الدكتورة هدي وصفي مديرة مسرح الهناجر والدكتور جابر عصفور رئيس المجلس الأعلي للثقافة وقتها والفنان أشرف زكي نقيب الممثلين وحمدين صباحي عضو مجلس الشعب‮ . ‬يقول السيد حافظ إن مدير مستشفي قصر العيني الفرنساوي قام بإبلاغ‮ ‬قسم الشرطة بسبب عدم سداده قيمة العلاج في العناية المركزة‮!‬إنني أفهم لماذا لم تكف قرارات العلاج علي نفقة الدولة لتغطية مصروفات العلاج‮. ‬مررت شخصيا بهذه التجربة عندما توسطت لقريبة لي لدي رئيس مجلس الوزراء،‮ ‬الدكتور كمال الجنزوري في ذلك الوقت،‮ ‬ليصدر لها قرارا بعلاجها علي نفقة الدولة في مستشفي قصر العيني الفرنسي أيضا‮. ‬صدر القرار بعشرة آلاف جنيه‮ ‬،‮ ‬بينما بلغت تكلفة العلاج أكثر من‮ ‬44‮ ‬ألف جنيه‮. ‬وأفهم أيضا لماذا ذهب السيد حافظ إلي دولة الإمارات بالذات بحثا عن مال‮. ‬ففضلا عن وفرة المال‮ ‬،‮ ‬هناك احتفاء ظاهر بالثقافة،‮ ‬يتجلي في عدد الإصدارات الجديدة في الكتب والصحافة،‮ ‬وفيما يقيمونه من متاحف ومعارض ويعقدونه من ندوات‮.. ‬وفوق ذلك هناك حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي تبرع في مصر وحدها بإنشاء مكتبة كلية الزراعة بجامعة القاهرة وفاء لكليته التي تخرج فيها‮ ‬،‮ ‬وشرفت باختياري عضوا بمجلس إدارتها،‮ ‬وأنشأ مبني الجمعية التاريخية المصرية في مدينة نصر وقت رئاسة العزيز المرحوم الدكتور رءوف عباس،‮ ‬وتبرع بإنشاء مبني جديد لدار الوثائق القومية في عين الصيرة‮ . ‬وأخيرا هو الوحيد الذي تبرع لاتحاد كتاب مصر بمبلغ‮ ‬عشرة ملايين جنيه لحساب علاج أعضائه‮. ‬تصوروا حاكم الشارقة يتبرع لعلاج كتاب مصر ولم نجد مصريا من مليارديرات آخر زمن يتبرعون‮ " ‬ولو بجنيه‮ " ‬كما يقول الإعلان التلفزيوني البائس للتبرع للأطفال مرضي السرطان‮. ‬كان علي السيد حافظ أن يسدد ديون علاج زوجته،‮ ‬ويعيش وينفق علي أولاده أيضا‮. ‬بحث عن عمل في دولة الإمارات،‮ ‬فتم تعيينه في مؤسسة الصدي في وظيفة مدقق لغوي،‮ ‬ثم قام الشاعر سيف المري رئيس التحرير بتعيينه منسقا إعلاميا بين مجلات المؤسسة‮. ‬فقام زملاء له فلسطينيون ومصريون بحملة ضده‮. ‬فقرر سيف المري تعيينه مديرا لتحرير مجلة‮ "‬الشاشة‮". ‬استكتب السيد حافظ‮ ‬،‮ ‬كما قال،‮ ‬في هذه المجلة عددا من كبار شعراء وكتاب مصر أمثال أحمد فؤاد نجم وعبد الرحمن الابنودي ومحفوظ عبد الرحمن ومجدي نجيب وفريدة النقاش ود‮. ‬رفيق الصبان وبهيج إسماعيل وإبراهيم عبد المجيد‮. ‬مرة أخري تعرض السيد حافظ لمكائد ومحاربة زملاء له‮. ‬أكثر ما حز في نفسه أن يكون هناك فلسطينيون من بين من حاربوه‮. ‬لماذا؟ يرد بنفسه‮: " ‬أنا الذي أنفقت عمري وحياتي دفاعا عن القضية الفلسطينية‮. ‬أدركت لأول مرة في حياتي أن العدو الأول لي في الإمارات مثقفون فاسدون من فلسطين والعراق والسودان‮. ‬أدركت أن القومية العربية وهم‮. ‬وأن العدو الفلسطيني الفاسد في الإمارات هو نفسه العميل الذي يبلغ‮ ‬المخابرات الإسرائيلية عن مكان الشرفاء من رجال المقاومة لتقتلهم إسرائيل‮!! ‬يا ويلي‮". ‬كان السيد حافظ قد اقترض من المؤسسة لسداد ديونه حتي وصلت الديون إلي مائة وثلاثين ألف درهم إماراتي‮. ‬انتهت المكائد بطرده من مؤسسة الصدي ولم يسدد ديونه بعد‮. ‬رغم ذلك قام صديقه رئيس التحرير الأستاذ سيف المري بتسديد إيجار منزله لثلاثة شهور‮. ‬بحث عن عمل آخر‮. ‬جاء صديقه الفنان نور الشريف وتدخل وطلب منه أن يكتب للشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة،‮ ‬فكتب‮. ‬لم يحصل علي وظيفة وإنما أعطوه‮ "‬مكرمة‮ " ‬سداد إيجار بيته لمدة أربعة أشهر‮. ‬أي أصبح السيد حافظ في موقف أشبه بالتسول،‮ ‬يؤكد ذلك كلامه نفسه الذي يجتر فيه تاريخه‮: "‬إنني في الإمارات أبحث عن عمل لأسدد ما اقترضته من البنوك ومن بعض الأصدقاء،‮ ‬في هذا الوطن الذي أدار ظهره لي وأنا صاحب أكبر مشروع في الكتابة المسرحية العربية‮. ‬أعمالي تدرس في أسبانيا وأمريكا وايرلندا وأنا في الإمارات هذا البلد الطيب‮". ‬ويضيف‮:"‬أسأل الله أن يرحمني وأن أخرج من هذا البلد معززا مكرما وأسدد ديوني‮ ". .‬لقد ذهبت مأساة السيد حافظ به إلي خارج حدود العقل حيث أنهي رسالته كاتبا‮: "‬ربما تجدني في إسرائيل ذات يوم‮. ‬لا تلومني،‮ ‬لا تقل عني خائنا بل قل خانه المثقفون العرب أولهم المصريون والفلسطينيون والعراقيون والخليجيون وآخرهم السودانيون‮. ‬أشكر كل الذين دعموني بالكلمات،‮ ‬وأنا ليس لي إلا رحمة الله الكريم الذي برحمته يغنيني عن البشر أجمعين‮". ‬مأساة السيد حافظ تذكره بمبدعين آخرين عاشوا مآسي مشابهة فيكتب‮:" ‬لم أتوقع أن تنتهي حياتي مثل محمود دياب ونجيب سرور ومحمد الماغوط‮ . ‬لم أتوقع ذلك ولكن هذا قدري‮". ‬حذفت كثيرا مما جاء في رسالته التي وصلتني عبر صديق لي‮. ‬والذي حذفته يعبر عن وصول حالة السيد حافظ إلي منطقة اللا منطق،‮ ‬واللا عقل‮. ‬هو لم يمت بعد مثلما مات من ذكرهم،‮ ‬وهم من أغزر الأدباء العرب موهبة‮. ‬هو،‮ ‬في الستين من عمره،‮ ‬لا يزال قادرا علي مزيد من الإبداع‮. ‬لذلك فالفرصة لا تزال سانحة لإنقاذ السيد حافظ مما هو فيه،‮ ‬ومن نفسه أيضا‮. ‬هذا المبدع المصري الكبير حقا،‮ ‬الذي عاد من الكويت سنة‮ ‬1986‮ ‬بمليون جنيه،‮ ‬أنفقها علي مركز ثقافي أنشأه في الإسكندرية سماه‮ "‬رؤيا‮ "‬،‮ ‬استضاف فيه عددا من الكتاب العرب والمخرجين والسينمائيين حتي أفلس‮. ‬ولا يزال السيد حافظ يحمل الكثير من الأفكار والمشاريع بعد أن كتب‮ ‬67‮ ‬كتابا،‮ ‬واكثر من مائة مسرحية،‮ ‬وروايتين،‮ ‬ومجموعتين قصصيتين‮ ‬،‮ ‬كما تميز بالكتابة للأطفال‮ . ‬وأذاع له التلفزيون المصري‮ ‬20‮ ‬مسلسلا‮. ‬وبعد أن كتبوا عنه عددا كبيرا من الرسائل العلمية في الجامعات العربية‮. ‬يقول هو إنه أكبر عدد لرسائل علمية عن كاتب عربي‮. ‬ويضيف إنه لا يزال عنده‮ ‬10مسلسلات في قطاع الإنتاج في مصر وشركة صوت القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامي لم تنفذ مع أنها حاصلة علي تقدير ممتاز‮. ‬لا أعرف تحديدا كيف يمكن إنقاذ السيد حافظ مما هو فيه ومن نفسه‮. ‬لكن المؤكد أن مأساته بدأت في مصر،‮ ‬وأنها لن تحل أيضا إلا في مصر‮. ‬مثلما‮ ‬يجب علينا البحث عن حلول جذرية لأمثال السيد حافظ من المبدعين المصريين،‮ ‬وحتي لا تتكرر مثل هذه المآسي مرة أخري‮. ‬نريد للمبدع المصري أن يعيش في مصر محفوظ الكرامة‮ ‬،‮ ‬مرفوع الرأس‮ . ‬نريد نظاما يضمن للمبدع المصري حياة كريمة له ولأسرته‮ ‬،‮ ‬وتأمينا صحيا شاملا كاملا وعلي أعلي مستوي له ولأسرته‮ ‬،‮ ‬دون اللجوء إلي الوساطة وقرارات العلاج علي نفقة الدولة لمن استطاع إليها سبيلا‮ . ‬ودون أن يضطر المبدع المصري إلي مغادرة مصر لتأجير ملكاته‮ ‬،‮ ‬والإساءة إلي نفسه وإلي وطنه أيضا‮ . ‬ولماذا نخص المبدعين ؟ لأنهم التاج علي رأس أي وطن‮ . ‬بل هم روح أي وطن‮ . ‬فوطن بلا إبداع كجسد بلا روح‮ . ‬وبعد‮: ‬في اللحظة التي فتحت فيها رسالة السيد حافظ علي بريدي الإلكتروني،‮ ‬وصلتني رسالة أخري علي تليفوني المحمول من وكالة أنباء الشرق الأوسط،‮ ‬تقول‮:" ‬تكوين مجموعة أصدقاء مصر بالبرلمان الأوربي بحضور أبو الغيط وزير الخارجية‮ "!‬
نظرة إلي المستقبلالسيد حافظ وتأملات في معني الوطن

بقلم‮ :‬سميرغريب

سعدت برسائل وصلتني تعلق علي مقالة الاسبوع الماضي عن مأساة الاديب المصري الكبير‮ »‬السيد‮ ‬حافظ‮« ‬الذي يعاني في‮ ‬غربته في دولة الإمارات‮.‬من بين الرسائل،‮ ‬رسالة الدكتور علي الشعيبي الذي جمعته علاقة‮ ‬عمل مع السيد حافظ عندما كان الشعيبي مديرا عاما لمركز دبي للاعمال الفنية‮. ‬مما كتبه الدكتور علي الشعيبي في رسالته‮: » ‬ولكنك عزفت علي جرحنا جميعا،‮ ‬فاعذرني وأنا ابعث اليك بخاطرة في حق هذا الرمز،‮ ‬كنت انت صاحب قدحة الزناد فيها،‮ ‬اشكرك علي كل حرف كتبته‮«.‬عنوان الخاطرة التي ارفقها الدكتور الشعيبي‮ »‬السيد حافظ السنبلة وجمرة القلب‮«. ‬ونظرا لضيق المساحة اضطر لاختيار الفقرات التالية منها لنشرها معتذرا لصاحبها‮:‬‮»‬كان العنوان بالخط العريض في جريدة الاخبار لافتا،‮ ‬إذ كانت الاحرف تشي باسم احد رواد المسرح العربي‮.. ‬وقرأت عن الشخص الذي اعتز به كرمز قومي عربي‮. ‬كان الحديث الخارج من وجع القلب عن المسرحي والاديب السيد حافظ ومعاناة المرحومة زوجته مع المرض ومعاناته كمثقف عربي مع أزمة موت الضمير‮. ‬وتخيلت لو انه كان‮ ‬يكتب اغنيات لمغنية فيديو كليب او لراقصة لكانت ديونه قد مسحت من دفاتر البنوك وسجلات الايام بهاتف واحد مطرز بالدلال‮. ‬تخيلت السيد حافظ يدخل الزمن العربي من فوق خشبة المسرح ويخاطب العربان وهو يبكي حرقة زمن استبيحت فيه الكرامة‮.. ‬لاتبك يا سيدي فهذا زمن عربي مستباح،‮ ‬زنازينه للمثقف وسجونه تغلق ابوابها علي‮ ‬غصة فقير سرقت لقمة عيشه‮. ‬لاتبك ياسيد‮. ‬انهم يخرقون السفينة ليغرقوها،‮ ‬ولكن هيهات ما دام صوتك يعزف الحان الخلود الابدية‮. ‬لاتبك يا سيد فأنت لاتملك إلا ريشة قلم مغموسة في دم القلب‮.‬‮»‬كان المقال وفيا للحدث،‮ ‬وفيا لرواية ما يجب ان يقال‮. ‬ولكن هل تكفي مجلدات تحوي ملايين الكلمات لتتحدث عن السيد حافظ مسرحيا واديبا ومثقفا وداعيا من دعاة التنوير وهو يقف امام عتبات العوز مودعا او جاهزا لمعركة البقاء رمزا وشموخا؟ هل تكفي رسائل الدكتوراه عن السيد حافظ لتحافظ له علي ماء الوجه بعد ان عبست الدنيا في وجهه‮.. ‬سيدي،‮ ‬هم يعرفون ان قلمك لن يكسر ولكنه يرمي طلقات شريفة ما تلوثت قط وما استسلمت قط،‮ ‬وستبقي رمزا في تراب الوطن ولن تسقط راية الكلمة الحرة الشريفة ما دامت في يديك سنبلة وفي قلبك جمرة‮«.‬طلب مني اكثر من قاريء إلقاء الضوء علي إبداع السيد حافظ‮. ‬وهذا بالطبع يحتاج إلي كتاب نظرا لحجم هذا الابداع وقيمته‮. ‬لكنني انشر هنا مقتطفا قصيرا جدا مما جاء بدراسة محمد السعيدي بعنوان‮ » ‬التجريب و التأصيل في مسرح السيد حافظ‮«.‬‮»‬ربما كان السيد حافظ اكثر كتاب جيل السبعينيات شغفا بالتجريب‮. ‬فتجريبه لايقف عند حد ولا يتوقف‮. ‬فعلي الرغم من‮ ‬غزارة إنتاجه إلي حدما بالنسبة لكتاب جيله،‮ ‬إلا انه لم يتوقف عند شكل بعينه‮. ‬منذ مسرحيته الاولي عام ‮١٧٩١ ‬بدت جرأته الإبداعية في اقتحام لغات جديدة لم يستسغها البعض‮. ‬مسرحياته التي تلتها تعلن انزياحها عن المألوف بدءا من العناوين الغريبة المثيرة التي تكشف عن وغبة داخلية في التمرد والثورة‮«.‬ارسل السيد حافظ نفسه رسالة لي اعتذر عن عدم نشرها لما فيها من شكر،‮ ‬فلا شكر علي واجب‮. ‬لكنها تعبر ايضا عن مرارته من وطنه‮ »‬الذي خانه‮« ‬علي حد تعبيره،‮ ‬رغم قصر رسالة السيد حافظ إلا انها منحتني الفرصة لكي أتامل في هذا التعبير الذي استخدمه‮ »‬الوطن الذي خانه‮«.‬فاستخدام تعبير‮ »‬خيانة‮« ‬في هذا المجال يدل علي العلاقة العاطفية الشديدة بين الكاتب ووطنه،‮ ‬حتي يشعر بان الوطن خانه‮. ‬الخيانة فعل عاطفي مقصور علي من كنا نحبهم‮. ‬لانه لا خيانة ممن لانعرفهم ولا تربطنا بهم علاقة حب‮. ‬السيد حافظ ليس وحيدا في الشعور بخيانة الوطن له‮.‬لعل اشهر مثال علي هذا الشعور هو ما عبر الكاتب العبقري الراحل نجيب سرور في قصيدته الفضيحة والمشهورة‮. ‬بينه وبين السيد حافظ وشائج قرب ادبية اولها ان كليهما كاتب درامي‮.‬خيانة الفرد للوطن معروفة‮. ‬تتدرج من خيانات صغيرة كالتراخي في العمل‮ ‬او الإهمال فيه،‮ ‬حتي تصل إلي ما يسمونها الخيانة العظمي والتي تصل عقوبتها إلي إعدام من كان مواطنا‮. ‬هناك اسباب وراء كل درجة من درجات هذه الخيانات بالطبع‮. ‬يجب البحث فيها لتجنبها‮. ‬لكن ماذا عن خيانة الوطن للمواطن؟خيانة الوطن هذه خيانة مجازية ومادية في آن‮. ‬فالوطن ليس شخصا واحدا مدركا عاقلا ليخون‮. ‬لكن الوطن هنا هو حالة يكونها جمع من الناس الذين نعرفهم ومن لهم تأثير علي احوالنا‮. ‬الشخصية،‮ ‬كالاصدقاء والزملاء والرؤساء والجيران والمسئولين والقراء‮. ‬المبدع ينتظر من كل هؤلاء ان يهبوا لنجدته ومؤازرته وحمايته من الضياع،‮ ‬وتدفئته من صقيع الوحدة وبرد اللامبالاة‮.‬العلاقة بين الوطن والمواطن فيها كثير من الرومانسية،‮ ‬عبر عنها المبدعون من قديم الزمان،‮ ‬او مثلما‮ ‬غني محمد عبدالوهاب‮ »‬حب الوطن فرض عليا،‮ ‬افديه بروحي وعينيا‮«.‬‮ ‬طيب اذا كان حب الوطن فرضا علي،‮ ‬فهو فرض علي الوطن ايضا ان يحب ابناءه‮. ‬فديمومة الحب متكافئة‮. ‬وإن لم تكن،‮ ‬يشعر المبدع مرهف الحس بخيانة الوطن‮. ‬ولايشعر المواطن العادي بالواطن اصلا‮. ‬وتسمعه يقول بالعامية‮ »‬البلد دي مش بلدنا‮«. ‬وتجد سلوكه سلبيا تجاه كل ما يرمز إلي الوطن،‮ ‬او يحاول جاهدا ان يخرج منه،‮ ‬ويبتعد عنه مهاجرا‮. ‬وتصل ذورة الإحساس بخيانة الوطن إلي حد ان يكون الفرد مستعدا للموت هربا من الوطن كما نري مع شباب مراكب الموت‮. ‬بينما تربي جيلي مثلا علي العكس تماما‮: ‬ان نموت فداء للوطن وليس هربا منه‮.‬لذلك فالسيد حافظ،‮ ‬او شباب مراكب الموت،‮ ‬يفجرون قضية في منتهي الحساسية والاهمية،‮ ‬وهي علاقة المواطن بوطنه،‮ ‬اذا شعرت بأنك مواطن فأنت بهذا الشعور في علاقة صحيحة بوطنك‮. ‬علاقة متكافئة‮. ‬فالمواطنة من الوطن‮. ‬اما ان لم تشعر بوطنك داخلك،‮ ‬فأنت لست بمواطن‮. ‬انت فرد في مجتمع‮. ‬واذا تصاعد إحساسك إلي كراهية وطنك،‮ ‬فأنت لست فردا عاديا لقد تحولت إلي عدو لهذا المجتمع،‮ ‬ولا اقول عدوا لوطنك لأنك في هذه الحالة لست مواطنا ولا تشعر بمعني الوطن‮.‬هل يولد الإنسان بلا وطن؟ بالطبع لا‮. ‬هل يولد الإنسان منزوع الاحساس بالوطن؟ بالطبع لا‮. ‬إذن هناك اسباب تؤدي إلي ان يفقد الإنسان إحساسه بالوطن او يتحول إلي عدو له‮. ‬فما هي هذه الأسباب؟؟اسألوا السيد حافظ‮. ‬واسألوا الناجين من شباب مراكب الموت‮. ‬بل واسألوا اي واحد‮.‬تعريف الوطن ليس فقط مكان الولادة والتربية والعمل‮ . ‬الوطن ليس‮ ‬فقط قطعة جغرافيا علي‮ ‬الخريطة‮. ‬الوطن هو حيث يشعر الإنسان بحبه‮. ‬والإنسان يحب من يبادله الحب‮. ‬الحب من طرف واحد ليس حبا،‮ ‬بل هو مرض يتطلب العلاج‮. ‬الحب حيث الامل‮. ‬وكذبت ام كلثوم حين‮ ‬غنت‮ »‬الحب من‮ ‬غير أمل اسمي معاني الغرام‮«. ‬فهذه ايضا عينة من اغنيات مريضة تروج لمشاعر مريضة‮.‬هنا يصح تماما ان ننقل صفات المحبين لنصف العلاقة بين المواطن ووطنه‮. ‬فمن صفات المحبين تبادل كل ما فيه خير لهما ولدوام علاقته‮: ‬العطاء الحرص،‮ ‬الخوف،‮ ‬الصدق،‮ ‬الامانة التقدير،‮ ‬الاحترم،‮ ‬وقبل كل ذلك من وجهة نظري‮: ‬الحرية‮. ‬فالحب عندي حرية‮. ‬وليس هناك ايضا حب بين عبد وسيده‮. ‬انها عبودية‮.‬وأنت لاتستطيع ان تحب شخصا يهينك او يسرقك او يخدعك او يهملك‮. ‬والأمر نفسه مع الوطن انت لاتستطيع ان تحب وطنا لاتشعر فيه بحريتك وكرامتك ومستقبلك او مستقبل ابنائك وهكذا نصل إلي خيانة الوطن للمواطن‮.‬ولذافقبل توفير رغيف العيش،‮ ‬يجب توفير الحرية والكرامة والاحترام لجميع المواطنين،‮ ‬وبعد ذلك يمكنهم ان يتشاطروا شظف العيش‮ ‬حتي بنوا‮ ‬غدا أفضل من يومهم‮. ‬وبدون ذلك لن يجدوا لا العيش ولاالغد‮. ا
بقلم: سعاد درير
إلى ابن النيل الأصيل
الفنان النبيل
السيد حافظ
من أين نبدأ الكلام عن أمير الكلام في زمن الصمت؟
من أين نبدأ الكلام عن مبدع عربي عظيم علمنا أن نتكلم، وعلمته الأيام أن يصمت؟
نبدأ من حيث انتهى هو: نبدأ من آخر الكلمات التي أعلنت صمته عقب قرار الاعتزال الذي شيع جثمان أربعين سنة ظل فيها الكاتب المسرحي السيد حافظ ناسكا متعبدا في محراب الفن: أربعين سنة ظل فيها الناطق الرسمي باسم التجريب في ربوع الوطن العربي.
هذا هو الكاتب المسرحي السيد حافظ الذي أعطى كل حياته للفن. لكن ماذا أعطاه الفن؟
أعطاه خيبة…
أعطاه أسفا…
أعطاه ندما…
وذيلا من الخسارات…
كلمات تتصبب وجعا وحرقة هي ما أسفر عنه قرار الاعتزال وبيان الاستغاثة اللذان أطلقهما السيد حافظ في أكثر من موقع… كلمات تختزل عمرا من العذاب عبر من خلالها السيد حافظ عن انتكاسة المثقف العربي وعن شقاء المبدع المسرحي الحق الذي أدمى قدميه في درب وعر ظل يتنكر له… درب رصدت خطواته تاريخا متخما بالألم والانكسار… درب أوله شوق وآخره شوك.
إنها لعنة الفن وضريبة الوفاء.
هي هكذا الحقيقة موجعة دائما ومرة. فلا قرار الاعتزال ولا بيان الاستغاثة شفعا للسيد حافظ عند من يهمهم الأمر وكأنه طفق يدق طبولا خرساء. وملء المرارة يعود السيد حافظ ليعتصر الكلمات ودموع الحسرة وهو يكتب في مستهل هذا الآذار عن طعنة الخنجر الذي غزا قلبه من جراء الحيف والتجاهل والتنكر وغير ذلك مما طاله في الأرض وغير الأرض. ويعود السيد حافظ لينبش في جرح لم يندمل بعد، لكن من يرد الصدى؟!
يسلم السيد حافظ أمره لله كلما حطت على صدره ذكرى حبيبة راحلة، ولا رادّ لحكم الله في استرجاع الأمانة متى شاء. وبالرضى والتسليم أنفسهما يقابل السيد حافظ أمر الله بابتلاء محمده الذي لا ندري ما فعلت به الأيام ولا إلى أين وصل به البلاء!
يرضى السيد حافظ بقضاء الله وقدره، ولا رادّ لأمر الله إذا أراد ابتلاء زوجة وابن في وقت واحد. لكن هل بالتسليم نفسه يرضى السيد حافظ أن يتجرع كأس الإجحاف والخيبة التي ما فتئ يصبها له من بأيديهم انتشاله من حفرة الموت التي قاده إليها حبل الثقافة الذي التف حول عنقه في زمن أضحى المثقف أرخص ما فيه؟!
أليس من السخرية أن ينتهي المطاف بمثقف وصاحب مشروع مسرحي ضخم في غرفة ضيقة كالقبر تُقْبَرُ فيها أحلامه وأوهامه عن المدينة الفاضلة والثقافة الفاضلة؟!
أليس من السخرية أيضا أن يكون قدر المثقف الملسوع بنار الحرف أن يهيم في فيافي منفى إجباري سواء أكان المنفى داخل الوطن أم خارجه؟!
الحقيقة أن المنفى ههنا لا يتعلق بمسألة مسافة جغرافية، وإنما يتعلق الأمر بمسافة نفسية اجتماعية تفصل المثقف عن واقعه الذي يكتشف بين يوم وليلة أنه غريب عنه.
لكن هل يعقل أن تكون الثقافة في وطننا العربي رخيصة إلى هذا الحد رغم كل ما يتحمله المثقف من نار: نار الاختيار؟!
هل يعقل أن كاتبا ذا حس إنساني مرهف – مثل السيد حافظ – ظل يكتب للإنسان وعن الإنسان، بينما يكتشف عند هبوب الأزمة تبخر ماء الإنسانية وكأنه ظل يدعو إلى سراب؟! هل يعقل أن يبحث السيد حافظ عن ظل إنسان يسانده وكأنه يبحث عن إبرة؟!
هل يعقل أن كل المؤسسات الثقافية وغير الثقافية عاجزة عن مساندة مثقف رفع علم الثقافة العربية عاليا وأضاء المشهد الثقافي العربي بما يفوق الستين كتابا منذ وقت مبكر لم يكن يسمح بأكثر من الحديث عن طفولة ثقافة مسرحية عربية؟!
هل يعقل أن مبدعا في وزن السيد حافظ يكرم خارج وطنه بأبحاث ماجستير ودكتوراه، ويكرم خارج الوطن العربي بترجمة عدد من كتبه، بينما يقف هو عند رصيف الوطن العربي ليبيع هذه الكتب علّه يحصّل ثمن الدواء الذي يمني نفسه أن ينقذ به حبيبا آخر؟!
وهل يعقل أن يحتفظ أي قارئ عابر – مشروع مثقف أو كاتب يمتلك ذرة نخوة – بشهية تُفْتَح في وجه الثقافة وصناعة الكلمات ونسج الحروف بعد أن يمر على كتابات السيد حافظ الأخيرة اللاعنة والمستغيثة في آن، ويغتسل بماء حروفها المشتعلة، ويتصبب ألما وترحما على سيرة ومسار فنان، إن كان قلب هذا العابر مازال ينبض نبض إنسان؟!؟!؟!
لكِ الله يا ثقافة.
ولكَ الله يا السيد حافظ
من مصر إلى الإمارات إلى مصر مرة أخرى… ثم إلى أين؟!
هذا قدر السيد حافظ. وهذه رحلته مع الاغتراب الذي سبقه إليه عابرون آخرون سقطوا سهوا من حقيبة أوطانهم، فأطالوا النشيج، لكن ما من يد انتشلتهم.
ونحن نتابع في صمت مشهدا باردا على مسرح حياة السيد حافظ، نقف هنا عند بلاك أوت فاصل بين هذا المشهد وذاك المشهد القريب منه نسبيا الذي شكلت أحداثه مسرحا للثقافة التي جرّ عربتها بدر شاكر السياب فجرّته إلى الهاوية.
فمن يتأمل تجربة السيد حافظ على أرض الإمارات يجد أنها لا تختلف كثيرا عن تجربة السياب على أرض الكويت التي رسمت الخطوط العريضة لقصيدته : “غريب على الخليج”:
جوع إليه كجوع كل دم الغريق إلى الهواء
شوق الجنين إذا اشرأب من الظلام إلى الولاده!
إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون!
أيخون إنسان بلاده؟
إن خان معنى أن يكون، فكيف يمكن أن يكون؟1
صحيح أن السياق يختلف من تجربة إلى أخرى في حالتي حافظ والسياب، إلا أن الدافع واحد في جوهره.
فبغض النظر عن فرار السياب بسبب الإضرابات التي كان له فيها دور هام في العراق، تبقى الظروف واحدة عند حافظ والسياب. والقاسم المشترك بينهما هو محاولة التملص من شروط ظروف جاثمة لا تسمح باختلاس النفس إن ظل صاحبها رابضا في أرض تضيق به. لكن متى كانت الأرض تضيق بأبنائها؟
إن لوحة العذاب والغربة القاسية التي رسمها السياب في قصيدته لا يوازيها إلا عذاب حافظ، وغربته المضاعفة كونها تجثم على أنفاسه في الأرضين: الوطن الأم والوطن البديل.
لكن إذا كان احتمال اغتراب الإنسان في أوطان الغير قائما، فهل من المستساغ والمتوقع أن يتبلل الإنسان بماء الغربة بين أحضان الأرض الأم؟! وهل يطيب لأم أن يتجرع طفلها كأس الحرمان، ويعيش حالة يتم، ويعاني احتراقات الولادة المؤجلة؟!
إن الحب نفسه الذي كان يكنّه السياب للوطن وفجّر حدوده في قصيدته: “غريب على الخليج” – مثلا - سبق أن أخرجه حافظ من غمد مسرحياته وامتشقه، وظل يشهره في وجه كل حاقد وناقم على الوطن.
لكن إذا كان الوطن هو نفسه حضن الأم، وكان السيد حافظ هو نفسه الولد البارّ بأمه، فإن منى هذا الولد وحلمه هو أن تطوقه هذه الأم وتحتضنه وتمتص آلامه وتضخّ الحياة في شرايين آماله المنكسرة. والحق أن مثقفا بإنسانية السيد حافظ لا ينتظر أكثر من رد الاعتبار لإنسانيته التي مرّغها الرحيل والترحال بحثا عما يحفظ ماء وجه كبريائه وماء وجه حياة أسرته الصغيرة التي تفرقت بين راحل وطريح وران إلى الأفق بعين الوله، وبينه هو المبعثر على مدن النسيان.
ورغم كل ما مر به حافظ من ظروف قاسية وقاهرة، فإنه لا يطمع في أكثر من فرصة عمل بليق بمؤهلاته وخبراته ورصيده من الفكر والمعرفة، ليحافظ على ما تبقى من أسرته، ويسد ديونه تدريجيا إلى أن تسقط الديون تباعا.
الحقيقة أن ما يتخبط فيه الرجل من مشاكل من جراء الأبواب التي توصد دونه يذكرنا بشخصية “فاضل” في مسرحيته “وسام من الرئيس”. فما جناه حافظ – جنـى عليه – من الثقافة لا يعادله إلا الوسام الذي جناه “فاضل” من مشاركته الباسلة في حرب التحرير التي حفظت ماء وجه الوطن وما حفظت ماء وجه كرامته هو الإنسان.
والغريب أن هذه المسرحية التي كتبها حافظ منذ وقت بعيد – بداية سنوات التسعين – لا يعادل مصير بطلها “فاضل” إلا المصير الذي رسمه القدر لكاتبها حافظ. على أن الكاتب وبطله كلاهما مازال يبحث عن هذه الفضيلة التي شتتتها صراعات الإنسانية في سبيل تأكيد مقولة: البقاء للأقوى، وإن كانت مقاييس الحكم نفسها - فيما يتعلق بهذه القوة - لا تحترم المقاييس.
وحتى الوعود التي تناثرت حول “فاضل” في المسرحية نفسها هي نفسها الوعود التي تناثرت حول حافظ وأُخلِفَت. وكذلك الحلم الذي زرعه الآخرون في ذات “فاضل” بلقاء ما يلزمه من دعم خارج الوطن (البلاد المحررة – الخليج) هو نفسه الحلم الذي حاول حافظ أن يصدقه وهو يبحث عن يد بيضاء في الإمارات.
لكن هل من المعقول أن تكون أمهات الغير أرحم بنا من أمهاتنا؟! مؤكد أن الجواب لا قطعا. ولهذا يكون واهما كل من يظن أن حضنا آخر سيكون أدفأ وأحنّ عليه من حضن أمه.
ومن هنا نأمل بصدق أن يجد السيد حافظ حضن أمه رحبا وواسعا لاستيعاب آهاته واحتواء حشرجاته وترطيب نهاراته، لأنه في الأول وفي الأخير ليس له إلا حضن أمه. ولن يشعر حافظ بالدفء الذي يتوق إليه في أي حضن آخر ماعدا حضن أمه، وإلا ما سكب الزمن حكمته في القول المأثور: “ما حك جلدك مثل ظفرك”.
مازال سيد نفسه ينتعل الخوف والترقب وهو ماض في طريق لم يختره، أو بالأحرى وهو ماض في طريق ما حسب أن نهايته ستكون سديمية وقاتمة إلى هذا الحد.
ولا يكف هذا المثقف – الذي صدمه قارب الثقافة وهو يصطدم بصخرة الواقع– يتساءل كما تساءل آخرون لقوا المصير نفسه:
أهكذا تُكَرَّم رموز الثقافة العربية؟!
لكن السؤال الذي يستلّه المتفرج على مأساة السيد حافظ هو: هل كان من الضروري أن يسقط محمد السيد حافظ وأم محمد تباعا ليرى السيد حافظ وجه المثقف العربي في مرآة الواقع؟!
يوما بعد يوم تحتضر رموز الثقافة العربية على مرأى ومسمع، وتحتضر الثقافة. فهل يسارع الوطن قبل فوات الأوان إلى إنقاذ بنيه الذين لم يبخلوا عليه بجدهم واجتهادهم لتعظيم مكانته؟ أم تظل سيرة الإنسان ومسار الفنان طي النسيان ما لم يصل في الوقت المناسب “غودو” هذا الأشبه بالفانوس السحري أو مصباح علاء الدين…؟!
كم قصي “غودو” هذا الذي ينتظره السيد حافظ عند رصيف الغياب!
كم مائلة هي هذه الأرض التي يقف فوقها السيد حافظ مكبل القدمين واليدين!
وكم بعيدة هي هذه الشمس التي لا تشرق إلا على الآخرين!
صدقت نبوءتك يا السيد حافظ.
ها اكتمل الطريق على ضفاف الحلم بمدائن الفضيلة والإنسانية، وتحول الإنسان إلى تفاهة. فأي كبرياء هذا الذي تطالب به التفاهة؟!
ومازال متفرج السيد حافظ يطمع في كرم أخلاق بلاد الـمعنـى علّ تتظافر جهودها وتتحد جهاتها لرد الاعتبار لسيدها البارّ



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق