نشرت هذه المقالة منذ عدة سنوات اعيد نشرها
الإخوان المسلمون في مصر وتغيير الخطاب السياسي بعد الانتخابات (1-2) بقلم : السيد حافظ القاهرةيبدو أن المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر قد استفاء من الأخطاء السابقة التي وقع فيها بعض قيادات الإخوان المسلمين في مصر ..فالمرشد العام مهدي عاكف قد فاجأني بدعوته لي لحضور تكريم أعضاء مجلس الشعب الجديد من الإخوان المسلمين ، وهو يعلم علم اليقين إنني كاتب لا انتمي إليهم كما إنني لا انتمي إلي الحزب الوطني ولا لأي حزب في مصر ، اعتقاداً مني بأن الكاتب فوق الأحزاب وإنه حزب تنويري بمفرده ويستطيع أن يوجه الأحزاب كلها لصالح الوطن وأن قضيته (الوطن والأمة) .. وذهبت إلي حفل استقبال أعضاء مجلس الشعب الجديد (88عضواً) من الإخوان المسلمين في أحد الفنادق الضخمة في مدينة نصر بالقاهرة .. وفوجئت بأنني اجلس وبجواري الكاتب مصطفي بكري رئيس تحرير جريدة الأسبوع ، والفنان عبد العزيز مخيون ، والدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء ، والدكتور مصطفي خليل رئيس مجلس وزراء مصر السابق واشهر وزير صناعة في مصر وباني نهضة مصر الصناعية الحديثة ورئيس الجبهة الوطنية والإصلاح السياسي في مصر . كان ولابد من هذا الاستهلال لأوضح للقارئ نوعية الناس الذين دعاهم حزب الإخوان للاحتفال ، فقد كنا نخبة من تيارات أخري لا تنتمي إلي الإخوان وهذا التفكير جديد علي حزب الإخوان الذي اخذ عنه أنه يرفض دعوة الآخر أو إنه يقوم بالاحتفال أو الاجتماع في الخفاء .. وجلس بجوارنا أحد المعارضة من المسيحيين . واستهل الحفل بكلمة للمرشد العام مركزه وهامة وقد لفت انتباهي فيها قول المرشد العام " انكم نواب عن الأمة كلها ، كل منكم وكيل عنها، والوكيل لابد وأن يتواخي مصلحة موكله ويلتزم بارادته ، ومن ثم لابد وأن تراعوا مصلحة الأمة كلها مسلميها وأقباطها ..رجالها ونسائها ..صغارها وكبارها ..جيلها الحاضر والأجيال القادمة " . نلاحظ هنا أن الإخوان المسلمين يطرحون وجود المسيحيين في مصر أسوة بالمسلمين ، وحرصهم علي توسيع جبهة التوافق الوطني والمصلحة الوطنية فوق التطرف الديني أو الانحياز غير المبرر في المصالح الوطنية .. ولقد طرح المرشد العام للإخوان عدة أهداف هامة لأعضاء الجدد في هذا المجلس منها : 1- إلغاء كل القوانين التي تصادر حريات الناس 2- حقوق الإنسان 3- إلغاء قانون الطوارئ والقوانين الاستثنائية سيئة السمعة 4- إطلاق الحريات وتحقيق الأمن والأمان 5- إقامة العدل وإطلاق الطاقات 6- إصدار قانون استقلال الفضائية الذي تعطل خمسة عشر عاماً 7- الاهتمام بالبحث العلمي وتوطيد التقنيات الحديثة 8- التركيز علي التنمية البشرية والإدارية والثقافية فضلاً عن الحفاظ علي القيم والأخلاق والآداب العامة 9- تشجيع الاستثمار والعمل والإنتاج من أجل إيجاد عمل لكل عاطل للقضاء علي البطالة التي تمثل قنبلة موقوتة 10- الانحياز للفقراء وتخفيف العبء عنهم وتحميلها للأغنياء وربط الأجور بالأسعار وتوفير الخدمات الصحية المجانية للفقراء 11- الرقابة الدقيقة علي أعمال الحكومة والتصدي للإسراف ومكافحة الفساد والمفسدين 12- التعاون مع الجبهة الوطنية ثم تحدث أحد زعماء المعارضة الأقباط عن دور الأخوان في الجبهة الوطنية وعن تعاونهم في المستقبل مع الجبهة من أجل التغيير ..وكانت هذه إشارة قوية من الإخوان المسلمين بأنهم قد فتحوا الباب للحوار مع الجميع من أجل الإصلاح السياسي في مصر بعيداً عن الأفكار القديمة .... أما المثير في الأمر أن المرشد العام قد تحدث في قناة الجزيرة قائلاً : إن كلمة الإسلام هو الحل هي إشارة إلي جماعة الإخوان المسلمين وليست نفياً للديانات الأخرى أو الاجتهادات الأخرى والطوائف السياسية الأخرى ولا هي فرضاً للرأي علي الآخرين .... إذاً ما الذي حدث في منهج الإخوان المسلمين في مصر ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ إن فوزهم في الانتخابات ونشوة نجاحهم التي سمح بها لم تدخلهم في سكرة ونشوة الانتصار.. كما أن صدور كتاب الإخوان في برلمان 2000 وهو عبارة عن دراسة تحليلية لأداء نواب الإخوان المسلمين في برلمان (2000-2005) كان رداً عن ما إدعاه الحزب الوطني الحاكم في مصر بأن أعضاء مجلس الشعب من الإخوان المسلمين كانوا يتحدثون في المجلس عن ماكياج المذيعات وزي البنات في المدارس والجامعة وما يكتب من أشعار في الدواوين والقصص .. والإخوان المسلمون قد مارسوا العمل النيابي في مصر عام 1938 أي أكثر من 75 عاماً ، وكانت أول محاولة للإخوان في نفس العام ولم تسمح الجماعة إلا للإمام (حسن البنا) فقط بخوض الانتخابات في دائرة الإسماعيلية وقد شهدت هذه الانتخابات أول ضغط ظاهر للمحتل الإنجليزي علي الحكومة المصرية بهدف منع الإمام حسن البنا من خوض الانتخابات دون مكاسب ، وقد ساوم الشيخ البنا حكومة النحاس مقابل تنازله عن حقه في ترشيح نفسه للانتخابات وكانت طلبات البنا من النحاس هي : 1- اغلاق بيوت الدعارة الرسمية في مصر 2- وجود جريدة يومية للإخوان المسلمين وبالفعل اغلقت بيوت الدعارة وصدرت مجلة الإخوان المسلمين .. وفي عام 1941 قرر المؤتمر العام السادس للجماعة أن يشارك الإخوان في الانتخابات النيابية التي تجري عام 1949 .. وبالفعل خاض الإمام حسن البنا الانتخابات النيابية مرة أخري حيث رشح نفسه للمرة الثانية في دائرة الإسماعيلية ومعه عدة رموز وقيادات الإخوان الذين رشحوا في عدد آخر من الدوائر علي مستوى القطر المصري ، وقد فشلت كل الضغوط التي مارسها الإنجليز علي الحكومة المصرية ومارستها الحكومة علي الجماعة لسحب الإمام البنا ترشيحه ولكن الجماعة في هذه المرة رفضت وفضلت دخول الانتخابات مهما كانت النتائج وبالفعل مارس الإنجليز كل وسائل الضغط والتزوير حتى انتهت الانتخابات بعدم دخول مرشحي الإخوان وعلي رأسهم الإمام البنا .. أما المشاركة الثالثة للإخوان المسلمين في الإنتخابات البرلمانية فكانت بشكل فردي في انتخابات 1976 ،1979 وقد نجح في الأولي الشيخ صلاح أبو إسماعيل وفي الثانية نجح الشيخ صلاح أبو إسماعيل إلا إنه لم يكن منضماً للجماعة في المرة الثانية ومعه الحاج حسن الجمل .وتأتي هذه المشاركة حتى ولو كانت بشكل فردي عن إعلان ميلاد الجماعة والحركة الإسلامية بشكل عام من جديد بعد ما لقيته الحركة الإسلامية وفي القلب منها جماعة الإخوان من تعذيب واضطهاد وتشريد علي يد النظام الناصري سواء في عام 1954 ، 1965 .. وكانت انتخابات 1976 أول انتخابات حقيقية تشهدها مصر بعد ثورة 1952 .. كما إنها تعد النتاج الأول للتعددية السياسية والحزبية بمصر التي أقرها الرئيس الراحل أنور السادات ، ثم انتخابات 1979 والتي فصلها النظام المصري علي مقاس معاهدة كامب ديفيد وفي دورة عام 1984 كانت أولي أول مشاركة رسمية لجماعة الإخوان في الانتخابات البرلمانية بعد الثورة ، حيث تحالف الإخوان مع حزب الوفد ودخل ثمانية أعضاء من الإخوان البرلمان .. وقد كان التحالف بين ممر التلمساني في المرشد الثالث للإخوان وفؤاد سراج الدين باشا زعيم حزب الوفد الجديد أثر في عمل تحالف الوفد مع الإخوان في قائمة موحدة ..وقد تعرف فؤاد سراج الدين زعيم حزب الوفد علي عمر التلمساني المرشد العام للإخوان في السجن ، حيث التقيا في السجن بعد أحداث سبتمبر 1981 والتى قام فيها الرئيس السادات بسجن كل التيارات السياسية والإعلامية والحزبية في مصر والغريب في الأمر أن حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين كثيراً ما كانا في خلاف قبل ثورة يوليو 1952 ..وكل منهما يمثل اتجاهاً مختلفاً ، فالإخوان جماعة إسلامية أما حزب الوفد فهو حزب ليبرالي أصيل إلا أن ما وضعته السلطة من قيود كان كفيلاً بأن يقبل كل من الطرفين هذا التحالف ، هذا التحالف الذي وضعه المستشار محمد المأمون الهضبي المتحدث باسم الإخوان المسلمين........بإنه تعاون وليس فرضاً لرأي أحد الطرفين علي الآخر ، ودارت المعركة الانتخابية ولم يفز من أحزاب المعارضة سوي قائمة تحالف الوفد والإخوان وهي القائمة التى تجمع فيها ثمانية من الإخوان وهم "حسن الجمل – محفوظ حلمي – محمد المراغي – محمد الشيشاني – حسن عبد الباقي – محمد المسماري – الشيخ محمد المطراوي – حسن جودة " وكان لهم أداؤهم المميز .وقد اعتبر المراقبون أن هذه المشاركة كانت محاولة من الإخوان لجس نبض القيادة السياسية التى أكدت في أكثر من مناسبة علي أن أخطاء الرئيس الراحل أنور السادات في التعامل مع المعارضة لن تتكرر ........ وللحديث بقيه
Email : elsayedhafez@hotmail.com الإخوان المسلمون في مصر وتغيير الخطاب السياسي بعد الانتخابات (الجزء الثاني) بقلم : السيد حافظ
وهنا يظهر سؤال .. كيف استعد النظام السياسي لهذا التحالف الجديد الذي يضم جناحين قويين لدي كلاً منهم وجوده التاريخي والشعب(الوفد والإخوان المسلمين) .. والإجابة تتضح بتعيين الدكتور رفعت المحجوب علي رأس النواب العشرة المعينين ثم اختياره في سابقة هي الأولي من نوعها رئيساً للبرلمان ، وذلك لكونه من الحرس التقليدي لحركة يوليو ، ولديه القدرة علي مواجهة كل من الإخوان والوفد ، إلا أن الممارسة أثبتت عكس ذلك ، حيث استطاع نواب الإخوان بإصرارهم أن يستكملوا النقاش حول مشروعات تقنين التشريعية الإسلامية ، وقام البرلمان بعقد جلسات استماع حول الدعوة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية ، ودعت اللجنة بالفعل زعماء ورؤساء الأحزاب والتيارات السياسية ، وشارك فيها الأستاذ "عمر التلمساني" المرشد العام للإخوان المسلمين وقتئذ ، ولم يدم مجلس 84 كثيراً لعدم دستورية قانون الانتخابات الذي أجريت به الانتخابات ، وهو قانون الانتخابات بالقائمة النسبية ، وتم حل المجلس بداية عام 1987 م .ثم جاءت انتخابات 1987م لتكون الإعلان الأوضح والأقوى لوجود الإخوان المسلمين في الساحة السياسية لعدة أسباب ، لعل أبرزها وأهمها علي الإطلاق هو الإعلان عن ميلاد شعار (الإسلام هو الحل) الذي رفعه التحالف الإسلامي ، والذي ضم بجانب جماعة (الإخوان المسلمين) حزبي العمل والأحرار وهو التحالف الذي أثمر عن 60 مقعداً ، للإخوان منهم 36 مقعداً ، وهو العدد الذي منحهم المرتبة الأولي في صفوف المعارضة .وكان شعار الإسلام هو الحل يراه البعض هو نفي للآخر ، ونفي كل المسلمين ونفي الأديان الأخرى .. ويري البعض عدا إن الإخوان المسلمين عندما يقولون الإسلام هو الحل هو احتكارهم للإسلام ولفهم الإسلام وتكفير باقي المسلمين.. وهناك شعار يرفعه الليبراليون وهو أن الإسلام ديناً لا شأن له بالدولة .. ويري الإخوان أن الإسلام هو الحل تعني كما تقول وثائق الإخوان المسلمين .- الحريات العامة : العقيدة والعبادة (لا إكراه في الدين) - حرية الرأي والتعبير : حتى ليراجع المسلمون النبي صلي الله عليه وسلم وهو الموحي إليه ، وذلك في غزوة بدر وأحد والأحزاب ، وحتى يقول رجل لعمر " اتق الله" فيرد " لا خير فيكم إن لم تقولوها ، ولا خير فينا إن لم نسمعها " وحينما تستدرك عليه امرأة وهو علي المنبر فيقر بخطئه قائلاً "أصابت امرأة وأخطأ عمر" .- إنما نقرر مبدأ الشورى أو الديمقراطية الإسلامية " وأمرهم شوري بينهم " ، " فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر " . - إنما نقرر حق الشعب في اختيار حاكمة بمحض إرادته الحرة .- إنما نقرر أن هذا الحاكم وكيل عن الأمة وأنها مصدر السلطات ومن حقها محاسبته " أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم " ، "لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا " . - إنما نقرر المساواة الإنسانية العامة " كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي علي أعجمي ولا لأعجمي علي عربي إلا بالتقوى " .- والمساواة أمام القانون " إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ".- والمساواة أمام القضاء " وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" .- إنما نقرر حقوق الإنسان .- نقرر حقه في العزة والكرامة الإنسانية "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلاً" .- إنما نقرر تحريم الظلم " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " .- إنما نقرر حق الإنسان في تكوين أسرته "وانكحوا الأيامى منكم – من لا أزواج لهم – والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله " .- إنما نقرر حق الفرد علي الدولة في إيجاد عمل .- إنما نقرر حق الفرد في كفالة المجتمع عند العجز .- إنما نقرر تحريم استغلال النفوذ والتربح .- إنما نقرر حرمة الملكية الخاصة طالما كانت مصادرها حلالاً وتؤدي حق الله وحق المجتمع .- إنما نقرر وجوب محاربة الفقر .- إنما نقرر مسئولية الحاكم عن أعمال وزرائه وموظفيه يقول عمر "أيما عامل لي ظلم أحداً وبلغتني مظلمته فلم أغيرها فأنا ظلمته " .- إنما نقرر واجب محاربة الظلم والفساد .- إنما نقرر حقوق المرأة في اختيار شريك .- إنما نقرر حقوق غير المسلمين وحرياتهم التي يوجزها المبدأ المقرر " لهم ما لنا وعليهم ما علينا " .ومن هنا كانت شعارات الجماعة في هذا المجلس 1987 م .. قادرة علي الحوار وتحولت من شعارات إلي استجوابات وأسئلة وحوار مع الحكومة .ولم يدم عمر هذا المجلس كثيراً ، حيث حكمت المحكمة الدستورية العليا ببطلانه عام 1990م لعدم دستورية قانون القائمة النسبية الذي أجريت به الانتخابات ثم كانت انتخابات 1990م التي قاطعها الإخوان مع باقي الأحزاب والقوي السياسية الأخرى عدا حزب التجمع اليساري لعدم وجود ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات ثم خاضت الجماعة انتخابات 1995م تحت نفس الشعار (الإسلام هو الحل) وهي انتخابات التي أجريت بنظام فردي أيضاً ، إلا أن هذا لم يمنع استمرار التحالف الإسلامي بين الجماعة وحزب العمل ، وقد خاضت الجماعة هذه الانتخابات بمائه وخمسين مرشحاً في ظل ظروف سياسية وأمنية غاية في القسوة تمثلت في تحويل 82 من قيادات الإخوان إلي القضاء العسكري وتمت محاكمتهم عسكرياً في 23/11/1995م ، بعد حملة اعتقالات دامت عدة أشهر في الفترة من يناير إلي أكتوبر 1995م وقضت المحكمة بسجن 54 منهم بأحكام تتراوح بين 3 ، 5 سنوات في محاولة من الحكومة لإجهاض عملية إقدام الإخوان علي خوض الانتخابات البرلمانية لعام 1995م التي كانت أسوأ انتخابات شهدتها مصر ، ولم ينجح من مرشحي الإخوان والتحالف سوي نائب واحد وهو نائب الدائرة 25 بالقاهرة الأستاذ علي فتح الباب عضو المجلس الحالي ، كما شهد مجلس 1995م أكثر من 915 طعناً في صحة عضوية نوابه ، وقد أكمل مجلس 95 دورته وأطلق عليه المراقبون أوصافاً عدة منها (مجلس سيئ السمعة) نسبة للقوانين سيئة السمعة التى أقرها و(مجلس نواب القروض) نسبة للنواب الذين حصلوا علي قروض بنكية بضمانات وهمية .. ورغم صدور الحكم التاريخي للمحكمة الدستورية في يوليو 2000م ببطلان هذا المجلس لعدم الإشراف القضائي علي الانتخابات التى أجريت في 1995م .. إلا أن المجلس استكمل فصله التشريعي وقد دفع حكم الدستورية رئيس الجمهورية إلي إصدار قرار بقوة قانون لفض الفصل التشريعي السابع (مجلس95) وإجراء الانتخابات في موعدها نهاية عام 2000م ، تحت إشراف قضائي ،وكانت انتخابات 2000م التي فاز الإخوان فيها بسبعة عشر مقعداً من إجمالي 70 مرشحاً خاضوا الانتخابات تحت شعار "الإسلام هو الحل" .وتكتسب انتخابات 2000م التي أجريت علي ثلاث مراحل خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2000م أهمية خاصة ، حيث إنها جاءت في إطار ومناخ سياسي عام لم يكن في صالح المجلس من حيث ممارسة صلاحياته وسلطاته التي افتقدها أمام السلطة التنفيذية .. من ناحية أخري كانت هذه الانتخابات بشكل أو بآخر فرصة للقوي والأحزاب السياسية التي قررت خوض تلك الانتخابات في اختبار وجودها في الشارع السياسي ، خاصة أنها الانتخابات الأولي التي تجري في ظل إشراف قضائي ، إلا أن هذا لم يمنع الحكومة المصرية من ممارسة جميع أشكال الضغط وممارسة كل أنواع البلطجة علي مرشحي الإخوان حتى لا ينجح أحد منهم ، ورغم هذه الضغوط التى لم يتعرض لها سوي مرشحي الإخوان استطاعت الجماعة أن تفوز بسبعة عشر مقعداً كانوا سبباً في سخونة مجلس الشعب .إن الإخوان المسلمين في تحركاتهم الحديثة قد استفادوا من الأخطاء السابقة خاصة وبعد أن أعلنت كوندليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا ، أن أمريكا ليس لديها أي مانع من التعامل مع الجماعات الإسلامية سواء كانوا من الإخوان المسلمين أو غيرهم ..وكان هذا إشارة الضوء الأخضر للحكومة للتخفيف عن حركة الإخوان وعددهم في المجلس الحالي.. لكن إذا نظرنا إلي ما قدموه الإخوان في مجالس 2000،95،87،84 نجد أن هناك العديد من القضايا المشتركة التي تحمل نواب الجماعة مسئولية طرحها والدفاع عنها أهمها : قضايا الحريات السياسية ، والتصدي لقانون الطوارئ والإصلاح السياسي العام ، وعلاج القضايا الاقتصادية ، وإصلاح الأجهزة الإعلامية وتبني قضايا الوطن العربي والأمة الإسلامية ، خاصة قضيتي فلسطين والعراق إضافة إلي إصلاح التعليم ، وتقديم رؤي بديلة وكاملة للمنهج الإسلامي في كل هذه القضايا وغيرها من القضايا الحديثة التي تطرأ علي الساحة .. ويكفي أنه عبر تاريخ مشاركتهم في المجالس النيابية لم يتورط أحدهم في قضايا شيكات دون رصيداً أو يقدم فيه طعن بالتزوير أو يقدم فيه بلاغ لمجلس الشعب لقيامه بالحصول علي مصلحة خاصة ، بل كانت مواجهة الدولة لهم ، رغم كونهم نواباً ولهم حصانتهم البرلمانية ، استكمالاً لما كان يحدث معهم قبل دخولهم المجلس ، وقبل أن يكونوا نواباً والأمثلة علي ذلك كثيرة لعل أبرزها والذي مازال محفوراً في الأذهان حادثة كل من الشيخ صلاح أبو إسماعيل ، والدكتور عصام العريان مع وزير الداخلية الأسبق زكي بدر ، وحادثة النائب علي فتح الباب الذي طالبت وزارة الداخلية برفع الحصانة عنه بتهمة قيادته تنظيم يهدف إلي إحياء جماعة الإخوان المسلمين .. وأخيراً ما حدث مع الدكتور محمد جمال حشمت وإبطال عضويته بطعن ليس له به أي علاقة ، ثم ما حدث مع عزب مصطفي ، وتكرار اعتقال نجل الدكتور محمد مرسي رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان في برلمان 2000 . قدم الإخوان نموذجاً جديداً في الخطاب السياسي للجماهير في تاريخهم السياسي والنضالي ..وكذلك قدم الحزب الوطني خطاباً جديداً في التوجه السياسي والسماح للإخوان بثلث المجلس حتى يكونوا هم الأغلبية أو القوي الأكثر في المعارضة داخل المجلس ، ولكن كل المؤشرات التي يراها المراقبون هنا في مصر أن هذا المجلس لن يستمر دورة كاملة وإن مصيره سيكون مثل مصير مجلس عام 1987م وسوف يتم إلغاء هذا المجلس إما بقرار جمهوري أو بالحكم في قضية بطلان الانتخابات لمعظم الفائزين من الحزب الوطني أو المستقلين ..وهذا ما ستجيب الأيام القادمة عن توقعاتنا . السيد حافظ القاهرةelsayedhafez@hotmail.com
الإخوان المسلمون في مصر وتغيير الخطاب السياسي بعد الانتخابات (1-2) بقلم : السيد حافظ القاهرةيبدو أن المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر قد استفاء من الأخطاء السابقة التي وقع فيها بعض قيادات الإخوان المسلمين في مصر ..فالمرشد العام مهدي عاكف قد فاجأني بدعوته لي لحضور تكريم أعضاء مجلس الشعب الجديد من الإخوان المسلمين ، وهو يعلم علم اليقين إنني كاتب لا انتمي إليهم كما إنني لا انتمي إلي الحزب الوطني ولا لأي حزب في مصر ، اعتقاداً مني بأن الكاتب فوق الأحزاب وإنه حزب تنويري بمفرده ويستطيع أن يوجه الأحزاب كلها لصالح الوطن وأن قضيته (الوطن والأمة) .. وذهبت إلي حفل استقبال أعضاء مجلس الشعب الجديد (88عضواً) من الإخوان المسلمين في أحد الفنادق الضخمة في مدينة نصر بالقاهرة .. وفوجئت بأنني اجلس وبجواري الكاتب مصطفي بكري رئيس تحرير جريدة الأسبوع ، والفنان عبد العزيز مخيون ، والدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء ، والدكتور مصطفي خليل رئيس مجلس وزراء مصر السابق واشهر وزير صناعة في مصر وباني نهضة مصر الصناعية الحديثة ورئيس الجبهة الوطنية والإصلاح السياسي في مصر . كان ولابد من هذا الاستهلال لأوضح للقارئ نوعية الناس الذين دعاهم حزب الإخوان للاحتفال ، فقد كنا نخبة من تيارات أخري لا تنتمي إلي الإخوان وهذا التفكير جديد علي حزب الإخوان الذي اخذ عنه أنه يرفض دعوة الآخر أو إنه يقوم بالاحتفال أو الاجتماع في الخفاء .. وجلس بجوارنا أحد المعارضة من المسيحيين . واستهل الحفل بكلمة للمرشد العام مركزه وهامة وقد لفت انتباهي فيها قول المرشد العام " انكم نواب عن الأمة كلها ، كل منكم وكيل عنها، والوكيل لابد وأن يتواخي مصلحة موكله ويلتزم بارادته ، ومن ثم لابد وأن تراعوا مصلحة الأمة كلها مسلميها وأقباطها ..رجالها ونسائها ..صغارها وكبارها ..جيلها الحاضر والأجيال القادمة " . نلاحظ هنا أن الإخوان المسلمين يطرحون وجود المسيحيين في مصر أسوة بالمسلمين ، وحرصهم علي توسيع جبهة التوافق الوطني والمصلحة الوطنية فوق التطرف الديني أو الانحياز غير المبرر في المصالح الوطنية .. ولقد طرح المرشد العام للإخوان عدة أهداف هامة لأعضاء الجدد في هذا المجلس منها : 1- إلغاء كل القوانين التي تصادر حريات الناس 2- حقوق الإنسان 3- إلغاء قانون الطوارئ والقوانين الاستثنائية سيئة السمعة 4- إطلاق الحريات وتحقيق الأمن والأمان 5- إقامة العدل وإطلاق الطاقات 6- إصدار قانون استقلال الفضائية الذي تعطل خمسة عشر عاماً 7- الاهتمام بالبحث العلمي وتوطيد التقنيات الحديثة 8- التركيز علي التنمية البشرية والإدارية والثقافية فضلاً عن الحفاظ علي القيم والأخلاق والآداب العامة 9- تشجيع الاستثمار والعمل والإنتاج من أجل إيجاد عمل لكل عاطل للقضاء علي البطالة التي تمثل قنبلة موقوتة 10- الانحياز للفقراء وتخفيف العبء عنهم وتحميلها للأغنياء وربط الأجور بالأسعار وتوفير الخدمات الصحية المجانية للفقراء 11- الرقابة الدقيقة علي أعمال الحكومة والتصدي للإسراف ومكافحة الفساد والمفسدين 12- التعاون مع الجبهة الوطنية ثم تحدث أحد زعماء المعارضة الأقباط عن دور الأخوان في الجبهة الوطنية وعن تعاونهم في المستقبل مع الجبهة من أجل التغيير ..وكانت هذه إشارة قوية من الإخوان المسلمين بأنهم قد فتحوا الباب للحوار مع الجميع من أجل الإصلاح السياسي في مصر بعيداً عن الأفكار القديمة .... أما المثير في الأمر أن المرشد العام قد تحدث في قناة الجزيرة قائلاً : إن كلمة الإسلام هو الحل هي إشارة إلي جماعة الإخوان المسلمين وليست نفياً للديانات الأخرى أو الاجتهادات الأخرى والطوائف السياسية الأخرى ولا هي فرضاً للرأي علي الآخرين .... إذاً ما الذي حدث في منهج الإخوان المسلمين في مصر ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ إن فوزهم في الانتخابات ونشوة نجاحهم التي سمح بها لم تدخلهم في سكرة ونشوة الانتصار.. كما أن صدور كتاب الإخوان في برلمان 2000 وهو عبارة عن دراسة تحليلية لأداء نواب الإخوان المسلمين في برلمان (2000-2005) كان رداً عن ما إدعاه الحزب الوطني الحاكم في مصر بأن أعضاء مجلس الشعب من الإخوان المسلمين كانوا يتحدثون في المجلس عن ماكياج المذيعات وزي البنات في المدارس والجامعة وما يكتب من أشعار في الدواوين والقصص .. والإخوان المسلمون قد مارسوا العمل النيابي في مصر عام 1938 أي أكثر من 75 عاماً ، وكانت أول محاولة للإخوان في نفس العام ولم تسمح الجماعة إلا للإمام (حسن البنا) فقط بخوض الانتخابات في دائرة الإسماعيلية وقد شهدت هذه الانتخابات أول ضغط ظاهر للمحتل الإنجليزي علي الحكومة المصرية بهدف منع الإمام حسن البنا من خوض الانتخابات دون مكاسب ، وقد ساوم الشيخ البنا حكومة النحاس مقابل تنازله عن حقه في ترشيح نفسه للانتخابات وكانت طلبات البنا من النحاس هي : 1- اغلاق بيوت الدعارة الرسمية في مصر 2- وجود جريدة يومية للإخوان المسلمين وبالفعل اغلقت بيوت الدعارة وصدرت مجلة الإخوان المسلمين .. وفي عام 1941 قرر المؤتمر العام السادس للجماعة أن يشارك الإخوان في الانتخابات النيابية التي تجري عام 1949 .. وبالفعل خاض الإمام حسن البنا الانتخابات النيابية مرة أخري حيث رشح نفسه للمرة الثانية في دائرة الإسماعيلية ومعه عدة رموز وقيادات الإخوان الذين رشحوا في عدد آخر من الدوائر علي مستوى القطر المصري ، وقد فشلت كل الضغوط التي مارسها الإنجليز علي الحكومة المصرية ومارستها الحكومة علي الجماعة لسحب الإمام البنا ترشيحه ولكن الجماعة في هذه المرة رفضت وفضلت دخول الانتخابات مهما كانت النتائج وبالفعل مارس الإنجليز كل وسائل الضغط والتزوير حتى انتهت الانتخابات بعدم دخول مرشحي الإخوان وعلي رأسهم الإمام البنا .. أما المشاركة الثالثة للإخوان المسلمين في الإنتخابات البرلمانية فكانت بشكل فردي في انتخابات 1976 ،1979 وقد نجح في الأولي الشيخ صلاح أبو إسماعيل وفي الثانية نجح الشيخ صلاح أبو إسماعيل إلا إنه لم يكن منضماً للجماعة في المرة الثانية ومعه الحاج حسن الجمل .وتأتي هذه المشاركة حتى ولو كانت بشكل فردي عن إعلان ميلاد الجماعة والحركة الإسلامية بشكل عام من جديد بعد ما لقيته الحركة الإسلامية وفي القلب منها جماعة الإخوان من تعذيب واضطهاد وتشريد علي يد النظام الناصري سواء في عام 1954 ، 1965 .. وكانت انتخابات 1976 أول انتخابات حقيقية تشهدها مصر بعد ثورة 1952 .. كما إنها تعد النتاج الأول للتعددية السياسية والحزبية بمصر التي أقرها الرئيس الراحل أنور السادات ، ثم انتخابات 1979 والتي فصلها النظام المصري علي مقاس معاهدة كامب ديفيد وفي دورة عام 1984 كانت أولي أول مشاركة رسمية لجماعة الإخوان في الانتخابات البرلمانية بعد الثورة ، حيث تحالف الإخوان مع حزب الوفد ودخل ثمانية أعضاء من الإخوان البرلمان .. وقد كان التحالف بين ممر التلمساني في المرشد الثالث للإخوان وفؤاد سراج الدين باشا زعيم حزب الوفد الجديد أثر في عمل تحالف الوفد مع الإخوان في قائمة موحدة ..وقد تعرف فؤاد سراج الدين زعيم حزب الوفد علي عمر التلمساني المرشد العام للإخوان في السجن ، حيث التقيا في السجن بعد أحداث سبتمبر 1981 والتى قام فيها الرئيس السادات بسجن كل التيارات السياسية والإعلامية والحزبية في مصر والغريب في الأمر أن حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين كثيراً ما كانا في خلاف قبل ثورة يوليو 1952 ..وكل منهما يمثل اتجاهاً مختلفاً ، فالإخوان جماعة إسلامية أما حزب الوفد فهو حزب ليبرالي أصيل إلا أن ما وضعته السلطة من قيود كان كفيلاً بأن يقبل كل من الطرفين هذا التحالف ، هذا التحالف الذي وضعه المستشار محمد المأمون الهضبي المتحدث باسم الإخوان المسلمين........بإنه تعاون وليس فرضاً لرأي أحد الطرفين علي الآخر ، ودارت المعركة الانتخابية ولم يفز من أحزاب المعارضة سوي قائمة تحالف الوفد والإخوان وهي القائمة التى تجمع فيها ثمانية من الإخوان وهم "حسن الجمل – محفوظ حلمي – محمد المراغي – محمد الشيشاني – حسن عبد الباقي – محمد المسماري – الشيخ محمد المطراوي – حسن جودة " وكان لهم أداؤهم المميز .وقد اعتبر المراقبون أن هذه المشاركة كانت محاولة من الإخوان لجس نبض القيادة السياسية التى أكدت في أكثر من مناسبة علي أن أخطاء الرئيس الراحل أنور السادات في التعامل مع المعارضة لن تتكرر ........ وللحديث بقيه
Email : elsayedhafez@hotmail.com الإخوان المسلمون في مصر وتغيير الخطاب السياسي بعد الانتخابات (الجزء الثاني) بقلم : السيد حافظ
وهنا يظهر سؤال .. كيف استعد النظام السياسي لهذا التحالف الجديد الذي يضم جناحين قويين لدي كلاً منهم وجوده التاريخي والشعب(الوفد والإخوان المسلمين) .. والإجابة تتضح بتعيين الدكتور رفعت المحجوب علي رأس النواب العشرة المعينين ثم اختياره في سابقة هي الأولي من نوعها رئيساً للبرلمان ، وذلك لكونه من الحرس التقليدي لحركة يوليو ، ولديه القدرة علي مواجهة كل من الإخوان والوفد ، إلا أن الممارسة أثبتت عكس ذلك ، حيث استطاع نواب الإخوان بإصرارهم أن يستكملوا النقاش حول مشروعات تقنين التشريعية الإسلامية ، وقام البرلمان بعقد جلسات استماع حول الدعوة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية ، ودعت اللجنة بالفعل زعماء ورؤساء الأحزاب والتيارات السياسية ، وشارك فيها الأستاذ "عمر التلمساني" المرشد العام للإخوان المسلمين وقتئذ ، ولم يدم مجلس 84 كثيراً لعدم دستورية قانون الانتخابات الذي أجريت به الانتخابات ، وهو قانون الانتخابات بالقائمة النسبية ، وتم حل المجلس بداية عام 1987 م .ثم جاءت انتخابات 1987م لتكون الإعلان الأوضح والأقوى لوجود الإخوان المسلمين في الساحة السياسية لعدة أسباب ، لعل أبرزها وأهمها علي الإطلاق هو الإعلان عن ميلاد شعار (الإسلام هو الحل) الذي رفعه التحالف الإسلامي ، والذي ضم بجانب جماعة (الإخوان المسلمين) حزبي العمل والأحرار وهو التحالف الذي أثمر عن 60 مقعداً ، للإخوان منهم 36 مقعداً ، وهو العدد الذي منحهم المرتبة الأولي في صفوف المعارضة .وكان شعار الإسلام هو الحل يراه البعض هو نفي للآخر ، ونفي كل المسلمين ونفي الأديان الأخرى .. ويري البعض عدا إن الإخوان المسلمين عندما يقولون الإسلام هو الحل هو احتكارهم للإسلام ولفهم الإسلام وتكفير باقي المسلمين.. وهناك شعار يرفعه الليبراليون وهو أن الإسلام ديناً لا شأن له بالدولة .. ويري الإخوان أن الإسلام هو الحل تعني كما تقول وثائق الإخوان المسلمين .- الحريات العامة : العقيدة والعبادة (لا إكراه في الدين) - حرية الرأي والتعبير : حتى ليراجع المسلمون النبي صلي الله عليه وسلم وهو الموحي إليه ، وذلك في غزوة بدر وأحد والأحزاب ، وحتى يقول رجل لعمر " اتق الله" فيرد " لا خير فيكم إن لم تقولوها ، ولا خير فينا إن لم نسمعها " وحينما تستدرك عليه امرأة وهو علي المنبر فيقر بخطئه قائلاً "أصابت امرأة وأخطأ عمر" .- إنما نقرر مبدأ الشورى أو الديمقراطية الإسلامية " وأمرهم شوري بينهم " ، " فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر " . - إنما نقرر حق الشعب في اختيار حاكمة بمحض إرادته الحرة .- إنما نقرر أن هذا الحاكم وكيل عن الأمة وأنها مصدر السلطات ومن حقها محاسبته " أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم " ، "لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا " . - إنما نقرر المساواة الإنسانية العامة " كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي علي أعجمي ولا لأعجمي علي عربي إلا بالتقوى " .- والمساواة أمام القانون " إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ".- والمساواة أمام القضاء " وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" .- إنما نقرر حقوق الإنسان .- نقرر حقه في العزة والكرامة الإنسانية "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلاً" .- إنما نقرر تحريم الظلم " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " .- إنما نقرر حق الإنسان في تكوين أسرته "وانكحوا الأيامى منكم – من لا أزواج لهم – والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله " .- إنما نقرر حق الفرد علي الدولة في إيجاد عمل .- إنما نقرر حق الفرد في كفالة المجتمع عند العجز .- إنما نقرر تحريم استغلال النفوذ والتربح .- إنما نقرر حرمة الملكية الخاصة طالما كانت مصادرها حلالاً وتؤدي حق الله وحق المجتمع .- إنما نقرر وجوب محاربة الفقر .- إنما نقرر مسئولية الحاكم عن أعمال وزرائه وموظفيه يقول عمر "أيما عامل لي ظلم أحداً وبلغتني مظلمته فلم أغيرها فأنا ظلمته " .- إنما نقرر واجب محاربة الظلم والفساد .- إنما نقرر حقوق المرأة في اختيار شريك .- إنما نقرر حقوق غير المسلمين وحرياتهم التي يوجزها المبدأ المقرر " لهم ما لنا وعليهم ما علينا " .ومن هنا كانت شعارات الجماعة في هذا المجلس 1987 م .. قادرة علي الحوار وتحولت من شعارات إلي استجوابات وأسئلة وحوار مع الحكومة .ولم يدم عمر هذا المجلس كثيراً ، حيث حكمت المحكمة الدستورية العليا ببطلانه عام 1990م لعدم دستورية قانون القائمة النسبية الذي أجريت به الانتخابات ثم كانت انتخابات 1990م التي قاطعها الإخوان مع باقي الأحزاب والقوي السياسية الأخرى عدا حزب التجمع اليساري لعدم وجود ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات ثم خاضت الجماعة انتخابات 1995م تحت نفس الشعار (الإسلام هو الحل) وهي انتخابات التي أجريت بنظام فردي أيضاً ، إلا أن هذا لم يمنع استمرار التحالف الإسلامي بين الجماعة وحزب العمل ، وقد خاضت الجماعة هذه الانتخابات بمائه وخمسين مرشحاً في ظل ظروف سياسية وأمنية غاية في القسوة تمثلت في تحويل 82 من قيادات الإخوان إلي القضاء العسكري وتمت محاكمتهم عسكرياً في 23/11/1995م ، بعد حملة اعتقالات دامت عدة أشهر في الفترة من يناير إلي أكتوبر 1995م وقضت المحكمة بسجن 54 منهم بأحكام تتراوح بين 3 ، 5 سنوات في محاولة من الحكومة لإجهاض عملية إقدام الإخوان علي خوض الانتخابات البرلمانية لعام 1995م التي كانت أسوأ انتخابات شهدتها مصر ، ولم ينجح من مرشحي الإخوان والتحالف سوي نائب واحد وهو نائب الدائرة 25 بالقاهرة الأستاذ علي فتح الباب عضو المجلس الحالي ، كما شهد مجلس 1995م أكثر من 915 طعناً في صحة عضوية نوابه ، وقد أكمل مجلس 95 دورته وأطلق عليه المراقبون أوصافاً عدة منها (مجلس سيئ السمعة) نسبة للقوانين سيئة السمعة التى أقرها و(مجلس نواب القروض) نسبة للنواب الذين حصلوا علي قروض بنكية بضمانات وهمية .. ورغم صدور الحكم التاريخي للمحكمة الدستورية في يوليو 2000م ببطلان هذا المجلس لعدم الإشراف القضائي علي الانتخابات التى أجريت في 1995م .. إلا أن المجلس استكمل فصله التشريعي وقد دفع حكم الدستورية رئيس الجمهورية إلي إصدار قرار بقوة قانون لفض الفصل التشريعي السابع (مجلس95) وإجراء الانتخابات في موعدها نهاية عام 2000م ، تحت إشراف قضائي ،وكانت انتخابات 2000م التي فاز الإخوان فيها بسبعة عشر مقعداً من إجمالي 70 مرشحاً خاضوا الانتخابات تحت شعار "الإسلام هو الحل" .وتكتسب انتخابات 2000م التي أجريت علي ثلاث مراحل خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2000م أهمية خاصة ، حيث إنها جاءت في إطار ومناخ سياسي عام لم يكن في صالح المجلس من حيث ممارسة صلاحياته وسلطاته التي افتقدها أمام السلطة التنفيذية .. من ناحية أخري كانت هذه الانتخابات بشكل أو بآخر فرصة للقوي والأحزاب السياسية التي قررت خوض تلك الانتخابات في اختبار وجودها في الشارع السياسي ، خاصة أنها الانتخابات الأولي التي تجري في ظل إشراف قضائي ، إلا أن هذا لم يمنع الحكومة المصرية من ممارسة جميع أشكال الضغط وممارسة كل أنواع البلطجة علي مرشحي الإخوان حتى لا ينجح أحد منهم ، ورغم هذه الضغوط التى لم يتعرض لها سوي مرشحي الإخوان استطاعت الجماعة أن تفوز بسبعة عشر مقعداً كانوا سبباً في سخونة مجلس الشعب .إن الإخوان المسلمين في تحركاتهم الحديثة قد استفادوا من الأخطاء السابقة خاصة وبعد أن أعلنت كوندليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا ، أن أمريكا ليس لديها أي مانع من التعامل مع الجماعات الإسلامية سواء كانوا من الإخوان المسلمين أو غيرهم ..وكان هذا إشارة الضوء الأخضر للحكومة للتخفيف عن حركة الإخوان وعددهم في المجلس الحالي.. لكن إذا نظرنا إلي ما قدموه الإخوان في مجالس 2000،95،87،84 نجد أن هناك العديد من القضايا المشتركة التي تحمل نواب الجماعة مسئولية طرحها والدفاع عنها أهمها : قضايا الحريات السياسية ، والتصدي لقانون الطوارئ والإصلاح السياسي العام ، وعلاج القضايا الاقتصادية ، وإصلاح الأجهزة الإعلامية وتبني قضايا الوطن العربي والأمة الإسلامية ، خاصة قضيتي فلسطين والعراق إضافة إلي إصلاح التعليم ، وتقديم رؤي بديلة وكاملة للمنهج الإسلامي في كل هذه القضايا وغيرها من القضايا الحديثة التي تطرأ علي الساحة .. ويكفي أنه عبر تاريخ مشاركتهم في المجالس النيابية لم يتورط أحدهم في قضايا شيكات دون رصيداً أو يقدم فيه طعن بالتزوير أو يقدم فيه بلاغ لمجلس الشعب لقيامه بالحصول علي مصلحة خاصة ، بل كانت مواجهة الدولة لهم ، رغم كونهم نواباً ولهم حصانتهم البرلمانية ، استكمالاً لما كان يحدث معهم قبل دخولهم المجلس ، وقبل أن يكونوا نواباً والأمثلة علي ذلك كثيرة لعل أبرزها والذي مازال محفوراً في الأذهان حادثة كل من الشيخ صلاح أبو إسماعيل ، والدكتور عصام العريان مع وزير الداخلية الأسبق زكي بدر ، وحادثة النائب علي فتح الباب الذي طالبت وزارة الداخلية برفع الحصانة عنه بتهمة قيادته تنظيم يهدف إلي إحياء جماعة الإخوان المسلمين .. وأخيراً ما حدث مع الدكتور محمد جمال حشمت وإبطال عضويته بطعن ليس له به أي علاقة ، ثم ما حدث مع عزب مصطفي ، وتكرار اعتقال نجل الدكتور محمد مرسي رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان في برلمان 2000 . قدم الإخوان نموذجاً جديداً في الخطاب السياسي للجماهير في تاريخهم السياسي والنضالي ..وكذلك قدم الحزب الوطني خطاباً جديداً في التوجه السياسي والسماح للإخوان بثلث المجلس حتى يكونوا هم الأغلبية أو القوي الأكثر في المعارضة داخل المجلس ، ولكن كل المؤشرات التي يراها المراقبون هنا في مصر أن هذا المجلس لن يستمر دورة كاملة وإن مصيره سيكون مثل مصير مجلس عام 1987م وسوف يتم إلغاء هذا المجلس إما بقرار جمهوري أو بالحكم في قضية بطلان الانتخابات لمعظم الفائزين من الحزب الوطني أو المستقلين ..وهذا ما ستجيب الأيام القادمة عن توقعاتنا . السيد حافظ القاهرةelsayedhafez@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق